محتويات
قرار النبي بفتح الطائف
لماذا قرر النبي فتح الطائف ومتى وقع ذلك؟
لقد كان فتح الطَّائف في السَّنة الثامنة للهجرة في شهر شوال، وذلك بعد أن تراجعت فلول ثقيف إلى الطَّائف بعد الهزيمة في غزوة حنين،[١] فقرَّر النَّبي -صلى الله عليه وسلم- السَّير إلى الطَّائف للقضاء على ثقيف ومن تجمهر معهم من هوازن، وقد أمَّر على رأس هذا الجيش الذي سار به لفتح الطَّائف الصَّحابي خالد بن وليد.[٢]
تحصن المشركين في الطائف
ما هي مميزات حصن الطائف؟
بعد أن انهزمت فلول المشركين من هوازن في أوطاس والنخلة التجأوا إلى ثقيف بقيادة مالك بن عوف النصري وتحصَّنوا بالطَّائف، وكانت تتميَّز حصون الطَّائف بمتانة أسوارها وجدرانها ووعورة طرقاتها، فهي مدينة جبليَّة ولا سبيل للدُّخول إليها إلا من أبواب قلاعها، ولقد هيَّأت ثقيف أدوات الحرب اللازمة للدِّفاع عنها، وخزَّنت من الطَّعام والشَّراب ما يكفيها سنةٌ كاملةٌ كي لا تحتاج للخروج من الحصن.[٣]
تجهيز المسلمين للمعسكر
أين عسكر النبي أثناء حصار الطائف؟
بعد أن تحصَّنت هوزان وثقيف في معسكر الطَّائف أبى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يتراجع، فأمر جيش المسلمين بضرب الحصار على الطَّائف، وبدأ بالعسكرة قرب حصن طائف، ولكن ما إن عسكر المسلمون قرب حصن الطَّائف حتَّى بدأت ثقيف برميهم بالسِّهام والرِّماح، فأشار الحباب بن المنذر على الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأن يبتعد عن حصونهم، لأنَّ عدد شهداء المسلمين في تزايد، فقد استشهد اثنا عشر مسلمًا،[٤] وممن أصيب من المسلمين بسهام ثقيف عبد الله بن أبي بكر الصِّديق وقد توفي متأثرًا بجراحه أثناء خلافة أبيه.[٥]
عندما رأى ذلك النَّبي ابتعد عن حصونهم وعسكر في مكانٍ بُني فيه مسجد الطَّائف فيما بعد، واستمرَّ مكوث النَّبي -عليه السَّلام- مع جنده مدَّة تقارب الثمانية عشر يومًا، وأثناء هذه الفترة دعا علي بن أبي طالب فرسان ثقيف لمبارزته خارج الحصن، ولكنهم رفضوا ذلك وأخبروه بأنَّهم آمنون على أنفسهم في حصونهم سنة كاملة، وكان مع رسول الله في حصاره ذاك أم المؤمنين أم سلمة وزينب.[٥]
التخطيط لاختراق حصن الطائف
صناعة المنجنيق
هل أفلحت المنجنيقات بكسر حصار ثقيف؟
لقد اتَّبع الرَّسول -صلى الله عليه وسلم- مجموعةً من الخطط في سبيل كسر حصن الطَّائف، ومن بين هذه الخطط أنَّه أمر سلمان الفارسي بأن يبني له المنجنيقات حتى يرموا ثقيف بالحجارة، وقد صنع سلمان ما أراده النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- بالإضافة لصنع الدَّبابات، وذلك من أجل أن يتفادى المسلمون سهام ثقيف فلا تصيبهم.[٦]
وبالفعل كان للنَّبي وأصحابه ما يريدون واستطاعوا الوصول إلى الحصن من غير أن يصيبهم الأذى وهم يختبئون تحت الدَّبابات الخشبية، وبدؤوا بقذف الحصن بالحجارة عن طريق المنجنيقات، وقد استطاعوا بهذا أن يكسروا جزءًا من حصار ثقيف، إلا أنَّ ثقيف استطاعت أن تكسر هذا الهجوم للمسلمين وذلك بأن توقد النِّيران على الأشواك الحديدية وتقذفها على منجنيقاتهم ودباباتهم، وقد أصيب المسلمون عندئذٍ بإصاباتٍ بالغةٍ ولم يستطيعوا دخول االحصن، ورجعوا إلى معسكرهم.[٦]
إحراق النخيل والحدائق
لماذا ترك النَّبي إحراق حدائق بني ثقيف؟
لم يتراجع النَّبي عن اختراق حصن الطائف بعد فشل خطة المنجنيقات فعزم على حرق الحدائق التي كانت تحيط بحصن الطَّائف، وكانت تلك الحدائق مليئة بالفواكه والأعناب، ولم يكن هذا القرار من النَّبي بهدف التَّدمير والخراب، وإنَّما لإرغام ثقيف على الخروج والقتال خارج حصونها، وعندما رأت ثقيف هذا التَّصرف من النَّبي ناشدوه بأن يتر ك هذه المحاصيل، فإن كانت الغلبة له كانت تلك المزروعات غنيمة له وللمسلمين، وإن لم تكن الغلبة له يكون قد تركها من أجل الرَّحم بينهم.[٦]
