محتويات
- ١ قصيدة: النفس تبكي على الدنيا وقد علمت
- ٢ قصيدة: يا عجبًا للناس لو فكروا
- ٣ قصيدة: الموت ربع فناء لم يضع قدما
- ٤ قصيدة: لقد لعبت وجد الموت في طلبي
- ٥ قصيدة: ما لذا الموت لا يزال مخيفًا
- ٦ قصيدة: هو الموت عضب لا تخون مضاربه
- ٧ قصيدة: كفى بك داء أن ترى الموت شافيًا
- ٨ قصيدة: لم يسألو ماذا وراء الموت كانوا
- ٩ قصيدة: أمن المنون وريبها تتوجع
- ١٠ قصيدة: صبي الحياة الشقي العنيد
- ١١ قصيدة: الموت من غادر أعذب به
- ١٢ قصيدة: هو الموت فاصنع كلما أنت صانع
قصيدة: النفس تبكي على الدنيا وقد علمت
يقول علي من أبي طالب:[١]
النَفسُ تَبكي عَلى الدُنيا وَقَد عَلِمَت
- أنَّ السَلامَةَ فيها تَركُ ما فيها
لا دارَ لِلمَرءِ بَعدَ المَوتِ يَسكُنُها
- إِلّا الَّتي كانَ قَبلَ المَوتِ بانيها
فَإِن بَناها بِخَيرٍ طابَ مَسكَنُها
- وَإِن بَناها بَشَرٍّ خابَ بانيها
أَينَ المُلوكُ الَّتي كانَت مُسَلطَنَةً
- حَتّى سَقاها بِكَأسِ المَوتِ ساقيها
أَموالُنا لِذَوي الميراثِ نَجمَعُها
- وَدورُنا لِخرابِ الدَهرِ نَبنيها
كَم مِن مَدائِنَ في الآفاقِ قَد بُنِيَت
- أًمسَت خَرابًا وَدانَ المَوتُ دانيها
لِكُلِّ نَفسٍ وَإِن كانَت عَلى وَجَلٍ
- مِنَ المَنيَّةِ آمالٌ تُقَوّيها
فَالمَرءُ يَبسُطُها وَالدَهرُ يَقبُضُها
- وَالنَفسُ تَنشُرُها وَالمَوتُ يَطويها
قصيدة: يا عجبًا للناس لو فكروا
يقول أبو العتاهية:[٢]
يا عَجَبًا لَلناسِ لَو فَكَروا
- أَو حاسَبوا أَنفُسَهُم أَبصَروا
وَعَبَروا الدُنيا إِلى غَيرِها
- فَإِنَّما الدُنيا لَهُم مَعبَرُ
وَالخَيرُ ما لَيسَ بِخافٍ هُوَ ال
- مَعروفُ وَالشَرُّ هُوَ المُنكَرُ
وَالمَورِدُ المَوتُ وَما بَعدَهُ ال
- حَشرُ فَذاكَ المَورِدُ الأَكبَرُ
وَالمَصدَرُ النارُ أَوِ المَصدَرُ ال
- جَنَّةُ ما دونَهُما مَصدَرُ
لا فَخرَ إِلّا فَخرُ أَهلِ التُقى
- غَدًا إِذا ضَمَّهُمُ المَحشَرُ
لَيَعلَمَنَّ الناسُ أَنَّ التُقى
- وَالبِرِّ كانا خَيرَ ما يُذخَرُ
ما أَحمَقَ الإِنسانَ في فَخرِهِ
- وَهوَ غَدًا في حُفرَةٍ يُقبَرُ
ما بالُ مَن أَوَّلُهُ نُطفَةٌ
- وَجيفَةٌ آخِرُهُ يَفخَرُ
أَصبَحَ لا يَملِكُ تَقديمَ ما
- يَرجو وَلا تَأخيرَ ما يَحذَرُ
وَأَصبَحَ الأَمرُ إِلى غَيرِهِ
- في كُلِّ ما يُقضى وَمايُقدَرُ
قصيدة: الموت ربع فناء لم يضع قدما
يقول أبو العلاء المعري:[٣]
المَوتُ رَبعُ فَناءٍ لَم يَضَع قَدَمًا
- فيهِ اِمرُؤٌ فَثَناها نَحوَ ما تَرَكا
