الخطابة في العصر الجاهلي

الخطابة في العصر الجاهلي

محتويات

الخطابة-في-العصر-الجاهلي/

نشأة الخطابة في العصر الجاهلي

كيف تطوّر فنّ الخطابة في العصر الجاهليّ؟

الخطابةُ لونٌ من ألوان النّثر الفنّي الذي ذاع صيته في الأدب العربي بوجهٍ عامٍّ وفي الأدب الجاهليّ بوجهٍ خاصٍّ، ولقد كانت الخطابة في الجاهليّة تُعالج قضايا عدّة؛ وذلك لأن الكثير من الأعمال الخارجة عن الأخلاق كانت مٌنتشرةً في العصر الجاهليّ كأعمال النّهب والسّلب والجور والقتل، وغيرها من الأعمال التي تولّدت من خلال العصبيّة القبليّة، وكُلّما كان التّعبير أدقّ: كان وقعه أرقّ، والخطابة تُثير عُقول النّاس، وتُلهب مشاعرهم، وتستنفر طاقاتهم الكامنة في الوُجدان.[١]


اختلف النثر في العصر الجاهلي مرتبةً كبيرةً، ولعلّ الخطابة كانت أشهر أنواع النّثر، وتميّزت الخطابة الجاهلية عن غيرها بمميّزاتٍ عدّة، ولكن الفرق بين الخطابة في العصر الجاهلي والإسلامي تكمُن في الحدود التي فرضتها الشريعة الإسلامية في كلّ الأقوال والأفعال، ولا سيّما أنّ هناك عادات وتقاليد جاهليّة لم تكُن تتوافق مع الدين الإسلاميّ فرُفض كل ذلك.[٢]


قد ذخرت كُتُب الأدب بالكثير من النّصوص التي تدُلّ على ذلك، ومن ذلك ما ورد عن جعفر بن أبي طالب-رضي الله عنه- وحديثه إلى النّجاشيّ ملك الحبشة، والذي يُحكى أنه كان ملكًا عادلًا، فقال له واصفًا ما عايشوه في مجتمعهم الهمجيّ: "أيّها الملك، كنّا قومًا على الشِّرْك؛ نعبد الأوثان، ونأكل الميتة، ونُسيء الجوار، ونستحلُّ المحارم -بعضُنا من بعض- في سَفْك الدماء وغيرها، لا نحلُّ شيئًا ولا نحرِّمه"، وقد كانت للخطابة مناحٍ كثيرة في العصر الجاهليّ، ويُمكننا القول إنّها شملت مُعظم المجالات السياسيّة، والاجتماعيّة، وغيرهما،.[١]


بل إنّه قد استُنبط من بعض النّصُوص أنّ الخطابة فاقت الشعر، وفي ذلك يقول الجاحظ: "كان الشاعر أرفع قدرًا من الخطيب، وهم إليه أحوج لردّه مآثرهم عليهم، وتذكيرهم بأيّامهم، فلما كثُر الشّعراء وكثُر الشّعر، صار الخطيب أعظم قدرًا من الشاعر"؛ لذلك بلغت الخطابة في العصر الجاهلي ما بلغته من شهرة واسعة"[٣]

عوامل ازدهار الخطابة في العصر الجاهلي

كانت هناك مناطات عدّة للتميّز التي ازدهر من خلالها فن الخطابة الجاهلية، ومنها ما يأتي ذكرُه.

الحياة الصحراوية والفروسية

تلك التي ألزمتهم في كسب قُوت يومهم عن طريق القتال، فقد كانت حياة العربيّ مُهدّدة بالفشل في أي وقتٍ من الأوقات،فقد تُغير عليهم قافلة من القوافل؛ فينهبون أموالهم أو قوت يومهم؛ فلهذا كان التعبير الشفويّ في حثّ أبناء القبيلة على بذل طاقاتهم والدّفاع عنها بكل ما أوتوا من قوّةٍ أفضل بكثير من التعبير الكتابيّ، كما أنّ الفارس المغوار الذي يستحثّ جنوده على طاعته في أمرهم به، والانتهاء عمّا نهى عنه؛ سيكون أوقع في نُفوسهم إن كان عن طريق الخطابة.[٤]

