من هو حاتم الطائي

من هو حاتم الطائي
من-هو-حاتم-الطائي/

تعريف حول حاتم الطائي

ماذا قال الرسول عن حاتم الطائي؟

الشّاعر حاتم الطّائي أحد أجواد الجاهلية وكرمائها، له أخبارٌ غريبة تحكي كرمه، وقد كان يرمي من وراء ذلك الكرم أن يذكره الناس، وبالفعل قد حصل على ما يريد وأصبح ذكر الكرم مقرونًا بذكر اسم حاتم الطّائي في كلّ عصرٍ ومصر، وقد ورد ذكره في عصر النبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم-، فقد أدرك ابنه الإسلام وأسلم ووفد على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفي أحد المجالس التي جمعت ابنه بالنبي -عليه الصلاة والسلام- قال ابنه: "يا رسولَ اللهِ إنَّ أبي كان يصِلُ الرَّحِمَ وكان يفعَلُ ويفعَلُ قال: إنَّ أباك أراد أمرًا فأدرَكه"[١]، وقد أراد بذلك أنّ حاتمًا الطّائي أراد من فعل الخير الشهرة والذّكر وقد بلغ ما أراده، فلم يُرد من ذلك أجرًا أو ثوابًا.[٢]


نسب حاتم الطائي ونشأته

من أيّ قبيلة حاتم الطائي؟

هو حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن الأخزم بن امرئ القيس بن ربيعة بن جرول بن ثعل، وثعل أحد أكبر قبائل طيّئ، فحاتم الطائي إذًا ينحدر من قبيلة طيّئ وإليها يعود نسبه، ووالدته عنبة بنت عفيف أيضًا تنتمي إلى طيّئ، وقد تزوج بماويّة بنت عفزر، وكانت تلومه دائمًا على شدّة إسرافه للمال، وقد وصل هذا الأمر بهما للطلاق، فلم يكن يفكّر بأبنائه وبتدبير أمورهم، بل كان يبذل كلّ ما يملك للناس، ولذا انفصلتْ عنه زوجته.[٣]


يُذكر أنّ والده كان قد ترك أمر الإبل إليه مرة فلمّا أعطاها لعابري السبيل منعه عن رعايتها، أمّا والدته فقد عُرفتْ بالكرم الشّديد، فلم تكن تُبقي شيئًا من مالها، ولمّا رأى إخوتها ما كان منها من بذلٍ للمال، ما كان منهم إلّا أن حجروها ومنعوا عنها المال مدةً طويلة، حتّى ظنّوا أنّها قد تغيّرتْ، فدفعوا إليها بواحدٍ من إبلها، فأتتها امرأة من هوزان تأتي كلّ سنةٍ وتسألها، فدفعت إليها بالإبل التي دفعها إليها إخوتها، وقالتْ لها إنّ بعد ما عانته من جوعٍ لن تُمسكَ عنها تلك الإبل، وهكذا فقد كان كرم حاتم الطائي قد أخذه عن والدته.[٤]


شخصية حاتم الطائي

ما هي الصفات التي تمتع بها حاتم الطّائي؟

إنّ حاتمًا الطّائي كان يتصف بصفات الرجل العربي الأصيل؛ إذ قد كان جاهليًّا عربيًّا أصيلًا يتمتّع بكل صفات الفارس العربي ممّا يجعله يمتاز عن أقرانه حتّى يغدو قدوةً يُحتذى بها على جميع الأصعدة، فقد كان حاتم قويًّا شجاعًا مقدامًا، فإذا دخل عراكًا كان غالبًا لا مغلوبًا، فلم يكنْ يخشى الوغى وخطر الحروب أو الاقتتال، وقد كان كريمًا، وهذه الصّفة هي الصفة الأشد لصوقًا به منذ الأزل؛ إذ لا يُذكر حاتم الطّائي إلّا وقدْ قُرن بالكرم والعطاء والسخاء، ولم يقصده أحدٌ قد احتاج أمرًا إلّا وخرج من بين يديه وقد نفّذ له الأمر وأجاب له طلبه وفكّ كربته.[٥]


