وردت الآية الكريمة (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [لقمان: آية 18] في سورة لقمان، وتأتي هذه الآية الكريمة على لسان لقمان، وهو يوصي ابنه ويعظه، وخلال هذا المقال سنوح معنى هذه الآية الكريمة.
محتويات
معنى ولا تصعر خدك للناس
ورد عن الإمام الطبري أنّ تأويل هذا الجزء من الآية هو، لا تعرض بوجهك عن الإنسان الذي تخاطبه وتكلّمه استحقارًا له واستكبارًا عليه، وأصل الصعر هو مرض يصيب الإبل في العنق أو الرأس حتى تميل أعناقها عن رؤوسها، وهذا وجه تشبيه المتكبر الذي يلتفت عن الناس بالإبل المصابة بهذا الداء،[١]وقد جاء في تفسير السعدي لقوله تعالى: "ولا تصعّر خدك للناس"، أي: لا تميله وتعبس في وجوه الناس، على سبيل التكبّر والعظمة والزهو بالنفس.
وقد قال الطبري أنّ القرّاء قد اختلفوا في قراءة "تُصعّر" حيث قرأها بعض القرّاء الكوفيين والمدنيين بهذا الشكل على وزن "تُفعّل"، وقرأها بعض القرّاء المكيين وعامة قرّاء الكوفة والبصرة والمدينة "تُصاعر" على وزن "تُفاعل"، وهما قراءتان قد قرأ بهما أئمة الإقراء وأيّهما قرأ الإنسان فهو مصيب والمعنى المراد هو ذاته.[١]
معنى ولا تمشي في الأرض مرحًا
جاء في تفسير الكاشف للزمخشري، أن المقصود بالمشي في الأرض مرحًا، هو المشي بالباطل والشر للمرح، دون أن يكون فيه نيه لأمر ديني أو دنيوي مشروع، لذلك جاء النهي عن هذا الفعل، وكذلك وردت في تفاسير أخرى، لا تسير في الدنيا وأنت مظهر للبطر ومفتخرًا بنعم الله مع الإعجاب بالنفس ونسيان شكر الله تعالى، وكلا المعنين وارد ولا يتعارض كل منهما مع الآخر، والله أعلم [٢]
ماذا يعني سبحانه وتعالى بقوله إن الله لا يحب كل مختال فخور؟
تأتي تتمت الآية الكريمة لتبين مقت الله سبحانه وتعالى لكل إنسان يقبل على أفعال فيها تكبر وفخر، حيث يعدد بها نعم الله عليه ويتفاخر بها على الناس، وهو لا يشكر الله على هذه النعم، وقد جاء في التفاسير أن كلمة المختال تعني التكبر، وهي تقابل تصعر في الآية الكريمة، أما الفخور في تقابل المشي مرحًا وتصف من يقوم بهذا الفعل، والله أعلم.[٣]
أسئلة شائعة حول الآية الكريمة ولا تصعر خدك للناس
ما الفرق بين المختال والفخور في قوله تعالى "إن الله لا يحب كل مختال فخور"؟
يقصد بالمختال هو من يفتخر بنفسه وينظر إلى نفسه بعين الافتخار، أما الفخور، فهو من يحتقر الناس، وينظر إليهم بعين الاحتقار.
ما سبب نزول آية (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا)؟
لم يرد في الأثر ذكر لسبب نزول هذه الآية بعينها، ورد سبب نزول الآيات من 6 إلى 9، من قوله تعالى، (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) [لقمان: آية 6] وحتى قوله تعالى (وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [لقمان: آية 9]، إذ ورد أنها نزلت بالنضر بن الحارث، أنه كان يسافر إلى بلاد فارس، ويحدث أهل قريش بقصصهم، ويقول أن محمد صلى الله عليه وسلم يحدثكم عن عاد وثمود، وأنا أحدثكم عن رستم وإسفنديار، والله أعلم.
المراجع[+]
- ^ أ ب "تفسير الطبري"، quran.ksu.edu.sa، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-04. بتصرّف.
- ↑ أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري، تفسير الكاشف، صفحة 17. بتصرّف.
- ↑ تفسير الطبري، محمد بن جرير الطبري، صفحة 144. بتصرّف.