أشعار جميلة العلايلي

أشعار جميلة العلايلي
أشعار جميلة العلايلي

قصيدة: حب المحال

سلني مليكَ عواطفي المحبوبَا

سَلْني عن الحُبِّ المُذِيب قُلوبَا

حبّ المحالِ أصابَ مَعْقِل مهجتِي

فعرَفتُ فيه الصَفْو والتَّعْذيبَا

يا حسرةً تُفني مناهِلَ رغبَتي

يا نزعةً تُحيي الفؤادَ طَرُوبَا

إنِّى أراه مـع الظلام كأنَّه

طيفٌ يلوح مع الحياةِ غريبَا

ويطوف بي شجْوُ الحنينِ كأنَّني

أفْنَيْتُ عُمرَ المُغرمين نحيبَا

لو أنَّ أحزاني تُطيع مدامعي

لرأيتَ دَمْعي في القريضِ صَبيبا

لو أنَّ بحر الحبِّ يأخذ مسرفًا

ماءَ المَدَامعِ ما شكوْتُ سُكُوبَا

لو أنَّ ذاتكَ ما أرُوم وأبْتَغِي

مِنْ كُلِّ قلبٍ ما رجَوْتُ حَبيبَا

لكنَّني أهوى الفُنونَ لأنَّها

تحْيا بمِشْكاةِ الخُلُودِ لَهِيبَا

وأظلُّ أُفْتَن بالمُحَال لأنَّه

رُوحُ الكمالِ فهل عَشِقْتُ عَجِيبَا


قصيدة: الليل

باللهِ، يا ليلُ لا تسمع لأتراحي

فكم حنوتُ على مُضْنَى ومُلْتَاحِ

باللهِ، قل لي هل عيناك قد فُتِحَتْ

على جريحٍِ تمنَّى كفَّ جرَّاحِ

أشكو لنفسيَ من هَمٍّ يُؤرِّقني

والنَّاسُ في ليلِهم هاموا بأفراحِ

هذا يسامر حسناءَ على حِدَةٍ

ما بين نايٍ، ومزمَارٍ، وأقـداحِ

خالٍ من الهَمِّ لا يشكو لها أبدًا

إلا الصَّبابةَ في جَهرٍ وإفصَاحِ

وذاك في نومه قد غُطَّ تحسَبُهُ

من الصَّباحِ على وعْدٍ لصدَّاحِ

وأنتَ، يا ليلُ، ترعاني على حِدَةٍ

ما أطْوَلَ الليلَ للمحرومِ يا صاحِ

أشكو إلى الله قلبًا صاحيًا أبدًا

يا ليته مثل غيري ليس بالصَّاحي


قصيدة: قلب غريب

ربّاهُ قلبي صادٍ كيف أرويهِ

من ذا يُهدهدُ ما فيهِ ويسقيهِ؟

صوت الجحودِ يرنُّ اليومَ في أذنِي

لولا الإباء لرحتُ اليومَ أحكيهِ

قد باتَ قلبي غريبًا في محبتهِ

حبّ طهورٍ فهل من ثمّ يدريهِ؟

وقد غدوتُ وحالي في الورى عجبٌ

وليسَ في الحبِّ ما أخشى فأخفيهِ

أسائلُ اللهَ عن قلبي ليلهمنِي

إن كنت أحيا به أو لا فأرثيهِ؟

قصيدة: يا رب

هيهاتَ لنْ ينسى هواكَ القلبُ
ما كنتُ ساليةً غَرَامكَ إنَّما
ما كنتُ حافلةً لفَقْرِ عَوالمي
هو ذا غَرامي في الحَشَا مُتَوهِّجٌ
ما كنتُ أهْوَى غيرَ ربِّي خَالقي
ما ذاكَ حُبٌّ إنَّما هو جَذْوةٌ
ما ذاكَ حُبٌّ إنَّما هو شُعْلةٌ
أبدًا يُناجيكَ الفُؤادُ الصَّبُّ
أخْشَى يُزَلْزِل جَانِبي الحُبُّ
ونَسِيمُكَ الحَاني علَيَّ يَهُبّ
كالنَّار بالنَّبْتِ الهشيمِ تَشبُّ
قلْبِي اللهيفُ من الغَرامِ يَعُبُّ
قُدْسِيَّةٌ في مُهْجَتي يا رَبّ
أضْواؤها بين الضُلُوعِ تَدِبُّ


قصيدة: مرضي

يا ربّ حَصِّنْ رُوحَ من أرجُو له
يا ربّ وارْفَعْ عَنْهُ كلَّ غَشَاوةٍ
حِصْنًا يَقِيهِ بَوَاعثَ اللَّعَناتِ
ليرى ويُبْصِرَ طَاهِرَ الغَاياتِ


قصيدة: سأظل عاشقة

سأظل عاشقةً لربِّي وحدَهُ
لا تَبْرحُ الأضواءُ ساحةَ مُهْجَتي
يا ربّ فامْنَحْنِي الرِّضَا بكَ واسْقِنِي
سأظلُّ هانِئةً بِحُبٍّ كَامِلِ
فيكَ الرَّجاءُ ورغبة المُتفائلِ
من فيضِ بِرِّكَ ذاكَ أعظم نَائلِ


