ما هو صيام التطوع

ما هو صيام التطوع
ما-هو-صيام-التطوع/

ما هو صيام التطوع؟

يعرف صيام التطوع بأنّه كل صيام يؤديه المسلم من غير الفريضة، فلا يكون هذا الصيام من رمضان ولا عننذر أو كفارة، وحكمه ليس واجب وإنما هو مستحب.[١]


ما هي أفضل الصيام في صوم التطوع؟

إن أفضل الصيام في صوم التطوع هو صيام يوم وإفطار يوم، على ألّا يكون بهذا الصيام إضعاف للبدن الذي قد يؤدي بصاحبه إلى العجز عن القيام بحقوق الله اللازمة على عباده، ومما يدل على أفضلية هذا الصيام ما جاء عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من أدلة، وهي ما يأتي:[٢]


  • قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: "أحبُّ الصِّيامِ إلى اللَّهِ عزَّ وجلَّ صيامُ داودَ علَيهِ السَّلامُ، كانَ يَصومُ يومًا ويُفطِرُ يومًا، وأحبُّ الصَّلاةِ إلى اللَّهِ عزَّ وجلَّ صلاةُ داودَ علَيهِ السَّلامُ، كانَ يَنامُ نصفَ اللَّيلِ، ويقومُ ثلُثَهُ، ويَنامُ سُدُسَهُ".[٣]
  • قول النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لعبد الله بن عمرو: "فَصُمْ يَوْمًا وأَفْطِرْ يَوْمًا، فَذلكَ صِيَامُ دَاوُدَ عليه السَّلَامُ، وهو أفْضَلُ الصِّيَامِ، فَقُلتُ: إنِّي أُطِيقُ أفْضَلَ مِن ذلكَ، فَقَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ لا أفْضَلَ مِن ذلكَ".[٤]


أمثلة على صيام التطوع

ومن صيام التطوع الذي اتفق العلماء على فضله:


صوم عاشوراء وتاسوعاء

لا خلاف بين الفقهاء في سنية صوم أيام عاشوراء وتاسوعاء لما جاء عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إنه قال: "وصيامُ يومِ عاشوراءَ إنِّي أحتسِبُ على اللهِ أنْ يُكفِّرَ السَّنةَ الَّتي قبْلَه"،[٥] ولما سمعه معاوية -رضي الله عنه- عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- إنّه قال: "هذا يومٌ لَمْ يُكتَبْ عليكم صيامُه وأنا صائمٌ فمَن شاء أنْ يصومَ فلْيصُمْ ومَن شاء أنْ يُفطِرَ فلْيُفطِرْ"،[٦] وكان صيام عاشوراء فرضًا في الإسلام إلى أن نُّسخت فرضيته بصيامشهر رمضان فأصبح المسلم مُخيّر في صيامه وهو ما قال به الأصوليون،[٧] وصيام عاشوراء يكفر ذنوب سنة ماضية، والمقصود بالذنوب هنا هي صغائر الذنوب، وإن لم يكن للصائم ذنوب كتب الله له بهذا الصيام أجرًا ورُفع في درجاته.[٨]


وقال الحنفية بكراهة صيام يوم عاشوراء من غير أن يُسبق بيوم قبله أو بعده، أما المالكية والحنابلة، فقالوا بعدم كراهية إفراد عاشوراء بالصيام، واتفق الحنفية معالشافعية على صيام اليوم الحادي عشر في حال لم يصم التاسع، والحكمة من استحباب الصيام في هذا اليوم هو مخالفة اليهود في صيامهم الذي يقتصر على صيام عاشوراء، ولأن المقصود من ذلك أيضًا هو وصل يوم عاشوراء بصوم قياسًا على النهي الذي جاء عن صيام يوم الجمعة لوحده، ومن باب الاحتياط ليكون صيام عاشوراء صحيحًا، فلو كان خطأ في الرؤية فيكون التاسع هو العاشر في حال هذا الخطأ.[٨]


