أساليب تدريس علم تخريج الحديث

أساليب تدريس علم تخريج الحديث
أساليب تدريس علم تخريج الحديث

علم تخريج الحديث

كلمة التَّخريج حسب ما أفاد علماء أهل اللغة العربية فهي ذكرُ الأسانيد، وفلانٌ خرَّج ذلك الحديث أي ذكر أسانيده ونقله بأسانيد صحيحة، وأمَّا علم التَّخريج فهو معرفة المبادئ المُتَّبعة في تأويل النُّصوص وخاصة الدِّينيَّة منها،[١] وأمَّا مُصطلح علم تخريج الحديث حسب اتِّفاق أهل العلم والدِّين فهو الإشارة إلى موضع الحديث حسب وروده في المصادر الأصلية التي أخرجته بسنده، على أنَّ علم التَّخريج لم يكن في بداية الأمر وقد نشأ عندما دعت الحاجة إلى وجوده، وهو من العلوم الهامَّة إذ إنَّه يتعامل مع المصدر الثَّاني في التشريع الإسلاميِّ وهو السُّنَّة النبويَّة الشريفة،ولا بدَّ لطالبِ العلمِ الشَّرعيِّ أن يكون محيطًا ولو ببعض الأسس التي تُعينه على خوض علم تخريج الحديث، وتبقى تلك المهمة على عاتق المُعلِّم الفطِن الذي يسعى للإحاطة بأهم الوسائل والطَّرائق والأساليب لتدريس علم تخريج الحديث، وفيما يأتي ستتم الإضاءة على أهمِّ تلك الأساليب.[٢]

أساليب تدريس علم تخريج الحديث

إنَّ الأهميَّة الأولى التي تكمن في علم تخريج الحديث هي التَّأكد من صحة النّص والحديث وعمَّن ورد، ووضع الضَّوابط الصَّحيحية الصَّارمة لقبول الحديث أو رفضه، إذ قد تُسوِّل النُّفوسُ الضَّعيفة لأصحابها الكذب في الأحاديث، فلا بدَّ من وجود العلماء المُتبصِّرين الذين يعملون على التَّأكد من صحة الأحاديث النبوية، ولا بدَّ للمسلم الفطن من الوقوف على هذا العلم ودراسة أسسه ومبادئه،[٣] وسيقف هذا المقال لتوضيح أهم الأسس والأساليب التي تختصُّ بدراسة علم تخريج الحديث:

أسلوب التخريج المطول

وأمَّا دراسة علم تخريج الحديث عن طريق التخريج المطول فهي واحدةٌ من الأساليب التي يتَّبعها المُعلم في تدريس طلابه، خاصَّةً وإن كانت الفئة العمرية التي يتعامل معها المُعلم من كبار السن، أو كانوا يملكون من علم التَّخريج ما يُخوِّلهم لاستيعاب تلك الطرق، إذ تعتمد في أصلها على استيعاب جميع الأسانيد استيعابًا كاملًا، ويقوم بالتَّرجمة لكلِّ رواة سند الحديث على جميع الوجوه وفي جميع الطُّرق، على أنَّ تلك الطَّريقة قد تُورِّث في نفوس الطُّلاب مللًا وسأمًا؛ لأنَّها ستأخذ وقتًا طويلًا وربما لا تتعيَّن الفائدة منها، فقد يكون الحديث صحيحًا على طريقٍ من الطُّرق ولا فائدة من استعراض جميع الطُّرق، إلا في حال رغبة المُدرِّس بإفراد حديثٍ من الأحاديثِ في التَّصنيف وتبيينه بعينه.[٤]

أسلوب التخريج المختصر

وأمَّا التَّخريج المُختصر فهو واحدٌ من الأساليب التي يتمُّ من خلالها تخريج الحديث، وتبيين تلك الطَّريقة للطلاب عن طريق عزو المُدرِّس للحديث لأحد الأئمة المُتقدِّمين فيقول في بداية الحديث مثلًا أخرجه مسلم أو أخرجه البخاري، وهذه الطَّريقة من الطَّرائق السَّهلة التي يستثمرها المُعلِّم في تدريس الفئة العمرية الصَّغيرة، وبهذه الطَّريقة تحصل الفائدة المرجوة من تدريسهم دون تسلل الملل إلى نفوسهم.[٤]