وَالمُلكُ لِلَّهِ مَن يَظفَر بِنَيلِ غِنىً
- يَردُدهُ قَسرًا وَتَضمَن نَفسُهُ الدَرَكا
لَو كانَ لي أَو لِغَيري قَدرُ أُنمُلَةٍ
- فَوقَ التُرابِ لَكانَ الأَمرُ مُشتَرَكا
وَلَو صَفا العَقلُ أَلقى الثِقلَ حامِلُه
- عَنهُ وَلَم تَرَ في الهَيجاءِ مُعتَرِكا
إِنَّ الأَديمَ الَّذي أَلقاهُ صاحِبُهُ
- يُرضي القَبيلَةَ في تَقسيمِهِ شُرُكا
دَعِ القَطاةَ فَإِن تُقدَر لِفيكَ تَبِت
- إِلَيهِ تَسري ولَم تَنصِب لَها شَرَكا
وَلِلمَنايا سَعى الساعونَ مُذ خُلِقوا
- فَلا تُبالي أَنَصَّ الرَكبُ أَم أَركا
وَالحَتفُ أَيسَرُ وَالأَرواحُ ناظِرَةٌ
- طَلاقَها مِن حَليلٍ طالَما فُرِكا
وَالشَخصُ مِثلُ نَجيبٍ رامَ عَنبَرَةً
- مِنَ المَنونِ فَلَمّا سافَها بَرَكا
قصيدة: لقد لعبت وجد الموت في طلبي
يقول أبو العتاهية:[٤]
لَقَد لَعِبتُ وَجَدَّ المَوتُ في طَلَبي
- وَإِنَّ في المَوتِ لي شُغلًا عَنِ اللَعِبِ
لَو شَمَّرَت فِكرَتي فيما شُلِقتُ لَهُ
- ما اِشتَدَّ حِرصي عَلى الدنيا وَلا طَلَبي
سُبحانَ مَن لَيسَ مِن شَيءٍ يُعادِلُهُ
- إِنَّ الحَريصَ عَلى الدُنيا لَفي تَعَبِ
قصيدة: ما لذا الموت لا يزال مخيفًا
ما لِذا المَوْتِ لا يَزالُ مُخيفًا
- كُلَّ يَوْمٍ يَنالُ مِنّا شَريفًا
مولَعًا بالسَّراة ِمنّا فَما يأخذُ
- خذُ الاَّ المهذَّبَ الغطريفا
فلَوَ أنّ المَنُونَ تَعْدِلُ فينَا
- فتنالُ الشَّريفَ والمشروفا
كان في الحقّ أن يعودَ لَنا المَوْتُ
- وأنْ لا نَسُومَهُ تَسْويفا
أيُّها الموتُ لو تجافيتَ عنْ صخ
- رٍ لألفيتهُ نقيًا عفيفا
عاشَ خمسينَ حِجّة يُنكرُ المُنك
- كرَ فينا ويبذلُ المعروفا
رحمة الله والسَّلامُ عليهِ
- وسَقَى قَبرَهُ الرّبيعُ خَريفَا
قصيدة: هو الموت عضب لا تخون مضاربه
يقول ابن رازكة:[٦]
هُوَ المَوتُ عَضبٌ لا تَخونُ مَضارِبُه
- وَحَوضٌ زُعاقٌ كُلُّ مَن عاشَ شارِبُه
وَما الناسُ إِلّا وارِدوهُ فَسابِقٌ
- إِلَيهِ وَمَسبوقٌ تَخِبُّ نَجائِبُه
يُحِبُّ الفَتى إِدراكَ ما هُوَ راغِبٌ
- وَيُدرِكُهُ لا بُدَّ ما هُوَ راهِبُه
فَكَم لابِسٍ ثَوبَ الحَياةِ فَجاءَهُ
- عَلى فَجأَةٍ عادٍ مِنَ المَوتِ سالِبُه
وَلَم يَقِهِ فِرعَونَ عَونٌ أَعَدَّهُ
- وَلا مُردُ نَمروذٍ حَمَت وَأَشايِبُه
وَهَل كانَ أَبقى بُختَنصَّرَ بَختُهُ
- وَأَنصارُهُ لَمّا تَحَدّاهُ واجِبُه
فَما صانَ حِبرًا عِلمُهُ وَكِتابُهُ
- وَلا مَلِكًا أَعلامُهُ وَكَتائِبُه
وَلَسنا نَسُبُّ الدَهرَ فيما يُصيبُنا
- فَلا الدَهرُ جاليهِ وَلا هُوَ جالِبُه
