من هو البحتري

من هو البحتري


من-هو-البحتري/

معلومات عن البحتري

نسب البحتري وولادته

الشاعر البحتري هو أَبو عُبادة الوليد بن عبيد بن يحيى بن عُبيد الطَّائيّ البُحتُري المَنبِجِي، والبحتري من شعراء العصر العباسي الذين لقوا شهرة واسعة في فترة الخلافة العباسية، وهو طائي قحطاني، وتعود أصول البحتري إلى بلاد الشام؛ فقد وُلد في منبج، وعاش فيها ثم رحل إلى بغداد،[١][٢] وكان يُكنّى بأبي عبادة، وقد اختلفت حول سنة ولادته؛ فقيل إنها ولد سنة 204هـ، وقيل 205هـ، والذي عليه أكثر وأرجح الروايات أنّه ولد عام 206هـ.[٣]

ما سبب تسمية البحتري بهذا الاسم؟

وردت روايات عدّة في سبب تسمية البحتري؛ فمنها ما ذكر أنّه سُمي بذلك لقصر قامته، وهو قول ضعيف، وأشهر الروايات وأرجحها أنّه سُمي بالبحتري نسبةً إلى عشيرته الطّائية بُحتر.[٤][٥]

صفات البحتري

وردت أخبار كثيرة في ذكر صفات البحتري، منها ما تأكّد أنّه من صفاته الشخصية والشعرية، ومنها صفات ردّ عليه الباحثون وناقشوها، وفيما يأتي ذكرها:[٥][٣]

  • البداوة وخشونة الطبع: ذكرت الأخبار أنّ هيئة البحتري وشخصيته كان يُلمس فيها تأثره بالبداوة؛ لخشونة طبعه، وقيل في ملامحه أنّه كان أسمرًا طويل اللحية، مائلًا للنحافة والقصر.
  • البلاغة والفصاحة في لغته وشعره: حيث قال فيه أبو العلاء المعري إنّه أحد أبرز وأعظم ثلاثة شعراء في زمانه، وهم: أبو تمام والمتنبي والبحتري،[٢]وقيل عنه إنّه أشعر الشعراء بعد أبي نواس.
  • صاحب نفس مرحة: عكست أشعار البحتري طبيعته المرحة؛ إذ لم يكن في أشعاره ما يبعث على الكآبة.
  • الوفاء لأهل الفضل والاعتراف بفضلهم: وقد ظهر ذلك في شخصية البحتري من خلال اعترافه بفضل أبي تمام عليه، وأنّه من شجّعه وقرّبه من بساط الخلفاء لينظم الشعر في حضرتهم.
  • قيل إنّه كان وسخ الثياب: ذكرت بعض الأقوال أنّ البحتري كان متّسخ الثياب، وقد رفض كثيرٌ من العلماء هذا الوصف؛ لأنّ البحتري كان يدخل كثيرًا على الخلفاء ويجالسهم بما فيهم الخليفة المتوكل، ولا يمكن أن يقبل الخلفاء في مجلسهم من كان بهذه الهيئة.
  • قيل إنّه كان شديد البخل: وهي من الصفات التي نُقلت عن البحتري، ورد عليها بعض المختصين بأنّ البحتري لو كان بخلًا، لما سلم من انتقاد وهجاء شعراء عصره.
  • قيل إنّه كان كثير المدح للخلفاء طلبًا للمال: ذم البعض البحتري لكثرة مدحه للخلفاء كالخليفة المتوكل ووزيره الفتح بن خاقان، وردّ بعض العلماء على ذلك؛ بأنّ نظم الشعر مدحًا للخلفاء كان أمرًا منتشرًا، ولم يكن البحتري وحده من يكثر من مدح الخلفاء، بل كان كثيرٌ من شعراء عصره يمدحون الخلفاء كذلك في شعرهم.


البحتري الشاعر

كيف اشتهر شعر البحتري؟

ورد في أخبار البحتري أنّه تنقل بين الشام وبغداد كثيرًا، حتى بلغ درجةً عظيمة في الفصاحة والبيان، وكان يعتمد على مشاهداته وتنقلاته ويستلهم منها، ويصوغها شعرًا عذبًا يسحر العقول، وقد أعدّه أبو تمام إعدادًا تامًا ليكون أمير الشعراء من بعده، ووردت أخبار كثيرة عن اهتمام أبي تمام بالشاعر البحتري، وممّا ساعد في ذلك امتلاك البحتري للخصائص التي تؤهله لهذه المكانة الرفيعة التي تحلّى بها، وهو ما جعله يتفوق على الكثير من الشعراء في عصره مثل: دعبل الخزاعي، وابن الرومي، وعلي بن الجهم، وينال المرتبة الأولى، ويحظى بلقب شاعر الخليفة المتوكل.[٦][٧]