ولقد كان للرَّسول جدَّة من ثقيف وهي جدَّته الخامسة لأمِّه واسمها هند بنت يربوع الثَّقفيَّة، وقد ترك حينها النَّبي حرق المزروعات من أجل هذا الرَّحم، ولأنَّه ما وجد نتيجة عمله هذا وهو إجبار ثقيف على الخروج من حصنها.[٦]
رفع حصار الطائف
هل استشار النَّبي أصحابه في رفع حصار الطائف؟
لما طال الحصار ولم تخرج ثقيف إلى مواجهة النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام، وجد النَّبي أنَّ في هذا إهدار للوقت خاصَّة أن ثقيف عندها من المؤن ما يكفيها لسنةٍ كاملةٍ، فأراد أن يسألَ الصَّحابة ويستشيرهم في أمر استمرار الحصار قبل أن يقدم على أي عمل، فأشارعليه نوفل بن معاوية الديلمي بأنَّ تحصن ثقيف في قلاعهم أشبه بثعلبٍ في حجره، فإن انتظرت وصبرت في باب الحجر نلت ما تريد، وإن تركته وذهبت لم يستطع هذا الثَّعلب أن يلحق فيك الضَّرر، وعند سماعه صلى الله عليه وسلم لهذا الرأي قرَّر فك الحصار والرَّحيل.[٧]
فطلب أحد الصَّحابة من الرَّسول -صلى الله عليه وسلم- أن يدعو على ثقيف جراء ما فعلته بهم، وثبت في صحيح التِّرمذي أنَّ رسول الله دعا لهم قائلًا: "اللهم اهْدِ ثَقِيفًا"،[٨] وقد ورد حديثٌ بلفظ "الَّلهمَّ اهدِ ثقيفًا وأتِ بهم"،[٩] ولكن ورد عن هذا الحديث بهذا اللفظ أن إسناده لا يصح.[٧]
عودة البعض إلى القتال
عندما أعلن الرَّسول -صلى الله عليه وسلم- رفع الحصار والرَّحيل إلى المدينة، طلب من الصَّحابي عمر بن الخطاب أن يؤذن بالنَّاس قائلًا أنَّهم سيذهبون في الغد إلى ديارهم كي يهيِّئوا أنفسهم للرَّحيل، ولكن ثَقُل هذا الأمر على بعض الصَّحابة وسألوا رسول الله مستنكرين، عن العودة والقفول من غير أن يفتحوا الطَّائف.[٧] فأخبرهم النَّبي أن بإمكانهم العودة إلى القتال إن شاؤوا عندما قال لهم: "اغْدُوا علَى القِتَالِ"،[١٠] فعادو للقتال وإذ بهم يعودون إلى النَّبي وقد أصيبوا بالعديد من الجراح، فأمرهم عندها الرَّسول بالرَّحيل في اليوم الثَّاني، فأطاعوا الأمر والرسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- يبتسم ويضحك منهم.[٧]
كما يمكنك التعرّف أكثر على غزوة الطائف وكل ما يتعلق بها بالاطلاع على هذا المقال: بحث عن غزوة الطائف
المراجع[+]
- ↑ ابن كثير، البداية والنهاية ط هجر، صفحة 63. بتصرّف.
- ↑ محمد الخضري، نور اليقين في سيرة سيد المرسلين، صفحة 207. بتصرّف.
- ↑ أكرم العمري، السيرة النبوية الصحيحة محاولة لتطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية، صفحة 507. بتصرّف.
- ↑ راغب السرجاني، السيرة النبوية راغب السرجاني، صفحة 4. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد الخضري ، نور اليقين في سيرة سيد المرسلين، صفحة 207 208. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث راغب السرجاني، السيرة النبوية راغب السرجاني، صفحة 5. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث أحمد أحمد غلوش، السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني، صفحة 602. بتصرّف.
- ↑ رواه الترمذي، في صحيح الترمذي، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:3942، حسن صحيح غريب.
- ↑ رواه الألباني، في دفاع عن الحديث، عن حمد بن مسلم المكي أبو الزبير، الصفحة أو الرقم:34، إسناده لا يصح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:4325، صحيح.