إذا تسابقَ مع أحد كان الفوز حليفه دائمًا، ولم يكن يُبقي أحدًا مأسورًا لديه فقد كان يُطلق كل الأسرى في نهاية الأمر، ومن مبادئه في الحياة أنّه لا يقتل وحيدًا لأمّه، وعندما كان يهلُّ شهر رجب -أو ما كان يُعرف بالشّهر الأصم وقد كان شهرًا ذا مكانةٍ في الجاهليّة- فإنّ حاتمًا كان يذبح في كلّ يومٍ عشرًا من الإبل ويطعم الناس منها[٦]، ولم يكن حاتم يخاتل جارةً لريبة، ولم يخن الأمانة أبدًا، فلم توكّل له الأمانة إلّا وأدّاها، ولم يبادر بالإساءة إلى أحد.[٧]


زواج حاتم الطائي

كيف استطاع حاتم الطّائي أن يظفر بماوية؟

إنّ لحاتم الطّائي في زواجه بماويّة قصة خاصة كما بقية تفاصيل حياته، فقد امتازت حياته بأمور عديدةٍ لم تكن عند غيره من الأعلام في الجاهليّة، ففي قصّة زواجه يُذكر أنّ ماوية كانت ابنة أحد ملوك اليمن، وقد كانت جميلة تتمتّع بالكمال والمال، وقد أخذت على نفسها عهدًا ألّا تتزوّج إلّا كريمًا، فذهب حاتم الطّائي إليها ليخطبها، فرأى عندها النابغة الذّبياني، ورجل من النبيت يريدان أن يخطباها، فردّتهما وقالتْ اذهبوا واكتبوا شعرًا يتحدّث عن مناصبكم وكرمكم فإنّني سآخذ أكرمكم وأشعركم.[٨]


لمّا همّوا بالذّهاب وانطلقوا تنكّرت بثياب جارية، ومشت وراءهم، وكانوا قد ذبحوا جزورًا، فذهبتْ إلى النبيتي وطلبتْ من الطعام، فأعطاها ذنب جزوره، فأخذته ثمّ انطلقت، وذهبت إلى النابغة وطلبت منه الطّعامَ أيضًا، فأطعمها مثلما أطعمها النبيتي من قبله، فقدّم أيضًا ذنب جزوره، فأخذته واتّجهت إلى حاتم، وكان قد نصب القدور على الأثافي، فلما طلبت منه الطّعام قال لها انتظري حتّى ينضج، فجلست وانتظرت، ولمّا نضج طعامه أطعمها أعظما من العجز وقطعة من الحارك، وقد كان نصيبها من طعامه مثل نصيب إحدى جاراته، فلمّا جاء الصّباح، طلبتْ إليهم أن ينشدوها أشعارهم، فأنشدها النبيتي:[٨]

هلّا سألتَ -هداكَ الله- ما حسبي

عندَ الشّتاء إذا ما هبّتِ الريحُ

ورد جازرهم حرفًا مصرمةً

في الرأس منها وفي الأنقاء تمليح

إذا اللقاح غدتْ ملقى أصرتها

ولا كريم من الولدان مصبوح


وأنشدها النابغة قوله:[٨]

هلّا سألتِ بني ذبيانَ ما حسبي

إذا الدخَانُ تغشى الأشمط البرما

وهبّت الريحُ من تلقاءِ ذي أرلٍ

تزجى مع الصّبحِ من صرادها صرما

إنّي أتمّم أيساري وأمنحهم

مثنى الأيادي وأكسو الجفنة الأدما


فأنشدها حاتم قوله:[٨]

أماويّ إنّ المالَ غادٍ ورائحُ

ويبقى من المالِ الأحاديثُ والذّكرُ

أماويُّ إنّي لا أقولُ لسائلٍ

إذا جاء يومًا حلّ في مالِنا نذرُ

أماويُّ إمّا مانعٌ فمبيّنٌ

وإمّا عطاءٌ لا ينهنههُ الزّجرُ

ترى أن ما أنفقتُ لم يكُ ضرّني

::وأن يدي مما بخلتُ به صفرُ

وقد علمَ الأقوامُ لو أنَ حاتمًا

أراد ثراءَ المالِ كانَ لهُ وفرُ


لمّا انتهوا من إنشادها الشّعر، ساقتْ إليهم الغداء، فجيء لكلّ شخصٍ بما قدّم لها، فأطرق النبيتي والنابغة خجلًا من فعلتهما، ثمّ تسللا خارج المجلس، واختارت حاتمًا، وهكذا أصبحت ماوية بنت عفزر زوجة حاتم الطّائي.[٨]