خصائص شعر البحتري

تميّز شعر البحتري بخصائص فريدة؛ لذا سمّيت أشعاره سلاسل الذهب، ومن أبرز خصائص شعر البحتري:[٦][٥]

  • الدقة في الوصف: تميّز الوصف في شعر البحتري بالدقة والوضوح، فقد كان يستلهم من مشاهداته وتنقلاته، ويعيد صياغة ما رآه شعرًا بديعًا، بأسلوبه المميز ولغته الرشيقة وتعابيره المنمقة، فيجعل السامع يشعر وكأنّه يرى المشهد أمامه حقيقةً.
  • قوة الإحساس: تميّز البحتري في شعره بإحساس قوي مميز، وهذا ما ساعده في التعبير عن كل ما يريده، ومدح الخلفاء بأكثر ما يحبونه، وهذا الإحساس القوي هو الذي ساعده على معرفة أهواء كل خليفة وميوله واستغلالها في مدحها وتصويرها بأبهى حلة.
  • رشاقة اللفظ: ممّا جعل أشعار البحتري مرغوبةً ومطلوبةً في كل محفل، وكل مقام هو اللفظ الرشيق السهل، فقد كان ينتقي ألفاظه بعناية، ويجعلها ذات وقع لطيف على السمع، سهل في اللفظ يتناسب مع طبيعة الخلفاء في العصر العباسي وما فيه من ترف ونعم.
  • حلاوة الجرس: كان البحتري يهتم اهتمامًا بالغًا بالجرس الموسيقي لقصائده، فلم يهتم فقط بالموسيقى الخارجية، بل أولى اهتمامًا للموسيقى الداخلية في القصيدة، منوعًا بين الصور البلاغية والمحسنات اللفظية والمعنوية التي تُغني الإيقاع وتلفت الأنظار.

الأغراض الشعرية في شعر البحتري

رغم أنّ البحتري عُرف عنه الإكثار من المدح في شعره، إلا أنّ شعره لم يقتصر على المدح، بل تعددت أغراض الشعر عند البحتري، ومن ذلك:[٨][٥]

  • المدح: هو أكثر شعر البحتري -كما قيل-، وذلك لأنّه كان قريبًا من الخلفاء ويُكثر التردد عليهم خاصة المتوكل.
  • الرثاء: نظم البحتري بعض القصائد في الرثاء، وكانت مراثيه في معظمها لمن مدحهم من قبل، واعتبر ذلك من باب الوفاء لهم، وقد ذكر الأصفهاني أنّ أجود مراثي البحتري مرثيته في محمد بن يوسف الثغري.
  • الهجاء: للبحتري شعر قليل مذكور في ديوانه، إلا أنّ الأخبار عن البحتري تؤكد أنه نظم كثيرًا من الهجاء، لكنه طلب من ابنه قبل موته أن يحرق أشعار الهجاء التي كتبها، ولم يتبقّ منها إلا ما ورد في ديوانه.
  • الغزل: تمثّل الغزل في شعر البحتري بالمقدمات لقصائد المديح التي كان ينظمها، وبالغزل للمحبوبة في بعض المقاطع القصيرة، وهي يسيرة قليلة في شعره، وكانت غزلًا بعلوة بنت زريق التي أحبها وذكرها في قصائده،[٣] واتّسمت برقة ألفاظها.
  • الوصف: الوصف هو من الأغراض الشعرية التي أبدع فيها البحتري أيّما إبداع، فقد سار على هدي أبي تمام في هذا الغرض، وكان قد اتّسم بابتعاده عن التكلف والصنعة، واسترساله في الوصف، فقد وصف الطبيعة ومعارك العباسيين والأنهار والربيع، وكانت أغلب أوصافه تكون مضمنة في قصائد المدح.


مؤلفات البحتري

نال البحتري شهرةً كبيرةً بسبب أشعاره التي نظمها، وطريقته المميزة في نظم الشعر وتنميقه، وقد ترك آثارًا أدبية تحفظ ذكره واسمه، فكان للبحتري أكثر من كتاب يحفظ اسمه ومكانته الأدبية والشعرية إلى يوم الناس هذا، ومن مؤلفات البحتري:[٩]

  • ديوان البحتري: وقد جمعه أبو بكر الصولي ورتبه وفق حروف الهجاء.[٩]
  • حماسة البحتري: وقد جعله على نمط كتاب لأبي تمام اسمه الحماسة أيضًا، وقصد فيه أن يعارض أبي تمام في كتابه، وجمع في الكتاب مختارات من أشعار العرب تشمل أكثر المعاني الشعرية في أشعار المتقدمين، وجعل الكتاب في مئة وأربعة وسبعين بابًا، وقسّمه حسب المعاني الشعرية، وفي كل معنًى ذكر أمثلة وشواهد شعرية لعدد من الشعراء.
  • كتاب معاني الشعر: ولم يصلنا من كتاب البحتري هذا سوى اسمه فقط.