قصيدة: أمل

لاح الضياءُ وليس لي
إنِّي عليكَ قدِ اعْتَمَدْتُ
وقَصدتُ بَابكَ لاجِئًا
يا ربّ ليسَ سواكَ لِي
يا ربّ غيركَ مِنْ سَنَدْ
وأنتَ نِعْمَ المُعْتَمَدْ
فاشْمَلْ بلُطْفكَ مَنْ قَصَدْ
قلبي بسَاحِكَ قدْ سَجَدْ


قصيدة إلهي

إلهي أنت تَعْلمُ ما بقلبي
فأيِّدْني بإيمانٍ، ودِينٍ
إلهي إنَّني بكَ في هُيامٍ
وهذا الحُبّ حسبي في حياتي
وأنت الواحدُ الأحَدُ المُرَجَّى
إلهي كُلَّما لاحَتْ غُيومٌ
إلهي أنتَ أعلمُ بالخَفَاءْ
فإنَّّ الدِّينَ للدنيا هَناءْ
وهذا الحبُّ دِفءٌ في العَراءْ
ففيه الرِّيُّ بل فيه الغَناءْ
بتلك الأرض تُعْبَدُ والسماءْ
محاها النور نورُك، والصفاء
إلهي إنني أدْعُوك حُبًّا
فبارِكْنِي وباركْ يا إلهي
لقد أهْدَيْتَه لي يا إلهي
وشِعْرِي فيكَ يا ربِّي دُعاءْ
وليدي، أنتَ حسبي والرَّجَاءْ
عطاؤكَ إنَّه نِعْمَ العَطَاءْ
إلهي وامْنَحِ الفُقراءَ زادًا
إلهي وارْحَمِ المَرْضَى فَمِنْهُم
إلهي واهْدِ مَنْ يَسْري بلَيْلٍ
إلهي واشْفِ من يشكُو سقامًا
وزِدْ مَرْضى القُلُوبِ من الشِّفاءْ
فريقٌ كمْ يُعَذِّبهُ البَلاءْ
فأنتَ النُّورُ يَسْطعُ والضِّيَاءْ
فأنتَ الطِّبُّ إنْ عزَّ الدَّوَاءْ
وصُنْ وطنَ العروبة مِنْ أعادٍ
تَحِيكُ لأُمَّتِي شرّ البَلاءْ


قصيدة: دعاء

ضياؤكَ ملءُ أرضيَ والسماء
إلهي إنَّنا قَوْمٌ ضِعافٌ
إلهي فامْحُ عن قومي الخَطايا
وسدِّد في مسيرتنا خُطانَا
وليس يُخِيفُنا حَشْدُ الأعادي
دُعائي في الصَّلاة إليكَ يَرْقَى
ومنكَ النَّصر يُرْجَى والعطاءْ
وليس سواك أقوى الأقوياءْ
ولُطْفُك يا إلهي في القضاءْ
فأنتَ لجُنْدنا نُور النَّجاءْ
فأنتَ وليُّنَا حامي السّماءْ
بجَهْري أنتَ أعلمُ والخَفَاءْ