كرم حاتم الطائي

ما القصص المشهورة التي يتجلى من خلالها كرم حاتم الطائي؟

لقد امتلأت حياة حاتم الطّائي بالكرم والجود والعطاء، وفي الكتب والتّراجم كثيرٌ من القصص التي تحكي كرم حاتم، فقد كان يبذل كل ما يملك للناس دون تردّد، وقد كانت في منزل حاتم الطّائي قدورٌ كبيرةٌ تبقى على الدّوام فوق النار والأثافي استعدادًا للضيف، وكان إذا ما جاء شهر رجب ذبح كلّ يومٍ وأطعم قومه، وقد قسّم أمواله ووهبها مرّات عديدة، وممّا أثر عنه من قصصٍ تذكر كرمه أنّه كان في سفرٍ له، فمرّ على قبيلة "عنزة"، وهي قبيلة عربيّة عدنانيّة، فوجد لديهم أسيرًا، فطلب منه العون والمساعدة ليحرّره من الأسر.[٩]


لمّا أراد أن يعطي تلك القبيلة فديته ويخرجه لم يجد معه مبلغًا كافيًا لذلك، ولكنّه أبى أن يمرّ الأمر دون أن يلبّي حاجة ذلك الرجل المضطر، فما كان منه إلّا أن عرض على من يرأس تلك القبيلة أن يمكث مكان الأسير ويذهب ذلك الأسير لجلب الفدية ويقدّمها لتلك القبيلة، وهكذا بقي مكان الأسير حتّى قدّم فديته، فبذل نفسه له.[٩]


ممّا ذُكر عن كرمه أيضًا أنّ أباه كان قد أودع لديه إبله وهو غلام، وبينما تلك الإبل تحت رعايته مرّ به عبيد بن الأبرص وبشر بن أبي خازم والنابغة الذّبياني، وكانوا يريدون النعمان بن المنذر، فقبل أن يعرفهم وقبل أيّ شيء ذبح ثلاثة من الإبل إكرامًا لهم، ولمّا عرف أسماءهم بعد سؤاله وزّع لهم ما تبقّى من إبل أبيه، فبلغ والده ما فعل، فعاد إليه وسأله عن فعلته فأجابه حاتم بأنّه فعل شيئًا يجعل الناس يفخرون به وبوالده مدى الدّهر، وأخبره بفعلته، فمنعه والده بعد ذلك من السُكنى معه والرعاية له، ولكنّ حاتمًا لم يكترث لذلك.[٩]


قد ذكرت امرأته أيضًا أنّه في سنةٍ من السّنوات كان قد أصابهم قحطٌ شديدٌ، وشدّة عظيمة، فعمّ البلاء أرجاء البلاد وذهبت الأموال، فلم تعد الأمّهات تستطيع إطعام المولودات، وأدركوا أن الموت قد أتى، وفي ليلةٍ طويلةٍ من ليالي الشّتاء الباردة التي كانت في ذلك القحط الشّديد، وبعد أنْ سكن أولاد حاتم عبد الله وعدي وسفانة بعد عراكٍ طويل مع الجوع، راح حاتم الطّائي يحادث امرأته ويصبّرها على تلك الحال، فإذا بأحدٍ يطرق الباب، فسأل حاتم الطّائي من هذا؟ فقالت إنّها جارته، فقد كان أبناؤها يتضوّرون جوعًا ولم تجد معينًا لها إلّا حاتمًا.[٩]


أقسم لها أنّه سيشبعهم، وطلب منها أن تأتي بهم، فذهبتْ المرأة وعادت إليه بطفلين تحملهم وأربعة أطفال يسيرون أمامها، فأخذ مديته، وتوجّه إلى فرسه فقطع لبّته، وجهّزه فخورًا بفعلته، ثمّ أعطى تلك المرأة المدية وأشار إليها بأن تفعل ما تريد، فبعد أن طهت اللحم اجتمعت عليه مع أهل البيت، فاستاء حاتم الطّائي لأنّهم همّوا بالطّعام دون قومهم الجيّاع، فتوجّه إلى بيوت قومه وأصبح يدعوهم بيتًا بيتًا للحضور للطعام، فحضر جميع القوم لديه وبدؤوا بالطّعام، وجلس هو جانبًا ينظر إليهم دون أن يشاركهم، فلم يتذوّق أيّ قطعةٍ من اللحم مع أنّه كان بحاجة لذلك شأنه شأن جميع أفراد قومه.[٩]


