من هو جحا

من هو جحا


من-هو-جحا/

من هو جحا؟

جُحا، هو اسمٌ لشخصية اشتُهرت بالفُكاهة والقصص المُضحكة والساخرة، والممزوجة بالغفلة والحماقة غالبًا، وهو الشخصية الفكاهية الأشهر في الأدب العربي، وكأنّه "الكاريكاتير" الكلاسيكي الأصيل للفن العربي الشعبي، ولكن، جُحا ليس من وحي الخيال، ولا شخصية أسطورية، بل هو اسم لشخصية واقعية وشخص فعليّ! [١][٢]


فإن جُحا هو تابعيّ يُدعى دجين بن ثابت الكوفي الفزاري، والذي يلقّب بأبي خصن أو أبي غصن، ويتبع قبيلة فزارة العربية، وُلد في القرن السابع الميلادي، والأول هجري، إذ يُقال أنّه وُلد في عام 60 من الهجرة، أي 679-680 ميلادي، وتوفي عام 160 هجري، وعاش حياته في الكوفة، ويُذكر أنّ أمّه كانت خادمة عند والدة أنس بن مالك.[١][٢]


عاش جُحا أكثر من مئة عام، وبدأت قصصه تظهر في القرن السابع ميلادي، وتناقل الناس نوادره، وزادوا عليها إلى يومنا هذا، فقد كان شخصًا سمحًا ظريفًا صافي السريرة، وقد كانت مواقفه ليست ناجمةً عن الغباء أو الغفلة، بل على العكس، كان لديه من الفطنة والذكاء في الأمور من حوله، وكان مواقفه وقصصه دليلٌ على خفة ظله.[١][٢]


إن القصص والنوادر الظريفة المنتشرة عن جُحا منذ ذلك الوقت حتى وقتنا الحالي لم تكن من إبداع وتأليف جحا لوحده، بل بدأ الناس يزيدون عليها، ويؤلفون القصص من خيالهم وينسبونها له، وقيل أن بعض ممن يعاديه ألّف حكايات ونسبها إليه، وأخيرًا، يمكن القول أن ظاهرة "جُحا" ظاهرة فنّية نتجت عن إبداع الشعب العربي كاملاً.[١][٢]


جحا في الثقافات الأخرى

لم ينتشر جُحا فقط في ثقافتنا العربية، بل انتقلت الشخصية الفُكاهية هذه إلى الثقافة التركية، وكان هناك شخصية تُشبه جُحا تُدعى نصر الدين خوجة التركي، وفي الثقافة الفارسية كان الملا نصر الدين الفارسي، وهناك الكثير من الشخصيات الطريفة الأخرى في الآداب من مختلف العالم أبرزها الثقافات الكردية والبلغارية والإيطالية، والتي تشبه جُحا في الفكاهة وخفة الدم.[١]


فلسفة جُحا في الفكاهة

كانت تتمثل عبقرية جُحا وفلسفة هذه الشخصية في أمرين، أولهما هو أسلوب هذه الشخصية في مواجهة المواقف، وتحويل المأساة إلى ملهاة وطرائف مُضحكة، مما يساعده على أن يكابد الحياة، وأن يخفف عنه مآسيها، أما الأمر الثاني فهو إظهار جحا بالحمق والغباوة كسمةٍ غالبة عليه، ولكن في داخله، كان هناك ذكاء وبحث عن جوهر الحقيقة، كما كان صريحًا في التعبير عن نفسه، متجاهلاً القيود السياسية والاجتماعية. [٣]


مختارات من نوادر جحا

نذكر هنا بعض نوادر جحا المشهورة:

  • الحمير: كان جحا راكباً حماره حينما مر ببعض القوم، وأراد أحدهم أن يمزح معه فقال له: يا جحا لقد عرفت حمارك ولم أعرفك، فقال جحا: هذا طبيعي لأن الحمير تعرف بعضها.
  • ضاع الحمار بمفرده: ضاع حماره فأخذ يفتش عنه ويحمد الله شاكرًا، فسألوه: لماذا تشكر الله، فقال: أشكره لأني لم أكن راكبًا على الحمار ولو كنت راكبًا عليه لضعت معه.
  • الخجل: شعر جحا بوجود لص في داره ليلًا، فقام إلى الخزانة واختبأ بها، وبحث اللص عن شيء يسرقه فلم يجد فرأى الخزانة فقال: لعل فيها شيئًا، ففتحها وإذ بجحا فيها، فاختلج اللص ولكنه تشجع وقال: ماذا تفعل هنا أيها الشيخ، فقال جحا: لا تؤاخذني فإني عارف بأنك لا تجد ما تسرقه ولذلك اختبأت خجلًا منك.
  • لقب تيمورلنك: سأله تيمورلنك يومًا قائلًا: أتعلم يا جحا أن خلفاء بني العباس كان لكل منهم لقب اختص به، فمنهم الموفق بالله والمتوكل على الله والمعتصم بالله وما شابه، فلو كنت أنا منهم فماذا يجب أن أختار من الألقاب؟ فأجابه على الفور: يا صاحب السمو لا شك بأنك كنت ستُدعى بلقب نعوذ بالله.
  • الحمار المتعلم: دعا والي الكوفة يومًا جحا إلى مجلسه، وعندما جاء جحا إلى الوالي دخل ومعه حماره، فقال له الوالي: لقد دعوتك أنت يا جحا فقط فما دور حمارك، فنظر جحا إلى الوالي وقال له: هو من جاء بي إليك، ففهم الوالي وقال له: يا جحا إني أطلب منك أن تصنع لي أمرًا أعطيك عليه أجرًا، فقال جحا: أستطيع أن أعلم هذا الحمار القراءة والكتابة خلال عشر سنوات، فرد الوالي: عشر سنوات، فقال جحا مؤكداً: نعم أيها الوالي إن تأذن لي، فأعطاه الوالي أجرًا مسبقا على ذلك لغرابة الأمر لديه، وعندما هم جحا بالخروج هو وحماره اقترب منه أحد الحاشية عند الملك، وقال له: ويحك يا جحا أتسخر من الوالي، فقد يعاقبك إن لم تفِ بما قلت، فرد عليه جحا: ويحك أنت، لقد قلت له عشرة سنوات، وهذا يعني خلال هذه المدة، قد يموت الوالي أو يموت جحا أو يموت حماري.

المراجع[+]

  1. ^ أ ب ت ث ج "جحا بين الحقيقة والوهم"، مكتبة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 5/3/2024. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث الزِّرِكْلِي ، أرشيف ملتقى أهل الحديث، صفحة 211. بتصرّف.
  3. د محمد رجب النجار، جحا العربي، صفحة 8-9. بتصرّف.