محتويات
أسباب حرب أكتوبر
سميت بأسماء كثيرة فهي حرب تشرين في الجمهورية العربية السورية، وحرب العاشرمن رمضان عند الكثير من العرب، بدأت الحرب بتاريخ 1973/10/06 ميلادية الموافق 1393/9/10 هجرية بين "إسرائيل" من جهة والجمهوريتين المصرية والسورية من جهة أخرى.[١]
وقد بدأت مصر وسورية الحرب خلال عيد الغفران اليهودي المعروف بيوم كيبور، قامت مصر وسورية بالهجوم على خطوط الدفاع "الإسرائيلي" على جبهتي الجولان وصحراء سيناء، وقد تحولت الحرب بشكلها السياسي إلى حرب بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية، ويعد الجسرالجوي للمساعدات العسكرية الذي قامت به الولايات المتحدة الأمريكية لمساعدة "إسرائيل" من أضخم الجسور العسكرية بعد الحرب العالمية الثانية.[٢]
بدأت الحرب قبل يوم اشتعالها بأعوام، فقد كانت مصر وسورية قد خسرتا مساحات كبيرة من أراضيها في حرب 1967 أو الحرب التي تعرف بالنسبة للعرب بحرب بالنكسة، كما كانت المطالب الشعبية العربية والضغط الشعبي يتزايد على قيادة كل من مصر وسورية، خصوصًا مع اشتعال حرب العصابات ضد الكيان الصهيوني من قبل الفصائل والمليشيات العربية الفلسطينية من الجنوب اللبناني والأراضي السورية.[٣]
تعددت أسباب الحرب وكان لها عدة جوانب تختلف من حيث ماهيتها السياسية والتاريخية، فمن جانب كانت هناك أسباب تتعلق بالصراع العربي الصهيوني ومن جانب أخر كانت الأنظمة السياسية العربية ترزح تحت الضغط الشعبي والرسمي للأحزاب القومية واليسارية الصاعدة والتي استطاعت الوصول إلى الحكم في كل من: سورية، والعراق، وليبيا، والجزائر. كما أن النظام العالمي والصراع بين الشيوعية والرأسمالية كان سببًا في تأزم الأمور بين العرب والكيان الصهيوني عسكريًا بالدرجة الأولى; بسبب تعارض مصالح الأطراف العالمية وتحول الصراع للمناطق الساخنة كالبلقان والوطن العربي.[٤]
تنامي قوة إسرائيل بعد حرب 1967م واحتلال سيناء
كيف هزمت الجيوش العربية في غضون أيام؟
فرض الواقع الجغرافي السياسي نفسه على جغرافيا الوطن العربي بعد احتلال فلسطين عام 1948م النكبة من قبل العصابات الصهيونية، وبإعلان قيام "دولة إسرائيل" على الأراضي العربية الفلسطينية، أصبح شطري الوطن العربي الآسيوي والإفريقي غير متصلين جغرافيًا، وهذا ما أدى لتبعات ديموغرافية واقتصادية كبيرة على الأقطار العربية وتحديدًا سورية ومصر. وهذا ما أدى إلى وجود الصراع العربي-الاسرائيلي- منذ اللحظة الأولى لقيام دولة الكيان الصهيوني على الأراضي العربية الفلسطينية.[٥]
يعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 الذي بدأه "الجيش الإسرئيلي" على مصر أول الحروب التي تشنها "إسرائيل" بعد حرب عام 1948م، هذا العدوان الذي شاركت فيه كل من فرنسا وبريطانيا زاد من تأزم الشارع العربي ومطالبه بالرد على التعديات "الإسرائيلية"، وبالرغم من نجاح مصر بالنصر على هذا العدوان والإبقاء على قرار تأميم قناة السويس وطرد القوات الأجنبية من مناطق بورسعيد والقنال، إلا أن التهديدات العسكرية بقيت قائمة ضد مصر تحديدًا من قبل "إسرائيل" بسبب التواصل الجغرافي بينهما من جهة، وبسبب توجهات النظام المصري القومية آنذاك.[٦]