مَضى مُشرِقَ الأَيّامِ حَتّى إِذا اِنقَضَت
- لَيالي أَبي حَفصٍ تَوَلَّت غَياهِبُه
نَقيبٌ نَسينا كُلَّ شَيءٍ لِرُزئِهِ
- تُذَكِّرُناهُ كُلَّ آنٍ مَناقِبُه
أَناعِيَهُ أَرسَلتَ عَزلاءَ مُهجَتي
- فَها دَمُها حِملاقَ جَفني ساكِبُه
طَوى نَعيُهُ وَعيي فَها أَنا غائِبٌ
- عَنِ الحِسِّ فيهِ ذاهِلُ العَقلِ ذاهِبُه
تَمَكَّنَ مِن نَفسي بِنَفسٍ سَماعه
- جَوى فيهِ كُلّي ذابَ قَلبي وَقالِبُه
فَلاقَيتُهُ لُقيا شَجٍ مُتَعَلِّلٍ
- بِصِدقِ الأَماني والأَماني كَواذِبُه
عَزاءَ حَيِيٍّ عَمَّهُ الشَجوُ لا يَني
- تُساوِرُهُ حَيّاتُهُ وَعَقارِبُه
أُعاتِبُهُ فيما أَقامَ وَلَم يَقُم
- عَلى حُجَّةِ المُعذورِ فيما أُعاتِبُه
أَهذي السَحابُ الغُرُّ وَهيَ مُلِثَّةٌ
- بَواكيهِ أَم تِلكَ الرُعودُ نَوادِبُه
تَضَعضَعَتِ الدُّنيا فَسَلمى رَأَيتُهُ
- لِفَقدِ اِبنِ هَد هُدَّ بِالهَمِّ جانِبُه
فَلا حَيَّ إِلّا وَهوَ أَصبَحَ مَأتَمًا
- تُداوَلُهُ أَشياخُهُ وَكَواعِبُه
فَقَد صَحَّ مَوتُ المَكرماتِ بِمَوتِهِ
- وَصَرَّحَ ناعيهِ وَلَوَّحَ ناعِبُه
إِلى أَينَ مَن أَيّامُهُ العيدُ كُلُّها
- مَآكِلُهُ مَصفوفَةٌ وَمَواكِبُه
دَعاهُ السَميعُ المُستَجابُ وَطالَما
- دَعا الأَجفَلى وَالعامُ أَشهَبُ آدِبُه
ألازِمُهُ المَكتوبُ أَن حَلَّ رابَنا
- وَلَكِن نِظامُ العالَمِ اِنحَلَّ كاتِبُه
وَما مثلُ الدُنيا وَراءَ خِصالِهِ
- بِشَيءٍ سِوى لَيلٍ تَهاوَت كَواكِبُه
فَيا طِرفَهُ ما كُنتَ كَالخَيلِ لا أَرى
- سِواكَ غَداةَ الهَيعَةِ البَدر راكِبُه
هُوَ السَيِّدُ المُمتَدُّ في الناسِ ذِكرُهُ
- وَفي البُؤسِ كَفّاهُ وَفي البَأسِ قاضِبُه
يُلايِنُ مُرتاضًا أَريبًا وَيَنبَري
- هِزَبرًا أَبا أَجرٍ عَلى مَن يُغاضِبُه
فَتىً يَهَبُ الآلافَ عَفوًا وَتَنكَفي
- مَخافَتَهُ الأُلافُ حينَ تُحارِبُه
تَنَوَّعَ فيهِ الناسِبونَ فَكُلُّهُم
- إِلى كُلِّ جِنسٍ كامِلِ الوَصفِ ناسِبُه
فَلِلأَبحُرِ الراوونَ أَخبارَ جودِهِ
- وَلِلقَمَرِ الراؤونَ كَيفَ مَناصِبُه
وَلِلأُسُدِ الواعونَ شِدَّةَ بَأسِهِ
- وَما دافَعَت في كُلِّ هَيجا مَناكِبُه
مَذاهِبُ مَن يولي الجَزيلَ وَيَقتَني
- بِهِ الوَفرَ مَن أَعيَت عَلَيهِ مَذاهِبُه
يُجِدُّ فَيفني مَن يُناوي مَهابَةً
- وَيُجدي وَيفني مَن يُوالي مَواهِبُه
عَلانِيَةً يَأتَمُّهُ الجَمُّ وارِدًا
- فَيَضرِبُهُ أَو مارِدًا فَيُضارِبُه
يُناجي بِما في نَفسِ عافيهِ قَلبُهُ
