أهم الفتوحات الإسلامية في أوروبا

أهم الفتوحات الإسلامية في أوروبا
أهم-الفتوحات-الإسلامية-في-أوروبا/

أهم الفتوحات الإسلامية في أوروبا

إنّ أهم الفتوحات الإسلامية في أوروبا هي: فتح الأندلس، فتوحات العثمانيين، فتح أرض الروم، فتح القسطنطينية، فتح جزيرة صقلية، فتح الغال، وفيما يأتي الحديث عنها بالتفصيل:


فتح القسطنطينية

لماذا تنافس الحكام المسلمون على فتح القسطنطينية؟

حدَث فتح القسطنطينية في 29 من شهر مايو عام 1453م، كانت القسطنيطينية في ذلك الوقت تعدُّ من أهم المدن في العالم، فقد أعيد تأسيسها على يد الإمبراطور قسطنطين الأول عام 330م، وكانت عاصمة الإمبراطورية البيزنطية منذ تأسيسها، ومن بداية قيام الدولة الإسلامية كان لها دور كبير ومكانة مهمة في الصراع الإسلامي ضدَّ البيزنطيين، وقد بشر النبي -صلى الله عليه وسلم- بفتح المدينة ومدح القائد والجيش الذي يقوم بفتحها، وقد تنافس المسلمون على فتحها منذ ذلك الوقت، وكانت أولى الحملات عليها في زمن الخليفة معاوية بن أبي سفيان عام 44 هجري، وتكررت الحملات عليها ولكن جميع الحملات باءت بالفشل.[١]


تكررت الحملات على القسطنطينية بعد قيام الدولة العثمانية ومجاورتها للبيزنطيين، وكان السلطان محمد الفاتح يعيش تفاصيل الصراع ضد البيزنطيين من أيام والده، وكان على اطلاع بجميع المحاولات الإسلامية لفتحها، وبعد أن تولى العرش في عام 1451م، بدأ يفكر في فتح القسطنطينية بشكل جدِّي، وكان لتربيته دور كبير في توجيهه إلى هذا الفتح من خلال إظهار مكانة الجهاد والفتوحات في الإسلام، والتأكيد للسلطان محمد أنَّ هو الشخص المقصود في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان يريد أن يتخلص من التهديدات التي تشكلها الدولة البيزنطية على الدولة العثمانية، وأن يربط بين الجزء الآسيوي والجزء الأوروبي من الدولة العثمانية، ليزيد من وحدة الدولة واستقرارها.[٢]


اهتمَّ السلطان بتقوية الجيش العثماني من خلال زيادة عدد أفراده وتدريبه، كما بنى قلعة روملي على الضفة الأوروبية لمضيق البوسفور، واهتمَّ بصناعة الأسلحة والمدافع لفتح القسطنطينية بشكل خاص، وزاد عدد السفن في الأسطول العثماني إلى أكثر من 400 سفينة، وعقد العديد من المعاهدات مع الدول المجاورة، ليتفرغ للفتح، وكانت القسطنطينية محاطة بالماء من ثلاث جهات، بالإضافة إلى الأسوار العالية والتحصينات القوية التي تتمتع بها، لذلك كانت صمدت في وجه 11 محاولة إسلامية لفتحها، واستمرت التجهيزات لفتحها حتى 6 إبريل عام 1453م، حيثُ قاد السلطان محمد الفاتح الجيش العثماني وكانوا قرابة ربع مليون جندي، وخطب فيهمو وحثهم على القتال والجهاد لفتح المدينة.[٢]


في اليوم التالي حُوصرت القسطنطينية من جهات البر جميعها، ونصبت المدافع أمام الأسوار بما فيها المدفع السلطاني الكبير، وانتشرت السفن العثمانية في المياه القريبة من المدينة باستثناء مياه القرن الذهبي بسبب السلسة التي وضعها البيزنطيون وتدمير كل سفينة تحاول العبور إليه، فنقَل السلطان السفن عبر البر إلى القرن الذهبي، وكان القتال قد بدأ بين الطرفين وكلما تهدم جزء من الأسوار كان المدافعين البيزنطيين يقومون ببنائه، وسقط عدد كبير من القتلى بين الطرفين، وأحكم العثمانيون الحصار،[٣] ورغم الصعوبات الكبيرة التي تعرض لها العثمانيون رفض السلطان الانسحاب، وأصر على فتحها وكان ذلك في 29 مايو عام 1453م.[٤]


إذا كنت مهتما بالفتح الإسلامي للقسطنطينية، قد يهمك هذا المقال: معلومات عن فتح القسطنطينية.