حاول النظام المصري بناء جيش قوي وقادر على الحفاظ على قدراته الدفاعية وخصوصًا عند الجهة الشمالية من حدوده، وفي صحراء سيناء وذلك لوجود تهديدات حقيقية من قبل "الجيش الإسرائيلي"، وفي نفس الوقت كانت الحدود المصري "الإسرائيلية" منطقة ساخنة عسكريًا ومراقبة من قبل الأمم المتحدة. وفي الخامس من حزيران للعام 1967م الموافق 27 صفر 1387 هجرية شنت القوات "الإسرائيلية" هجومًا مزدوجًا على عدة جبهات هي الجبهات المصرية والسورية والأردنية استطاعت من خلاله احتلال صحراء سيناء والجولان والضفة الغربية في غضون ستة أيام وبدون خسائر تذكر.[٧]
عزز هذا النصر من صيت "الجيش الإسرائيلي" وأصبح الجيش الأقوى في المنطقة بعد تدمير ما يقارب من 80%100 من قدرات الجيوش العربية المرابطة في دول الطوق التي تحد الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبالتالي عمليًا أصبحت هذه الجيوش غير قادرة على الرد بعد تدمير أغلب قواتها، ووضعت "إسرائيل" نفسها كقوة قادرة على التفاوض من موقع المنتصر على المستوى الإقليمي والعالمي. هذا ما أدى إلى تعزيز القوة "الإسرائيلية" على المستوى الإعلامي والمعنوي والعملي عسكريًا، مما عزز من حضور "إسرائيل" عالميًا كقوة إقليمية قادرة على هزيمة عدة دول مجتمعة.[٨]
قامت "إسرائيل" بعد قدرتها على المناورة باحتلال صحراء سيناء، ووضع ثقلها العسكري فيها على الحدود الجنوبية لفلسطينا المحتلة، وهذا يعني أنها استطاعت أن تؤمّن حدودها من أكبر خطر استراتيجي عليها والذي يتمثل بالجيش العربي المصري، والقيادة السياسية المصرية المتمثلة بجمال عبد الناصر تحديدًا. نصر "إسرائيل" في حرب النكسة ساهم في تعزيز القوة العسكرية "الإسرائيلية" من حيث قدرتها على تطوير تراسنتها العكسرية من خلال انفتاح الكثير من الدول الغربية عليها بعد هذا النصر كنتيجة طبيعية للنصر الذي حققته، وهذا ما شجع "إسرائيل" على التمسك بالأراضي التي احتلتها في حرب النكسة بالرغم من القرارات الدولية التي أقرت ضرورة إنسحاب "إسرائيل" من هذه الأراضي بموجب قرارات الأمم المتحدة.[٩]
تنامي قوة "إسرائيل" بعد حرب النكسة قابله تراجع قوة الجيوش العربية أو ما بقي منها، فقد تم تدمير أغلب منظومات الرادار السورية، والمصرية، والأردنية، كما تم تدمير سلاح الطيران المصري والأردني بشكل شبه كامل، كما تم تدمير أغلب نقاط الدفاع الأرضية التي تمثلت بسلاح المدفعية والدبابات في صحراء سيناء وهضبة الجولان، والأهم من ذلك هو تدمير نفسية الجندي العربي بشكل كبير في مقابل تعزيز ثقة الجندي "الإسرائيلي" بنفسه ما شكل ضربة معنوية وإعلامية كبيرة للدول العربية مجتمعة.[٤]
