تعريف ظاهرة الشعر الحديث

تعريف ظاهرة الشعر الحديث
تعريف ظاهرة الشعر الحديث

الشعر الحديث

الشعر الحديث هو وصفٌ للمنهج الحداثي لكتابة القصيدة العربيّة، وهذا أحد التعاريف التي تُقدِّمها الدراسات النقدية المعاصرة، لكن إذا تمّ الانتقال أو التعريج على بداية انطلاق هذا المصطلح؛ فهو في لفظة يُشير إلى الإطار الزمني الذي تتميّز فيه معالم الحياة الأدبية والشِعرية عن الأزمنة السابقة، أيّ أنّه الشِعر الذي كُتِب بعد فترات الحضارات العربية والإسلامية المتتالية كالجاهلي والأموي والعباسي وغيرها، وسيتم في هذا المقال تعريف ظاهرة الشعر الحديث، وتناول مدارس الشعر الحديث بالإضافة إلى تناول الشاعريْن درويش ونازك الملائكة كمثالين عليه.

تعريف ظاهرة الشعر الحديث

يمكن تعريف ظاهرة الشعر الحديث على أنّها دراسة نقدية كان لها نهجٌ مغاير عمَّا تم الاعتماد عليه قبلها، وكان من أهمّ ما أسهم في ظهور ظاهرة الشعر الحديث خروج الشعراء عن المألوف، واتخاذهم أساليبَ جديدة في كتابة القصيدة العربية، وقد ظلّ شكل القصيدة قبل عصر النهضة في الأدب الحديث ـوهي فترة النصف الأول من القرن التاسع عشر الميلاديـ يجري على نمطه الذي كان سائدًا خلال العصر العثماني، فظل، بالرغم من تفاهة أفكاره وابتذال معانيه وأساليبه المثقلة بالصّنعة والبديع، محافظًا على شكل القصيدة التقليدية، سواء في بحورها الخليلية أم قافيتها الموحّدة أو بيتها المكون من صدر وعجز.[١]

ومنذ نهاية القرن التاسع عشر، بدأ الشعر العربي الحديث يغيِّر نمطه وكانت أهم تجديداته متصلة بالموضوعات وإن ظل شكل القصيدة يتبع القالب التقليدي ولا يخرج عنه. وأصبح من أهم الأغراض الشعرية شعر الحماسة والكفاح ضد الاستعمار، والغناء للوطن، والدعوة للإصلاح الاجتماعي، والثورة ضد الفقر والجهل والمرض، والدعوة للحاق بركب الأمم، وبدأ التجديد في القصيدة الحديثة يتجاوز المعاني والصور والأفكار إلى تجارب فنية تتصل بالشكل، فبدأت محاولات الشعر الحر والشعر المرسل الذي لا يتقيد فيه الشاعر بالوزن وقد لا يتقيد بالقافية أيضًا.[١]

مدارس الشعر الحديث

بدأت مع النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي بشائر نهضة فنية في الشعر العربي الحديث، وبدأت أول أمرها خافتة ضئيلة، ثم أخذ عودها يقوى، ويشتدّ حتى اكتملت خلال القرن العشرين متبلورة في اتجاهات شعرية حددت مذاهب الشعر العربي الحديث، ورصدت اتجاهاته. وكان لما أطلق عليه النقاد مدارس الشعر أثر كبير في بلورة تلك الاتجاهات التي أسهمت في بعث الشعر العربي من وهدته كما عملت على رفده بدماء جديدة، مستفيدة من التراث العالمي آخذةً ما يوافق القيم والتقاليد.