- فَيُتحِفُهُ ما فيهِ نيطَت مَآرِبُه
أَبى فَضلُهُ الحُذّاق أَن يَحذِقوا بِهِ
- فَلا اليَدُ تُحصيهِ وَلا الفَمُ حاسِبُه
فَلَم يُغنِهِ المَجدُ الّذي هوَ حائِزٌ
- تُراثًا عَنِ المَجدِ الَّذي هُوَ كاسِبُه
علا حَزمه مِن طَبعِهِ مُتَعَقِّبٌ
- يُباعِدُهُ الأَمرَ المَلومَ مُقارِبُه
فَما سَدّهُ مُستَأنِسًا ما يُريبُهُ
- مُحاكِيهُ السَدُّ الَّذي شادَ مارِبُه
مَعاطِفُهُ ما ضِقنَ ذَرعًا بِحادِثٍ
- جِليلٍ وَإِن كانَت تُخافُ مَعاطِبُه
إِمامُ نَدى في جامِعِ المَجدِ راتِبٌ
- تُحيلُ القَضايا أَن تُنالَ مَراتِبُه
مُنَوَّرُ مِرآةِ الفُؤادِ مُوَفَّقٌ
- تَراءى لَهُ مِن كُلِّ أَمرٍ عَواقِبُه
تُفَرِّقُ ما يَكفي البَرِيَّةَ كَفُّهُ
- وَتَجمَعُ مَن فَوقَ التُرابِ تَرائِبُه
نسوجٌ عَلى مِنوالِ ما كانَ ناسِجًا
- عَلى ذِكرِهِ مِن عَهدِ يَحيى عَناكِبُه
عَلى يَدِهِ الطولى تَقَمَّصَت مِطرَفًا
- مِنَ العِزِّ وَالإِثراءِ ها أَنا ساحِبُه
أَيَجتَمِعُ البَحرانِ إِلّا إِذا رَسا
- سَفينٌ مُدنّاتٌ إِلَيهِ قَوارِبُه
يُحَكِّمُهُ رُبّانُهُ في نَفيسِها
- وَيَدعوهُ فيما يَصطَفي فَيُجاوِبُه
فَيُصدِرُ رَكبًا بَعدَ رَكبٍ ثَقيلَةً
- بِما وَهَبَت تِلكَ اليَمينُ رَكائِبُه
فَتُبصِرُهُ عَذبًا فُراتًا غَطَمطَمًا
- يَذِلُّ لَهُ حِقوُ الأُجاجُ وَغارِبُه
يُزاحِمُ في بَثِّ الجَميلِ تَسابُقًا
- إِلى شُكرِهِ أَفواهُهُ وَحَقائِبُه
إِلى بابِهِ في كُلِّ تَيهاء مَنهَجٍ
- يُؤَدّي إِلَيهِ طالِبَ العُرفِ لاحِبُه
عَجِبتُ لِأَيدٍ كَيفَ وارَت بِمَضجَعٍ
- غَمامَ أَيادٍ يوعِبُ الأَرضَ صائِبُه
سَقى اللَهُ قَبرًا ضَمَّهُ وَبلَ رَحمَةٍ
- مِنَ الرَوحِ وَالرَيحانِ تَهمي سَحائِبُه
وَأَوفَضَ في وَحشِ التُرابِ بِروحِهِ
- إِلى حَيثُ أَترابُ الجِنانِ تُلاعِبُه
فَصاحِب عَلِيُّ الصَبرَ فيهِ وَآخِهِ
- فَمَحمودَةٌ عُقبى مَنِ الصبرُ صاحِبُه
فَما حانَ حَتّى بانَ مِنكَ سَمَيذَعٌ
- يُجاريهِ في مَيدانِهِ وَيُجاذِبُه
هُوَ الفاعِلُ الخَيراتِ قُدِّرَ حَذفُهُ
- فَثِق بِوُجوبِ الرَفعِ إِنَّكَ نائِبُه
تَبارَيتُما بَدرَينِ في أُفُقِ العُلا
- فَقَد سرَّ باديهِ وَأَحزَنَ غائِبُه
وَما قَلَّدوكَ الأَمرَ إِلّا تَيَقُّنًا
- لِإِدراكِكَ الأَمرَ الَّذي أَنتَ طالِبُه
فَقُم راشِداً وَاِقصُد عَدُوَّكَ واثِقًا
- بِفَتحِكَهُ إِذ هَمُّ خَوفِكَ ناصِبُه
فَيُؤيدُكَ اللَهُ الَّذي هُوَ باسِطٌ
- يَدَيكَ فَمَغلوبٌ بِهِ مَن تُغالِبُه
فَلا يَتنِكَ الحُسّادُ عَمّا تَشاؤُهُ