هكذا بدأ الفرس بالانتهاء، حتّى بقي القليل منه، فلامته امرأته -وهي نوار غير ماويّة- على فعلته، فما كان منه إلّا أن أنشدها قوله:[٩]

مهلًا نوار أقلي اللومَ والعذلَا

ولا تقولي لشيءٍ فاتَ: ما فعلَا

ولا تقولي لمالٍ كنتُ مهلكَهُ

مهلًا وإن كنتُ أعطي الجنَّ والخبلَا

يرى البخيلُ سبيلَ المالِ واحدةً

إنّ الجوادَ يرى في ماله سُبُلَا

لا تعذليني في مالٍ وصلتُ بهِ

رحمًا، وخيرُ سبيلِ المالِ ما وصلَا


مما ذكر أيضًا في كرمه أنّ امرأته قالت له أنّها تشتهي أن تأكل معه وحدهما، فأمرها بتحضير الطعام وقامت بذلك، والستائر من حولهم مغلقة، وعندما اقترب الطعام من النضوج قال لها:

فلا تطبخي قدري وسترك دونها

عليّ إذن ما تطبخين حرامُ

ولكن بهذاك اليفاع فأوقدي

بجزلٍ إذا أوقدتِ لا بضرامِ

ثمّ كشف الستار ودعا الناس للطعام، ولمّا فرغوا وانصرفوا سألته زوجته لمَ لمْ تلبِّ مطلبي، فأجابها بأنّ نفسه قد أبت أن تقترف ذلك، فلم يعتدْ إلّا السّخاء والكرم.[١٠]


حاتم الطائي شاعرًا

كيف كان شعر حاتم؟

لقد ولد حاتم الطّائي في مجتمعٍ جاهلي، فاصطبغ بصبغةٍ عربيّةٍ أصيلة، وتمتّع بصفات الفارس العربي، وكل ذلك كان قد انعكس في أشعاره، كما حظي حاتم بحظٍّ وفيرٍ من التّعليم والتّثقيف ما جعله منطلق اللسان حيّ الذهن، ومن أكثر الأغراض الشّعرية التي كان قد تناولها هي الفخر الذّاتي، ولا سيّما فخره بكرمه؛ إذ كان الكرم صفته المميزة ونقطة تفضيله على غيره ممّن عاصره، كما كتب أبياتًا في العفّة، وكتب أخرياتٍ في الحماسة، ونشر شيئًا من الحكمة في قصائده وأبياته الشّعريّة، ومن شعره في الفخر قوله:[١١]

ولي نيقةٌ في المجد والبذل لم تكنْ

تأنفها فيما مضى أحدٌ قبلي

وأجعلُ مالي دونَ عرضي جنّةً

لنفسي فأستغني بما كان من فضلي

ولي مع بذل المال والبأسِ صولةٌ

إذا الحربُ أبدتْ عن نواجذها العصلِ


من شعره في الحماسة قوله:[١١]

اغزو بني ثُعلٍ فالغزو حظّكمُ

عدَوَّ الروابي ولا تبكوا لمن نكلا

ويها فداؤكم أمّي وما ولدت

حاموا على مجدكم واكفوا من اتّكلا

من شعره في الحكمة قوله:[١١]

فنفسكَ أكرمها فإنّكَ إن تهنْ

عليك فلن تلفي لك الدّهر مكرما

أهنْ للذي تهوى التّلاد فإنّه

إذا متَّ كان المالُ نهبًا مقسّمًا

ولا تشقينَّ فيه فيسعدَ وارثٌ

به حين تخشى أغبرَ اللونِ مُظلما

يقسمُهُ غنمًا ويشري كرامةً

وقد صرتَ في خطٍّمن الأرضِ أعظما


فقد تنوّعت أغراضه الشّعرية وكان أكثرها تكرارا الفخر والحماسة والحكمة، وممّا قاله ابن قتيبة في شعره أنه كان جيدًا، وقد ذكر لويس شيخو أنّ حاتمًا كان شعره كريمٌ مثل كرمه، أمّا أحمد الزيّات فوجد أنّ شعره كان انعكاسًا لقلبه ولما يزخر داخله من خير، فلم تكن معانيه إلّا انعكاسًا لأفعاله في الحياة، أمّا ألفاظ شعره فقد كانت سهلة وكانت جمله حسنة السّبك.[١١]


