محتويات
السلام عليه
ما أثر السلام في العلاقات والمجتمع؟
إن من أبسط حقوق الجار على جاره المسلم أن يلقي عليه تحيَّة الإسلام، لما في ذلك من أثر بالغ في تآلف القلوب وتوطيد العلاقات بشكل خاص، وتكافل المجتمع بشكل عام، ومن ذلك حديث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: "لا تَدْخُلُونَ الجَنَّةَ حتَّى تُؤْمِنُوا، ولا تُؤْمِنُوا حتَّى تَحابُّوا، أوَلا أدُلُّكُمْ علَى شيءٍ إذا فَعَلْتُمُوهُ تَحابَبْتُمْ؟ أفشوا السلامَ بيْنَكُمْ"،[١] والجار أولى بكسب الودّ والتحبّب إليه بإلقاء السلام عليه لحديث النبي عليه السلام: "ما زالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بالجارِ حتَّى ظَنَنْتُ أنَّه سَيُوَرِّثُهُ"،[٢] ولهذا يجب على المسلم أن يبادر في السلام على جاره، فيكون هو البادئ بالحسنة، الناشر لها.[٣]
كفّ الأذى عنه
ما هي أبرز صور إيذاء الجار؟
يحذِّر النبيّ صلى الله عليه وسلّم- من إيذاء الجار ويعظِّم حقَّه بقسم غليظ، في قوله عليه السلام: "واللَّهِ لا يؤمنُ واللَّهِ لا يؤمنُ واللَّهِ لا يؤمنُ قيل من يا رسولَ اللَّهِ؟ قالَ الذّي لا يَأْمَنُ جارُهُ بَوايِقَهُ"،[٤] والبوائق هي الظلم والأذى، وقال -عليه السلام- يوصي بعدم إيذاء الجار: "مَن كانَ يُؤْمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فلا يُؤذيَنَّ جارَه"،[٥] فالنبيُّ الكريم ينفي الإيمان عمَّن يؤذي جاره، لأنَّ أذيَّة الجار حرام، والمؤمن يتجنّب الحرام ما أمكن،[٦]ومن صور إيذاء الجار:[٧]
- الصراخ بصوت عالٍ، أو رفع صوت التلفاز أو المذياع، حتى لو كان مفتوحًا على كلام الله، فإن كان يزعجهم فهو حرام.
- رمي القمامة عند بابهم، أو ما يحيط منزلهم من سور أو ما شابه.
حبّ الخير له
هل حب الخير للجار يقتصر على الأمور الدنيويّة؟
ورد عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: "والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حتَّى يُحِبَّ لِجارِهِ (أَوْ قالَ: لأَخِيهِ) ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ"،[٨] فالنبيّ يؤصّل لحق من حقوق الجار، وهو وجوب حبّ الخير له، وينفي النبيُّ كمال الإيمان عن من لا يحبُّ الخير لجاره، وعلى الصعيد المقابل يكره الشرَّ له، سواء كان خيرًا لدينه مثل حب الهداية له، أو زيادة في الطاعات، أو خيرًا في دنياه مثل البركة في الزوجة أو الولد، أو زيادة في المال، وغير ذلك من خيري الدنيا والآخرة.[٩]
تقديم المساعدة له
إنّ الدين حُسْنُ السَّمت، ومن ذلك حسن الجوار، ومن حسن الجوار مساعدة الجيران في كل ما يحتاجونه، ولو أن يأتي المرء على نفسه قليلًا لطالما أنه لا توجد أذيّة مباشرة له، فقد ورد عن النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- أنه قال: "لا يمْنَع جارٌ جَارَهُ أنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ في جِدَارِهِ"،[١٠]أي لو كان الجار فقيرًا وأراد أن يحتزم بسور البيت فيبني غرفة له، لا يليق بالجار المسلم أن يمنعه، ومن مساعدة الجار أيضًا إقراضه المال وغير ذلك من الأمور التي تعينه.[١١]
حفظ سرّه
هل حفظ سرّ الجار فقط فيما اؤتمن عليه؟