- فَلَن يَمنَعَ الحُسّادُ ما اللَهُ واهِبُه
فَأَموالُهُم ما أَنتَ بِالسَيبِ واهِبٌ
- وَأَعمارُهُم ما أَنتَ بِالسَيفِ ناهِبُه
كَما لَكَ يا إِنسانَ عَينِ زَمانِهِ
- تَكَنَّفَهُ حِفظٌ مِنَ اللَهِ حاجِبُه
قصيدة: كفى بك داء أن ترى الموت شافيًا
كَفى بِكَ داءً أَن تَرى المَوتَ شافِيا
- وَحَسبُ المَنايا أَن يَكُنَّ أَمانِيا
تَمَنَّيتَها لَمّا تَمَنَّيتَ أَن تَرى
- صَديقًا فَأَعيا أَو عَدُوًّا مُداجِيا
إِذا كُنتَ تَرضى أَن تَعيشَ بِذِلَّةٍ
- فَلا تَستَعِدَّنَّ الحُسامَ اليَمانِيا
وَلا تَستَطيلَنَّ الرِماحَ لِغارَةٍ
- وَلا تَستَجيدَنَّ العِتاقَ المَذاكِيا
فَما يَنفَعُ الأُسدَ الحَياءُ مِنَ الطَوى
- وَلا تُتَّقى حَتّى تَكونَ ضَوارِيا
حَبَبتُكَ قَلبي قَبلَ حُبِّكَ مَن نَأى
- وَقَد كانَ غَدّارًا فَكُن أَنتَ وافِيا
وَأَعلَمُ أَنَّ البَينَ يُشكيكَ بَعدَهُ
- فَلَستَ فُؤادي إِن رَأَيتُكَ شاكِيا
فَإِنَّ دُموعَ العَينِ غُدرٌ بِرَبِّها
- إِذا كُنَّ إِثرَ الغادِرينَ جَوارِيا
إِذا الجودُ لَم يُرزَق خَلاصًا مِنَ الأَذى
- فَلا الحَمدُ مَكسوبًا وَلا المالُ باقِيا
وَلِلنَفسِ أَخلاقٌ تَدُلُّ عَلى الفَتى
- أَكانَ سَخاءً ما أَتى أَم تَساخِيا
أَقِلَّ اِشتِياقًا أَيُّها القَلبُ رُبَّما
- رَأَيتُكَ تُصفي الوُدَّ مَن لَيسَ جازِيا
خُلِقتُ أَلوفًا لَو رَحَلتُ إِلى الصِبا
- لَفارَقتُ شَيبي موجَعَ القَلبِ باكِيا
وَلَكِنَّ بِالفُسطاطِ بَحرًا أَزَرتُهُ
- حَياتي وَنُصحي وَالهَوى وَالقَوافِيا
وَجُردًا مَدَدنا بَينَ آذانِها القَنا
- فَبِتنَ خِفافًا يَتَّبِعنَ العَوالِيا
تَماشى بِأَيدٍ كُلَّما وافَتِ الصَفا
- نَقَشنَ بِهِ صَدرَ البُزاةِ حَوافِيا
قصيدة: لم يسألو ماذا وراء الموت كانوا
يقول محمود درويش:[٨]
- لم يسألوا: ماذا وراء الموت كانوا
- يَحفظُون خريطةَ الفردوس أكثرَ من
- كتاب الأرض, يُشْغِلُهُمْ سؤال آخر:
- ماذا سنفعل قبل هذا الموت؟ قرب
- حياتنا نحيا, ولا نحيا كأنَّ حياتنا
- حِصَصٌ من الصحراء مُخْتَلفٌ عليها بين
- آلهة العِقار، ونحن جيرانُ الغبار الغابرونَ
- حياتنا عبءٌ على ليل المُؤرّخ: كُلّما
- أخفيتُهم طلعوا عليَّ من الغياب
- حياتنا عبء على الرسام: أَرسُمُهُمْ
- فأصبح واحدًا منهم, ويحجبني الضباب
- حياتنا عبء على الجنرال، كيف يسيل
- من شَبَحٍ دم؟ وحياتنا
- هي أن نكون كما نريد.. نريد أَن
- نحيا قليلًا لا لشيء بل لِنَحْتَرمَ
- القيامَةَ بعد هذا الموت واقتبسوا
