محتويات
من هو النمرود؟
تعدّدت أقوال المؤرّخين في اسم النمرود بن كنعان، فقال بعضهم هو النمروذ بالذال، وقيل النمرود بالدال،[١] وقال الطبريّ هو نمرود بن كوش بن كنعان بن حام بن نوح،[٢] بينما ذكر ابن كثير أقوالًا فيه، على النحو الآتي:[٣]
- قيل إنّه النمرود بن كنعان بن كوش بن سام بن نوح.
- قيل هو نمرود بن فالح بن عابر بن صالح بن أرفخشد بن سام بن نوح.
ما هي قصة النمرود مع إبراهيم عليه السلام؟
كان النمرود ملكًا ظالمًا متجبّرًا مُدّعٍ للألوهيّة، فناظره إبراهيم -عليه السلام- وحاججه، كما جاء في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)،[٤] وقد نقل المؤرخون والمفسّرون سبب المناظرة وكيف تمّت، ومن رواياتهم في ذلك:
- ذكر الطبري أنّ إبراهيم -عليه السلام- خرج مع الناس لجلب الميرة -أي المؤونة من الطعام- من النمرود، وكان متحكّمًا ومحتكرًا لها، وكلّما وصل إليه رجلٌ لأخذ الطعام سأله النمرود من ربّك؟ فيقول: أنت، فلمّا وصل إبراهيم -عليه السلام- سأله النمرود من ربّك؟ فقال: ربي الذي يحيي ويميت، وجرت بينهما المناظرة المذكورة في الآية.[٢]
- ذكر ابن كثير في كتابه البداية والنهاية أنّ إبراهيم -عليه السلام- دعا النمرود إلى الإيمان بالله تعالى، فاستكبر النمرود واستعلى، وأصرَّ على ادّعائه بأنّه رب يحيي ويُميت، ولمّا قال له إبراهيم -عليه السلام- إنّ الله يحيي ويميت، أتى النمرود برجلين ممّن صدر حكم بإعدامهما، فأمر بواحد فقُتِل، وأمر بالآخر فأُطلقَ سراحه؛ مدعيًا أنّه بفعله هذا أمات من أعدمه، وأحيا من أطلق صراحه، وهذا مخالف لما أراده إبراهيم -عليه السلام- من الإحياء والإماتة، فلمّا رأى إبراهيم إصراره على الكفر، قال إنّ الله يأتي بالشمس من المشرق، فأتِ بها من المغرب، وهنا بُهِتَ النمرود بعدما أفحمه نبيّ الله إبراهيم -عليه السلام- ولم يستطع الرد.[٣]
قصة النمرود مع المَلَك
جاء في بعض الروايات أنّ الله تعالى أرسل للنمرود مَلكًا يدعوه للإيمان بالله تعالى؛ فلم يستجيب، وقد أتاه المَلك يدعوه ثلاث مراتٍ، دون إجابةٍ من النمرود، حتى قال المَلك للنمرود أن يجمع كلّ منهما جيشه ويلتقيّان؛ فلما جاء النمرود بجيشه عند طلوع الشمس، أرسل الله تعالى عليهم أسرابًا من البعوض لم يستطيعوا من كثرته أن يروا الشمس، وأكل لحومهم ودمائهم.[٣]
قصة نهاية النمرود
وردت روايات كثيرة في كتب التفسير والتاريخ تروي قصّة موت النمرود وكيف كانت نهايته، ولكنّها كلّها -كما قال بعض العلماء- أقربُ إلى الإسرائيليّات، وإن كانت من الإسرائيليّات فلا ينبغي أن تؤخذ على التوكيد ويُجزم بصحتها، ولكن لا مانع من تناقل قصص إهلاك الطغاة لما فيها من العِبرة شرط ألّا يدّعى امرؤ أنّها مرويّة عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ما لم يكن فيها حديث صحيح،[٥] وممّا ورد في نهاية النمرود:
- ذكر ابن الأثير وغيره أنّ بعوضةً دخلت في أنف النمرود، وبقيت تعذّبه أربعمئة سنة، وهو يطرق رأسه من شدة الألم، وبعدها أهلكه الله تعالى.[٦]
- ذكر السمرقندي أنّ البعوضة مكثَت في رأس النمرود أربعين يومًا تأكلُ من دماغه إلى أن هلَك.[٧]
- قيل في روايات إنّ لله تعالى أخرج نارًا على النمرود وقومه فأحرقتهم.[٨]
هل ذكر اسم النمرود في القرآن الكريم؟
لم يُذكر اسم النمرود في القرآن الكريم صراحةً، ولكنّ كتب التفسير والتاريخ والسّير تُشير إلى أنّه الجبار الذي حاجج نبي الله إبراهيم عليه السلام، وهو المشار إليه في قول الله تعالى من سورة البقرة: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).[٤][٣]
ما العبر المستفادة من قصة النمرود؟
احتوت قصة النمرود -كما سائر قصص القرآن الكريم- على العديد من العبر والدروس، ومنها:[٣][٩]
- ينبغي على المسلم الواثق بالله تعالى أن يقف مع الحقّ وينصره، ولا يؤيّد الطواغيت والجبابرة، وأن يعلم أنّ الله تعالى ناصر عبده ولو بعد حين.
