محتويات

- ذات صلة
- خصائص المقامة
- تعريف المقامة
شرح المقامة البغدادية
ما الغاية من كتابة المقامة البغدادية؟
كتب المقامة أبو الفضل أحمد بن الحُسين بديع الزمان الهمذانيّ؛ بُغية تعليم النّاشئة أساليب العربيّة، تناول فيها موضوع الكدية، وهو الحصول على الرّزق من خلال الحيل والخداع، وقد دارت أحداثها في بغداد، وهي عبارة عن قصَّة احتيال قام بها بطل المقامة عيسى بن هشام على رجل ريفيّ بسيط للحصول على غذائه، اعتمد فيها على البلاغة وحسن النّسج والسجع كغيرها من المقامات[١]، حيثُ يقولُ فيها:
"حدَّثَنَا عيَسى بنُ هشامٍ قالَ: اشتهَيْتُ الأزَاذَ، وأنَا ببَغدَاذَ، وليِسَ معْي عقدٌ على نقدٍ، فخَرجْتُ أنتَهِزُ محالَّهُ حتَّى أحلَّنِي الكَرخَ، فإذَا أنَا بسَواديٍّ يسُوقُ بالجهْدِ حمِارَهُ، ويَطَرِّفُ بالعَقدِ إزَارَهُ"[٢]
يتحدَّث بديع الزمان الهمذانيُّ في المقامة البغدادية على لسانِ راويه عيسى بن هشام، حيثُ يقولُ: لقد اشْتهيتُ الطَّعام وأنا في بغداد، وليسَ معي نقود، فخرجتُ أبحثُ في منطقة الكرخ وهي منطقة غرب بغداد بين محلَّات أقتنصُ فرصةً للحصول على الطعام، حتَّى وجدت رجلًا من السواد وهي منطقة جنوب العراق، فرأيته يجرُّ حمارَه ويردُّ طرفَي ثوبه على بعضِهما مُحاولًا إخفاء المال حرصًا عليه، وحينها قد راودته حاجته البيولوجية عن نفسه فما ارتأى إلّا في الحيلة تلبية لها.[٣]
"فقلْتُ: ظفِرْنَا واللهِ بصَيدٍ، وحيَّاكَ اللهُ أبَا زَيدٍ، منْ أينَ أقبَلْتَ؟ وأيْنَ نزَلتَ؟ ومتَى وافَيتَ؟ وهلُمَّ إلَى البيتِ، فقَالَ السَّواديُّ: لستُ بأبِي زَيدٍ، ولَكنِّي أَبو عبَيدٍ، فقُلتُ: نعَمْ، لعَنَ اللهُ الشَّيطانَ، وأَبعَدَ النِّسيانَ، أنسَانِيكَ طولُ العهدِ، واتصَالُ البُعدِ، فكَيفَ حالُ أبِيكَ ؟ أشَابٌ كعَهدي، أمْ شابَ بَعدِي؟ فقَالَ: قدْ نبَتَ الرَّبيعُ علَى دمنَتِهِ، وأَرجُو أنْ يصيِّرَهُ اللهُ إلَى جنَّتِهِ، فقُلتُ: إنَّا لله وإنَّا إلَيْه راجعُونَ، ولاَ حوْلَ ولاَ قوةَ إلاَّ باللهِ العلِيِّ العظِيم، ومدَدْتُ يدَ البدَارِ، إِلي الصدَارِ، أرِيدُ تمْزِيقَهُ، فَقبضَ السوادِيُّ على خصْرِي بجمُعْهِ، وقَالَ: نشَدتُكَ اللهَ لا مزَّقتَهُ"[١]
