كيفية رمي الجمرات في الحج

كيفية رمي الجمرات في الحج
كيفية-رمي-الجمرات-في-الحج/

كيفية رمي الجمرات في الحج

إنَّ رمي الجمرات من شعائر الحج الواجبة والمشروعة لكلِّ من قصد هذا المنسك العظيم؛ وقد ورد التصريح بهذه الشعيرة العظيمة في السنة النبوية المتفق على صحتها بين أهل العلم، قال أبو حامد الغزالي رحمه الله: "أما رمي الجمار فأقصد بهِ الانقيادَ للأمرِ، إظهارا للرِّقِّ والعبوديةِ، وانتهاضا لمجرد الامتثال، من غير حظ للعقل والنفس فيه، ثم أقصد به التشبه بإبراهيم عليه السلام، حيث عرض له إبليس -لعنه الله تعالى- في ذلك الموضع ليُدخلَ على حَجِّه شبهة، أو يفتنهُ بمعصية، فأمره الله -عز وجلَّ- أن يرميه بالحجارة طردًا له وقطعًا لأمله...".[١]

وقد ورد في صحيح السنَّةِ النبويّة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: (أَنَّ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- أَرْدَفَ الْفَضْلَ، فَأَخْبَرَ الْفَضْلُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ)،[٢]وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه-: (أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى جَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ، وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ، وَرَمَى بِسَبْعٍ، وَقَالَ: هَكَذَا رَمَى الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ -صلى الله عليه وسلم-).[٣][١]

وأمّا بالنسبة لكيفيّة رمي الجمرات في الحج، فإنّهُ يُسنُّ أنْ يجعلَ الرامي الجمرةَ الصُّغرى على يسارهِ، ثم يبتعدَ عنْها ويقفَ ويدعو متوجهًا إلى القبلة، ويجعلَ الوسطى على يمينهِ، فإذا رماها ابتعد عنها ووقف ودعا الله -سبحانه- متوجهاً إلى القبلة رافعاً يديه في دعائه عند الجمرتين.[٤]

وأمَّا جمرة العقبة فيرميها منْ جهة الوادي؛ لأنها لا تُرمى من الخلف بخلاف الصغرى والوسطى فإنهما تُرميان من كل جهة، ولا يقف عند جمرة العقبة وذلك كله تأسيّا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وأما من يرمي من فوق فيصح له رمي جمرة العقبة من كل الجهات؛ لأن المرمى مَبنـِيٌّ على هيئةٍ تصلُ منْها الحصى إلى المرمى في الأرض.[٤]

مكان رمي الجمرات

هو مجتمع الحصى الذي تتكوم فيه الجمار، سواء الحوض أو ما يحيط به مما تكون فيه الأحجار، والحوض لم يكن في عهد النبوة، ولا الخلفاء الراشدين، وقد تعددت الآراء في وقت بنائه، هل كان في عهد بني أمية، أو بعد هذا، والواجب هو أن يبذل الحاج وسعه حتى يصل إلى المكان الذي يرى منه الشاخص ولا يشق على نفسه، فإذا خاف على نفسه شدة الزحام؛ وقف ورمى من مكانهِ نحو الشاخص سبع حصيات يكبِّر مع كل حصاة، ورميُهُ صحيحٌ حتى لو لم تصلْ أي حصاة إلى الشاخص ولا إلى الحوض.[٥]

وما ذكره بعض الفقهاء من لزوم إيصال الحصى إلى الحوض تكلُّفٌ وتكليفٌ لا دليل عليه؛ لأنَّ الحوض حديث البناء، لم يُبْنَ إلا في نهاية القرن الثالث عشر الهجري، وأما الشاخص فقد بُني للدِّلالة على الموقع الذي يَرْمِي نحوه الحاج، والله -سبحانه- لا ينالُهُ حصى الرامي وإنَّما يناله تقواه له -سبحانه-، والعلماء من ْكلِّ مذهبٍ يشاهدون أكثر الحجاج لا يصل حصاهم إلى الحوض ولا إلى الشاخص، ولم ينكرْ أحدٌ منهم ذلك، أو يقلْ ببطلانِ الرَّمي لأنَّه المستطاع.[٥]