أسلوب الترغيب والتشويق

وأمَّا الأسلوب الثالث الذي لا بدَّ للمعلِّم من اتِّباعه في تدريس علم تخريج الحديث فهو الترغيب والتشويق وأن يُثار لدى الطَّالب غريزة الحاجة إلى الفهم والتَّبصُّر والتَّعليم، ولا بدَّ للمعلم الفطن في هذه الحالة أن يعمد إلى استخدام لغة الجسد من حركات اليدين وتنويع نغمات الصوت لا أن يبقى على وتيرة واحدة من بداية الدَّرس إلى نهايته؛ لأنَّ ذلك يُصبح مدعاةً للنعاس والسَّأم، ولا بدَّ من التَّطرق إلى بعض الحوار والمُناقشة ما بين المُعلِّم وطلابه فيسأله ويجيبهم أو العكس، ومن الممكن الاستفادة بشكلٍ كبيرٍ من نقطة السؤال والجواب بعد أن يتم المعلم شرحه، ويسأل الطُّلاب عمَّا فهموه ومن يعيد الشرح بعده.[٥]

التخريج عن طريق معرفة أول لفظة من نص الحديث

وأمَّا هذه الطَّريقة فيتمُّ اللجوء إليها من المُدرِّس في تدريس علم تخريج الحديث عندما يعمد إلى تحفيظ طلابه تخريج حديثٍ عن طريق معرفتهم لأول كلمة من المتن، وقد اهتمَّت العديد من الكُتب في تخريج الحديث بهذه الطَّريقة فألِّفت بناءً على التَّرتيب المُعجميِّ للحروف ومن بينها كتاب الجامع الصغير من حديث البشير النذير للسيوطي، وتُعدُّ هذه الطريقة من الطَّرائق السَّهلة البسيطة التي يستعين بها طالب العلم، ولكنَّها في نفس الوقت تحتاج إلى ذاكرةٍ متوقِّدةٍ من المعلِّم والدَّارسين، ويُنصح باستخدام هذه الطَّريقة مع الشَّباب اليافعين الذين يتمتَّعون بذاكرة قوية.[٦]

ربط المعلومات النَّظرية بالحياة العملية

إنَّ أسلوب التَّدريس عن طريق ربط المعلومات النَّظرية بالحياة العملية من أهمِّ ما يُحبب طالب العلم بالجلسة التَّعليمية، وقد يتساءل بعضُ النَّاس عن كيفية ربط علم تخريج الحديث بالحياة العملية، وهنا لا بدَّ من التَّنبيه أنَّ الأصل المُراد من علم تخريج الحديث هو دراسة صحَّة متن الحديث، ولا بدَّ من عدم إغفال المتن في هذه المرحلة، إذ يعمد المُعلم إلى تفهيم طلابه متن الحديث وكيف من الممكن أن يتمَّ توظيفه في الحياة والاستفادة منه في رفع السويَّة الأخلاقيَّة، إذ لا يليق بطالب العلم أن يكون فظًّا غليظ القلب ينفر النَّاس من حوله.[٧]

التكرار

وأمَّا أسلوب التكرار في تدريس علم تخريج الحديث، فهو من أفضل الأساليب وأحسنها في تثبيت المعلومة في ذهن المتلقي، إذ بالتكرار تُصبح المعلومة أمتن في العقول، ولا يكون التكرار فقط عن طريق إعادة للكلام بشكلٍ يسأمه المُتلقي وينفر منه، وإنما هناك العديد من الطَّرائق التي تتمثل بسؤال المعلم للمتعلم عمَّا حفظه منه في الجلسة التَّعليمية، أو أن يستعين طالبان بين بعضهما في تذكر ما مرَّ في الجلسة أو في جزءٍ منها، ومن ثم يخرجان فيُعيدان للمعلم ما استطاعوا جمعه وتذكره من المعلومات، ولا بدَّ في هذه الطريقة من أن يُراعي المعلم مسألة العدل، فيعمد إلى إخراج جميع الطُّلاب، وإن تعذر ذلك بسبب ضيق الوقت فيستطيع إخراج مجموعة منهم في كل مرة، وفي ذلك بيان لأهم أساليب تدريس علم تخريج الحديث، والله هو أعلى وأعلم.[٨]

المراجع[+]

  1. "تعريف و معنى تخريج الحديث في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-27. بتصرّف.
  2. "نشأة علم التخريج وأطواره"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-27. بتصرّف.
  3. "مفهوم التخريج وأنواعه"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-27. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "كتاب التخريج ودراسة الأسانيد"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-27. بتصرّف.
  5. "ما هي الطرق الحديثة لتدريس مادة العلوم الشرعية؟"، islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-27. بتصرّف.
  6. "افضل طرق تخريج الاحاديث!!!!"، www.ahlalhdeeth.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-27. بتصرّف.
  7. " المنهجية في التعليم الشرعي"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-27. بتصرّف.
  8. "أسلوب التكرار في التعليم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-27. بتصرّف.

47200 مشاهدة