موضوع تعبير عن الإرهاب

موضوع تعبير عن الإرهاب
موضوع-تعبير-عن-الإرهاب/

مفهوم الإرهاب

إنَّ لفظة الإرهاب مستمدّة من الفعل الماضي رهَبَ، وهدف الإرهاب الأساسيّ هو إلحاق الأذى بالنَّاس وسلب نعمة الأمن والأمان منهم، ولم يتمّ الاتّفاق بين الدول على تعريف واحد للإرهاب لكنَّهم تقاربوا بين بعضهم عن طريق اتفاقهم على بعض المفردات في تعريف الإرهاب، فهو العمل الذي يُلحق الضرر بالآخرين ويخلق جوًّا من التَّوتّر بين النَّاس ويسلبهم نعمة الأمن والأمان والاطمئنان، وغالبًا ما يكون هدف الإرهاب سياسيًّا إذ يجعل من المدنيين دروعًا بشرية للاحتماء بهم من أجل الوصول إلى السلطة وتحقيق المطلوب.


قد يكون هدف الإرهاب أيديولوجيًّا لأجل إلحاق الأذى بحياة النَّاس وممتلكاتهم الخاصَّة عن طريق الأعمال الإرهابيَّة التي تتمثّل بالتّفجير وإطلاق النَّار وغيرها من وسائل التخويف، الإرهاب هو قتل النَّفس الإنسانيَّة التي حرَّم الله قتلها إلا بالحق، وترويع البشر وإلحاق الأذى بالطفل والكبير والشيخ، الإرهاب لا يحتاج إلى تعريف قدر ما استطاع هو أن يُعرّف عن نفسه من خلال دموع اليتامى التي يحصدها كل يوم، الإرهاب هو أن يعيش طفلٌ بلا أب جرَّاء أفعالهم العدوانيَّة فيحيا طوال عمره يحقد على السلاح ويتمنّى زواله.


الإرهاب ليس مفهومًا يحتاج إلى الشَّرح أو التَّبسيط، إذ بات معروفًا لدى الجميع من خلال دموع الثكالى والنساء، من خلال بكاء الأم مع كل مغيب شمس تنتظر من ابنها أن يدخل عليها حاملًا الخبز الأبيض كما اعتادت في سنينها التي مضت، ولكن الآن بات ذلك الخبز الأبيض ملطخًا بالدَّم، وملطخًا بالدموع التي ما يستطيع أحد الإعراب عنها؛ لأنّها حفرت أخاديد في وجوه الأمهات والنساء.


ليس ذلك الأب المتجلّد بمنأى عن الحزن ولكنَّه اختار الصبر وأن تبقى دمعته تحفر في قلبه وتثور كما البركان الذي لا يُوقفه أي شيء، وكيف لذلك الثوران أن يخبو وقد اختطفت يد الإرهاب طفله من بين جنبيه، وهل تختصُّ الطفولة بعمر معين؟ إنَّ الأب يرى ابنه طفلًا حتى يموت ولو تجاوز الأخير السّبعين من عمره؛ لأنَّ الطفولة تختص عنده بمفهوم الحب وليس بمفهوم العمر الذي يُقرّره الزمن.


ليس من المطلوب لأي دولة أن تتفق مع الأخرى في تعريف الإرهاب وإنَّما المطلوب من كل دولةٍ أن تُحاول قدر المستطاع أن تٌكفكف دموع العوائل التي باتت تفقد أبناءها الواحد تلو الأخرى تحت ما يُسمونه بأسماء مختلفة تُوافق آراءهم وهو ليس إلا الموت عى حقيقته، قد يظنّ الإرهابي أنَّه مُصلحٌ لهذا العالم ولكنَّه ليس مصلحًا سوى لمصالحه الشَّخصية ويرى الدنيا من زاويته التي اعتاد دائمًا أن يقف فيها، من زاويته التي اعتاد أن يقتل منها ويروّع الآمنين باسم أشياء آمن بها وحده ولكنَّه ليس مؤمنًا إلا بالشيطان الذي يُحرض على القتل والموت وسلب حرّيّات الآخرين.

