الجاحظ
الأديب الجاحظ، واسمُه الكامل هو عمرو بن بحر بن فزارة الليثيّ الكنانيّ البصريّ، وُلد عام 159 للهجرة، وهو أحدُ كبار أدباء العرب في العصر العباسي، وقد وُلد في البصرة وعاش فيها طيلةَ حياته، وكان يفتخر كثيرًا بنسبه إلى بني كنانة، كان الجاحظ مشهورًا بثقافته الموسوعيّة، وحبّه للعلم والمعرفة والاطّلاع على مختلف الثقافات، فلم يكتفِ بما تعلّمه من علوم للغة العربية على أيدي كبار العلماء كالأخفش وأبي عبيدة، بل كان يحبّ أن يطّلع على ثقافات غير العربيّة كالفارسيّة والهنديّة واليونانيّة، وهذا ما ساعد في إتقانِه للغة الفارسيّة، حتى أنّه ضمن كتابه البيان والتّبيين بعض النصوص الفارسية، وللجاحظ مؤلّفات كثيرة لا تُعدّ ولا تُحصى من أشهرها: كتاب البخلاء، وكتاب البيان والتبيين، وكتاب المَحاسن والأضداد، وكتاب الحيوان، وقد اشتُهر هذا الأديب بلقبِه الجاحظ أكثر من اسمه الأصليّ، ولذلك هناك فضول كبير لمعرفة سبب تسمية الجاحظ بهذا الاسم.[١]
لماذا سمي الجاحظ بهذا الاسم
من المَعروف عن العرب فيما سبق من العصور أنهم كانوا يطلقون على بعضهم ألقابًا ترتبط بشكلِهم، أو بعلمهم، أو بتصرّفاتهم، أو بنسبهم، أو بسمة مميزة تميزهم، وأكثر ما تُستعمل هذه الألقاب للشخصيّات البارزة والمشهورة مثل: الأدباء والشعراء والعلماء، والأمثلة على هذا الكلام كثيرة، مثل الشاعر المتنبي الذي لُقّب بهذا اللقب بسبب ادعائه النبوة، ومثل "أبو فراس الحمداني" الذي لُقّب بالحمداني نسبة إلى بني حمدان، ومن بعض الأسئلة التي ترد في هذا الصدد هو لماذا سُمي الجاحظ بهذا الاسم الغريب، وممّا ورد في الروايات والمصادر أن الجاحظ كان لديه نتوء في حدقة عينيه فلقبوه بالحدقي، أو الجاحظ، واللقب الأكثر شيوعًا له هو الجاحظ، فقد كانت عيناه جاحظتيْن، حتى أنّه كان مصدرَ سُخرية واستهزاء البعض بسبب شكلِه، إلّا أنّ هذا لم يكن ذا أثر على نتاجِه وأدبه وعلمه، فالجمال الحقيقيّ هو جمال الأخلاق والعِلم والأدب، وهذا ما حازَه الجاحظ، ولولا اتّساع علمِه وسَعة معرفتِه لما بقي ذكره خالدًا إلى يوم الناس هذا.[٢]
السمات الشكلية للجاحظ
مع أنّ الجاحظ اشتُهر بلقب يرتبط بشكله وما في عينيه من جحوظ، إلّا أن المصادر والمراجع لم تُعطي اهتمامًا كبيرًا لوصف شكله وسماته الشكلية بدقة بقدر ما أعطت اهتمامًا لآثاره الأدبية وعلمه الواسع وثقافته العظيمة؛ إذ كانوا يقولون عن الجاحظ إنّه موسوعة متنقّلة من العلم والأدب والبلاغة والفسلفة وعلوم الدّين والسياسة ومختلف التخصصات، وفيما يخص صفاته الشكلية فيُقال إنه كان قبيحًا، قصير القامة،أسمر البشرة، إلا أنه كان يحب الضحك والابتسامة ويكره العبوس والتجهّم، ويرى أن الإنسان يستطيع أن يتعلّم بالضحك أكثر من العُبوس، كما أنّه كان لطيف المعشر، يَظهر السّرور دائمًا على وجهه، ولعلّ علمه الواسع وسعة اطّلاعه انعكَسا على شخصيّته بوضوح؛ إذ كان قويّ الشخصيّة والحُضور ولم يخجل يومًا من شكله أو جحوظ عينيه.[٣]