محتويات
مؤشرات النمط السردي
بمَ يتميّز النمط السرديّ عن غيره من أنماط النّصوص؟
النمط السردي هو الطريقة التي يعرض فيها الكاتب الأحداث في النص الأدبي، ويقوم بنقلها للقارئ وفق تسلسل مُعيّن، ولا يشتمل على وصف خارجيّ أو داخليّ كما هو حال النمط الوصفيّ، ولهذا النمط مُؤشّراته التي تُميّزه عن غيره من الأنماط.[١]
القلب من الزمن الماضي إلى الزمن الحاضر
أبرز مؤشرات النمط السردي، هو كثرة الأفعال الماضية التي تدلّ على سرد الأحداث من ناحية، وعلى الحركة من ناحية أخرى، وهو استعمال مناسب للسرد، وممّا يُميّز هذه الأفعال الماضية أنّها تتتابعُ بطريقة تُساعد في نقل تطوُّر الأحداث إلى أن تَصِل إلى النهاية، فينقلب زمن السرد من الماضي إلى الحاضر، وتُصبح الأحداث وكأنها أمر يحصل الآن أمام القارئ، وفي زمن القراءة.[٢]
ومن الأمثلة التي توضح كيفية قلب الزمن الماضي إلى الحاضر، ما قاله عمر فروخ في سرد رحلته إلى قصر الحمراء: "بلغْتُ القصرَ وساحتهُ، وأخذْتُ أطوف في حدائقهِ، مارًّا بين شجرها وزهرها وأترجها ذي اللون الناري، وطورًا أمرّ بأحواضٍ جميلةِ الهندسةِ حيث المياه العذبة تقطعُ هذا السكون بصوت ضحكها المتكسر" فالرحلة حصلت وانتهت، إلا أنّ طريقة السرد، وتداخُل الوصف والسرد قلبَا الماضي للحاضر.[٣]
تحديد المكان والزمان
يُشكّل الزمان والمكان عُنصرين رئيسين في السرد، سواءً كان سردًا قصصيًا أم سردًا لرحلة أم سردًا لسيرة ذاتية، والزمان ليس بالضرورة أن يكون مذكورًا صراحةً، إنّما يُمكن استنباطه من خلال الأفعال المُستخدمة، ومن خلال بعض الألفاظ الدالة على الزمان، وفيما يخصّ المكان فلا يُمكن إنكار أهميّته في الإيهام بأنّ الأحداث واقعيّة، وقدرته على إقناع القارئ بها.[٤]
من الأمثلة على استخدام المكان والزمان، ما ذكره عمر فروخ في رحلته إلى قصر الحمراء: "وبعدَ زفراتٍ عميقة صعّدتُها، هبطْتُ إلى الحمّامات، حيث قرأت في أحواضها المرقعة بالفسيفساء والألوان الزاهية صفحاتٍ رائعة عن ألف ليلة وليلة" فكلمة"بعدَ" والأفعال الماضية أوحت بالزمن، وذكْرُ المكان ووصفه بدقة أعطى السرد واقعيةً مقنعةً.[٣]
الوصف
إنّ وجود مُؤشّرات للنّمط السرديّ تختلف عن مؤشّرات النمط الوصفيّ لا يعني انفصالًا تامًا بينهما؛ إذ إنّ تداخلهما هو الذي يُثري النص السرديّ، ويُوحي بالواقعية، ويُساعد في نقل الأحداث للقارئ، فالوصف من مؤشرات النمط السردي والداعم لعملية السرد، إضافة إلى أنّه يُبعد النص السردي عن جمود السرد، ويبرز مقدرة الكاتب على الوصف البديع.[١]
الشواهد على تداخُل السرد والوصف في النص السردي مُتعدّدة، ومنها ما مرّ في المثال السابق عن وصف قصر الحمراء، عندما قال: "بلغْتُ القصرَ وساحتهُ، وأخذْتُ أطوف في حدائقهِ، مارًّا بين شجرها وزهرها وأترجها ذي اللون الناري، وطورًا أمرّ بأحواضٍ جميلة الهندسةِ حيث المياه العذبة تقطعُ هذا السكون بصوت ضحكها المتكسر"[٣]
يُلاحظ القارئ الوصف البديع، واستخدام التّشبيه تارة، والنُّعوت تارة أخرى، والتّداخل بين سرد تحركات الكاتب في القصر، ووصفه لكل ما رآه، فيدهش القارئَ بإبداعه هذا، ويشعره وكأنه يتجول معه في قصر الحمراء، وكل هذا بسبب الوصف المتقن والمتسلسل.[٣]
الحوار
يُسهم الحوار في النص السرديّ بعرض تفاصيل مُتعلّقة بالشخصيات ووصف حركاتها، والتعبير عن انفعالتها وآرائها، وللحوار أشكال عدة فقد يكون مباشرًا على لسان الشخصيات، وقد يكون غير مباشر ينقله الكاتب بأسلوبه ويُعبّر عنه بطريقته.[٣]
إنّ ما قام به عمر فروخ في خاتمة سرده لرحلة قصر الحمراء خير مثال على استخدام الحوار غير المباشر، عندما قال: "كنتُ أرى كثيرًا من هؤلاء الزائرين، وكثيرًا من أولئك السائحين والسائحات مأخوذين شاخصةً أبصارهم إلى هذا الفن، فأشعر بتلك اللذة المعنوية الغريبة، وأكبرُ في عينَيْ نفسي"[٣]
لقراءة المزيد حول أنماط النّصوص، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: أنماط النصوص ومؤشراتها.
المراجع[+]
- ^ أ ب بسمة خليفة، إضاءات على مادة تقنيات التعبير، صفحة 139.
- ↑ "انماط النصوص و مؤشراتها"، قصة الإسلام، 2020-11-29، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-29. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج ح أنطون طعمه وآخرون (2016)، القراءة العربية (الطبعة 16)، لبنان:شركة شمص للطباعة والنشر، صفحة 91.
- ↑ "النص السردي"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-29. بتصرّف.