- بلا قَصْدٍ كلامَ الفيلسوف ألموت
- لا يعني لنا شيئًا نكونُ فلا يكونُ
- اُلموت لا يعني لنا شيئًا يكونُ فلا
- نكونُ
- ورتّبوا أَحلامُهُمْ
- بطريقةٍ أخرى وناموا واقفين
قصيدة: أمن المنون وريبها تتوجع
يقول أبو ذؤيب الهذلي:[٩]
أَمِنَ المَنونِ وَريبِها تَتَوَجَّعُ
- وَالدَهرُ لَيسَ بِمُعتِبٍ مِن يَجزَعُ
قالَت أُمَيمَةُ ما لِجِسمِكَ شاحِبًا
- مُنذُ اِبتَذَلتَ وَمِثلُ مالِكَ يَنفَعُ
أَم ما لِجَنبِكَ لا يُلائِمُ مَضجَعًا
- إِلّا أَقَضَّ عَلَيكَ ذاكَ المَضجَعُ
فَأَجَبتُها أَن ما لِجِسمِيَ أَنَّهُ
- أَودى بَنِيَّ مِنَ البِلادِ فَوَدَّعوا
أَودى بَنِيَّ وَأَعقَبوني غُصَّةً
- بَعدَ الرُقادِ وَعَبرَةً لا تُقلِعُ
سَبَقوا هَوَىَّ وَأَعنَقوا لِهَواهُمُ
- فَتُخُرِّموا وَلِكُلِّ جَنبٍ مَصرَعُ
فَغَبَرتُ بَعدَهُمُ بِعَيشٍ ناصِبٍ
- وَإَخالُ أَنّي لاحِقٌ مُستَتبَعُ
وَلَقَد حَرِصتُ بِأَن أُدافِعَ عَنهُمُ
- فَإِذا المَنِيِّةُ أَقبَلَت لا تُدفَعُ
وَإِذا المَنِيَّةُ أَنشَبَت أَظفارَها
- أَلفَيتَ كُلَّ تَميمَةٍ لا تَنفَعُ
فَالعَينُ بَعدَهُمُ كَأَنَّ حِداقَها
- سُمِلَت بشَوكٍ فَهِيَ عورٌ تَدمَعُ
حَتّى كَأَنّي لِلحَوادِثِ مَروَةٌ
- بِصَفا المُشَرَّقِ كُلَّ يَومٍ تُقرَعُ
لا بُدَّ مِن تَلَفٍ مُقيمٍ فَاِنتَظِر
- أَبِأَرضِ قَومِكَ أَم بِأُخرى المَصرَعُ
ولقد أرى أنّ البُكاء سفاهةٌ
- ولسَوفَ يُولَعُ بالبكا مَن يفجَعُ
والنّفسُ راغبةٌ إذا رغّبْتَها
- فإذا تُرَدُّ إلى قليلٍ تقنَعُ
كم مِن جميلِ الشملِ مُلتئم الهوى
- باتُوا بعيشٍ ناعمٍ فتصدّعوا
فَلَئِن بِهِم فَجَعَ الزَمانُ وَرَيبُهُ
- إِنّي بِأَهلِ مَوَدَّتي لَمُفَجَّعُ
وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ
- في رَأسِ شاهِقَةٍ أَعَزُّ مُمَنَّعُ
وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ
- جَونُ السَراةِ لَهُ جَدائِدُ أَربَعُ
قصيدة: صبي الحياة الشقي العنيد
يقول أبو القاسم الشابي:[١٠]
صَبِيَّ الحَيَاةِ الشَّقِيَّ العنيدْ
- أَلا قدْ ضَلَلْتَ الضَّلالَ البعيدْ
أَتُنشدُ صوتَ الحَيَاةِ الرخيمَ
- وأَنتَ سجينٌ بهذا الوجودْ
وتَطْلُبُ وَرْدَ الصَّبَاحِ المخ
- ضَّبَ مِنْ كفِّ حَقْلٍ حَصِيدْ
إلى المَوْتِ إنْ شِئْتَ هَوْنَ الحي
- اة فَخَلْفَ ظلامِ الرَّدى مَا تُرِيدْ
إلى المَوْتِ يا ابنَ الحَيَاةِ التعيسَ
- ففي الموتِ صَوْتُ الحَيَاةِ الرخيمْ
إلى المَوْتِ إن عَذَّبَتْكَ الدُّهورُ
- ففي الموتِ قَلْبُ الدُّهورِ الرَّحيمْ