ينبغي على المسلم حفظ سرّ جاره، خاصّة مع انتشار الشقق المنزليَّة في الآونة الأخيرة والتي تكون البيوت ملتصقة ببعضها، ممّا يعني أنّ الجار يستطيع سماع أغلب الحوارات في منزل جاره، ولذلك كان من حق الجوار أن يُحفظ السرّ حتى لو لم يأتمنه، ومن باب أولى لو ائتمنه على أي سر وجب عليه كتمانه.[١٢]
مشاركته أفراحه وأحزانه
كيف تكون مشاركة الجيران أفراحهم وأتراحهم؟
وجب على المسلم تفقّد جيرانه، ومشاركتهم أحوالهم كلّها في أفراحهم وأتراحهم، فإن كان عندهم وليمة فدَعوْه، أجابهم، وإن كان عندهم مناسبة فرح كزواج أو خِطبة أو قدوم مولود جديد، بارك لهم، وأيضًا إن كان عندهم مريض عادهم، وإن كان عندهم حالة وفاة شاركهم مصيبتهم، فهذا من حق الجار الذي أوصى به الله.[١٣]
الإحسان إليه
ما أبرز صور الإحسان للجار التي ذكرها النبيّ عليه السلام؟
من واجب المسلم تجاه جيرانه أن يحسن إليهم، وسبل ذلك كثيرة منها وصيّة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-لأبي ذر الغفاريّ: "يا أبا ذَرٍّ إذا طَبَخْتَ مَرَقَةً فأكْثِرْ ماءَها، وتَعاهَدْ جِيرانَكَ"،[١٤] وأيضًا يكون الإحسان بتلبية حاجاتهم، فكثيرًا ما يحتاج الجار جاره فيجب عليه إعانته بقدر ما يستطيع وأن يكرمه ويحسن عشرته.[١٥]
السؤال عنه
ما القصد من تفقّد حال الجيران؟
إنّ تفقّد حال الجيران من كمال الإيمان، فقد جاء في حديث النبي عليه السلام: "ما آمن بي من بات شبعانًا وجارُه جائعٌ إلى جنبِه وهو يعلمُ"،[١٦] وعليه فإن من أهم حقوق الجيران أن يسأل المرء عن حال جاره، فإن كان في شدة آزره، وإن كان في ضيق خفَّف عنه، وإن كان بخير فرح له وسعد بحاله، فإن هذا من سجايا الكرام، وحسن الإسلام.[١٥]
تقديم الهديّة له
هل يشترط أن يكو الجار مسلمًا حتى تقدّم له الهديّة؟
جاء في باب هديّة الجار في السنّة النبويّة حديث السيدةعائشة - رضي الله عنها- إذ سألت النبي عن جارين لها أن أيهما تقدم له الهديّة ،فأجابها: "إِلى أَقْرَبِهما مِنْكِ بابًا إلى أَقْرَبِهما مِنْكِ بابًا"،[١٧] وورد أيضًا أن عبدالله بن عمرو ذبح شاة، فقال هل أهديتم منها لجارنا اليهودي، ثلاث مرات ثم قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم:"ما زالَ جبريلُ يوصيني بالجارِ حتَّى ظَننتٌ أنَّه سيورِّثُه"،[١٨] ومن هذا الحديث يدرك المسلم أن الهديَّة واجبة في حق الجار حتى لو كان من غير المسلمين، لما لها من أثر في توادد القلوب وزرع المحبة.[١٥]
قبول أعذاره ومسامحته قدر المستطاع
إن من حسن الجوار، قبول الاعتذار ومسامحة الجيران على ما قد يبدر منهم من أذى أو تقصير، فقد ورد عن الحسن: "ليس حسن الجوار كفّ الأذى، ولكن حسن الجوار احتمال الأذى"، كما أن قبول العذر من اليسر في المعاملة الذي دعا إليه الدين الحنيف.[١٥]
عدم إبداء عيوبه
من حق الجوار في الإسلام أن يتغافل المرء عن عيب جاره ولا يتتبع عورته، ولا يجمع زلّاته فيحاسبه عليها ويتحدث بها لأهل بيته أو للآخرين، فإن في هذا إيذاء له منهي عنه.[١٩]
عدم التعرّض له بإزعاج
عدم التعرّض له بالإزعاج أي اتقاء كل ما قد يؤذي الجار ولو كان أذى طفيفًا، كصفّ السيارة مثلًا أمام منزله إذا كان هذا الفعل يضيّق عليه، ومن الإزعاج أن يسأله عمّا قد يحرجه، أو مراقبته وكل ما قد يضيره، فإنّ الواجب تجنّبه بغية الإحسان إلى الجار لنيل رضا الله تعالى.[٢٠]