وفاة البحتري

تعددت الروايات في تاريخ وفاة البحتري؛ فقيل إنّه توفي عام 286 هـ، ورجحت كثير من الأقوال أنّ وفاة البحتري كانت عام 284هـ، وكانت وفاته في بلده منبج ودُفن فيها، وكان عمر البحتري عند وفاته يُقارب الثمانين عامًا.[٣]


أشهر قصائد البحتري

إنّ للبحتري عددًا كبيرًا من القصائد المجموعة في ديوانه، وفيما يأتي ذكرٌ لعدد من هذه أشهر قصائد البحتري وبعض أبياتها.

قصيدة صنت نفسي عما يُدنس نفسي

قال البحتري في وصف إيوان كسرى:[١٠]

صُنتُ نَفسي عَمّا يُدَنِّسُ نَفسي

وَتَرَفَّعتُ عَن جَدا كُلِّ جِبسِ

وَتَماسَكتُ حينَ زَعزَعَني الدَه

رُ التِماسًا مِنهُ لِتَعسي وَنَكسي

بُلَغٌ مِن صُبابَةِ العَيشِ عِندي

طَفَّفَتها الأَيّامُ تَطفيفَ بَخسِ

وَبَعيدٌ ما بَينَ وارِدِ رِفَهٍ

عَلَلٍ شُربُهُ وَوارِدِ خِمسِ

وَكَأَنَّ الزَمانَ أَصبَحَ مَحمو

لًا هَواهُ مَعَ الأَخَسِّ الأَخَسِّ

وَاِشتِرائي العِراقَ خُطَّةُ غَبنٍ

بَعدَ بَيعي الشَآمَ بَيعَةَ وَكس

قصيدة مدح أبي سعيد محمد بن يوسف الثغري

قال البحتري في مدح محمد بن يوسف الثغري:[١١]

زَعَمَ الغُرابُ مُنَبِّئُ الأَنباءِ

أَنَّ الأَحِبَّةَ آذَنوا بِتَناءِ

فَاِثلِج بِبَردِ الدَمعِ صَدرًا واغِرًا

وَجَوانِحًا مَسجورَةَ الرَمضاءِ

لا تَأمُرَنّي بِالعَزاءِ وَقَد تَرى

أَثَرَ الخَليطِ وَلاتَ حينَ عَزاءِ

قَصَرَ الفِراقُ عَنِ السُلُوِّ عَزيمَتي

وَأَطالَ في تِلكَ الرُسومِ بُكائي

زِدني اِشتِياقًا بِالمُدامِ وَغَنِّني

أَعزِز عَلَيَّ بِفُرقَةِ القُرَناءِ

فَلَعَلَّني أَلقى الرَدى فَيُريحُني

عَمّا قَليلٍ مِن جَوى البُرَحاءِ

أَخَذَت ظُهورُ الصالِحِيَّةِ زينَةً

عَجَبًا مِنَ الصَفراءِ وَالحَمراءِ

نَسَجَ الرَبيعُ لِرَبعِها ديباجَةً

مِن جَوهَرِ الأَنوارِ بِالأَنواءِ


آراء النقاد في البحتري

اهتم النقاد العامة والخاصة بشعر البحتري، لا سيما في الوقت الذي كانت فيه بغداد ملتقى كبار الشعراء وأبرزهم، ومن أبرز هذه الآراء النقدية عن البحتري وشعره:[١]

  • الحفاظ على الموروث: اهتم النقاد بالبحتري، وفضّلوه على الشعراء المجددين؛ بسبب حفاظه على الموروث الشعري والصياغة الموروثة عن القدماء، فكان شاعرًا مطبوعًا، التزم بمنهج القصيد وعمود الشعر.
  • الإغارة على أبي تمام: ذكر الباقلاني صاحب كتاب إعجاز القرآن أنّ البحتري كان في كثير من أشعاره ما يُغير على معاني أبي تمام، وأنه كان يأخذها أخذًا صريحًا تارة، ويشير إليها تارة أخرى، وهو أمر لم ينكره البحتري، بل كان يستأنس بهذه الإغارة.
  • تجنب التعقيد: يقول الآمدي عن البحتري إنّه كان يبتعد عن التعقيد في شعره، ويرفض الغريب والمتكلف من الألفاظ، ويستخدم اللفظ الرشيق منه والواضح في معنا، وقد ابتعد عن التكلّف في الشعر.[١٢]