إلى المَوْتِ فالموتُ رُوحٌ جميلٌ
- يُرَفْرِفُ مِنْ فوقِ تِلْكَ الغُيومْ
فَرُوحًا بفَجْرِ الخُلُودِ البهيجِ
- وما حَوْلَهُ مِنْ بَنَاتِ النُّجومْ
إلى المَوْتِ فالموتُ جامٌ رَوِيٌّ
- لمنْ أَظْمَأَتْهُ سُمُومُ الفَلاةْ
ولَسْتَ براوٍ إِذا مَا ظَمِئْتَ
- من المنبعِ العذْبِ قبلَ المَمَاتْ
فما الدَّمعُ إلاَّ شرابُ الدُّهورِ
- وما الحزنُ إلاَّ غِذَاءُ الحَيَاةْ
إلى المَوْتِ فالموتُ مهدٌ وَثيرٌ
- تَنَامُ بأَحضانهِ الكَائناتْ
إلى المَوْتِ إن حاصَرَتْكَ الخُطوبُ
- وسَدَّتْ عليكَ سَبيلَ السَّلامْ
ففي عالمِ الموتِ تَنْضُو الحَيَاةُ
- رِداءَ الأَسى وقِنَاعَ الظَّلامْ
وتبدو كما خُلِقَتْ غَضَّةً
- يَفيضُ على وَجْهِها الإِبْتِسامْ
تُعيدُ عليها ظِلالَ الخُلودِ
- وتهفو عليها قُلُوبُ الأَنامْ
إلى المَوْتِ لا تَخْشَ أعماقه
- ففيها ضياءُ السَّماءِ الوَديعْ
وفيها تَمِيسُ عذارى السَّماءِ
- عواريَ يُنْشِدْنَ لحنًا بَديعْ
وفي رَاحِهنَّ غُصُونُ النَّخيلِ
- يُحَرِّكْنَها في فَضَاءٍ يَضُوعْ
تضيءُ بهِ بَسَمَاتُ القُلُوبِ
- وتخبو بهِ حَسَراتُ الدُّموعْ
هو الموتُ طيفُ الخلودِ الجميلُ
- ونِصْفُ الحَيَاةِ الَّذي لا يَنُوحْ
هنالكَ خلفَ الفضاءِ البعيدِ
- يَعيشُ المنونُ القَوِيُّ الصَّبُوحْ
يَضُمُّ القُلُوبَ إلى صَدْرِهِ
- ليأسوَ مَا مَضَّها مِنْ جُروحْ
ويبعثَ فيها رَبيعَ الحَيَاةِ
- ويُبْهِجُها بالصَّباحِ الفَرُوحْ
قصيدة: الموت من غادر أعذب به
يقول ابن المعتز:[١١]
المَوتُ مِن غادِرٍ أُعَذَّبُ بِه
- يَخدَعُني وَعدُهُ وَمَن لِيَ بِه
الهَجرُ في فِعلِهِ وَلَحظَتِهِ
- وَالوَصلُ في قَولِهِ وَفي كُتُبِه
مُنتَقِلٌ في الأَنامِ يُشرِكُ في ال
- حُبِّ أُلوفًا وَلَستُ أُشرِكُ بِه
يا غافِلًا عَن جَوايَ يُقلِقُني
- حَسبُ مُحِبٍّ وَأَنتَ تَلعَبُ بِه
قصيدة: هو الموت فاصنع كلما أنت صانع
يقول أبو العتاهية:[١٢]
هُوَ المَوتُ فَاصنَع كُلَّما أَنتَ صانِعُ
- وَأَنتَ لِكَأسِ المَوتِ لا بُدَّ جارِعُ
أَلا أَيُّها المَرءُ المُخادِعُ نَفسَهُ
- رُوَيدًا أَتَدري مَن أَراكَ تُخادِعُ
وَيا جامِعَ الدنيا لِغَيرِ بَلاغِهِ
- سَتَترُكُها فَانظُر لِمَن أَنتَ جامِعُ
فَكَم قَد رَأَينا الجامِعينَ قَدَ اِصبَحَت
- لَهُم بَينَ أَطباقِ التُرابِ مَضاجِعُ
لَوَ أَنَّ ذَوي الأَبصارِ يَرعونَ كُلَّ ما
- يَرَونَ لَما جَفَّت لِعَينٍ مَدامِعُ
طَغى الناسُ مِن بَعدِ النَبِيِّ مُحَمَّدٍ