فتح الأندلس

هل كان طارق بن زياد أول من دخل الأندلس من المسلمين؟

حدث فتح الأندلس عام 711م،[٥] امتدت الفتوحات الإسلامية في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك إلى أقصى الغرب وصولًا إلى طنجة وسبتة، ولم تتوقف طموحات الفتح الإسلامي أمام البحر، فكانت سرية طريف بن مالك أول سرية إسلامية تدخل الأندلس بإذن من الخليفة الوليد في 710م، فقام بعدة هجمات وغزوات وغنم غنائم كثيرة، وقام بدراسة كاملة لطبيعة المنطقة لكي يضمن دخول الجيش الإسلامي فيما بعد، وعاد إلى موسى بن نصير وشرح له الوضع كاملًا في الأندلس، وبقي موسى بن نصير يعدُّ الجيش عامًا كاملًا لعملية الفتح، فقام بتجهيز 7 آلاف مقاتل وبدأ فتح الأندلس بهم، وقدم يليان حاكم سبتة مساعدة كبيرة للمسلمين في فتح الأندلس.[٦]


وصل جيش المسلمين إلى جنوب الأندلس بقيادة طارق بن زياد وهزم أول حامية في منطقة الجزيرة الخضراء، ثم انتصر على جيش لذريق الذي أرسله لصدهم، وكانت المعركة الأهم في وادي لكَّة التي كانت في 19يوليو عام 711م، واستمرت المعركة 8 أيام استطاع المسلمون أن يهزموا جيش لذريق العظيم،[٧] وصلت إمدادات عسكرية من المغرب وشمال إفريقيا وازداد جيش طارق بن زياد، وقرر مواصلة فتح الأندلس، فتوجه بالجيش الرئيسي إلى طليلطة في الشمال وقسم العديد من السرايا لفتح بقية المدن، ثمَّ وصل موسى بن نصير بجيش كبير لمساعدة جيش طارق بن زياد واستكمال الفتح، وامتد الفتح لسنتين تقريبًا حتى أغسطس عام 713م.[٨]


فتح أرض الروم

متى بدأت محاولات المسلمين في فتح أرض الروم؟

بدأ فتح أرض الروم في عام 644م، فقد بدأت الفتوحات في بلاد الروم منذ عهد الخلفاء الراشدين وخصوصًا في عهد الخليفة عثمان بن عفان، حيثُ تمّ فتح معظم مناطق جنوب وشرق الأناضول، فقد كانت الدولة البيزنطية قوية وتشكل تهديدًا للدولة الإسلامية وخصوصًا على حدودها الشمالية في شمال بلاد الشام، فوجَّه الخليفة أوامره لمعاوية بن أبي سفيان لتوجيه جيش وتحرير أرمينيا بقيادة حبيب بن سلمة، وقد حقق الجيش انتصارات كبيرة وفتح الكثير من المدن الرئيسية أهمها مدينة قاليقلا والتي كانت مركزًا إداريًا للروم في الأناضول، إضافة إلى كل من: برذعة، سكن، خيزان، شروان وغيرها، ولكن الروم أعدوا جيشًا كبيرًا لمواجهة المسلمين وصدِّ تقدمهم.[٩]


أرسل الخليفة جيشًا من العراق لمساندة جيش الشام بقيادة سلمان بن ربيعة الباهلي، اجتمع جيش العراق والشام واستطاع أن يدك مزيدًا من الحصون في أرمينيا، وخلال فترة قصيرة استطاع جيش المسلمين فتح أرمينيا بالكامل وهي معظم أراضي آسيا الصغرى من جهة الشرق، وكان الخليفة على اطلاع كامل بالفتوحات هناك، وتم إضعاف الدولة البيزنطية أكثر وكسر شوكتها وحماية الحدود للدولة الإسلامية من هجمات الجيش البيزنطي، وأصبح المسلمون على مسافة قصيرة من القسطنطينية وأوروبا الشرقية، وقد مهدت هذه الفتوحات إلى فتح مناطق أوروبا الشرقية وفتح القسطنطينية لاحقًا، والسيطرة على أجزاء واسعة من أوروبا عهد الدولة العثمانية عندما وصل المسلمون إلى مشارف فيينا في قلب أوروبا.[٩]


إذا أردت معرفة أول معركة انتصر فيها المسلمون على الروم، اضغط على الجملة المظللة بالأزرق.