قلتُ: ظفرتُ بصيدٍ ثمن، وخطرت ببالي حيلة فأوهمته أنّي أعرفه، وقلت له: حيَّاك الله أبا زيد، وصرتُ أسأله عن حاله، فقال: لستُ أبا زيد، أنا أبو عُبيد، فقلتُ: أنساني إيَّاك الشيطان، وسألتُه عن حال والده لأوهمه أنِّي أعرفه أيضًا، فقالَ: ماتَ منذ زمنٍ وقد نبت العُشب على قبره، فأسرعتُ أريد أن أشقَّ ثوبي، فردَعني السوادي ومنعني من ذلك، وناشدني الله ألّا أمزقَه، وحينها أدركت أنه قد وقع في الفخ وظنّني أعرفه حقًّا وتورط في الحيلة التي سلكت فيها سبيل الإيقاع به.[٤]
"فقُلتُ: هلُمَّ إِلى البيتِ نصِبْ غدَاءً، أَو إلَى السُّوقِ نَشترِ شواءً، والسُّوقُ أَقربُ، وطَعامُهُ أَطيبُ، فاستَفَزَّتْهُ حمَةُ القرَمِ، وعطَفَتْهُ عاطِفُةُ اللَّقَمِ، وطَمِعَ، ولَمْ يعلَمْ أنَّهُ وقَعَ، ثمَّ أتيْنَا شوَّاءً يتقَاطَرُ شوَاؤُهُ عرقاً، وتتَسَايَلُ جوذاباتُهُ مرقاً، فقلْتُ: افرِزْ لأبِي زَيدٍ منْ هذا الشِواءِ، ثمَّ زنْ لهُ منْ تلْكَ الحلواءِ، واخترْ لهُ منْ تلكَ الأطباقِ، وانضِدْ عليْهَا أورَاقَ الرُّقاقِ، وَرشَّ عَليهِ شَيئَاً منْ ماءِ السُّمَاقِ، ليأكُلَهُ أبُو زَيدٍ هنيًّا"[١]
ثمَّ قلت له: تفضَّل معي إلى البيت ورددت نفسي بقولي إلى السوق سريعًا لئلّا أتورّط بإطعامه على نفقتي، وقلت له محاولًا إقناعه بطعام السوق: والسوقُ طعامه أطيب وهو أقربُ من البيت، وقد استفزَّته رائحة الشواء وزادت شهوتُه لأكل اللحم فطمعَ السوادي بالغداء ولم يعلم أنَّه وقع في المصيدة التي نصبتُها له، فذهبنا إلى محلِّ شواء يتقاطر فيه الدّسم من اللّحم المشويّ ويسيل على جوانبه وعلى الخبز المخبوز في الفرن، فقلت للشوَّاء أن يعدَّ لأبي زيد الطعام والحلوى والخبز ليأكل أبو زيد هنيًا وأنا أقصد في قرارة نفسي بهذا أنّ ما يطلب من الطعام كان لرغبة أبي زيد نفسه فأتحرى صدق النية في لب الحيلة التي دفعتني إليها الحاجة والعوز.[٤]
"فانْحنى الشَّواءُ بِساطُورِهِ، علَى زُبدَةِ تنُّورِهِ، فَجعَلها كالكحْلِ سَحقًا، وكالطِّحْنِ دقْا، ثمَّ جلسَ وجلَسْتُ، ولا يئِسَ ولا يئِستُ، حتَّى استَوفَيْنَا، وَقلتُ لِصاحِبِ الحلوَى: زنْ لأبي زيْدٍ منَ اللُّوزينج رطلَيْنِ فَهوَ أَجرَى فِي الحُلوقِ، وَأمضَى فِي العرُوقِ، وليَكُنْ ليلي العُمرِ، يومِيَّ النَّشرِ، رقِيقَ القِشرِ، كثِيفِ الحشو، لؤْلؤِيَّ الدُّهنِ، كوكَبيَّ اللَّونِ، يذُوبُ كالصَّمْغِ، قَبلَ المضْغِ، ليَأْكُلهُ أَبو زيدٍ هنِيًّا، قالَ: فوَزنَهُ ثمَّ قعَدَ وقَعدْتُ، وَجرَّدَ وَجرَّدْتُ، حتىَّ استَوْفَيْنَاهُ"[١]