- فَقَد دَرَسَت بَعدَ النَبِيِّ الشَرائِعُ
وَصارَت بُطونُ المُرمِلاتِ خَميصَةً
- وَأَيتامُها مِنهُم طَريدٌ وَجائِعُ
وَإِنَّ بُطونَ المُكثِراتِ كَأَنَّما
- يُنَقنِقُ في أَجوافِهِنَّ الضَفادِعُ
فَما يَعرِفُ العَطشانُ مَن طالَ رِيُّهُ
- وَما يَعرِفُ الشَبعانُ مَن هُوَ جائِعُ
وَتَصريفُ هَذا الخَلقِ لِلَّهِ وَحدَهُ
- وَكُلٌّ إِلَيهِ لا مَحالَةَ راجِعُ
وَلِلَّهِ في الدنيا أَعاجيبُ جَمَّةً
- تَدُلُّ عَلى تَدبيرِهِ وَبَدائيعُ
وَلِلَّهِ أَسرارُ الأُمورِ وَإِن جَرَت
- بِها ظاهِرًا بَينَ العِبادِ المَنافِعُ
وَلِلَّهِ أَحكامُ القَضاءِ بِعِلمِهِ
- أَلا فَهوَ مُعطٍ مَن يَشاءُ وَمانِعُ
إِذا ضَنَّ مَن تَرجو عَلَيكَ بِنَفعِهِ
- فَدَعهُ فَإِنَّ الرِزقَ في الأَرضِ واسِعُ
وَمَن كانَتِ الدُنيا هَواهُ وَهَمَّهُ
- سَبَتهُ المُنى وَاستَعبَدَتهُ المَطامِعُ
وَمَن عَقَلَ اِستَحيا وَأَكرَمَ نَفسَهُ
- وَمَن قَنِعَ استَغنى فَهَل أَنتَ قانِعُ
لِكُلِّ امرِئٍ رَأيانِ رَأيٌ يَكُفُّهُ
- عَنِ الشَيءِ أَحيانًا وَرَأيٌ يُنازِعُ
لقراءة المزيد من الأشعار، إليك هذا المقال: شعر عن الموت والرحيل.
المراجع[+]
- ↑ "النفس تبكي على الدنيا وقد علمت"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-28.
- ↑ "يا عجبا للناس لو فكروا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-28.
- ↑ "الموت ربع فناء لم يضع قدما"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-28.
- ↑ "لقد لعبت وجد الموت في طلبي"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-28.
- ↑ "ما لِذا المَوْتِ لا يَزالُ مُخيفَا"، ويكي مصدر، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-28.
- ↑ "هو الموت عضب لا تخون مضاربه"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-28.
- ↑ "كفى بك داء أن ترى الموت شافيا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-28.
- ↑ "لم يسألو ماذا وراء الموت"، القصيدة كوم، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-28.
- ↑ "أمن المنون وريبها تتوجع"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-28.
- ↑ "صبي الحياة الشقي العنيد"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-28.
- ↑ "الموت من غادر أعذب به"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-28.
- ↑ "هو الموت فاصنع كلما أنت صانع"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-28.