عيناها شعلتا نور
أمي أجمل النساء وأروعهنّ، يا صاحبة أجمل ابتسامة وأجمل عينين، عيناها شعلتا نور، وقلبها سماءٌ صافية، هي التي أنجبتني وعلمتني أسمى معاني الحب وأرقاها، وهي التي غزلت لي من الصعب أغنية جميلة ليصبح سهلًا، وهي التي تمنحني إحساس الأمان وتُحاوطني بقلبها وعقلها طوال الوقت، وتأخذني في أحلامها وتهديني الدعاء الجميل ليحرسني الله من كلّ شر، فأنا لولا وجود أمي لما شعرت بالسعادة والفرح والسرور، ولوجدت أن الحياة صعبة أو حتى مستحيلة، فأمي هي التي تُعطيني كلّ الأحاسيس الجميلة وترشدني لفعل الخير وتدعوني أن أتجنب كل شر، فيا لها من جميلة ورائعة، وكم أنا أحبها وأحب قلبها الوفي الصادق.
أمي ليس لها مثيل ولا بديل، فلا يمكن أن يأخذ مكانها في قلبي أحد، ولا يمكن أن أشعر بأنني أنتمي لأحدٍ أكثر من انتمائي إليها، ولهذا فإنني أدعو الله العظيم أن يحفظها لي من كل شر وأن يديم لي نعمة وجودها في حياتي، وأن يعطيها راحة البال لتظلّ بقربي إلى الأبد، فأنا لا أتصور أي حياةٍ دونها، ولا أعرف لولا وجودها ماذا كنت سأفعل، فهي تبتسم رغم كل التعب، وتضحك رغم كل الهم الذي يعتريها وهي تفكر في أبنائها جميعًا دون كلل أو ملل، ولم يحدث يومًا أن اشتكت أو تراجعت أو تركت واجبًا لها، فهي تعد العطاء واجبًا مقدسًا، فهي أجمل الأمهات وأكثر الأقارب قربًا مني.
لأمي الفضل الأكبر في كلّ ما أنا فيه، وفي وصفها تضيق الكلمات والعبارات وتنحني الحروف خجلًا، وكلما نطقت اسمها فاح عبير الورد وأصبح الكلام عذبًا كالماء الصافي، لهذا فلها الحب كله والرعاية كلها لأنها تستحق أن تجد الراحة بعد كل التعب، وتستحق أن تكون المدللة في قلبي دومًا.
حضنها ميناء السلام
حضن أمي ميناء السلام الذي أجد فيه راحتي، وهو أكثر الأماكن الضيقة اتساعًا، فحضنها يجعلني أنام نومة هادئة مطمئنة، لأنني أعرف أنني في حضنٍ أمين، فلا يوجد أحد يحب أحدًا مثلما تفعل الأم تجاه أبنائها، فهي تفديهم بروحها ودمها وترخص لأجلهم كلّ الدنيا، وهم في نظرها استثمارها للمستقبل وأمنها وأمانها واستقرارها، لذلك فإنّ الأم تُعطي كلّ ما لديها ولا تنتظر من أبنائها شيئًا مقابلًا إلّا أن يحبوها ويحترموها ويقدروا تعبها هذا، ومهما فعل الأبناء لن يستطيعوا إيفاء الأم حقها، وسيبقى عطاؤهم ناقصًا دومًا لأن الأم لا يمكن أن يكون جزاؤها من الأبناء كافيًا.
حين تحمل الأم ابنها في أحشائها وتتحمل التعب والوهن، لا تفكر أبدًا في صحتها، بل تفكر في صحة طفلها حتى قبل أن تراه، وبمجرد أن يأتي إلى الدنيا وتبدأ رحلتها مع الأمومة، تمتنع عن النوم وتسهر على راحة طفلها وتضمه في حضنها كلما بكى وترضعه من ثديها إذا جاع وتدفؤه بقلبها إذا شعر بالبرودة، وتسهر على راحته إذا مرض، فالأم شيءٌ عظيم لا يقدر بثمن، ولا يعرف قيمتها تمامًا إلّا من فقدها وعاش يتيمًا دونها، ومن كان لديه أم فعليه أن يشكر الله في كلّ وقت، وأن يحرص على نيل برّها ومساعدتها، وألّا يصرخ في وجهها أو يقل لها أف أو يُسبب لها الحزن.
تغنّى الشعراء والأدباء بالأم ووصفوها بأعظم وصف، لكن لا يوجد أعظم من أوامر الله تعالى التي أمر الأبناء بها تجاه الأم، فقد أمر الله تعالى الأبناء أن تكون للأم الأولوية في الرعاية والعناية، وأن يكون رضاها أولًا ما دام ضمن ما أراده الله تعالى، كما أن دخول الجنة مرتبط بنيل رضا الله تعالى، لهذا لا يدخل الجنة عاق.
عطاؤها نهر غير آسن
عطاء الأم مثل النهر الجاري والنبع الصافي، إذ إنّ عطاؤها نهرٌ غير آسن، لا يمكن أن يتبدل أو ينقص، ويبدأ منذ اللحظة الأولى التي تصبح فيها أم وحتى ينتهي عمرها، فالأم بكلّ ما تقدمه لأبنائها مثل الشجرة وارفة الظلال التي تلقي عليهم بالثمر وتظلّهم من الحر وتحميهم من العواصف ولا تحتاج منهم إلا أن يكونوا أقوياء أشداء، ويصف الله تعالى معاناة الأم وتعبها في حملها وولادتها لأبنائها في قوله: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}[١]، فيا له من وصفٍ رائع لما تعانيه الأم في الحمل والولادة.
الأم كثيرة العطاء بل إنّ عطاءها غير محدود، فهي تمنح كل ما لديها دون أن تسأل، فهي التي تعلم الأبناء منظومة الأخلاق الفاضلة وتعدهم ليكونوا أشخاصًا صالحين في المجتمع، وتسعى لأن تجعلهم في خيرٍ وفير بقدر استطاعتها، بل إنّها مستعدة أن تنزع اللقمة من فمها لتضعها في فم أبنائها، ولا يشعر بمعنى الأمومة إلا عندما يجرب الأبناء شعور الأم أو الأب ويصبح لديهم أبناء، فيندمون على كل لحظة عصوا فيها أمهم أو رفعوا صوتهم عليها أو امتنعوا عن طاعتها، فالأم اختصار لكل الجمال والعطاء والإنسانية، ومنها يتعلّم الجميع معنى الإيثار والتضحية والوفاء والحب غير المشروط، فالأم حصنٌ حصين للأبناء، وهي نوارة العمر وأجمل زهرة في بستان الحياة.
قمة السعادة عند الأم أن ترى أبناءها وهم في أفضل حال، ومهما كبر بها العمر وتقدمت بها السنوات، ومهما وهن جسمها وضعفت عظامها وانحنى ظهرها تظلّ تُعطي دون أن تندم، فهي تشعر بأنّ أبناءها هم ثمرة حياتها، لهذا تعطيهم كل ما لديها من حب مادي ومعنوي، لهذا فإن فضل الأم لا يمكن أن يُحصى، ومن واجب الأبناء أن يردوا ولو شيئًا بسيطًا من هذا الفضل العظيم حتى يفوزوا برضاها ورضا الله تعالى، وحتى يتعلموا منها معنى العطاء اللا مشروط واللا محدود، ولو كان الحب إنسانًا لتجسّد على صورة أم.
لقراءة المزيد، انظر هنا: نص أدبي عن الأم.
المراجع[+]
- ↑ سورة لقمان، آية:14