تعريف المهن
تُعرف المهن منذ القدم ومنذ وجود الإنسان على الأرض، ويُقصد بها الحرف المختلفة التي مارسها الإنسان ولم يزل يمارسها لتأدية عمل ما أو تقديم خدمة معينة لنفسه أو للآخرين، ويُمكن أن تكون المهنة يدوية، بحيث يجب أن تتم باليد أو مهن تعتمد على الفكر والعقل، أو مهن تحتاج إلى قوة بدنية، أو مهن تحتاج إلى عدة أدوات كي يتم إنجازها، ومهما اختلفت أنواع المهن التي يُمارسها الإنسان فإنّ لكلّ مهنة أهميتها التي لا يمكن الاستغناء عنها أبدًا، كما أنّ المهن هي بمثابة الوظيفة التي يؤديها الإنسان أو النشاط الذي يُمارسه في حياته اليومية بحيث يتم من خلاله تقديم خدمات احترافية ومتقنة كي يستفيد الناس منها ويأخذون ما يحتاجونه بأسهل الطرق، وتوفيرًا لوقتهم وجهدهم، خاصة أنّ الشخص الواحد لا يستطيع أن يقوم بكافة الأعمال، وهذا يتطلب تنوّع المهن.
من أهم التعاريف أو المفاهيم التي توصف بها المهن أنّها نتاج الخبرات العملية والنظرية التي اكتسبها الإنسان في مجالٍ ما بهدف الإتقان وتقديم خدمة للآخرين، بالإضافة إلى الوظيفة التي يعيش منها الإنسان، ومن المعروف أنّ المهن في الوقت الحالي أصبحت تتم بناءً على دراسة نظرية علمية بحتة من جميع الجوانب، ومن ثمّ يأتي دور التطبيق العملي لاكتساب الخبرة اللازمة وتطبيق ما تمّ دراسته حتى يتم الإنجاز بأفضل صورة، وبعدها تتطوّر المهنة، والجدير بالذكر أنّ المهن في وقت مسبق كانت مجرّد مهن بدائية بسيطة لا تحتاج إلى تعقيدات أو أدوات كثيرة، أما في الوقت الراهن فقد أصبحت المهن معقدة وفيها أفرع دقيقة جدًا ولا يستطيع إتقانها إلّا من كان ملمًا بجميع جوانبها.
في السابق كان تعلّم المهن سهلًا ومتاحًا في أيّ وقت وبحسب الرغبة، لكن مع تطوّر الزمن واختراع الأدوات والتقنيات المتميزة أصبح تعلّم المهن يتم في مراحل عديدة ومختلفة، وأهمها الدراسة في الجامعة باختيار التخصص الذي يخص المهنة، أو الذهاب إلى مدرسة فيها المسار المهني لاختيار المهنة التي تُوافق الموهبة، وبعدها تتم الإحاطة بجميع جوانب المهنة على المستوى النظري ومن ثم يأتي دور التطبيق الممنهج، أما المهن في وقت مسبق فكانت تبدأ بالتدريب العملي فورًا دون أي دراسة نظرية، وكانت تتم اكتساب الخبرة من الممارسة التي تأتي مع الأيام، وكلما كانت الخبرة أكبر كلما كان إتقان المهنة متميزًا ويسير على أفضل وجه، لهذا على كلّ شخص أن يختار المهنة التي تقترن لديه بالموهبة وحب تقديم الخدمة للناس.