بصورة عامة فقد كان شعر حاتم الطّائي يدور حول أغراضٍ سامية من مكارم الأخلاق، يتمتّع بسهولة اللفظ وخفّته وفصاحته مع وضوحٍ في المعنى وحسنٍ في السّبك، وقد كان تعبيرًا حقيقيًّا لما جاء في حياته، كما عكست أشعاره الواقع المعيشي والظروف التي كابدها الجاهليون في ذلك العصر من فقرٍ ومعاناةٍ وحروب، وإلى ما ذلك من ظروفٍ كانت قد أثّرتْ بهم.[١١]


قصائد من ديوان حاتم الطائي

  • قال الشاعر مترفّعًا عن الدّنايا:[١٢]

كريمٌ لا أبيتُ اللّيلَ جادٍ

أعدّدُ بالأناملِ ما رُزيتُ

إذا ما بتُّ أشربُ فوق ريٍّ

لسُكرٍ في الشّرابِ فلا رُويتُ

إذا ما بتُّ أخْتلُ عرسَ جاري

ليُخفيني الظّلامُ فلا خفيتُ

أأفضحُ جارتي وأخونُ جاري

معاذَ اللهِ أفعلُ ما حييتُ

 

  • قال الشاعر عندما عقر ناقته ليطعم الصّبية الذين قصدته أمّهم:[١٢]

لمّا رأيتُ الناسَ قد هرّتْ كلابُهم

ضربتُ بسيفي ساقَ أفعى فخرّتِ

فقلتُ لأصباهٍ صغارٍ ونسوةٍ

بشهباءَ من ليل الثلاثين قرّتِ

عليكُم من الشّطين كلّ وريّةٍ

إذا النارُ مسّتْ جانبيها ارمعلّتِ

ولا يُنزل المرءُ الكريمُ عيالَهُ

وأضيافَهُ ما ساقَ مالًا بضرّتِ

 

  • قال الشاعر متحدّثًا عن مبادئه في الحياة:[١٣]

هل الدّهر إلّا اليومُ أو أمسِ أو غدِ

كذاك الزمانُ بيننا يتردّدُ

لنا أجلٌ إمّا تناهى إمامُه

فنحنُ على آثاره نتورّدُ

فأقسمتُ لا أمشي إلى سرِّ جارةٍ

مدى الدّهر ما دام الحمامُ يغرّدُ

إذا كان بعضُ المالِ ربًّا لأهلهِ

فإنّي بحمدِ اللهِ مالي مُعبّدُ

يُفكُّ به العاني ويُؤكَلُ طيّبًا

ويُعطى إذا منّ البخيلُ المطرّد

إذا ما البخيلُ الخبُّ أخمدَ منارَهُ

أقولُ لمن يُصلي بناري أوقدوا

 

  • قال الشاعر في زوجته التي كانت تلومه على إسرافه:[١٤]

وعاذلةٍ هبّتْ بليلٍ تلومني

وقد غابَ عيوق الثّريا فعرّدا

تلومُ على إعطائيَ المالَ ضِلّةً

إذا ضنّ بالمالِ البخيلُ وصرّدا

تقولُ ألا أُمسكْ عليك فإنّي

أرى المالَ عندَ المُمسكين مُعبّدا

ذريني وحالي إنّ مالَكِ وافرٌ

وكلّ امرئٍ جارٍ على ما تعوّدا 


وفاة حاتم الطائي

أين يقع قبر حاتم الطّائي؟

توفي حاتم الطّائي في عام 46 هجري ودفن في "عوارض" وهو جبلٌ يقع في طيّئ[١٥]، وممّا ذُكر عنه بعد وفاته ما ذكره ابن كثير أنّ بضعَ رجالٍ من عبد قيس كانوا قد مرّوا بقبر حاتم الطّائي، فحطّوا رحالهم في مكانٍ قريبٍ من ذلك القبر، فاتّجه أحدهم إلى قبره، وكان يُسمّى أبا الخيبري، وأصبح يركل قبر حاتم ويدعوه ليقوم بواجب الضّيافة، فأنّبه أصدقاؤه ونهوه عن ذلك، فلمّا جاء اللّيل وحلّ الظّلام خلدوا إلى النوم، وإذا به قد أفاق مذعورًا وأيقظ أصحابه وقال لهم بأنّه كان قد رأى حاتمًا الطّائي في نومه وقد أنشده أبياتًا قد حفظها، يقول فيها:[١٦]