العصبيّة القبلية

لعبت العصبية القبليّة دورًا كبيرًا في ازدهار الخطابة؛ فقد كان لكلّ قبيلة عند العرب في الجاهليّة لسان يُدافع عنهم، ولا شك في أنّ وقْع اللّسان أشدّ من وقع السّيف، وقد كانت القبائل تُعاير إثر شعر قاله شاعر، أو خطبة قالها خطيب في ذمّ هؤلاء القوم، وتعداد مَساوئهم، وما تسمية أنف النّاقة منّا ببعيدٍ، فقد كان الرجل يخشى أن يُذكر اسم قبيلته؛ حتى لا يُعاير بها.[٤]

ندرة الكتابة وقلّتها في العصر الجاهلي

لقد كانت العرب في الجاهلية أمّةً أميّةً لا يُجيدون القراءة ولا الكتابة، ولكن فصاحتهم كانت مُكتسَبة من السّليقة، فقد كان الرجل يُنشد الشعر عفو الخاطر، فلم يكُن يُحضّر لما يقول، وإذا أراد أن يُعبّر عن مكنونات صدره؛ استدعى المُثيرات الحسيّة التي تدفعه دفعًا إلى أن يسيل البيان من بين شدْقيه عذبًا سلسًا مع عذوبة الألفاظ، وجودة العبارة.[٤]

ظهور الأسواق الأدبية

لقد كان لوجود الأسواق الأدبيّة عظيم الأثر في الارتقاء بالخطابة، ولقد كان الشّعراء والخطباء والأُدباء يأتون من كلّ فجٍّ عميقٍ؛ ليُقدّموا نتاجهم الأدبيّ في هذا السوق، ومن أشهر الأسواق التي كانت في الجاهلية سوق عكاظ، وكان أكثر تجمُّع لهم فيه في وقت الحجّ، ومن أشهر المُحكّمين في هذا السّوق كان النّابغة الذُّبياني، والذي كان يفصل بين جيّد الأدب شعرًا أو نثرًا من رديئه، وكان الأدباء والشعراء يُقدّمونه عليهم في كل شيءٍ؛ نظرًا لمكانتة التي حظى بها بينهم.[٤]

أنواع الخطابة في العصر الجاهلي

ظهرت ضروب خطابيّة عدّة شاعت في العصر الجاهليّ، منها ما يأتي ذكرُه.

الخطب الوعظية

هي الخُطب التي يُقدّم فيها الكثير من المواعظ والحكم، والتي تحُثّ على التزام مكارم الأخلاق، والصفات النبيلة، والمحاسن التي يرقى بها المُجتمع، ومع أنّ العرب في الجاهلية كانوا يعبدون الأصنام والأوثان إلّا أنّ المروءة والشهامة والأخلاق كانت من طبائعهم التي طُبعوا عليها، ولكن هذا الأمر لن ينفعهم في شيءٍ؛ لأنه لا ينفع مع الكفر طاعة، ولا مع الإيمان معصية، فقد كانوا يُكرمون ضيوفهم، ويُساعدون المحتاجين، ويقفون في صفّ الضّعفاء الذين لا يستطيعون أن يأخذوا حقوقهم كاملةً من مُغتصبيها.[٥]

خطب الحرب

هي الخطب التي يُلهب فيها الخطيب مشاعر قومه؛ حتى يبذلون قصارى جهدهم في الدّفاع عن أنفسهم وعن قومهم، وكانت تلك الخُطب لا تخلو من العصبيّة القبليّة التي كانت تُسيطر عليهم في جاهليّتهم، كما كان يعلوها النبرة الحماسية التي تُدفّق الحماسة في نُفُوس المُشتمعين، وتجعلهم على أهبّة الاستعداد في أي وقتٍ من الأوقات؛ للدّفاع عن أعراضهم.[٥]