بدأ الشواء بعمله واختار لنا أفضلَ ما عنده من اللّحم المشويّ وأعدَّه أحسنَ إعداد وأكلناه أنا وأبو زيد دونَ تباطؤ، ثمَّ أمرتُ بأن تُعدَّ له الحلوى المحشوَّة بالجوز واللوز؛ لأنَّها أسهل سيرًا في الحلوق وليكن من صنعِ الليل ليقدم في هذا النهار طازجًا، ووصف هذه الحلوى الطيِّبة، ثمَّ جلسنا وشمَّر كلٌّ منَّا عن ساعديه حتَّى أنهينا كلّ ما قٌدّم لنا من الطعام والحلوى، وكلّ ذلك النّهم دليل على شدة الجوع الذي بلغ بأهل ذلك العصر.[٤]
"ثمَّ قُلتُ: يا أبَا زَيْدٍ ما أَحوجَنَا إلَى ماءٍ يشعْشِعُ بالثَّلجِ، لِيقمَعَ هذِهِ الصَّارَّة، وَيفثأَ هذهِ اللُّقمَ الحارَّةَ، اجلِسْ يا أبَا َزيدٍ حتَّى نأتِيكَ بِسقَّاءٍ، يَأتِيكَ بِشَربةِ ماءٍ، ثمَّ خَرجتُ وَجَلستُ بِحيثُ أَراهُ ولا يرانِي أَنظرُ ما يَصنعُ"[١]
لعلّني بعد كلّ هذا قد احتجت إلى قفلة أتمّ بها ما بدأت من حيلة، فخطرت لي فكرة الماء فجعلت أوهم السوادي بحاجته للماء فقلتُ: ما أحوجنا إلى الماء البارد الآن ليدفع عنّا هذا العطش وحرَّ الطعام الذي أكلناه، وخرجتُ أوهمُه أني سآتي بالماء ولم أعُد، بل جلستُ أراقبه من مكانٍ أراه فيه ولا يراني؛ تلبية لفضولي ورغبة بمعرفة عواقب ما صنعت.[٤]
فَلمَّا أَبطأتُ عَليهِ قَام السَّواديُّ إِلى حمَارِهِ، فَاعتلَقَ الشَّوَّاء بِإِزارِهِ، وَقالَ: أَينَ ثَمنُ ما أَكَلتَ؟ فَقالَ: أَبو زَيدٍ: أَكَلتهُ ضَيفًا، فَلكمهُ لَكمةً، وَثنَّى عَليهِ بِلطمَةٍ، ثمَّ قالَ الشَّوَّاءُ: هاكَ، ومتَى دَعونَاكَ؟ زنْ يَا أَخا القحَةِ عِشرِينَ، فَجعلَ السَّوَاديُّ يَبكِي وَيَحلُّ عُقدهُ بِأَسنانِهِ وَيقولُ: كمْ قُلتُ لِذاكَ القرَيْدِ، أَنا أَبو عُبيْدٍ، وهوَ يَقولُ: أَنت أَبو زَيدٍ، فَأنشَدْتُ:
أعْمِلْ لرِزْقِكَ كلَّ آلـهْ
- لا تقعُدَنَّ بكُلِّ حـالَـهْ
وانْهَضْ بكُلِّ عظِيَمةٍ
- فالمَرءُ يعجِزُ لا محَالَهْ[١]
فلمَّا تأخرت عليه خرجَ إلى حماره، فلحقه الشواء وقد دفعته حاجته للمال، وقال له: أين ثمن ما أكلت، فقال السوادي: كنت ضيفًا على هذا الطعام، فلكمُه الشواء ولطمه وقال له: متى دعونَاك! أعطني عشرين درهمًا من كيسِك هذا، فبدأ السوادي يبكي ويحلُّ عقدةَ كيس نقوده بأسنانه ويقول: كم قلت لذلك القُريد "تصغير القرد": إنِّي أبو عُبيد، ويقول: أنت أبو زيد، ثمَّ أنشدَ عيسى بن هشام بيتين من الشعر، ومعنى البيتين: اعمِل أيها الإنسان من أجل رزقِك كلَّ وسيلة ممكنةٍ ولا تقعد أبدًا وانهض قبل أن تعجز تمامًا عن السعي وراء رزقك.[٥]
بدت نتيجة قصة المقامة البغدادية واضحة منذ البداية، فالنّصر في نهايتها كان حليف العنصر الأقوى وهو عيسى بن هشام، رغم ما يُمثّله من جانب الشرّ والمكر، بينما تدحض الأحداث العُنصر الأضعف المتمثّل بالسوادي.[٥]