أبا خبيري وأنتَ امرؤٌ

ظلومُ العشيرةِ شتامها

أتيتَ بصحبكِ تبغي القرى

لدى حفرةٍ صخبَ هامُها

تبغي لي الذّنبَ عندَ المبيتِ

وحولك طي وأنعامها

وإنّا لنشبع أضيافنا

وتأتي المطيُّ فنعتامها


فإذا بناقة أبي الخيبري قد وهنتْ وضعفتْ، فذبحوها وأكلوها، وقالوا لقد أضافنا وأحسن ضيافتنا حاتم الطّائي، وفي اليوم التّالي وعند حلول الصّباح همّوا بالرحيل، فإذا بعدي ابن حاتم الطّائي يلوح لهم، وقد كان يركب ناقةً ويقود أخرى، فلمّا بلغهم سألهم من منهم أبو الخيبري، فأجاب أبو الخيبري، فقال له عدي: لقد جاءني أبي في المنام وقال لي إنّه قد أقرى أصحابك من ناقتك، وأمرني أن آتيك بناقةٍ أخرى، وهذه الناقة لك.[١٦]

المراجع[+]

  1. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عدي بن حاتم الطائي، الصفحة أو الرقم:332، أخرج ابن حبان هذا الحديث في صحيحه.
  2. ابن كثير، البداية والنهاية، القاهرة:دار هجر، صفحة 252، جزء 3. بتصرّف.
  3. ابن سعيد المغربي، نشوة الطرب في تاريخ جاهلية العرب، عمان - الأردن:دار الأقصى، صفحة 223. بتصرّف.
  4. أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني، بيروت:دار صادر، صفحة 261، جزء 17. بتصرّف.
  5. سبطُ ابن الجوزِي، مرآةُ الزمانِ في تواريخ الأعيان، دمشق:دار الرسالة العالمية، صفحة 55، جزء 3. بتصرّف.
  6. سبط ابن الجوزي، مرآة الزمان في تواريخ الأعيان، دمشق:دار الرسالة العالمية، صفحة 55، جزء 3. بتصرّف.
  7. ابنُ كثير، البدايةُ والنهايةُ، القاهرة:دار هجر، صفحة 263، جزء 3. بتصرّف.
  8. ^ أ ب ت ث ج ابن قتيبة، الشعر والشعراء، القاهرة:دار الحديث، صفحة 238 - 240، جزء 1. بتصرّف.
  9. ^ أ ب ت ث ج ح ابنُ قتيبة، الشّعر والشّعراء، القاهرة:دار الحديث، صفحة 235، جزء 1. بتصرّف.
  10. ابن كَثير، البداية والنّهاية، القاهرة:دار هجر، صفحة 257، جزء 3. بتصرّف.
  11. ^ أ ب ت ث ج معزّة ساري إلياس الزبير، حاتم الطائي والنمر بن تولب العكلي دراسة أدبية نقدية موازنة، الخرطوم:منشورات جامعة أم درمان الإسلامية، صفحة 11. بتصرّف.
  12. ^ أ ب حاتم الطائي، ديوان حاتم الطائي، بيروت:دار صادر، صفحة 31.
  13. حاتم الطائي، ديوان حاتم الطائي، بيروت:دار صادر، صفحة 34.
  14. حاتم الطائي، ديوان حاتم الطائي، بيروت:دار صادر، صفحة 40.
  15. الزركلي، الأعلام، بيروت:دار العلم للملايين، صفحة 151. بتصرّف.
  16. ^ أ ب ابن كثير، البداية والنهاية، القاهرة:دار هجر، صفحة 263، جزء 3. بتصرّف.