وقد كان احتلال سيناء العامل الأكبر في تنامي قوة الدفاع "الإسرائيلية" وذلك للمساحة الكبيرة التي تشكلها صحراء سيناء وموقعها الاستراتيجي وسهولة الدفاع عنها بالنظر إلى وجود قناة السويس وبناء خط برليف "الإسرائيلي" وقوة سلاح الجو "الإسرائيلي" الذي سمح لها بالدفاع عن سيناء مقابل الجيش المصري الذي تعرض لخسائر كبيرة جدًا خلال حرب النكسة.[٣]
نشوب حروب بين مصر وسوريا ضد إسرائيل
ما هي الحرب التي انتصرت فيها مصر على إسرائيل قبل حرب 1967؟
فشل العدوان الثلاثي ضد مصر عام 1956م شجع الجماهير العربية وألهب مشاعرهم القومية والوحدوية، وقد كانت الأوضاع في سورية تعم بالفوضى بسبب الانقلابات المتكررة وعدم ثبات السلطة فيها منذ الاستقلال عن فرنسا، وقد كانت الأطماع والتهديدات التركية لسورية عاملًا في تسريع عملية الوحدة بين مصر وسورية في عام 1958م، والتي نتج عنها ظهور الجمهورية العربية المتحدة التي دامت لأكثر من ثلاثة أعوام بقليل، خلال هذه الفترة أصبح "الجيش الإسرائيلي" لأول مرة منذ احتلال فلسطين في وضعية دفاعية على جميع الجبهات مع الدول العربية.[٦]
خلال الفترة الممتدة بين الأعوام 1958-1961م أصبحت المناوشات بين "الجيش الإسرائيلي" والجيش الأول الممثل بالجيش العربي السوري شبه يومية، ولكنها لم تتحول إلى حرب لأسباب تتعلق بحداثة دولة الوحدة وخوف "إسرائيل" من شن عدوان في ظل صعود الأنظمة التقدمية في كل من العراق، والجزائر، ومطالبات الجماهير العربية لتحرير فلسطين. وقد كانت حرب 1967م أو حرب النكسة أول حرب نظامية بين الجيوش العربية وتحديدًا الجيش المصري والجيش السوري من جهة و"الجيش الإسرائيلي" من جهة أخرى بعد هزيمة العرب بمعارك أو حرب 1948م في فلسطين.[١٠]
شاركت الجيوش العربية المتمثلة بالجيوش المصرية، والسورية، والأردنية، واللبنانية، والعراقية، وفرق عسكرية من المغرب وتونس والجزائر وليبيا والسعودية والكويت والباكستان، في هذه الحرب ولكنها هزمت خلال أيام قليلة من قبل "الجيش الإسرائيلي"، وقد كانت هذه الهزيمة سببًا في إشتعال ما يسمى حرب الاستنزاف بين مصر و"إسرائيل" بشكل رئيسي ولكن شاركت فيها كل من: القوات الفلسطينية، والسورية، والأردنية، والكوبية، والاتحاد السوفيتي بشكل غير مباشر، وأدت هذه الحرب إلى تخفيف الضغط النفسي على الجماهير العربية بسبب الانتصارات التي حققها الجيش المصري والخسائر الكبيرة التي تكبدها "الجيش الإسرائيلي" في صحراء سيناء.[٣]
شاركت سوريا ومصر في جميع الحروب ضد "إسرائيل" إلا أن التحالف الرئيس في الحرب بشكل منظم واستراتيجي بين مصر وسورية كان خلال حرب أكتوبر أو حرب تشرين العام 1973م، والتي بدأت بهجوم الجيشين السوري والمصري على جبهتي الجولان وسيناء بشكل مفاجأ على قوات "الجيش الإسرائيلي. وقد سجلت هذه الحرب انتصار العرب جزئيًا في الجبهة المصرية والسورية بالرغم من إنسحاب السادات من الحرب من خلال إعلانه وقف إطلاق النار في جبهة سيناء والذي كان سببًا في تدمير أغلب قوات الجيش العربي السوري على جبه الجولان رغم تدخل الجيش العراقي معه في الأيام الأخيرة للحرب.[١١]