صوم يوم عرفة

اتفق الفقهاء على أن حكم صيام اليوم التاسع من ذي الحجة وهو يوم عرفة لغير الحاج مستحب؛ وفي صيامه الفضل الكبير فهو يكفر ما قبله بسننة وما بعده بسنة حيث جاء عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- إنه قال: "صيامُ يومِ عرفةَ إنِّي أحتسِبُ على اللهِ أنْ يُكفِّرَ السَّنةَ الَّتي قبْلَه والسَّنةَ الَّتي بعدَه"،[٥][٨] وقال الشربيني من الشافعية بأنّه أفضل الأيام لأنّ الله يعتق به رقاب عباده من النار، وأمّا صيام عرفة للحاج؛ فقد ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعيةوالحنابلة إلى أنّه غير مستحب، حتى وإن كان قادرًا عليه، وقال المالكية والحنابلة بأن صيامه مكروه، ويرى الشافعية أن صيامه فيه مخالفة للأَولى، ويرى الحنفية بأنه يستحب للحاج أن يصوم عرفة كغيره من الناس، إلا إذا كان صيامه يؤدي إلى ضعفه وبالتالي يحصل إخلال في وقفته بعرفة.[٩]


صوم ستة أيام من شوال

ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة، والمتأخرين من الحنفية إلى سُنّية صوم ستة أيام من شهر شوال بعد صيام رمضان، واستدلوا على ذلك بما جاء عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- حيث قال: "مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ"،[١٠] وقوله صلّى الله عليه وسلّم: "صيامُ شهرِ رمضانَ بعشْرةِ أشْهُرٍ ، وصيامُ سِتَّةِ أيامٍ بشَهرينِ ، فذلِك صيامُ السنةِ"،[١١] والمقصود من بيان الأجر الكبير فالحسنة بعشر أمثالها، والشهر بعشرة أشهر، وصيام الأيام الستة بستين يومًا فيكون جميعها سنة كاملة.[١٢]


وذهب أبو حنيفة إلى كراهة صوم ستة من شوال، سواءً كان صيامها بالتتابع أو كانت متفرقًا، وأما أبو يوسف فقال بكراهة الصيام متتابعًا وجوازه متفرقًا، إلا أن بقية المتأخرين من الحنفية لم يوافقوه في ذلك، وقال المالكية بكراهة صيامها لمن كان قدوة للناس، أو من كان يخشى عليه أن يعتقد بوجوبها إن كانت متصلة بشهر رمضان، أو من كان يعتقد بأن اتصالها بشهر رمضان هو سنة، فإن لم توجد هذه الموانع الثلاثة يكون صيامها مستحبًا.[١٣]


وأشار الشافعية والحنابلة إلى أن الفضيلة لا تحصل بصيام ستة أيام في غير شوال، فيذهب هذا الفضل بذهاب شهر شوال، كما قال الشافعية بأن صيامها مستحب على الإطلاق، أي لمن صام رمضان أو لم يصمه بسبب مانع لديه، وأما الحنابلة فقالوا بعدم استحباب الصيام لمن لم يصم شهر رمضان.[١٤]


وأما وقتها فقد ذهب الشافعية وبعض الحنابلة إلى أن الأفضل هو عدم تأخيرها وصيامها متتابعة بعد العيد؛ خشيةً من الآفات التي قد تحصل بسبب التأخير، وذهب الحنابلة إلى عدم التفريق في الأفضلية، وقال الحنفية باستحباب صيام الأيام الستة متفرقة، أي كل أسبوع يومان، وقال المالكية بكراهة صيام الأيام متصلة برمضان ومتتابعة، كما قالوا بحصول الفضيلة بصيام ستة أيام في غير شوال، وإنما كان تخصيص صيامها بشوال للتخفيف على المكلّف لأنّه اعتاد الصيام.[١٤]


فضل صيام التطوع

كيف رغب الإسلام في صيام التطوع؟

يعد صوم التطوع قربة عظيمة من الله تعالى، وسُنّة عن نبيه -صلّى الله عليه وسلّم- وجاء في فضل الصيام العديد من الأحاديث منها ما رواه أبو أمامة عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إنه قال: "عليكَ بالصومِ فإنَّهُ لا مِثْلَ لهُ"،[١٥] ومن فضل صيام التطوع عموم الأحاديث التي وردت في فضل الصيام حيث روى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- عن ربه فقال: "كلُّ عمَلِ ابنِ آدمَ له إلا الصيامَ فهو لِي وأنا أجزِي بِهِ إنَّمَا يتْرُكُ طعامَهَ وشَرَابَهُ مِن أجْلِي فصيامُهُ لَه وأنا أجزِي بِه كلُّ حسنةٍ بعشرِ أمثالِهَا إلى سبعمائِةِ ضعفٍ إلا الصيامَ فهو لِي وأنا أجزِي بِهِ"،[١٦] كما بيّن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- الفضل لأيام مخصوصة في صوم التطوع وقد أُسلف شيئًا منها، وسيأتي بيان فضل باقي هذه الأيام.[١٧]