خطبة الصلح

هي الخطب التي تُقال في خضمّ التّصالح بين فريقين، وذلك لتهدئة الأوضاع بينهما وحتّى لا يزيد الشقاق بينهما، وتُقال تلك الخطبة فيما بعد الحرب، فبعد الحروب تكون النّفوس مشحونةٌ بالغلّ والحقد، وقد تدفعها كلمة واحدة في السّقُوط فيما لا يُحمد عقباه، ومن مميّزاتها أنها تُحافظ على الاستقرار والأمن والأمان والسلام لأقرب فترة مُمكنةٍ، وما دام عمّ السّلام؛ عاشت الأُمم في نعيمٍ، ولم تتذوّق مرارة الفقد، وما أشدها من مرارة![٥]

خطبة المفاخر

تلك الخطب الذي يُردّد فيها الخطيب مَناقب قبيلته ومآثرها، والمواقف التي حدثت لها على مرّ تاريخ، والحروب التي ألحقت الضّرر بالقبائل على إثرها، وتعدّ تلك الخطب سجلًّا حافلًا لأبناء القبيلة، يتفاخرون فيما بعد بأجدادهم وآبائهم الذين كان يُضرب بهم المثل في حياتهم، وها هم الآن يُضرب بهم أروع أمثلة الكفاح والتضحية بعد مماتهم، ولا شكّ في أنّ الخطيب يجب أن يكون فردًا من أفراد القبيلة التي يخطب فيها؛ حتى يكون على بيّنةٍ واضحةٍ من أمور قبيلته، ويكون على إلمام واسع بتاريخها الحافل.[٥]

خطبة الزواج

هي الخطبة التي تُقال عند خطبة أحد أفراد القبيلة لإحدى النّساء، وخاصّةً إذا كانت من خارج قبيلته، وتقوم تلك الخطبة في أساسها على ذكْر أهمّ ما يتميّز به الزّوج، والثّروة التي يمتلكها، ومواقف من شجاعته وفروسيّته، وكان العرب في الجاهلية يعنون بشجاعة الرجل أيّما عناية، ويُقدّمونه على غيره في معظم الأمور، ويذكر شرف نسله، وعظم نسبه وأصالته؛ لأن شرف العربيّ من شرف قبيلته، حيثُ إنه يكتسب شهرته من شهرة قبيلته، وعدم قدرتها على الذبّ عن أنفُسها تِجاه أعدائها المُتربّصين بها.[٥]

خطبة التعزية

هي الخطب التي تُقال عند موت أحد أفراد القبيلة، فيقوم الخطيب فينعي هذا المُتوفّى، ويُقدّم أحرّ التعازي لأهله الذين فقدوا أغلى ما يملكون، كما أنه يحثّهم على الصّبر على هذا، وقد كان للعرب في الجاهلية تقاليد خاطئة عند موت أحد أقاربهم أو من يعرفون، وجاء الإسلام فمحى تلك العادات الجاهليّة، واستُبدلت بعاداتٍ أُخرى موافقة للشريعة الإسلامية الغرّاء.[٥]

خصائص الخطابة في العصر الجاهلي

كانت هناك معايير كثيرة اتّسمت بها الخطابة الجاهلية، منها ما يأتي ذكرُه.[٦]

العبارات القصيرة

وهذا يعني أنّ خطباء الجاهلية كانوا مُتمكّنين في اللّغة، ومُمسكين بزمام البيان؛ فلذا يُعبّرون عن المقصود بأقصى طريق، وأوضح عبارة وأجمل أسلُوبٍ، فكانت عبارتهم مركّزة مُتضمّنة المعنى الذي يُريدون الإبانة عنه، فتجدهم يُوجزون في مواضع الإيجاز دون إخلالٍ بالمطلوب، ويُطنبون في مواضعالإطناب دون إسهابٍ وحشوٍ.

الدخول إلى الموضوع بشكل مُباشر

فلم تكن خُطبهم متصدّرة بالمقدمة الطويلة، كالمقدّمات الطلليّة التي كانت تُصدر بها القصائد، وهذا إن دلّ فإنّه يدُلّ على أنّهم كانوا يُريدون أن يصلوا بالمطلوب مباشرة إلى المُستمعين، وذلك حتى يظهر تأثير ذلك عليهم بسرعة، فيدفعهم إلى الاستجابة لهذا الأمر، وتنفيذها على قدر إمكانهم واستطاعتهم.

