أصعب الأبيات الشعرية

أصعب الأبيات الشعرية
أصعب الأبيات الشعرية

الغرابة في الشعر العربي

إنّ المقصود بالغرابة في الشعر العربي الإتيان بغريب الألفاظ والتركيبات في البيت الشعري الواحد، بحيث تكون مُلبِسة ومبهمة، أي أنّه الشعر الذي تكون ألفاظه ومعانيه بعيدة عن الكلام وغامضة وعصيّة على الفَهم، وقال الخطابي في هذا الباب "الغريب من الكلام إنما هو الغامض البعيد عن الفهم، كالغريب من الناس" وعلى مر التاريخ العربي ظهرت قصائد غريبة بدت مثل المشفرة أو كأن فيها لغز، ولم تقتصر ظاهرة الغرابة على الشعر العربيّ فقط، إنما وُجدت في جُل ما وصل من الأثر من حديث وخطب وأمثال وغيرها، والشعر العربي كان له نصيبه من هذه الظاهرة، وبالعودة إلى المعنى اللغوي نجد أن كلمة غرابة مشتقة من مادة غرب، أي البعد، فيقال شخص غريب أي بعيد عن وطنه.[١]

أصعب الأبيات الشعرية

إنّ القارئ ليمرّ في قراءته ببعض الأبيات الشعرية التي لا يفقه من معناها شيئًا، بل يقف عاجزًا لا يعرف من أين يبدأ شرحَها، وانتشر بين الناس الكثير من الأبيات التي لا صحة في نسبتها إلى قائلها، حتى أن معانيها غير موجودة في المعجم، فتكون هذه الأبيات قد قيلت للنظم والتّحدي فقط مع خلوّها من المعنى، وسيُعرض فيما يأتي أشهر الأبيات الشعرية العربية الصحيحة التي استوقفت القارئ وكانت غامضة عصيّة على فهمه.

أَلَمٌ أَلَمَّ أَلَمْ أُلِمَّ بِدَائِهِ
إِنْ آنَ آنٌ آنَ آنُ أَوَانِهِ

ويقصد المتنبي بقوله السابق على لسانه: أحاط بي ألمٌ لم أعهده من قبل، فإن جاء وقتُ شفائه من الله فقد آن ذلك له، ويُعدّ هذا البيت من أكثر الأبيات شيوعًا من حيث انتشاره بين الناس، كأنه أحجية لا يستطيع حلّها إلا القلة.

  • قال أبو الطيب المتنبي أيضًا مخاطبًا عضد الدولة متحديًا الشعراء في المجلس:[٣]
عِشِ اِبقَ اِسمُ سُد قُد جُد مُرِ اِنهَ رِفِ اِسرِ نَل
غِظِ اِرمِ صِبِ اِحمِ اِغزُ اِسبِ رُع زَع دِلِ اِثنِ نُل


وقد استخدم المتنبي أفعال الأمر، ومعاني الأفعال الواردة كالآتي: عِش: فعل أمر من العيش، وابق: فعل أمر مشتق من البقاء، واسم: المقصود بها العلوّ، وسد: أي كن سيدًا، وقُد: فعل أمر يشير إلى قائد الخيل، ومر: من الأمر أيْ أعطِ الأوامر، وانْهَ: فعل أمر والمقصود به النهي، ورِ: من الورى، وهو داء في الجوف أي أصب رئات أعدائك وأوجعهم، وفِ: فعل أمر من الوفاء، واسْرِ: بمعنى سر إلى أعدائك بجيوشك لتسأصلهم، ونلْ: أي نل ما تريد من أعدائك، وعِظْ: فعل أمر مشتق من الغيظ والمقصود هنا إغاظة الحساد، وارمِ: من الرماية والمقصود ارمِ بسهمك مَن يبغضك، وصِب: من الإصابة أي اجعل سهمك يصيب الهدف، احمِ: فعل أمر من الحماية، واغزُ: أي اغزُ أعدائك، واسبِ: من السباية أي خذ نساءهم سبايا، ورع: من الروع أي أخف أعداءك وأفزعهم، وزع: من وزعه أي بمعنى كف أعداءك، ودِ: مشتقة من الدية بمعنى احمل الدية عمن تجب عليه، وَلِّ: من الولاية فولي من تريد على البلدان، واثنِ: بمعى الرد أي رد الأعداء عن مطامعهم، ونل: من النوال بمعنى أعطِ مثل السحاب من فضلك وكرمك. فالمتنبي هنا يوجه كلامه لعضد الدولة بأسلوب الأمر، وليس المقصود الأمر بل المقصود الحثّ على فعل المكارم، فكل المعاني التي أراد إيصالها المتنبي هي المعاني التي تغنّى بها العرب وعدَّها من الفروسيّة.

المراجع[+]

  1. "الغريب في اللغة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-11. بتصرّف.
  2. "أبو الطيب المتنبي"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-11. بتصرّف.
  3. "عش ابق اسم سد قد جد مر انه رف اسر نل"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-11. بتصرّف.