مسائل في صيام التطوع

هل تجب النية من الليل في صيام التطوع؟

لا تجب النية من الليل في صيام التطوع، ويجوز أن تكون النية من النهار، وهذا ما دلّ عليه فعل النبي -صلّى الله عليه وسلّم- حيث كان ينوي لصيام التطوع من النهار.[١٨]


هل يصح عقد صيام التطوع بدون نية من الليل؟

يجوز صيام التطوع ويكون صحيحًا، بدون عقد النية من الليل، حيث كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إن لم يجد طعامًا في نهاره ينوي الصيام.[١٩]


هل يجوز الإفطار في نهار صيام التطوع؟

يجوز لمن صام تطوعًا أن يفطر في نهار صيامه في أي وقت منه شاء، وخاصةً إذا دعته حاجة إلى ذلك.[٢٠]


ما هي الأيام التي يحرم صيامها لمن يصوم متطوعًا؟

يحرم على المتطوع أن يصوم اليوم الأول من شهر شوال، وهو يوم عيد الفطر، كما يحرم عليه صيام اليوم العاشر من ذي الحجة وهو يوم عيد الأضحى، وكذلك أيام التشريق الثلاثة التي تتبعه.[٢١]


من نوى الإفطار خلال صيام التطوع: فهل يفطر بذلك؟

إن الأصل بقاء الشيء على ماكان، فما دامت النية مترددة ولم يفطر الصائم تطوعًا، فهو لا يفطر بنيته، ويبقى صيامه صحيحًا ولا يلزمه القضاء، فكما أُسلف سابقًا أن نية الصيام في التطوع تصح من النهار، فلا يضر التردد بها.[٢٢]


من صام متطوعًا يومًا يوافق عيدًا لغير المسلمين

لا شك أن صيام التطوع جائز في جميع الأيام ما عدا الأيام التي ذُكر تحريمها، والنصوص الشرعية كانت عامة في جواز الصيام، فمن صام يومًا يوافق به عيدًا لغير المسلمين؛ فلا شيء عليه، وصيامه صحيح، إلا إذا كان قاصدًا في صيامه أن يتعمد هذا العيد فحكم صيامه عندها مكروه.[٢٣]


هل تصح ازدواجية النية بين صيام التطوع والفرض؟

لا يصح جمع نية الصيام في التطوع مع نية صيام الفرض؛ لأن كلاهما عبادة مستقلة عن الأخرى، وهذا ما يُعرف بمسألة تشريك النية.[٢٤]


هل ما يبطل صيام التطوع يبطل صيام الفريضة؟ لمعرفة ذلك قم بالاطلاع على هذا المقال: مبطلات صيام التطوع

المراجع[+]

  1. ابن باز، فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر، صفحة 412. بتصرّف.
  2. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 89. بتصرّف.
  3. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:2343، حديث صحيح.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:1976، حديث صحيح.
  5. ^ أ ب رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي قتادة، الصفحة أو الرقم:3632، أخرجه في صحيحه.
  6. رواه الطبراني، في المعجم الأوسط، عن معاوية بن أبي سفيان، الصفحة أو الرقم: 169، لم يرو هذا الحديث عن هشام بن عروة إلا أبو المطرف تفرد به بشر بن معاذ.
  7. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 89. بتصرّف.
  8. ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 90. بتصرّف.
  9. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 91. بتصرّف.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي أيوب الأنصاري، الصفحة أو الرقم:1164، حديث صحيح.
  11. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الصفحة أو الرقم:1007، حديث صحيح.
  12. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 92. بتصرّف.
  13. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 92. بتصرّف.
  14. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 93. بتصرّف.
  15. رواه الألباني، في تصحيح العقائد، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم:99، إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين.
  16. رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:239، حديث صحيح.
  17. ابن باز، فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر، صفحة 410. بتصرّف.
  18. أحمد حطيبة، شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان، صفحة 5. بتصرّف.
  19. مصطفى العدوي، سلسلة التفسير لمصطفى العدوي، صفحة 15. بتصرّف.
  20. ابن باز، فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر، صفحة 476. بتصرّف.
  21. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 18373. بتصرّف.
  22. ابن جبرين، شرح عمدة الأحكام لابن جبرين، صفحة 27. بتصرّف.
  23. "لا حرج في صيام يوم معين وإن صادف عيداً لغير المسلمين"، دار الإفتاء، اطّلع عليه بتاريخ 24-2-2021. بتصرّف.
  24. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 17773. بتصرّف.