نصحه بالحسنى
كيف تكون نصيحة الجار الكافر؟
من حق الجوار وحسنه أن ينصح المسلم جاره بأسلوب حسن، وعظة الجار تكون بأن إذا كان الجار كافرًا عرض الإسلام عليه بأسلوب حسن وحبّبه بالإسلام بدماثة خلقه، وإن كان مسلمًا فاسقًا دعاه لترك الفسق بأسلوب حسن وتذكيره بثواب الله وجزائه لمن ترك المعاصي.[٢١]
احترام خصوصيّته
كيف يحترم المرء خصوصية جيرانه؟
تكون احترام خصوصيّة الجار بحفظ حرمة منزله، وحرمة من فيه من نسائه وعياله، وعدم الإطلال من النافذة إذا كانت تكشف البيت ومن فيه، ومن احترام الخصوصيّة أن لا يسأل عن الأمور الخاصة التي لا يحب المرء عادة أن يطّلع عليها أحد.[٢٢]
استئذانه قبل الزيارة
ما الغاية من الاستئذان قبل الزيارة؟
إن زيارة الجيران من حقوق الجوار، فالمرء يزور جاره إذا مرض، ويزوره إذا أصابه خيرٌ أو أذى،[٢٣] ولكن من آداب الزيارة أن يستأذن المرء قبل الزيارة كي يستعدّوا لذلك، لكي يتجنّب زيارتهم في أوقات هم بها مشغولون أو عندهم ظرف لا يستطيعون استقبال أي زائر.[٢٤]
المراجع[+]
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:54، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 6015، صحيح.
- ↑ ابن باز، فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر، صفحة 476. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي شريح العدوي، الصفحة أو الرقم: 6016، صحيح.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم:9595 ، صحيح.
- ↑ محمد صالح المنجد، سلسلة الآداب المنجد، صفحة 9. بتصرّف.
- ↑ ملتقى أهل الحديث، إرشيف ملتقى أهل الحديث، صفحة 405. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:45، صحيح.
- ↑ عبدالله البسّام، توضيح الأحكام من بلوغ المرام، صفحة 333. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هيرة، الصفحة أو الرقم: 2463، صحيح.
- ↑ أحمد حطيبة، شرح رياض الصالحين، صفحة 11. بتصرّف.
- ↑ محمد صالح المنجد، سلسلة الآداب المنجد، صفحة 21. بتصرّف.
- ↑ محمد بن إبراهيم الحمد، دروس رمضان، صفحة 119. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:2625، صحيح.
- ^ أ ب ت ث عبدالله آل جار الله، تذكير الأبرار بحقوق الجار، صفحة 33-34. بتصرّف.
- ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:323، إسناده حسن.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الأدب المفرد، عن عائشة بنت أبي بكر، الصفحة أو الرقم:79، صحيح.
- ↑ رواه الترمذي ، في سنن الترمذي، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:1943، حسن غريب من هذا الوجه.
- ↑ محمد صالح المنجد، سلسلة الآداب المنجد، صفحة 17. بتصرّف.
- ↑ أمين الشقاوي، الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة، صفحة 36. بتصرّف.
- ↑ محمد طاهر الجوابي، المجتمع والأسرة في الإسلام، صفحة 75. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهيّة الكويتيّة، صفحة 219. بتصرّف.
- ↑ محمد صالح المنجد، سلسلة الآداب المنجد، صفحة 17. بتصرّف.
- ↑ محمد صالح المنجد، دروس للشيخ محمد صالح المنجد، صفحة 26. بتصرّف.