التنوع في الموضوعات

لم تكن الخطبة تتمحور في موضوع واحدٍ، وإنما كثُرت محاورها كثرةً قد يُخطئ المستمع في تحديد الهدف منها، وبهذا قد تشبه خطبهم أشعارهم، فقد كانت قصائدهم متعدّدة الأغراض، تبدأ بالوقوف على الأطلال ثمّ وصف الرّاحلة، والغزل، ثم الموضوع الرئيس، فلو خطب الخطيب خطبةً كَخُطبة الزّواج؛ قد تجده يعرّض فيها بالالتزام بمكارم الأخلاق والمعاملة الطيبة وعدم الجور والظلم.

قوة التعبير وفصاحة الألفاظ

لقد كان العرب في الجاهلية أرباب الفصاحة والبلاغة والبيان، وكانوا أعلى أمةٍ في طبقة الإبانة، وما بعدها كان أقل منها؛ ولذا جاء القرآن الكريم مُتحدّيًا العرب عن إذا ما كانوا يستطيعون أن يأتوا بمثله أو بعشر سور مثله، أو بسورة من مثله فعجِزوا.

الاستشهاد بالحكم والأمثال

فقد كثُرت الحكم والأمثال في خطبهم، وهذا نوع من أنواع التعليم المختصر، فالحكمة أو المثل قد يسوقه الخطيب في معرض خطبته، ولكن كل مثل أو حكمةٍ يحمل في طيّها قصّة تزخر بالكثير من العِظات والعِبر، فإذا ما ساقها الخطيب؛ استُفيد منها فحوى تلك القصة، والتكرار يأتي للتأكيد على الفكرة التي يُريد الشّاعر أن يُعبّر عنها، كما أنها تجعل تلك الفكرة تستقرّ في النّفوس.


لقراءة المزيد من الخصائص، يمكنك الاطّلاع على هذا المقال: خصائص الخطابة.


أشهر خطباء العصر الجاهلي

مَن هم الخُطباء الفُحُول الذين ازدان بهم العصر الجاهلي؟

من أشهر الخطباء في الجاهلية: قس بن ساعدة الإيادي، ودويد بن زيد، مرصد الخير الحميري، والربيع بن ضبيع الفزاري، وذو الإصبع العدواني، وأكثم بن صيفي، وعمرو بن كلثوم، والحارس بن كعب، وسحبان بن وائل، وزهير بن جناب، وقيس بن زهير، وأبو الطموحات القيني، والأوسط بن حارثة، وقيس بن عاصم، ونعيم بن ثعلبة، وإليك تفصيل عن بعض الخطباء:[٢]

قس بن ساعدة الإيادي

قس بن ساعدة بن حذيفة بن زفر بن إياد، وقيل: قيس بن ساعدة بن عمرو بن عدي بن مالك، وهو أول من قال:" أما بعد"[٧]، وأول من قال:" البيّنة على من ادّعى، واليمين على مَن أنكر"، وأوّل من قال:" مِن فلان إلى فلان"، وقيل إنّه كان نصرانيًّا، وكان أسقف كعبة نجران، ولكن هذا الرأي ضعّف الرّويات، وقال الشهرستاني إنّه من بين مَنْ يؤمن بيوم الحساب ويعتقد التوحيد، وعلى هذا فلم يكن نصرانيًّا وإنّما كان مسلمًا موحّدًا، وله الكثير من الخطب التي تزخر بالمواعظ، والصفات النبيلة، والغايات السامية.[٨]


لقراءة المزيد عن ابن الإيادي، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: نبذة عن قس بن ساعدة.