أسباب الإرهاب

ليس للإرهاب سبب واحد بل له أسباب مختلفة ومتنوعة حسب دوافع كل شخص، ولو تأمل النَّاظر في الإرهاب لوجد أنَّه لا ينبع من بؤرة واحدة بل له العديد من البؤر التي يفيض منها، فأمَّا البؤرة الأولى التي ينبع الإرهاب منها فهي بؤرة الظلم، فلربما شعر الإرهابيّ وجماعة مثله أنَّ حقوقه لا تُؤدّى له على الوجه المطلوب، فيتخذ طرقًا همجيةً وحشيةً للإشارة إلى الظلم الذي يتعرّض له عن طريق الاختطاف أو القتل والنهب والسَّلب، والأبشع من ذلك كله أنَّه يظنّ نفسه أنَّه على حقٍ وأنَّ الآخر الذي اختطفه أو سلبه حرّيته وأمنه هو من شارك في ظلمه، ولكن يُمكن ألّا يكون لذاك الرجل علمٌ في الأصل بتلك الأمور التي تجري.


أمَّا البؤرة الثانية التي ينبع الإرهاب منها فهي بؤرة تطويع الدّين للمصالح الشَّخصية، فيأتي الرجل منهم يحتج بآيات القرآن الكريم والقرآن بريء من أفعال القتل والظلم والوحشيَّة، ولم يُذكر أبدًا في السيرة النبويَّة أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد روّع الآمنين، ورفع السيف حتى يُؤمن النَّاس بالله غصبًا، بل إنَّ الفتوحات الإسلاميَّة التي حصلت على زمان الصحابة العظام -رضي الله عنهم- لم يحصل فيها هدم لكنيسة أو دار عبادة، بل كانوا يتركون كلًا لدينه يؤمن بما يشاء إذ لا إكراه في الدين.


أمَّا البؤرة الثالثة التي ينبع الإرهاب منها فهي إرهاب الدولة نفسها على شعبها بقصد إقامة النظام بغض النظر عن الأسلوب الذي يُقام فيه، ويشعرون بالإبادات الجماعيّة التي تُروع الأهالي ويختطفون زهور الشباب وأحلامهم ويقتلعون آمال الآباء بأن يروا أحفادهم من أبنائهم معللين ذلك بما تسول لهم أنفسهم من حفظ الأمن والأمان ولكن يتجلّى الإرهاب فيهم بل هم الإرهاب نفسه وعينه، ولربما كانت الدولة تُمارس الإرهاب على الشعب بأكمله في سبيل إبادة طائفة بعينها، فتُخلق النزعات الطائفية التي تغذيها الأفكار المتشددة وتعمد الدولة إلى دعم إحدى الطّائفتين فيُخلق الإرهاب في المجتمع الذي يؤدي للدمار.


أمَّا البؤرة الرابعة التي يتولد الإرهاب عنها فهي بؤرة العرق أو الجنس أو العنصرية، فلا يكون ذنب الفرد سوى أنَّه ينتمى للبيض أو السود أو هو من أصلٍ ترصد طائفةٌ أخرى أن تلحق الأذى فيه، ومن ثم يكون الدم والموت هو الحاضن لتلك البيئة التي تشتعل بالكراهية وتتغى على الأحقاد والأطماع سواء كانت الشخصية أم الطَّائفيَّة أم غيرها.


الإرهاب والموت متلازمان كتلازم النبض للحياة، ولا يهدف الإرهابي من وراء أفعاله سوى إلحاق الأذى بالآخرين وتحقيق مصالحه الشخصية، وأضرار الإرهاب أكبر من أنت تُحصى، فهي أضرار على النّفس والجسد والاقتصاد والأرض والعقل والابن والأم والأب، هو قتل للمجتمع سواء كان ماديًّا أم معنويًّا.