وقت رمي الجمرات

إنَّ رمي الجمرات شعيرة أساسية من شعائر الحج، وعلى الحاج أنْ يكونَ على علم بكلِّ تفاصيل رمي الجمرات، من كيفية رميها، ووقت رميها، ومكان رميها، وأمَّا ما يخصُّ وقت رمي الجمرات فهو نوعان:[٦]

  • النوع الأوّل

وقت فضيلة؛ تأسِّيّا برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو منْ بعد طلوعِ شمس يوم النَّحر بالنّسبة لجمرة العقبة، ومن بعد زوال الشمس إلى آخر النهار بالنسبة للجمرات الثلاث في أيام التشريق الثلاثة، الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجّة لمن تأخَّرَ.

  • النوع الثاني

وقت جواز يبدأ بالنسبة لجمرة العقبة من آخر ليلة العيد بعد منتصف الليل إلى نهاية ليلة الحادي عشر، وبالنسبة للجمرات الثلاث في أيام التشريق له وقتان: وقت جواز إلى آخر الليل، ووقت إباحة دعت إليه ضرورة كثرة الحجاج وشدة الزحام وهو من طلوع الفجر إلى آخر الليل.

ويجوز أن يؤخّر الحاج رمي جميع الجمرات فيرميها بعد الزوال في اليوم الثاني عشر إن تعجل أو الثالث عشر إن تأخَّر، ولكن يجب عليه أن يرمي كلَّ يوم على حدة بالترتيب، فإذا رمى الجمرات الثلاث عن اليوم الحادي عشر مبتدئاً بالصغرى ثم الوسطى ثم العقبة رجع ورمى عن اليوم الثاني وهكذا، وإن لم يرمِ جمرة العقبة في يوم العيد رماها أولاً ثم رجع فرمى الثلاث عن أيام التشريق مرتبة كما تقدم.[٦] 

الحكمة من رمي الجمرات

إنّ رمي الجمرات كما ورد سابقا، شعيرة من أهم شعائر الحج، وهي من واجبات الحج، فرضها الله على كل من سيحجُّ بيتَهُ الحرام، وشرَّعها لحكمة إلهيَّة، فهو العليم الحكيم الذي يشرِّعُ كلَّ شيء لحكمة يعلمُها، وإنّ الحكمة من رمي الجمرات تكمن في عدّة أمور وهي:[٧]

  • الاقتداء بالنبيّ -صلى الله عليه وسلم- واتباع أمره.
  • التذكير بقصة سيدنا إبراهيم الخليل -عليه السلام-، وذلك أنه لما أمره الله بذبح ولده وسعى لتنفيذ ذلك اعترضه الشيطان ووسوس إليه بألّا يذبح ولده فرماه بسبع حصيات، ثم انطلق فاعترضه مرَّةً أخرى فرماه بسبع، ثم انطلق فاعترضه مرّةً ثالثة فرماه وأضجع ولده على جبينهِ وأجرى السِّكِّين على عنقِهِ فلمْ تقطعْ وفداه الله -تعالى- بكبش عظيم.
  • الترغيم للشيطان والإغاظة له فإنه يغتاظ حينما يرى الناس يرجمون المكان الذي اعترض فيه خليل الله إبراهيم -عليه السلام-، فهذا المشهد عبادة وشعيرة من أعظم شعائر الإسلام التي فرضها الله -سبحانه وتعالى-. 

المراجع[+]

  1. ^ أ ب سعيد حوى، الأساس في السنة وفقهها، صفحة 3071. بتصرّف.
  2. الرّاوي: عبد الله بن عباس، المحدّث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الرقم أو الصفحة: 1685، خلاصة حكم الحديث: صحيح
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود ، الصفحة أو الرقم:1748، صحيح.
  4. ^ أ ب كيفية رمي الجمرات, ، "www.alukah.net "، اطُّلِع عليه بتاريخ 15-08-2018، بتصرُّف
  5. ^ أ ب مكان رمي الجمرات, ، "www.alukah.net "، اطُّلِع عليه بتاريخ 15-08-2018، بتصرُّف
  6. ^ أ ب أحمد القضاة، آراء العلماء في رمي الجمرات وأثرها في التيسير على الحجاج، صفحة 27- 30. بتصرّف.
  7. أحمد حطيبة، شرح كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة، صفحة 11. بتصرّف.