قصيدة: عتاب

أتخضعُ للهواجسِ عند صمتي

وتأبى أن تُصيخَ إلى اشتياقي

حديثُ الروحِ همسٌ يا قريني

تصوِّره الشفاهُ على المآقي

أليفي لا تقل قلبي عزوفٌ

فلولا البينَ ما طابَ التلاقي

وقد تدنو ليالينا الخوالي

ويُجْمَع شملنا بعد افتراقِ

فحبُّك قد تمكَّن من فؤادي

وذِكْرك شاغلي وبه احتراقي

وكيف رأيتَ في صمتي ملالًا

وقد قيَّدتُ نفسي بالوثاقِ

وعندك من زهورِ الرّوضِ ذكرى

تفوحُ بعطرِ أنفاسِ انطلاقي

فكلُّ خميلةٍ في الرَّوضِ تحكي

أقاصيصَ المحبةِ والوفاقِ

وتلكَ نسائمُ الليلِ الموشَّى

تبوحُ بذكرِ أحلامي الرِّقاقِ

ترفَّقْ أيُّها الزوجُ الموافي

لقد ولّى الفراقُ مع المحاقِ

وما أحلى اللقاءَ على وفاقٍ

وما أحلى الوفاقَ مع العناقِ


قصيدة: من أنا؟

رحماكِ نفسي أجيبي اليوم تسآلي

قد ضقتُ ذرعًا بأعبائي وأثقالي

قد ضقت ذرعًا بما ألقاه فانطفأت

مِشْكاةُ خيرٍ هدت روحي لأفعالِ

فمن أكون؟ وما شأني وما أملي

ولِمَ قدمتُ لهذا العالم البالي

ولمَ خُلقتُ لهذا الكون وا أسفي

ولمَ ولدتُ؟ لماذا جاء بي آلي

لئن ثنى الدهرُ من سهمي وحاربني

فما أبالي وحسبُ القلب آمالي

أنا الأبيَّةُ لا أبغي مهادنةً

إن الصراحة أفعالي وأقوالي

فالقول أجملُه ما كان أصدقَه

وما أردتُ به تبديلَ أعمالي

يا ربِّ من كان معتزًا بفضلك لا

يخشى الملامة من قيلٍ ومن قال

قالت بهمسٍ هنا نفسٌ تعاتبني

أَمَا كفاكِ نعيمًا ذكرك الغالي

كُفِّي الملامةَ ولْترضَيْ بما التمعت

به ليالي الهوى من ضوئك الغالي


قصيدة: يا بائع الصبر

يا بائعَ الصبر بِعْ لي اليوم قنطارَا

فقد غدوتُ بما ألقاه محتارَا

وخذ من الهمِّ ما قد بتُّ أحمله

فدرهم الصَّبر لاقى الهمَّ قنطارَا

ولا تكن مشفقًا فيما ستطلبه

أجراً فإن فؤادي بات صَبّارَا

لقد بكيتُ من الدّنيا وشقوتها

وقد جرى مدمعي في الأرض أنهارَا

وصرت والصّبر موجودًا يُباعُ لنا

ومن يبيع لنا للدهر أسرارَا

يا أيُّها الخلقُ رحماكم فخالقنا

لم يرضَ للخلقُ فوق الأرض أضرارَا

لكننا نحن نشقى من تعصُّبنا

ومن مطامعَ نشقي الأهل والجارَا

فإن رأيتَ حزينًا ناله ضررٌ

من الأنام فكن عونًا وإيثارَا

ولا تحاول بقولٍ منك تخدشه

جرحُ الحزين يزيد الدمع مدرارَا

واسأل له اللهَ صبرًا إن عجزت إذن

عن أن تسوق له ما يُطفئ النَّارَا

وقل له لا تهنْ واصبرْ ومعذرةً

ثم التمسْ لجميع الناس أعذارَا


قصيدة: من وحي المهاتما غاندي

أقبلْ أليفَ مشاعري ويقيني

واكشفْ لنا ما شئتَ كلَّ دفينِ

هبْ لي سلامًا أستعنْ بصفائه

يا مُلهمي هوِّنْ عَليَّ أنيني

هَبْ لي أمانًا فيه خيرُ حياتنا

يا مرسلَ الخيرات غيرَ ضنينِ

ولكَمْ طلعتَ عليَّ في حلم الدجى

نورًا يعبّر عن كمال يقينِ

واجتزتَ بي أُفْق العوالم صاعدًا

يا فرحتي بك يا أعزَّ معينِ

غالبتُ موجَ الدّهر أجتاز المدى

حتى أتيتُ على جناح سفينِ

ما كنت أحسب أن حبك ثروتي

منها أعبُّ تَعقُّلي وجنوني

لما تمكَّن في الضلوع كتمتُه

فطغى على المكنونِ من مكنوني


قصيدة: بين الشك واليقين

تراك هنا البعيد أو القريبْ

فطبعك سيّدي طبعٌ غريبْ

لقد آخذتني دون اكتراثٍ

ولم تشفقْ على الدمع الصّبيب

وكم أشعلت في قلبي لهيبًا

فباتت مهجتي شمعًا يذوب

وغالبتُ الأسى عَلّي أواري

همومَ النفس أو شجن الكروب

وكم أعلو على مسرى ظنوني

ولولا الحبُّ ما اغتُفِرت ذنوب

فكيف تمسّ إحساسي بوهمٍ

ضميري بات يحرس كالّرقيب

ولولا أنني بك مستهامٌ

لما أغضى الفؤادُ عن العيوب

أتنسى أنني نورٌ مشعٌّ

أضيء دجاك في الليل الرّهيب

أتنسى أنني روحٌ ولوعٌ

حباك الدفء في الجو الرّطيب


قصيدة: ليتك تعرف

الله في دنيا تموج ظلامَا

أنا لا أرى وجهًا بها بسّامَا

والناسُ أشباحٌ تمرّ بخاطري

فأظنها فوق الثراء غمامَا

قالوا فعِيشي مثلَ زهرة نرجسٍ

فأُعانق الأَضواءَ والأَنسامَا

عِيشي كغيرك لا تبالي بالرَّدى

قدرٌ يجرّك حيث شاء ورامَا

سيّان ثمةَ من يتاجر بالهوى

أو من تراه عن الضّلال تسامَى

أو علّ أكثرنا نوالًا للمنَى

قومٌ قضوا تلك الحياة نيامَا

ولقد يُرى من يحتفى في بيته

وحديثه قد فجّر الأَلغاما

قالوا لنا إن الحياة فسيحةٌ

فالضيق لا يبقى هناك دوامَا

خلق الإله البدرَ يكتسحُ الدُّجَى

وتراه في الليل البهيم تماما

وتراه ذوبًا من لُجَيْنٍ سائلًا

وتراه يمحو في الدُّنا الآلاما


يمكنك الاطلاع على أهم أعمال جميلة العلايلي من هذا المقال: الشاعرة المصرية جميلة العلايلي.

22200 مشاهدة