معاني المفردات في المقامة البغدادية
تحمل المقامة البغداديّة قيمة لُغويّة عالية بفضل الأساليب الفنيّة والقيمة الفكريّة لها، وغزارة المفردات والتراكيب فيها، ومن أبرزها:
- الأزاذ: نوع جيد من التمر.[٦]
- سوادي: رجل من الريف.[٧]
- حٌمة: حرارة.[٨]
- القرم: شدة الشهوة لأكل اللحم.[٩]
- اللوزينج: نوع من الحلوى يشبه القطائف.[١٠]
- جرّد: تهيّأ.[١١]
- يشعشع: يمزج بالثلج.[١٢]
- يقمع: يزيل.[١٣]
- الصارة: الحاجة ويقصد بها العطش.[١٤]
- يفثأ: يكسر ويسكن.[١٥]
الصور البلاغية في المقامة البغدادية
- الشاهد: فَقُلْتُ: ظَفِرْنَا وَاللهِ بِصَيْدٍ[١]
شرح الصورة: صوّر بطل المقامة عيسى بن هشام السوادي بالصّيد الذي قد ظفر به.
- الشاهد: فَانحنى الشَّوّاءُ بِسَاطُورِهِ، عَلَى زُبْدَةِ تَنُّورِهِ، فَجَعَلها كَالكُحْلِ سَحْقًا، وَكَالطِّحْنِ دَقّا[١]
شرح الصورة: صوّر عيسى بن هشام اللّحم الذي قام الشّواء بسحقه بالكحل في رقّته، والطّحين في دقة جزيئاته.
- الشاهد: وليكن لُؤْلُؤِيَّ الدُّهْنِ، كَوْكَبيَّ اللَّوْنِ[١]
شرح الصورة: صوّر حلوى اللوزينج بعد الدّهن بالسمن باللؤلؤ في لمعانه، وبالكوكب في لونه وإشراقه.
- الشاهد: يَذُوبُ كَالصَّمْغِ، قَبْلَ المَضْغِ، لِيَأْكُلَهُ أَبَو َزيْدٍ هَنِيًّا[١]
شرح الصورة: صوّر حلوى اللوزينج في طراوته وكثافة القطر فيه بالصّمغ.
- الشاهد: مَا أَحْوَجَنَا إِلَى مَاءٍ يُشَعْشِعُ بِالثَّلْجِ، لِيَقْمَعَ هَذِهِ الصَّارَّةَ[١]
شرح الصورة: صوّر شدّة العطش وحرقته بالعدوّ الذي يٌقمع.
- الشاهد: كَمْ قُلْتُ لِذَاكَ القُرَيْدِ، أَنَا أَبُو عُبَيْدٍ[١]
شرح الصورة: صوّر السوادي عيسى بن هشام بالقرد الصّغير في شقائه ومكره.
لقد بدت الصور البلاغيّة المُتمثّلة بالتشبيه في المقامة البغدادية واضحة، رغم قلّتها بما أضْفته على المقامة من قيم جماليّة.
المحسنات البديعية في المقامة البغدادية
يمتاز فنّ المقامة بشكل عام بتكلُّف الكاتب في الصّنعة واستخدام ضروب البلاغة والبيان المُختلفة في صياغتها اللّغوية، ولهذا فإنّها تزخر بأنواع البديع، ومن أبرزها:
- الشاهد: اشْتَهَيْتُ الأَزَاذَ، وأَنَا بِبَغْدَاذ[١]
نوع المحسن البديعي: السجع، ويُقصد به توافُق أواخر الكلمات في فواصل الكلم[١٦]، والسّجع في المقامة البغدادية من أبرز المحسنات البديعية وضوحًا، ومن أمثلتها التّوافق بين الكلمتين الأزاذ وبغداذ في آخر كل جملة.