مكافحة الإرهاب

ليس للإرهاب شكل واحد بل تتنوع أشكال الإرهاب، فمنها ما يكون إرهابًا فرديًّا وقد يكون إرهاب دولة لشعبها أو لشعوب أخرى، وقد يكون إرهاب جماعات متطرفة تُؤمن ببعض الأمور وتريد أن تفرضها على الجميع حتى بالقوة، وهنا لا بدَّ من تيقّظ العقول؛ لإنهاء تلك المسألة العويصة، إذ لا بدَّ لأيّ ظاهرة تُلحق الأذى بالنَّاس أن يتم إيقافها بشتى أنواع الطرق، ومن المهم ألّا يتم مكافحة الإرهاب بالإرهاب، بل محاولة اتخاذ الطرق السلمية البعيدة عن الحرب والتفجير قدر المستطاع.


لا بدَّ من البدء من الإرهاب الأكبر وهو إيقاف إرهاب الحكومات على شعوبها أو على الشعوب الأخرى، وما ذلك إلّا إيقاف للمصالح الشخصية التي يُريد رئيس الدولة أو رئيس الحكومة تحقيقها لنفسه وعائلته دون الاهتمام بشعبه أو بالشعوب الثَّانية، ومن الأهمية بمكان ألَّا يتمّ تبرير أيّ جريمة بل يُؤخذ كلٌّ بجريمته دون أي مهادنة؛ لأنَّ التساهل في قمع الإرهاب يؤي إلى الكوارث البشرية الضخمة.


لا بُدّ من منح حريّة التعبير للجميع؛ لأنَّ محاولة مصادرة حرية التعبير وحرية الرأي تُؤدي النتائج بشكلٍ أو بآخر إلى ظهور الإرهاب، وربما تكون أفعال الدولة نفسها هي تبرير للإرهاب الذي يتخذ منه النَّاس وسيلة بديلة للتعبير عن آرائهم وتطلّعاتهم، ويجب على الدول كافة احترام الشعوب وأن تسير وفق رغبة الشعب أي وفق رغبة الرعية؛ لأنَّ محاولة الانفراد بالرأي تُؤدي بالضرورة إلى ثوران النَّاس واتخاذها للإرهاب وسيلة للدفاع عن حقوقها وآرائها.


لا بدَّ من ملاحقة الجهات التي تُحرّض على الإرهاب سواء كانت القنوات الإعلاميَّة أم الصحف أم المجلات التي غالبًا ما يكون لها دور رئيس في تنمية الإرهاب، ولا بدَّ من منع الإساءة لأي طائفة من الطوائف أو أي عقيدة يُؤمن بها النَّاس عن طريق رسوم الصحف والمجلات لأحد المقدسات بطريقة استهزائية؛ إذ إنَّ ذلك من شأنه أن يولد الإرهاب كردة فعل للمحافظة على المقدسات التي يُؤمن بها أولئك النَّاس.


لا بدَّ أيضًا من وضع دساتير تنصّ على عقوبة محددة للأشخاص الذين يُحرّضون على الإرهاب، وأن يتم تعريف الإرهاب الذي سيُؤخذ النَّاس بجريرته؛ حتى لا تكون لفظة الإرهاب في نهاية الأمر تهمة جاهزة لأي إنسانٍ يحاول التعبير عن رأيه، ولا بدَّ من حصر السلاح في يد الدولة فقط؛ لأنَّ وضع السلاح في يد الجميع يؤدي بالضرورة إلى خلق جو يسوده الخوف والتوتر، وحتى لا تسود شريعة الغاب على شريعة الإنسانيّة التي يجب أن تُبنى على الرحمة والتَّماسك والعطف على الصغير واحترام الكبير.


إنَّ تبني أشكال الإرهاب يُميت النَّفس الإنسانيَّة ويجعلها أشبه بنفس الحيوان المفترس الذي لا يهدأ حتى يرى الدماء تُخضب يداه، إنَّ الحياة أجمل بكثير من أن تُنفق لأجل السيادة والسلطة والقتل والتهجير وغيرها من الأمور الحربية السيئة، وينتهي الإرهاب عندما يعرف كل إنسان ما هي الحقوق التي يجب أن يحصل عليها، وما هي الواجبات التي يُقدمها، فينعم بعد ذلك بالأمن والأمان.