أنواع المهن
تختلف أنواع المهن اختلافًا كبيرًا من أبسطها إلى أعقدها وبحسب حاجة الإنسان لها، ومن أهم أنواعها المهن التي تحتاج إلى التطبيق اليدوي المباشر، وبسبب ذلك تطوّرت حتى أصبحت تعتمد على الآلات المختلفة مثل: مهنة الخياطة ومهنة النجارة والحدادة، ومنها مهن تحتاج إلى قوّة بدنية وخبرة كافية كي يتم إتقانها بالإضافة إلى الأدوات اللازمة لها مثل مهنة الزراعة التي ينطوي تحتها العديد من المهن الأخرى مثل الحصاد والحراثة والقطف والتعبئة والتغليف، بالإضافة إلى تصنيع الأطعمة من المنتجات الزراعية، وهذه كلّها مهن حيوية يحتاجها الإنسان بشكل رئيس، ومنها ما يحتاج إلى دراسة نظرية وتدريب عملين ومنها ما يُمكن ممارسته بالتدريب فقط.
أشهر المهن التي تحتاج إلى دراسة نظرية وتدريب عملي مهنةالطب البشري والطب البيطري ومهنة الهندسة بجميع فروعها، بالإضافة إلى مهنة المعلم ومهنة المحامي ومهنة الصيدلي وغيرها من المهن التي يجب أن يلتحق فيها الشخص بالدراسة أولًا حتى يُمارسها، وفي ذات الوقت يوجد بعض المهن التي تعتمد فقط على الخبرة والتدريب العملي أو على الموهبة مثل: مهنة الكتابة ومهنة التصميم والرسم والنجارة والغناء والتجارة والتمثيل والحلاقة وغيرها، وتُلاقي بعض المهن تقديرًا كبيرًا في المجتمع ويرغب معظم الناس بدراستها، والبعض الآخر منها هي مهن أقل حظًا، ورغم هذا لا يجوز الانتقاص من أهمية أي مهنة مهما كانت، نظرًا لحاجة الناس لجميع هذه المهن لتأدية أعمالها مهما اختلفت.
تطوّرت المهنة عبر التاريخ الطويل للبشرية، فقد كانت في وقت مسبق مهن بسيطة بحسب الإمكانات التي كانت متوافرة في ذلك الوقت، وبسبب ذلك تطوّرت وزادت وأصبحت أكثر تعقيدًا وتنوعًا، كما انقرضت بعض المهن التي كانت موجودة في وقت مسبق وحلّت محلها مهن أخرى، ففي السابق كان لا بدّ من وجود مهنة الكاتب لكن هذه المهنة تقلص وجودها كثيرًا نظرًا لوجود جهاز الحاسوب الذي أصبح يتولى مدخل البيانات إدخال البيانات المختلفة إليه، كما أنّ بعض المهن لم يبقَ منها إلا شيء رمزي فقط مثل مهنة التطريز اليدوي التي حلّت محلها آلات الخياطة الحديثة، وفي الوقت الحالي أصبح للكثير من المهن دور تنظيمي وأصبحت لها قوانين تنظمها حتى تتم بصورة أفضل، حيث توضح هذه القوانين الواجبات المطلوبة من ممارس المهنة والممنوعات التي يمنع تجاوزها أو العمل بها، وبيّنت الحقوق كافة.
من المهم جدًا أن يُتقن الإنسان مهنة ما في حياته كي تكفيه عن سؤال الناس وتُعينه على الحياة، فالمهنة بمثابة باب رزق يفتحه الله للعبد، وكلما كان الإنسان متقنًا لهذه المهنة وخبيرًا بها كلما أقبل الناس عليه بشكلٍ أكبر، لذلك فالهدف هو الإتقان والأمانة أثناء العمل، وليس مجرّد القيام بها أو ممارستها، ومن المعروف أنّ الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- كان لديهم مهن يعتاشون منها وهذا دليل على أنّ احتراف الإنسان لمهنته أمرٌ مفيد جدًا، فالنبي محمد -عليه الصلاة والسلام- عمل في الرعي والتجارة، والنبي عيسى بن مريم -عليه السلام- عمل في النجارة، والنبي داود -عليه السلام- عمل في مهنة الحدادة، وغيرهم الكثير.