فتح جزيرة صقلية

متى قام المسلمون بفتح جزيرة صقلية أول مرة؟

حدث فتح صقلية في 17 يونيو عام 827م، وكان أول فتح لجزيرة صقلية في عهد الخليفة عثمان بن عفان عام 652م ولكنه لم يدُم طويلًا فقد انسحبَ المسلمون بعد أن سيطروا على الجزيرة، خوفًا من الحملة التي أعدها قيصر الروم،[١٠] وتكرّرت غزوات المسلمين للجزيرة بعد ذلك عدة مرات نظرًا لأهميتها الكبيرة لأنها تشكل صلة وصل بين شمال أفريقيا وإيطاليا، وخصوصًا من المسلمين في شمال أفريقيا لأنهم المعنيون بتلك الجزيرة، فغزاها موسى بن نصير عن طريق أحد قادته، وغزاها والي أفريقيا محمد بن يزيد الأنصاري، ووالي إفريقيا عبد الرحمن بن حبيب أيام أبي جعفر المنصور.[١١]


بقي الحال على ذلك إلى أنَّ تمَّ فتحها في زمن حكم دولة الأغالبة على يد القائد أسد بن الفرات،[١١] فقد عقد الأغالبة عدة معاهدات مع الصقليين ما لبث أن نقضها الصقليون، وكانت الأوضاع في صقلية مضطربة، فقد ثار فيمي على حاكم صقلية وقتله واستولى على الحكم فجاءه جيش من البيزنطيين فاستطاع هزيمته، ثم جاء جيش جديد بقيادة قائد أرميني هزم فيمي، فهرب الأخير إلى شمال إفريقيا ولجأ إلى المسلمين وفي ذلك الوقت أرسل زيادة الله بن الأغلب أسد بن الفرات على رأس 10 آلاف مقاتل، وتمكن من فتح جزيرة صقلية وضمها إلى حكم الأغالبة، وزفَّ الخبر إلى الخليفة العباسي في تلك الفترة المأمون.[١٢]


فتح الغال

لماذا لم يتابع المسلمون فتح بلاد الغال؟

بدأ فتح بلاد الغال في عام 719م، بعد أن تمكن المسلمون من السيطرة على كامل بلاد الأندلس توجهت أنظارهم نحو بلاد الغال شمالًا، لتأمين حدودهم الشمالية وإضعاف أعدائهم الذين لجؤوا إلى الشمال من الجيش القوطي بزعامة بلاي، وكانت أولى الحملات إلى بلاد الغال حملة القائد السمح بن مالك الخولاني في سنة 100-102 هجري، ففتح مدينة أربونة وطولوشة وتولوز ثم فتح إقليم سبتمانية بالكامل، وجعل من أربونة قاعدة للقتال شمال جبال ألبرت، وبعد أن استشهد قرب مدينة طولوشة في إحدى المعارك التي هزم فيها المسلمون تولى بعده عنبسة بن سحيم الكلبي وتابع فتح الغال وفتح إقليم بروفانس، وتوجه شرقًا حتى بلغ نهر الرون، وبلغ شمالًا مدينة ليون.[١٣]


رغم هذه الفتوحات لم يقم المسلمون بتثبيت أقدامهم في بلاد الغال، واستشعرت أوروبا الخوف من توغل المسلمين في الغال، فبدأت تعد العدة لمواجهة أي خطر جديد، وفي عام 732م وقعت معركة بلاط الشهداء، كان عبد الرحمن الغافقي واليًا على الأندلس فقاد جيشًا كبيرًا وتوجه شمالًا وفتح دوقية أكيتانية، وسيطر على مدينتي تور وبواتييه، وقبل أن يخرج الجيش من بواتييه فوجئ بجيش كبير من الفرنجة يقوده شارل مارتن الشهير، واستمرت المعركة 8 أيام تعرض فيها جيش المسلمين للهزيمة، وتوقف فتح بلاد الغال عند ذلك الحد وعاد الجيش الإسلامي إلى حصونه في سبتمانية.[١٣]


فتوحات العثمانيين

في عهد أي سلطان عثماني بدأت الفتوحات العثمانية في أوروبا؟

بدأت الفتوحات العثمانية في أوروبا عام 1358م، وقد بدأت في عهد أورخان بن عثمان أرطغرل بعد أن استطاع السيطرة على ما تبقى من الأراضي البيزنطية في آسيا الصغرى،[١٤] أرسل ابنه سليمان الذي فتح مدينة فاليبولي بعد أن ضربها زلزال أدى إلى سقوط أسوارها، وكان ذلك في عام 1358م، وكانت تلك أول مرة ينزل فيها المسلمون في منطقة شرق أوروبا، وهي الضفة الأوروبية لمضيق البوسفور، وقد غيرت هذه الواقعة خريطة الدول في المنطقة هناك إلى الأبد، وقد أسس الأمير أورخان الجيش الانكشاري لمتابعة الفتوحات في أوروبا.[١٥]

لمعرفة معلومات عن الجيش الإنكشاري تأسيسه وثورته، اقرأ هذا المقال: ما هو الجيش الإنكشاري.