- الشاهد: لَيِسَ مَعْي عَقْدٌ عَلى نَقْدٍ[١]
نوع المحسن البديعي: الجناس الناقص، وهو تشابُه لفظين في النّطق واختلافهما في المعنى[١٦]، ويظهر في الشّاهد في الكلمتين: عقد ونقد، حيث اشتركت هذه الكلمات في الشّكل والحرف واختلفتا في المعنى بحرف واحد ولذلك؛ سُميّ الجناس هنا ناقصًا.
- الشاهد: هَلُمَّ إِلى البَيْتِ نُصِبْ غَدَاءً، أَوْ إِلَى السُّوقِ نَشْتَرِ شِواءً، وَالسُّوقُ أَقْرَبُ، وَطَعَامُهُ أَطْيَبُ[١]
نوع المحسن البديعي: حسن التعليل، ويُقصد به حُسن التّبرير وتبيان سبب حدث ما[١٧]، ويظهر في الشّاهد من خلال ذكر محاسن السوق، وتعليل سبب ترجيحه له.
- الشاهد: رَقِيقَ القِشْرِ، كَثِيفِ الحَشْو[١]
نوع المحسن البديعي: الموازنة، ويُقصد بها تساوي الفاصلتين في الوزن دون التقفية[١٨]، وهي في الكلمتين: القشر والحشو في الشاهد السابق.
من هو صاحب المقامة البغدادية
هو أبو الفضل أحمد بن الحسين بن يحيى بن سعيد المشهور ببديع الزمان الهمذاني، كاتب وأديب معروف ينتمي إلى أسرةٍ عربية ذات مكانة علميّة رفيعة استوطنت همذان، ووُلد بها بديع الزمان عام 969م فنُسب إليها، وكان يفتخرُ بأصلِه العربي دائمًا، وقد جمَع بين الثقافتين العربية والفارسية، وتعمَّق في كلتا الثقافتين فكان لغويًّا وأديبًا وشاعرًا وراويةَ حديثٍ، تنقَّل بين أصفهان وجرجان ونيسابور، ثمَّ حطَّ رحاله في مدينة هرات واستقرَّ بها إلى أن عاجلته المنيّة عام 1007م ، وهو دون الأربعين من عمره.[١٩]
حل أسئلة المقامة البغدادية
1. لم سميت المقامة البغدادية بهذا الاسم؟
سُميت المقامة البغداديّة بهذا الاسم؛ لأنّ أحداثها جرت في مدينة بغداد، حيث يقول عيسى بن هشام في نص المقامة: "اشْتَهَيْتُ الأَزَاذَ، وأَنَا بِبَغْدَاذَ".[١]
2. علل بدء المقامة بلفظ "حدثنا".
تبدأ المقامة الأدبيّة بلفظ (حدّثنا) لأنّها من أنواع السرد الحكائيّ الذي يرتكز على وجود راوٍ أساسيّ يقوم برواية وسرد أحداث قصة خياليّة.[٢٠]
3. ما هو الغرض من المقامة البغدادية؟
الغرض الأساسيّ من المقامة البغداديّة وسائر مقامات بديع الزمان الهمذانيّ ومقامات الحريري هو غرض تعليميّ؛ فالمقامة تضجّ بأنواع البديع وأساليب البيان، بالإضافة إلى النّظم الشعريّ الذي كان يتخلّله، بالإضافة إلى غرض نقد الأوضاع الاجتماعيّة والاقتصاديّة التي كانت سائدة آنذاك.[٢١]
4. يشير النص السابق إلى سلوك اجتماعي سلبيّ، حدّده مبيّنًا رأيك فيه.