- يجب على المسلم يجب أن يعلمَ أنّه مهما أوتي من قوّة وسلطان، يبقى عبدًا ضعيفًا لا يسعه سوى أن يطيع الله تعالى، وأن يمتثل لأوامره، ولا يدّعي لنفسه ما لا يقدر عليه.
- أنّ عادة الظالمين وأبرز صفاتهم: الجهل والغرور والتكبّر، ونهايتهم -غالبًا- ما تكون واحدةً وهي الهلاك بصورة مروّعة.
المراجع[+]
- ↑ المغامسي، تأملات قرآنية، صفحة 26. بتصرّف.
- ^ أ ب ابن جرير الطبري، تاريخ الطبري، صفحة 287-288. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 342-345. بتصرّف.
- ^ أ ب سورة البقرة، آية:258
- ↑ "هل تصح قصة موت النمرود ببعوضة دخلت في منخره؟"، الإسلام سؤال وجواب، 29/3/2020، اطّلع عليه بتاريخ 30/7/2024. بتصرّف.
- ↑ ابن الأثير، الكامل في التاريخ، صفحة 104. بتصرّف.
- ↑ السمرقندي، تفسير السمرقندي، صفحة 622. بتصرّف.
- ↑ محمد صالح المنجد، سلسلة القصص، صفحة 22. بتصرّف.
- ↑ كرم جمعة عبد العزيز (27/10/2014)، "مناظرة إبراهيم الخليل للنمرود"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 30/7/2024. بتصرّف.
ملخص المقال
كان النمرود بن كنعان ملكًا ظالمًا ادعى الألوهية، أشار القرآن الكريم إلى مناظرته للنبي إبراهيم -عليه السلام-؛ حيث قال له إبراهيم إنّ الله يحيي ويُميت؛ فادعى أنّه يُحيي ويميت، فقال له إبراهيم إنّ الله يأتي بالشمس من المشرق، فطلب منه أن يأتي بها من المغرب؛ فأُفحم النمرود ولم يُجب، وورد في روايات أنّ الله تعالى أرسل ملكًا للنمرود يدعوه للإيمان، لكنّه رفض، فجمع جيشه وخرج للقاء المَلك؛ فأرسل الله عليهم أسرابًا من البعوض أكلت لحومهم ودماءهم، وقيل إنّ نهاية النمرود كانت بأن دخلت بعوضة في أنفه وعذبته حتى هلك، واسم النمرود لم يُذكر صراحة في القرآن، لكنّ المفسّرين والمؤرخين أشاروا إلى أنّه الملك الذي حاجج إبراهيم، ومن العبر المستفادة من قصة النمرود: ضرورة الثقة بالله، ووجوب الوقوف مع الحق، ومعرفة أن الظالمين المتجبّرين نهايتهم الهلاك.
أسئلة شائعة
لم يُذكر في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة أي رواية عن قصةٍ أو موقف للنمرود مع إبليس.
الروايات المنقولة حول نهاية النمرود وكيفية موته من الإسرائيليات، لكنها منقولةٌ في الكتب، ومما ورد في كيفية موته أنّ بعوضةً دخلت أنفه وبقيت في رأسه أربعمئة سنة وقيل أربعين يومًا تُعذبه حتى أهلكه الله تعالى.
أورد القرآن الكريم قصة مناظرة النمرود مع إبراهيم -عليه السلام- دون التصريح باسم النمرود، لكنّ علماء التفسير والمؤرّخين ذكروا أنّ النمرود هو الملك المتجبّر المقصود في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).[1]