من أبرز ما كتب عن البحتري 

كثيرة هي الكتب التي تحدّثت عن الأدب في العصر العباسي، ودرسته شعرًا ونثرًا، أما الكتب التي درست شعر البحتري على وجه الخصوص فهي كثيرة أيضًا، ومنها:

  • الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري: كتبه الآمدي، ووازن فيه بين شعر أبي تمام والبحتري، وذكر الإيجابيات لكل منهما، ثم ذكر المساوئ، وبعدها عرض السرقات الشعرية المحتملة، ويُلحظ من الكتاب ميل الآمدي إلى البحتري أكثر من أبي تمام.[١٢]
  • أخبار البحتري: لمحمد بن يحيى أبي بكر الصولي، وهو كتاب خصّصه الصولي لعرض أخبار البحتري وسردها من خلال ما سمعه عنه من أهله وأقاربه ومعارفه، ويُعد مرجعًا لكثير من الدارسين المهتمين بمعرفة تفاصيل حياة البحتري.[١٣]
  • في التذوق الجمالي لسينية البحتري: كتبه محمد علي، وفيه دراسة نقدية شاملة لسينية البحتري المشهورة، ويُقصد بها تلك القصيدة التي كتبها في وصف إيوان كسرى، وقد دُرست القصيدة في هذا الكتاب دراسة جمالية تفصيلية.[١٤]

المراجع[+]

  1. ^ أ ب عبداللطيف عمران (2003)، أبحاث في الشعر العربي في العصر العباسي (الطبعة 1)، دمشق:مطبعة المحبة، صفحة 329. بتصرّف.
  2. ^ أ ب الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 486-487. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث عقيل الطيب عبد الرحمن محمد، أثر الإسلام في شعر البحتري، صفحة 20-31. بتصرّف.
  4. أحمد الهاشمي (1978)، جواهر الأدب (الطبعة 27)، بيروت:درا الكتب العلمية، صفحة 450.
  5. ^ أ ب ت ث شيماء محمود خميس، خاقانيات البحتري، صفحة 81-90. بتصرّف.
  6. ^ أ ب أديبة فارس، الرثاء بين أبي تمام والبحتري والمتنبي، صفحة 7. بتصرّف.
  7. الصولي، أخبار البحتري، صفحة 5-7. بتصرّف.
  8. عبداللطيف عمران (2003)، أبحاث في الشعر العربي في العصر العباسي (الطبعة 1)، دمشق:مطبعة المحبة، صفحة 340. بتصرّف.
  9. ^ أ ب يوسف الشيخ محمد، ديوان البحتري، صفحة 6. بتصرّف.
  10. "صنت نفسي عما يدنس نفسي"، الديوان. بتصرّف.
  11. "زَعَمَ الغُرابُ مُنَبِّئُ الأَنباءِ"، الديوان. بتصرّف.
  12. ^ أ ب الآمدي، الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري، صفحة 11-12. بتصرّف.
  13. أبو بكر الصولي، أخبار البحتري، صفحة 3. بتصرّف.
  14. محمد علي، في التذوق الجمالي لسينية البحتري، صفحة 4. بتصرّف.

brief ملخص المقال

البحتري هو أبو عبادة الوليد بن عبيد الطائي، وُلد في منبج، وهو أحد شعراء العصر العباسي، وتميز شعره بالدقة في الوصف، قوة الإحساس، ورشاقة اللفظ، وتعددت الأغراض الشعرية التي كتبها، كالمدح، الرثاء، الهجاء، الغزل، والوصف، ومن مؤلفاته: "ديوان البحتري" و"حماسة البحتري"، وتوفي البحتري عام 284هـ في منبج، ونال شعره اهتمام النقاد، واعتُبر من أبرز الشعراء في زمانه.

brief

faqأسئلة شائعة

  • أشهر وأرجح الأقوال في سبب تسمية البحتري بهذا الاسم؛ أنّه نسبةٌ إلى بُحتر عشيرته الطائية.

  • وُلد البحتري في منبج، وهي منطقةٌ تابعةٌ لمدينة حلب.

  • امتاز شعر البحتري بمحافظته على القصيدة العامودية ووزنها، وصياغة الشعر بلغةٍ وألفاظ رشيقة، وبجرس موسيقي، مع حضور لقوة الإحساس ودقة الوصف، ببلغةٍ سلسة واضحة بعيدة عن التكلّف.