تعدّ الكدية من أبرز ملامح المُجتمع في المقامة البغداديّة، وتدور المقامات بشكل أساسيّ حول موضوع الكدية أو التسول، وهو سلوك سلبيّ بارز في المجتمعات الإنسانيّة التي اختلّت فيها الأنظمة الاقتصاديّة وتباينت فيها الطبقات الاجتماعية، وتعدّ الكدية بحقّ ردّة فعل على الفقر السائد ومنفذًا غريزيًّا لأولئك الفقراء الذين ضاقت بهم سُبُل الرّزق.[٢٢]
5. ما النّقد الذي تُوجهه إلى شخصية كلّ من: عيسى بن هشام والسوادي؟
- شخصية عيسى بن هشام: تُمثّل هذه الشخصيّة فئة من المجتمع التي تسعى لتحقيق الذات وقضاء الحاجة بكلّ السّبل المُتاحة؛ إيجابية كانت أو سلبية، لذلك فإنّها شخصيّة مُحتالة ماكرة.[٥]
- شخصية السوادي: تُمثّل هذه الشخصية الطبقة البسيطة الكادحة في المجتمعات الإنسانيّة التي تسعى للحصول على قوت يومها بالكدّ والتعب، وقد تبذل المشقة في السفر والترحال والعمل في سبيل الحصول على الرزق البسيط وهي تزهد في الكثير من ملذات الحياة في سبيل ذلك، إلا أنّها لا تتطلّع للحصول على رزقها بطرق مُلتوية، لذلك فإنّ السوادي كما في المقامة يعدّ شخصية بسيطة سهلة الاستغلال من قِبل المُحتالين والماكرين.[٥]
6. بيّن مغزى البيتين الواردين في خاتمة المقامة.
تضمّنت المقامة بيتين من الشعر، أوجز فيهما الكاتب خلاصة مقامته والفكرة التي تتمحور حولها المقامة البغدادية، والتي تُبرز انتصار عيسى بن هشام ممّا دفعه للتغنّي بأسلوبه في كسب الرزق وتلبية الحاجة بكلّ الوسائل المُتاحة، وهذا دليل على انهيار قيميّ أخلاقيّ أصاب المجتمع، وعلى انتشار ثقافة سيّئة بين أوساطه تتقبّل مثل هذا السلوك.[٢٣]
المراجع[+]
- ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ض ط ظ "بديع الزمان الهمذاني المقامة البغدادية"، ويكي مصدر، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-16.
- ↑ "عرض كتاب المقامة لشوقي ضيف"، الألوكه، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-16.
- ↑ أحمد مقبل محمد المنصوري، المقامة البغدادية لبديع الزمان الهمذاني مقاربة قرائية من منظور ثقافي، صفحة 4. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث أحمد مقبل محمد المنصوري ، المقامة البغدادية لبديع الزمان الهمذاني مقاربة قرائية من منظور ثقافي، صفحة 5. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث أحمد مقبل محمد المنصوري، المقامة البغدادية لبديع الزمان الهمذاني مقاربة قرائية من منظور ثقافي، صفحة 6. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى الازاذ في معجم المعاني الجامع"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-16.
- ↑ "تعريف و معنى سوادي في معجم المعاني الجامع"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-16.
- ↑ "تعريف و معنى حمة في معجم المعاني الجامع"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-16.
- ↑ "تعريف و معنى القرم في معجم المعاني الجامع "، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-16.
- ↑ "تعريف و معنى اللوزينج في معجم المعاني الجامع"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-16.
- ↑ "تعريف و معنى جرد في معجم المعاني الجامع"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-16.
- ↑ "تعريف و معنى يشعشع في معجم المعاني الجامع"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-16.
- ↑ "تعريف و معنى يقمع في معجم المعاني الجامع"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-16.
- ↑ "تعريف و معنى الصارة في معجم المعاني الجامع"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-16.
- ↑ "تعريف و معنى يفثأ في معجم المعاني الجامع"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-16.
- ^ أ ب "المحسنات اللفظية: الجناس وأمثلة عليه"، الالوكه، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-17. بتصرّف.
- ↑ "حسن التعليل"، ويكيبيديا، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-17. بتصرّف.
- ↑ "في المحسنات اللفظية"، هنداوي، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-17.
- ↑ "بديع الزمان الهمذاني"، معرفة، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-18.
- ↑ محمد هادي مرادي، فن المقامات النشأة والتطور دراسة وتحليل، صفحة 121. بتصرّف.
- ↑ "مقامة"، ويكيبيديا، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-17. بتصرّف.
- ↑ "تسول"، ويكيبيديا، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-17. بتصرّف.
- ↑ أحمد مقبل محمد المنصوري، المقامة البغدادية لبديع الزملن الهمذاني مقاربة قرائية من منظور ثقافي، صفحة 8. بتصرّف.