أسباب عدم لزوم العقد

أسباب عدم لزوم العقد
أسباب عدم لزوم العقد

مفهوم اللزوم

اللزوم في اللغة يعني: "الوجوب، ومنه: لزمه الأمر: إذا وجب عليه"، كما يُعرّف الفقه اللزوم بأنه: "ما يشترط وجوده لزوم الشيء، كأهلية التصرف فهي شرط للزوم البيع، إذ إنّ بيع الصغير المميز غير لازم بل هو موقوف على إجازة الولي"،[١] أمّا في القانون فيعد اللزوم نوع من أنواع العقد، بحيث تٌقسم العقود من حيث التزامات أطراف العقد إلى: العقد اللازم والعقد غير اللازم، فالعقد اللازم يُعرف على أنه: "العقد الذي يُرتب التزامات على كلا أطراف العقد ويكون نافذ على وجه الحتمية فلا يجوز الرجوع عنه بالفسخ"، ويعني لزوم العقد: "تمامه وثبوته ونفاذه"، وخيرُ مثالٍ على ذلك عقد البيع، بحيث يكون عقد البيع غير لازم وقت الخيار، وينقلب لازمًا عند انتهاء مدة الخيار، ولا يجوز بعد القبض فسخه إلا لوجود مسوغٍ قانوني، وفي هذا المقال سيتم الحديث عن أصالة اللزوم في المعاملات، وأسباب عدم لزوم العقد، وحكم اشتراط اللزوم في العقود.[٢]

أصالة اللزوم في المعاملات

هناك مجموعة كبيرة من القواعد الفقهية، ومن هذه القواعد أصالة اللزوم في المعاملات والمعاهدات، ويعني اللزوم في هذه الحالة: "عدم جواز حل العقد من أحد الطرفين بدون رضاية الطرف الآخر بل عدم إمكانه في عالم التشريع"، وسمي لزوم العقد نسبة إلى العقدة المحكمة في عالم التكوين التي لا يُمكن حلها لشدة ربطها بإحكام، كذلك في عالم التشريع هناك بعض العقود والعهود التي من غير الممكن الرجوع عنها بإرادة واحدة؛ بمعنى لا يُمكن لطرفٍ واحد من أطراف العقد فسخ العقد دون رضا الطرف الآخر، واللزوم في المعاملات ينقسم إلى قسمين: لزوم حقي ولزوم حكمي، ويُعرف اللزوم الحقي بأنه: " عبارة عن ملكية أحدهما التزام الآخر أو كل واحد منهما التزام طرفه"، أما اللزوم الحكمي يكون بالالتزام من كلا الطرفين، وكذلك الأمر بالنسبة للجواز، فهو يُقسم إلى جواز حقي: "هو أن يكون مالكًا لالتزام نفسه ولا يكون التزامه ملكًا لطرفه"، ومن خلال ذلك يتضح إذا كان كلا المتعاقدين يملكان نفس الالتزام فيكون جواز حقي من كلا الطرفين، أمّا إن كان أحدهما مالكًا للالتزام دون الآخر فيُعد جواز حق من طرفٍ واحد.[٣]

أسباب عدم لزوم العقد

قد ينعقد العقد المكتمل لأركان العقد الرئيسية صحيحًا ونافذًا بحق الأطراف، ولكن يبقى الحق لأي طرف من أطراف العقد للتحلل منه وفسخه دون أن يتوقف ذلك على رضا الطرف الآخر، وهذه المرتبة من مراتب العقد تٌسمى في الفقه الإسلامي والقانون المدني بعدم اللزوم، ومن القوانين التي أشارت إلى ذلك القانون المدني الأردني في المادة 176 بحيث نصت على: "أن يكون العقد غير لازم بالنسبة إلى أحد عاقديه أو لكليهما رغم صحته ونفاذه إذا شرط له حق فسخه دون تراضٍ أو تقاضٍ، وأن لكل منهما أن يستقل بفسخه إذ كان بطبيعته غير لازم بالنسبة إليه أو شرط لنفسه خيار فسخه"، وعلى ضوء ما تقدم فإنَّ أسباب عدم لزوم العقد ترجع إلى أمرين وهما:[٤]

طبيعة العقد

فهناك مجموعة من العقود والتي بحكم طبيعتها تسمح لأحد المتعاقدين أن يرجع عنها دون موافقة ورضا المتعاقد الآخر، ومن الأمثلة على هذه العقود: عقد الوكالة والوديعة والعارية والرهن والكفالة، فهذه العقد بالرّغم من اختلاف مُسمياتها والمحل فيها، إلا أنّها بطبيعتها تُعد من العقود التي تقبل الفسخ من طرفٍ واحد، ولا يُحق حينها للطرف الآخر الاعتراض أو اللجوء إلى المحاكم المُختصة في ذلك؛ لأنه وبالأساس هذه العقود تفرض طبيعتها مليًّا الرجوع عنها بإرادة واحدة.