وتعدّ مدرسة الإحياء والديوان وأبولو والمهجر والرابطة القلمية والعصبة الأندلسية وجماعة مجلة الشعر أشهر هذه المدارس، إذ إنّها قدمت الجانب النظري وأتبعته بالجانب العملي التطبيقي؛ فكان نقادها يُنَظِّرُون وشعراؤها يكتبون محتذين تلك الرؤى النقدية، فمدرسة الإحياء مثلًا يمثّلها جيل الروّاد محمود سامي البارودي ثمّ أحمد شوقي، ومن عاصرَه أو تلاه مثل: حافظ إبراهيم وأحمد محرم وعزيز أباظة ومحمود غنيم وعلي الجندي وغيرهم.[٢]

محمود درويش أنموذجًا

الشاعر محمود درويش من أكثر الشعراء الذين احتلّوا مساحة واسعة من الشعر الحديث؛ وذلك كونه قد فَرضَ كلمةً ولونًا مُختلِفًا على القصيدة العربية، لمحمود درويش أكثر من ثلاثين ديوان شعرٍ ونثرٍ وثمانية كتب، وتميّز شعره بالوطنية حتى لقّبوه بشاعر فلسطين، وفي الوقت نفسه بالرومانسية والحنين والحب، سواء كان حب الوطن أم الحبيبة.[٣]

أسهم محمود درويش في تطوير الشعر العربي الحديث وتعزيز الرمزية أكثر في شعره، إذ يقول: "وجدت نفسي أسكن النصوص الأدبية التي كنت أقرؤها وأعجبُ بها، فأنا أحد أبناء الثقافة المصريّة تقريبًا والأدب المصري"، وكانت بداية وعيه بقضية وطنه وانتمائه له تحت فبضة الاحتلال دافعًا للشعر، ومال للتيار الرومانسيّ في الشعر العربي المعاصر مقتديًا بشعراء أمثال نزار قباني، وكان نصه الشعري مباشرًا، حتى خرج ليعيش في القاهرة ومن ثم بيروت، فبدأ شعره يأخذ طابع الثورية والاهتمام بالقومية العربية، ورويدًا رويدًا تطور أسلوبه فأخذ يستخدم دلالات شعرية أكثر، وقد وظّف التاريخ والدين والأسطورة والأدب والحضارة في شعره بكثافة.[٣]

نازك الملائكة والشعر الحديث

شاعرة وناقدة، ولدت عام 1923 في بغداد العراق، درست من الابتدائية إلى الثانوية في بغداد، وتخرّجت سنة 1939 في دار المعلمين العالية ببغداد- فرع اللغة العربية، أسهمت نازك الملائكة إسهامًا كبيرًا وإيجابيًا في تطوير القصيدة العربية الحديثة في موضوعها وبنائها من خلال محاولاتها الشعرية الريادية، وقد تابعت نازك دروسًا خاصة في جامعة برنستون وفي جامعة وسكونسن لإعداد الماجستير في الأدب المقارن، ودرست في جامعات: بغداد والبصرة والكويت، وأقامت في لندن والولايات المتحدة وزارت كلًا من فرنسا وإيطاليا وسوريا ومصر والكويت.[٤]

من مؤلفاتها في الشعر: عاشقةُ الّليْل، مأساةُ الحياةِ، أغنيةٌ للإنسان، يغيّر ألوانَه البحر، بينما كانت مؤلفاتها في الدراسات والمقالات: نحو عالمٍ عربيٍّ أفضل، قضايا الشّعر المعاصر.[٤]

رحلت نازك الملائكة عن عمر يناهز الخامسة والثمانين عامًا في العاصمة المصرية، وشُيّع جثمانها ظهر الخميس 21/06/2007 في ضاحية من ضواحي القاهرة، بعد أن أعياها المرض وشيعت جنازتها وسط حشد من المحبين والأقارب، وعلى رأسهم نخبة من الكُتّاب والشعراء العراقيّين والعرب.[٤]

المراجع[+]

  1. ^ أ ب "شعر_(أدب)"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 29-06-2019. بتصرّف.
  2. "مدارس الشعر العربي الحديث"، .marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 30-06-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "من هو محمود درويش - Mahmoud Darwish؟"، arageek.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-06-2019. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت "قصائد ناوك الملائكة"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-06-2019. بتصرّف.