محتويات
أهمية التعليم في بناء المجتمع
للتعليم أهمية جذريّة في تأسيس المجتمعات وبناء ثقافاتها وتطوير علاقاتها بين الأفراد وبين الجماعات على حدّ سواء، وفيما يأتي بيانٌ للنواحي المختلفة التي يؤثر فيها التعليم:
أهمية التعليم على الصعيد الفردي
ما هي المجالات التي يسهم التعليم في بنائها لدى الفرد؟
يعدّ التعليم بشكل من الأشكال وسيلة من وسائل التنمية الإنسانية، فهو الذي يؤمّن للمتعلّمين فرصة لتحسين واقعهم من جوانب عديدة -ولا سيما الجوانب الصحية والنفسية- فمن الممكن أن يؤثر الوعي التعليمي على نمط استخدام الإنسان للغذاء، مثل كونهِ مدخِّنًا ساعيًا إلى التخلص من التدخين، أو حريصًا على الأطعمة الصحية أو متجنبًا لما يجلب الضرر لجسمهِ، ويؤثر التعليم أيضًا على نمط استخدامه للوقت وتنظيمه، ونمط نومِهِ وعاداته اليومية، كما أنه يؤدي دورًا مهمًّا في منح الثقة بالنفس، مما ينعكس بشكل إيجابيّ على حياتهم بشكل عام.[١]
لا شك بأن التعليم يعمل على توسيع المُدركات العقلية لدى الفرد ويصحح منهجية التفكير التي يعمل العقل وفقها في سائر المعالجات الذهنية، وهذا ما يؤثر إيجابًا على استقباله للمعلومات وتأدية وظائف الذاكرة بشكل أفضل، كما يسهم في إجادة تحديد الأهداف وفق ما تتطلبه الحياة من معايير.[٢]
أهمية التعليم على الصعيد الاجتماعي
كيف يؤثر التعليم في بناء المجتمعات وتطوير مكوناتها؟
يعمل التعليم على تأسيس الأبعاد الجذرية للموازنة الفكرية والقيمية والوجدانية في المجتمعات، وبالتالي فإن التعليم يشكل النواة الأولى واللبنة الأساسية للسلام الاجتماعي، ويكوِّن صلة وصل قويّة بين جميع أفراد المجتمع على اختلاف أعمارهم ومستوياتهم الفكرية، وهذا ما ينعكس إيجابًا على مقوّمات الوحدة الوطنية التي تدعم كيان المجتمع واستمراره وتطوّره نحو الأفضل، وذلك أيضًا ما يجعل أفراد المجتمع على قدر من المسؤولية الوطنية والانتماء الإيجابي للمكان الذي يعيشون فيه، لكي يتمكنوا من جني ثمار ذلك التكافل الاجتماعي على كافة الأصعدة.[٣]
إن ذلك البُعد الاجتماعي بالإضافة إلى القوى الثقافية المجتمعية تُشكّل المحور الأساسي للتنمية في كافة مجالاتها، فالتعليم هو الفرصة الجوهرية بالنسبة لكل فرد للتنمية البشرية المتنامية، والعمل على تطوير وإنضاج القدرات والطاقات المختلفة لكل فرد من الأفراد بطرق مدروسة ومنظّمة وأكاديمية، وذلك ما يجعل من عملية التعليم عملية ذات قداسة في البُعد الاجتماعي بالدرجة الأولى.[٣]
أهمية التعليم على الصعيد السياسي
ما دور السياسة في تنمية التعليم وتطويره؟
تقوم الوزارات المسؤولة عن التعليم في كل بلد من البلاد بالتأثير على مستوى التحصيل العلمي في تلك البلاد وطريقة التغذية التعليمية فيها، والأساليب اللازمة لبث تلك التغذية والتدرّج بمستوياتها من الصفر إلى المراحل العليا، وتساهم تلك الوزارات بدورها الأساسي في تفعيل الدور القومي للتعليم وتوسيع دائرة التطوير العلمي الوطني، وبالتالي رفد الوطن بالأفراد المساهمة في الوظائف التعليمية وتطوير مستوياته الثقافية والاقتصادية، وتحسين مستوى البلد مقارنةً بالبلاد الأخرى من خلال الدعم العلمي بالوسائل اللازمة وتأمين المتطلبات الضرورية للنهوض بالحركة التعليمية المستمرة.[٤]
كما يمكن القول بأنّ هناك رابطة قويّة بين ارتفاع المستوى التعليمي في بلد معين وبين تمكُّن الأفراد من الديمقراطية التي تُتيح لهم التصرف الأمثل بالموارد العلمية، كالاستثمار وتأسيس المشاريع التجارية والمشاركة في ميادين عالمية، واستخدام الصلاحيات المتعددة.[١]