ما هي أفضل المهن في العالم برأيك؟
يوجد في العالم الكثير من المهن المفيدة والمهمة، فالبعض يمكن أن يعدّ المهنة التي يُحبها وتُشكّل له حلم طفولته وشبابه بأنها المهنة الأفضل إطلاقًا، والبعض قد يعدّ مهنة والده أو مهنة والدته بأنها هي الأفضل، لكن برأيي فإنّ أفضل مهنة في العالم هي مهنة الصيدلة التي أعتبرها حلمًا كبيرًا بالنسبة لي، وأرغب كثيرًا في ممارستها وتشجيع الآخرين على دراسة الصيدلة، فالصيدلة تجمع بين العديد من التخصصات الجامعية في الوقت ذاته، وفيها كميات كبيرة من المعلومات التي يدرسها الصيدلي خلال سنين دراسته الجامعية، وخلال تدريبه في الصيدليات والمستشفيات ومصانع الأدوية.
في الوقت نفسه، فهي تجمع بين مهنة الطب لأنّ الصيدلاني قادر على تشخيص معظم من الأمراض، كما أنّ الصيدلاني قادر على تصنيع الأدوية وعمل العديد من التركيبات الدوائية المفيدة في علاج الكثير من الأمراض، كما يُمكن للصيدلي أن يعمل في مهنة تدريس بعض المواد لأنها من ضمن اختصاصه الجامعي مثل: مادة الكيمياء ومادة الأحياء، كما أن الصيدلي يتعامل مع الناس بصورة مباشرة ويرشدهم إلى طريقة التعامل مع الأدوية ويُبين لهم أضرارها وفوائدها، ويُساعدهم في معرفة مواعيد تناولها والطريقة الصحيحة لتناولها، ولهذا يكون الصيدلي قريبًا جدًا من الناس ويحصل بينه وبينهم ألفة كبيرة.
تتميز مهنة الصيدلة بأنها تُساعد الصيدلي على التعامل مع العديد من المكوّنات غير الدوائية مثل مواد تنظيف الجسم ومواد التجميل ومختلف المواد الكيميائية، كما تُساعد الصيدلي على اكتساب مهارات عديدة والتمييز بين الأغذية والأعشاب الطبية المفيدة من غير المفيدة، والتمييز بين فوائدها وأضرارها، لأنها تمزج ما بين التغذية العلاجية والدواء، وتوضح الفرق بين التعامل مع الدواء والتعامل مع الغذاء، كما تُساعد الأشخاص المصابين بالأمراض المزمنة في التعامل مع أمراضهم بطريقة صحيحة وخاصة مرضى السكري ومرضى ارتفاع ضغط الدم والمرضى المصابين بأمراض الكلى والغدد وغيرها، وهذا يدلّ على مدى الفائدة والمهنية العالية التي تقدمها مهنة الصيدلة للناس.
برأيي تعدّ مهنة الصيدلة من أرقى المهن وأروعها على الإطلاق، فهي من المهن التي تقدم التجديد والابتكار على نحو مستمر، وتُساعد من يُمارسها على الإبداع ومساعدة الآخرين وتربي فيهم الرغبة في عمل الخير والتخفيف من الألم الذي يُصيب الناس، وهذا بحدّ ذاته ما يجعلني أحبها وأعدّها أفضل مهنة في العالم، وممّا يجدر ذكره أنّ المهن في العالم يوجد بينها علاقة تكاملية، فهي تكمل بعضها بعضًا ولا يُمكن الاستغناء عن أيٍ منها مهما كانت هذه المهنة بسيطة أو صغيرة، فغياب عامل النظافة سيُسبّب تراكم القاذورات في المكان وغياب الطبيب سيسبب انتشار المرض دون وجود شخص يداوي هذا المرض وغياب المعلم سيسبب انتشار الجهل، وهذا ينطبق على أي مهنة موجودة في العالم، ومقياس التفاضل الوحيد بينها هو الإتقان بحيث تتم تأدية الخدمة على أكمل وجه ودون انتقاص.