في عهد السلطان مراد أحرز العثمانيون تقدمًا سريعًا في أوروبا، واستطاع السيطرة على أدرنة عام 1361م وجعلها عاصمة لها ومقر لقيادة العمليات العسكرية في أوروبا، ثمَّ توجَّه إلى بلاد البلقان وفتح العديد من حصونها وفي تلك الفترة عقد صلحًا مع ملك اليونان، كما فتح مدينة نيس التي كانت تابعة للصرب آنذاك، وتصدى للهجمات البيزنطيين وأجبرهم على دفع الجزية، وأجبر ملك الصرب على الصلح مقابل جزية سنوية يدفعها للعثمانيين، وسيطر ولاته على ألبانيا وقلعة صوفيا، وبحلول عام 1389م كان قد سيطر على بلغاريا بالكامل وتم هزيمة ملك البلغار ومن ثم ملك الصرب، وتمَّ تنظيم وتحصين البلاد التي تم فتحها بشكل جيد حتى لا تفلت من أيديهم بسرعة.[١٦]


بلغت ذروة الفتوحات العثمانية في أوروبا عظمتها في عهد السلطان محمد الفاتح الذي تمكَّن من فتح مدينة القسطنطينية والقضاء على الدولة البيزنطية في أوروبا الشرقية، وجعلها عاصمة لدولته نظرًا لأهميتها في ذلك الوقت، وبعد أن أعاد ترتيب صفوف جيشه وتحصين المدينة تابع فتوحاته في بلاد البلقان، فاستطاع فتح كل من بلاد البوسنة والصرب والمورة وهدَّد ألمانيا والمجر وإيطاليا ومعظم بلاد أوروبا، ودانت له القرم وطرابزون في آسيا الصغرى، ثم سيطر على إقليم البغدان شمال القسطنطينية.[١٧]


في عهد السلطان سليمان العظيم فتح العثمانيون بودا عاصمة المجر وهنغاريا وجزيرة رودوس والعديد من الجزر في البحر المتوسط قرب إيطاليا إضافة إلى مدينة وان، وبذلك أصبحت الدولة العثمانية في قلب أوروبا، وكانت تعدُّ أعظم الإمبراطوريات في العالم في ذلك الوقت وأطلق على سليمان القانوني لقب سليمان العظيم.[١٧]


إذا كنت مهتمًّا بمعرفة أهم القادة الفاتحين، سيفيدك هذا المقال: أسماء قادة الفتوحات الإسلامية.

المراجع[+]

  1. علي الصلابي، فاتح القسطنطينية السلطان محمد الفاتح، صفحة 84-86. بتصرّف.
  2. ^ أ ب علي الصلابي، فاتح القسطنطينية السلطان محمد الفاتح، صفحة 85-96. بتصرّف.
  3. علي محمد الصلابي، السلطان محمد الفاتح فاتح القسطنطينية، صفحة 85-95. بتصرّف.
  4. علي الصلابي، فاتح القسطنطينية السلطان محمد الفاتح، صفحة 108. بتصرّف.
  5. طه عبد المقصود عبية، موجز تاريخ الأندلس من الفتح الإسلامي إلى سقوط غرناطة، صفحة 10. بتصرّف.
  6. راغب السرجاني، قصة الأندلس من الفتح إلى السقوط، صفحة 40-45. بتصرّف.
  7. راغب السرجاني، قصة فتح الأندلس من الفتح إلى السقوط، صفحة 48-55. بتصرّف.
  8. راغب السرجاني، قصة فتح الأندلس من الفتح إلى السقوط، صفحة 65-71. بتصرّف.
  9. ^ أ ب محمود شاكر، موسوعة الفتوحات الإسلامية، صفحة 107-110. بتصرّف.
  10. محمود شاكر، موسوعة الفتوحات الإسلامية، صفحة 115-117. بتصرّف.
  11. ^ أ ب شوقي أبو خليل، فتح صقلية بقيادة الفقيه المجاهد أسد بن الفرات، صفحة 59-61. بتصرّف.
  12. شوقي أبو خليل، فتح صقلية بقيادة الفقيه المجاهد أسد بن الفرات، صفحة 63-66. بتصرّف.
  13. ^ أ ب طه عبد المقصود عبد الحميد أبو عُبيَّة، كتاب موجز عن الفتوحات الإسلامية، صفحة 103-108. بتصرّف.
  14. محمد سيد كيلاني، الدولة العثمانية، صفحة 8-10. بتصرّف.
  15. فائقة محمد بحري، أثر الدولة العثمانية في نشر الإسلام في أوربا، صفحة 44-46. بتصرّف.
  16. فائقة محمد بحري، أثر الدولة العثمانية في نشر الإسلام في أوربا، صفحة 47-50. بتصرّف.
  17. ^ أ ب فائقة محمد بحري، أثر الدولة العثمانية في نشر الإسلام في أوربا، صفحة 50-56. بتصرّف.

532377 مشاهدة