أهمية التعليم على المستوى الاقتصادي
كيف يُمكن للتعليم أن يتحكم باقتصاد البلاد؟
يعمل التعليم على النهوض بالمستوى الاقتصادي للمجتمع من خلال تطوير مهارات الأفراد وتمكينهم من الاستفادة من وظائف ذات مردود جيد، كما أن التطور الاقتصادي الذي يسعى التعليم إلى الاستفادة منه في المجتمعات والذي يُمكّن المتعلمين من استخدام الأدوات الحديثة والمتطورة في ميدان البحث العلمي يُسهم في إعطاء الإجابات الأكثر دقة عن التساؤلات العلمية المتشعّبة في كل مجال من المجالات، وهذا ما يجعل العلم يمشي في درب من التقدم والسموّ، ويرتقي إلى مراتب لا نهائية في ميدان من الميادين، أو في الميادين المختلفة، مما يجعل إمكانية الاختراع والابتكار متاحة بشكل أكبر لدى الأفراد، وبالتالي تعود الدائرة إلى تطوير الاقتصاد لدى ذلك المجتمع نفسه.[٥]
يسهم التعليم من زاوية أخرى بزيادة الإنتاجية وزيادة اليد العاملة التي تتمتع بالخبرة والدراية المتخصصة بالعمل الذي تقوم به، مما يُتيح لكل فرد من الأفراد أن يكون في مكانه العملي المناسب، وهذا ما يعطي فرصة للاقتصاد بأن يزدهر بزيادة الدخل القومي وتحقيق التنمية الاقتصادية على الصعيد المجتمعي، فضلًا عن ازدهار حياة كل فرد من الأفراد، وتمتّعه بالرخاء المعيشي[٥]، كما أنَّ متابعة التعليم ومستوياته تُحسّن برامج التعليم الصناعي، وتعمل على إعداد المزيد من الموارد البشرية المتدربة وفق المجال التكنولوجي، والقادرة على ربط التكنولوجيا بالاحتياجات التنموية والاستفادة منها في تقديم الإنتاج الأفضل.[٦]
أهمية التعليم على المستوى الثقافي
هل الثقافة وليدة التعليم في محورها الأول؟
تعتمد التنشئة الاجتماعية والتعليمية في مستواها الثقافي على بناء المحاور الثقافية لدى الفرد منذ نشأتهِ وطفولته، حيث تقوم المؤسسات التعليمية برسم نمط محدد من أنماط السلوك لهذا الطفل يُطابقُ ثقافته المجتمعية السائدة، وتؤطّر الممارسات التابعة لذلك السلوك بالثقافة المجتمعية التي ينبغي أن تتحرك تصرفات الفرد خلالها من واجب أو غير واجب، مما يؤدي إلى توافق الفرد مع مجتمعه وبناء نظام القيم المتوارثة في ذاته، ويؤدي ذلك مع تقييمه الشخصي وتعامله الذاتي مع تلك القيم والمواقف إلى تكوين شخصيّته المتميزة عن غيرها بصفات محددة، وتحديد ميوله ورغباته والسير في الاتجاه المناسب لتلك الرغبات وفق مُعطياته الثقافية.[٧]
ممّا تقدم يتبيّن أنّ المستوى الثقافي يتداخل بشكل كبير مع المستوى الاجتماعي ويشكل جزءًا منه، وذلك لأنّ التعليم يعمل على كافة الأصعدة، وتكوين مجتمع من المجتمعات يقوم بشكل أساسي على نمط ثقافي محدد يعتمد عليه الأفراد لعدة أجيال متعاقبة، وإن أحدثَ جيل بعد جيل بعض التغييرات عبر الزمن.[٧]
يدخل التعليم في صميم حياة الأفراد والمجتمعات فيبنيها من كافة الجوانب، ويسهم في حماية أفرادها من ظلمة الجهل المؤدّية إلى الموت الفكري والثقافي.
المراجع[+]
- ^ أ ب الدكتور فيصل بو طيبة، العائد من الاستثمار في التعليم، صفحة 32. بتصرّف.
- ↑ الدكتورة راضية بوزيان، إدارة الجودة الشاملة في مؤسسات التعليم العالي، صفحة 90. بتصرّف.
- ^ أ ب حامد عمار، في التنمية البشرية وتعليم المستقبل: رؤية معيارية، صفحة 153. بتصرّف.
- ↑ حامد عمار ، في التوظيف الاجتماعي للتعليم، صفحة 39 - 40 . بتصرّف.
- ^ أ ب ياسر خالد سلامة ، اقتصاديات التعليم، صفحة 13 - 14 . بتصرّف.
- ↑ محمد محمود السيوف، التعليم الصناعي: المناهج ، سوق العمل ، الخريجين، صفحة 7. بتصرّف.
- ^ أ ب إحسان الدمرداش، الديمقراطية و التعليم فى مصر، صفحة 233. بتصرّف.