عمرو بن كلثوم التغلبي

عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتاب بن سعد بن زهير بن حسن بن بكر، ويصل نسبه إلى نزار بن معد بن عدنان، أمّا عن أمّه فهي ليلى بنت المهلهل بن ربيعة، وكنيته أبو الأسود، وقد توفّي في عام تسع وثلاثين قبل الميلاد، وهو صاحب مُعلّقة من المُعلّقات، والمعلقات أنفس ما قيل في الشعر الجاهليّ، كما أنّ ابن سلاّم الجمحي قد عدّه في الطبقة الأولى من طبقات الشعراء الفُحُول، وكانت ولادته في نجد، وقد اشتُهر بشجاعته وبعزّة نفسه، وأحد الذي عمّروا طويلًا في الحياة.[٩]

أكثم بن صيفي التميمي

أكثم بن صيفي بن رباح الأسيدي التميمي، وقد كان أشهر الحكّام العرب في الجاهلي وكانوا يلقّبونه بحكيم العرب، وكان شريفًا حكيمًا، وفارسًا مغوارًا، يجتمعون إليه ليحتكموا إليه في أمورهم، كما أنّه خرج في وفد بني تميم والعرب الذي كان قاصدًا بلاد فارس، وكان المُلوك يكتبون له الرّسائل، ويتبادلون بينهم الكثير من المواعظ والحكم التي تُرسّخ في العقول، وقد أسلم أكثم بن صيفي، فحينما ظهر أمر النبي-صلى الله عليه وسلّم- أرسل وفدًا يشمل ابنه ورجلين من قومه؛ ليستطلعوا أخبار النبيّ، فلما جاؤوه قام فخطب في النّاس يحُثّهم على اتّباع النبيّ، ومات أكثم وهو ذاهب للنبي، وأشهد قومه على إسلامه.[١٠]

نماذج من الخطابة في العصر الجاهلي

ثمّة نصوص كثيرة يُستظهر من خلالها سمات الخطابة الجاهليّة، ومنها خطب الأعلام الآتية أسماؤهم.

خطبة قس بن ساعدة في سوق عكاظ

تعد تلك الخطبة أفصح خطب العرب، وفيها يقول قس:"أَيُّهَا النَّاسُ، اسْمَعُوا وَعُوا، مَنْ عَاشَ مَات، وَمَنْ مَاتَ فَات، وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ آت.. مطر ونبات وأرزاق وأقوات وآباء وأمهات وأحياء وأموات جمع وأشتات، لَيْلٌ دَاج، وَنَهَارٌ سَاْج، وَسَماءٌ ذَاتُ أبْرَاجٍ، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، ومهاد موضوع، وسقف مرفوع، ونجوم تَمور، وبحار لا تغور، وَنُجُومٌ تَزْهَر، وَبِحَارٌ تَزْخَر.."[٦]

خطبة هانئ بن قبيصة الشَّيبانيّ يحرِّضُ قومه يوم ذي قار

"يا معشرَ بكرٍ, هالكٌ معذورٌ خيرٌ من ناجٍ فرورٍ, إنّ الحذرَ لا يُنجِي من القَدَرِ, وإنّ الصّبرَ من أسبابِ الظّفَرِ, المنيّةُ ولا الدّنيّةُ, استقبالُ الموتِ خيرٌ من استدبارِه, الطّعنُ في ثُغَرِ النّحورِ أكرمُ منه في الأعجازِ والظّهورِ, يا آلَ بكرٍ قاتلوا فما للمنايا من بدٍّ".[٦]

خطبة كعب بن لؤيّ لقومه يوم الجمعة

كان كعب بن لؤيّ يجمع قومه يوم الجمعة، وكانت قريش تُسميه العَرُوبَة فيخطبهم، فيقول: "أمّا بعد: فاسمعوا وتعلموا، وافهموا واعلموا، ليل ساج، ونهار ضاح، والأرض مهاد، والسماء بناء، والجبال أوتاد، والنجوم أعلام، والأولون كالآخرين، والأنثى والذكر، والروح وما يهيج إلي بِلي، فصلوا أرحامكم، واحفظوا أصهاركم، وثمّروا أموالكم، فهل رأيتم من هالك رجع؟ أو ميت نُشر؟ الدار أمامكم، والظن غير ما تقولون، حَرَمُكم زيِّنوه وعظِّموه"[٦]

كتب عن الخطابة في العصر الجاهلي

هناك كُتب سطّرتها أقلام العُلماء في الخطابة الجاهليّة، منها ما يأتي ذكرُه.