ثبوت خيار الفسخ

وهناك بعض الحالات التي يحق لأحد المتعاقدين أو كليهما معًا فسخ العقد، وثبوت خيار الفسخ يكون على صورتين: الأولى خيار الفسخ بنص القانون، كأن يكون هناك عيب في المبيع، ومن الأمثلة على ذلك أن يظهر في المبيع عيب توافرت فيه شروط ضمان العيوب الخفية في عقد البيع، ففي هذه الحالة يحق للمشتري فسخ العقد قبل أن يقبض المبيع، كذلك الأمر بالنسبة إلى عقد الإيجار الذي يكون فيه بدل الإيجار مجهولًا، أمّا الصورة الثانية التي تتمثل بخيار الفسخ بالاتفاق، حيث يثبت هذا الخيار لطرف واحد من أطراف العقد أو كليهما بفسخ العقد اتفاقًا بشرط أن يكون هذا الشرط متضمنًا في العقد وذلك خلال مدة محددة، ومن الأمثلة على ذلك خيار التعيين، حيث يجوز أن يتفق أطراف العقد على أن يكون المعقود عليه شيئين أو أكثر ، ويكون خيار التعيين لأحد المتعاقدين، ويبقى العقد غير لازم إلى أن يتم إعمال الخيار.

حكم اشتراط اللزوم في العقود

كما تم توضيحه مسبقًا فإنَّ العقود تٌقسم إلى لازمة وغير لازمة، أمّا بالنسبة للعقود اللازمة فهي تُعرف بأنها: "العقود الذي لا يملك أحد المتعاقدين فسخها أو إبطالها والتحلل منها"، وعلى الرّغم من أنّ هناك بعض العقود التي يُمكن فسخها دون رضا الطرف الآخر، إلا أنَّ هناك أيضًا مجموعة من العقود الأخرى التي لا تقبل الفسخ ولو برضا الطرفين، ; كعقد الزواج وهو: "عقد لازم للطرفين، لا يقبل الفسخ بحال من الأحوال، حتى ولو اتفق المتعاقدان على ذلك؛ لأن طبيعته تقتضي ذلك"، وبالتالي وفي هذا العقد لا يجوز لأي من أطرافه فسخه إلا للضورة المُلحة، على غير العقود الأخرى التي تقبل ذلك؛ لأنه وضع على سبيل الدوام والتأبيد، ومن الممكن أيضًا أن يكون العقد لازمًا لطرف واحد وغير لازم للطرف الآخر، ومن الأمثلة على هذه العقود الرهن، بحيث يحق للمرتهن فسخ هذا العقد دون أم يكون للراهن الحق في ذلك، وخلاصة القول في ذلك أنَّ حكم اشتراط اللزوم في العقد يجعل منه عقدًا لازمًا، ولا يجوز لأي طرف من أطراف العقد الرجوع أو التحلل منه، ولا يملك أيّ من أطرافه فسخه دون رضا الطرف الآخر، ويُعد العقد اللازم صحيحًا ونافًذا ومُنتجًا لآثاره القانونية التي تترتب عليه، كما لا يجوز لأحد المتعاقدين إبطاله إلا إذا وافق الطرف الآخر على ذلك.[٥]

المراجع[+]

  1. "تعريف و معنى اللزوم في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-21. بتصرّف.
  2. "عقد شرعي"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-21. بتصرّف.
  3. السيد البجنوردي، القواعد الفقهية، صفحة 195-196، جزء 5. بتصرّف.
  4. عدنان السرحان ونوري خاطر (2012)، شرح القانون المدني مصادر الحقوق الشخصية الالتزامات (الطبعة 5)، عمان-الأردن:دار الثقافة، صفحة 222-223. بتصرّف.
  5. "العقود بين الجواز واللزوم"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-21. بتصرّف.

49000 مشاهدة