شكلت أحداث حرب أكتوبر تحولًا كبيرًا في عقيدة الجيش العربي السوري بشكل كبير بعد تركه وحيدًا من قبل أنور السادات في منتصف المعارك، وبالرغم من تجاوز كل العقبات التي واجهت الجيش المصري في حرب أكتوبر بشكل سريع وأهمها كان تدمير خط برليف "الإسرائيلي" وتدمير جزء كبير من سلاح الجو "الإسرائيلي" وقصف المنشأت الحيوية في فلسطين المحتلة من قبل الطيران المصري والعراقي، فضل السادات وقف الحرب والقبول بنصر منقوص وترك جبهة الجولان لوحدها تواجه مصيرها المحتوم عسكريًا مع وقف المعارك على الجبهة الجنوبية في سيناء.[٩]
عدم نجاح مفاوضات 1971م
كيف حصلت هذه المفاوضات؟
في شهر شباط من العام 1971م أعلن الرئيس المصري أنور السادات استعداده للتفاوض مع "إسرائيل" وذلك في سبيل التوصل إلى اتفاق سلام بين مصر و"إسرائيل"، وبالرغم من عرض أنور السادات تطبيع العلاقات جزئيًا بين مصر و"إسرائيل" فقد رفضت "إسرائيل" والولايات المتحدة الأمريكية شروط أنور السادات، إضافة إلى إضطراب الأوضاع الداخلية في مصر بعد تنحية أنور السادات للتيار الناصري الرافض لأي تفاوض أو علاقة مع "إسرائيل" مما أدى إلى انقلاب أنور السادات عليهم واحتكاره للسلطة في مصر وطرد الحلفاء السوفييت من مصر في نفس العام.[٩]
وقد كانت المفاوضات عبر الأمم المتحدة بدأت من خلال رسالة السادات إلى الأمم المتحدة أيد فيها السلام والمفاوضات للوصول لاتفاقية سلام شاملة تؤدي إلى جلاء "إسرائيل" عن صحراء سنياء في مقابل تطبيع جزئي للعلاقات بين مصر و"إسرائيل". ولكنها كانت تأكيدًا للعالم بأن أنور السادات مستعد للتفاوض وأن مصر قادمة على حل سلمي مع "إسرائيل" والذي تمثل بعد عدة سنوات من توقيع اتفاقيةكامب ديفيد[٤]
لقراءة المزيد حول حرب أكتوبر، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: لماذا تم اختيار يوم السادس من أكتوبر للحرب.
المراجع[+]
- ↑ صلاح قبضايا، الخديعة، صفحة 7-16. بتصرّف.
- ↑ ميشيل أورين، ستة أيام من الحرب، صفحة 5-60. بتصرّف.
- ^ أ ب ت انطوان بطرس، الشرارة طريق النصر: قصة حرب تشرين الأول أكتوبر 1973م، صفحة 5-15. بتصرّف.
- ^ أ ب ت محمد القوزي (1999)، دراسات في تاريخ العرب المعاصر (الطبعة 1)، بيروت:دار النهضة العربية، صفحة 65-500، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ عبد الوهاب الكيالي، تاريخ فلسطين الحديث، صفحة 20-150. بتصرّف.
- ^ أ ب جمال عبد الناصر، فلسفة الثورة، صفحة 31-62. بتصرّف.
- ↑ عبد الله إمام، الثورة المخابرات النكسة، صفحة 20-129. بتصرّف.
- ↑ عبد الله إمام، الثورة المخابرات النكسة، صفحة 100-140.
- ^ أ ب ت سعد الدين الشاذلي، مذكرات حرب اكتوبر، صفحة 7-60. بتصرّف.
- ↑ إيوجين روجان وآفي شليم، حرب فلسطين: اعادة كتابة تاريخ 1948، صفحة 40-119. بتصرّف.
- ↑ صلاح خلف (1977)، أنور السادات من الوهم إلى الخيانة (الطبعة 1)، بيروت:دار الطليعة، صفحة 20-190، جزء 1. بتصرّف.