كتاب: الشعر والشعراء

لمؤلّفِه ابن قتيبة الدِّيْنَوَريّ (276هـ)، وفيه تناول ابن قتيبة شقّين: الشقّ الأوّل الشعر، والثاني الشّعراء، وتحدّث عن أقسام الشعر، وأنّ أعلاه ما حسُن لفظه ومعناه، وكثُرت فيه الشّواهد، وعلّق على بعضها ابن قتيبة، ففي شاهد تجده يقول: أفضل مرثيّة، أفضل بيت وهكذا، وهذا لا يكون إلا بعد اطّلاع واسعٍ.[١١]

كتاب: الأدب الجاهلي - قضاياه، أغراضه، أعلامه، فنونه

لمؤلّفِه غازي طليمات وعرفان الأشقر، وفيه يتحدّث المؤلّف عن أهمّ القضايا التي داخلت الأدب الجاهليّ، ومَن هم أشهر الأدباء والشّعراء في هذا العصر، وأهمّ فنون الأدب التي اشتُهرت فيه شعرًا كان أو نثرًا، وتحدّث أيضًا عن فنونه.</span>[١٢]

كتاب: تاريخ الأدب العربي - العصر الجاهلي

لمؤلفه د. شوقي ضيف، وهذا الكتاب بمثابة التأريخ للأدب العربيّ، وفيه يتناول المؤلف متابعة تطوّرات الأدب شعرًا أو نثرًا منذ أن كان المُحكّمون في الأسواق الأدبيّة يتذوّقون الشعر والنّثر، ويحكمون على جودته أو رداءته، دون أن يُبينوا العلل التي جعلت هذا الكلام يفضُل غيره.[١٣]

كتاب: الحياة الأدبية في العصر الجاهلي

لمؤلّفِه محمَّد عبد المنعم خفاجي، وقد تناول الهيئة التي كانت عليها الحياة الأدبيّة بما فيها من مُناظرات وعصبيّاتقبليّة، واجتماع الشعراء في الأسواق الأدبيّة، وعرض كلّ واحد منهم نِتاجه الأدبيّ وأشهر الشّعراء، والحديث عن أفضل الشّعر وأنفسه في الجاهليّة.[١٤]

المراجع[+]

  1. ^ أ ب شوقي ضيف، الفن ومذاهبه في النثر العربي (الطبعة 13)، صفحة 33-27. بتصرّف.
  2. ^ أ ب غازي طليمات وعرفات الأشقر، الأدب الجاهلي قضاياه أغراضه أعلامه فنونه (الطبعة 1)، صفحة 20-400. بتصرّف.
  3. الجاحظ، البيان والتبيين (الطبعة 7)، صفحة 308. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث محمد أبوزهرة، الخطابة تاريخها في أزهى عصورها عند العرب (الطبعة 1)، صفحة 261-263. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت ث ج ح غازي طليمات وعرفات الأشقر، الأدب الجاهلي قضاياه أغراضه أعلامه فنونه (الطبعة 1)، صفحة 547. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت ث محمد أبو زهرة، الخطابة تاريخها في أزهى عصورها عند العرب (الطبعة 1)، صفحة 261-265. بتصرّف.
  7. السيوطي،، المزهر في علوم اللغة وأنواعها،، صفحة 396، جزء 1. بتصرّف.
  8. البغدادي، خزانة الأدب -، صفحة 80، جزء 2. بتصرّف.
  9. لأبي فرج الأصفهاني، الأغاني، صفحة 54، جزء 11. بتصرّف.
  10. السجستاني ، المعمرون والوصايا، صفحة 14. بتصرّف.
  11. ابن قتيبة الدِّيْنَوَريّ ، الشِّعر والشُّعراء,، صفحة 1. بتصرّف.
  12. غازي طليمات وعرفان الأشقر (1992)، الأدب الجاهليُّ. قضاياه. أغراضه. أعلامه. فنونه,,، صفحة 1. بتصرّف.
  13. د. شوقي ضيف (2003)، تاريخ الأدب العربيِّ ـــ العصر الجاهليُّ, , دار المعارف, (الطبعة 23)، صفحة 1. بتصرّف.
  14. محمَّد عبد المنعم خفاجي (1992)، الحياة الأدبيَّة في العصر الجاهليِّ, , (الطبعة 1)، صفحة 1. بتصرّف.

358486 مشاهدة