محتويات
أنواع الخطوط العربية
تخرج الخطوط العربية عن محدوديّة الأنواع المشهورة، فإن للخط العربيّ أنواعٌ شتّى تفرّعتْ عبر العصور التاريخية، ومن أبرزها، الخط الكوفي، وخط الرقعة، وخط النسخ، والخطّ الديواني، وخط الثلث، والخط الفارسي، وخط التوقيع، والخط المغربي، والخط الحر.
ونشأت أيضًا خطوط لم تأخذ نصيبًا كبيرًا من الشهرة مثل الأنواع السالف ذكرها، مثل خط المحقق، وخط الطغراء، وخط الجليل، والخط السنبلي، وخط الوسام، وخط السياقة، وخط حروف التاج، والخط المكي والمدني، والخط السوداني، وفيما يأتي تفصيلٌ لكلٍّ منها:
الخط الكوفي
إن الخط الكوفي من أقدم الخطوط وأعرقها في تاريخ الخط العربي، وهو خط يابس ومبسوط، أي يتميز بالخطوط المستقيمة والمنضبطة بقياسات محددة وزوايا قائمة تامّة أو زوايا بدرجة 45، كما أنّه سهل الكتابة وسهل التحكم في كتابة حروفه، هذا ما جعله مُستخدمًا بكثرة في الأعمال الفنية، وزخرفة الجدران والأبنية الإسلامية، وأصبح من أكثر الخطوط استخدامًا في العالم الإسلامي، وهذا ما منحه مسمّيات كثيرة نُسبت إلى حضارات إسلامية عديدة، مثل: [١][٢]
- الخط الكوفي القيرواني أو المغربي
- الخط الكوفي الفاطمي
- الخط الكوفي الشامي
- الخط الكوفي القرطبي
- الخط الكوفي الأندلسي
حظي الخط الكوفي بإعجاب العالم الإسلامي كاملاً، من العرب والفرس والأتراك، فانتشر بشكل كبير، حتى بدأ الفنانون والخطاطون يبتدعون منه أنواعاً وأشكالاً جديدة، لذا، انبثق عن الخط الكوفي الأصلي أقسامًا كثيرة، ومن أشهرها: [١][٢]
- الخط الكوفي البسيط، وهو النوع الأكثر شيوعاً، ونجده على قبّة الصخرة في القدس، والجامع الطولوني في مصر.
- الخط الكوفي المورق، وهو النوع الذي يحتوي على زخارف أوراق الأشجار، واشتُهر في أيام الدولة الفاطمية، حتى أصبح يسمّى "التوريق الفاطمي" واشتُهر في العراق وسوريا وإيران.
- الخط الكوفي المزهر، وهو النوع الذي يتخذ مساحة كبيرة من الكتابة في رسم أوراق الأشجار، وسيقان النبات اللولبية، ويشابه المورق كثيرًا.
- الخط الكوفي المضفور أو المعقود، والذي يُرسم فيه شكل الضفيرة على عمدان الحروف عند تداخلها معاً، ويعدّ من الخطوط المعقّدة كثيرًا، وانتشر بشكل كبير في بلاد فارس.
- الخط الكوفي المربّع، والذي يتميز بكتابة الكلام بزوايا أربع قائمة، فتأخذ الكلمة أو العبارة شكل المربّع، وشاع هذا الشكل في العراق وإيران.
- أنواع الخط الكوفي الأخرى، ظهرت أنواعٌ أخرى من الخط الكوفي في العالم الإسلامي، وهي الخط الكوفي المائل والمنحصر والمعشق والموشح والمحرر والمربع والمدور والمتداخل والمتشعّب والشطرنجي.
خط الرقعة
وهو من الخطوط القديمة، يتميّز بالأصالةِ والبساطة، ويعدُّ من أسهل الخطوط بالنسبة للمبتدئين في تعلّم الخط العربي وفنونه، فهو خطٌّ خالٍ من التعقيد والتكلف، فلا زخرفة فيه إلا في نهاية بعض الحروف، مثل الحروف (د ر و)، وقيل إنّ سرَّ تعلّم هذا الخط موقوفٌ على تعلّم أربعة حروف، وهي (ن ا ع ب) فإن إتقان هذه الحروف الأربعة على أصولها يزيد من إتقان باقي الحروف.[٣]
خط النسخ
يتميّز خط النسخ بالامتداد الطويل لبعض الحروف وإمكانية إطالتها حسب ما تحتاج حاجة الكلمة في الجملة، وتظهر في خط النسخ الأناقة الفنية للخط العربي بأبرز جماليّاتها، إذ قرّر ابن مقلة ـ الذي اجتهد في تقعيد الخط العربيّ ـ أنَّ خطّ النسخ هو المناسب لكتابة القرآن الكريم، ثم أتى من بعده الخطاط ابن البوَّاب، فأكمل قواعد خط النسخ، وأتمّها ليصل إلى يومنا هذا بشكله المعروف بالرشاقة.[٤]
الخط الديواني
الخط الديواني من الخطوط المنحنية، بل الزاخرة بالانحناءات والميَلان، وتُستَخدم فيه الزخرفة والتشكيل بشكل وفير، ثم تفرّع منه الخط الديواني الجلي، الذي يُعَدُّ أكثف الخطوط زخرفةً وزينةً، إذ ابتدعه أحد روّاد الخط العربي وهو شهلا باشا، حيث يُكتب الخط الديواني الجلي بقصبة بقياس معين، ثم يُحاط بالتشكيل والنُّقَط والزخارف بقصبة أصغر قياسًا من القصبة الأولى، وهو يحتاج إلى الكثير من الفنّ والذّوق في توظيف التقوّسات للأحرف وتنظيمها بشكل متناسق.[٥]
خط الثلث
هو الخط الأفخم بين الخطوط جميعها وأكثرها بهاءً وصعوبة، وقد سُمّي بالثلث لأنه يُكتب بثُلث الطومار أو القصبة، وينقسم إلى خفيف أي دقيق، وثقيل أي سميك، ويُزَيَّن بالكثير من الحركات والتشكيل، ويُمكن تداخل حروفه بشكل معقّد لا يُمكن أن يكون مقروءًا بشكل واضح بالنسبة لغير المختصّين بالخط العربي وفنونه، وحين يتمكن الخطاط من الثلث فإنّه يسهل عليه تعلم بقية الخطوط، إذ يُعدّ إعجازًا في عالم الخط العربي، ويُسمّى بأم الخطوط.[٦]
الخط الفارسي
الخط الفارسي، أو ما يسمى خطّ التعليق، وحين يُدمجُ بخط النسخ يُصبحُ اسمه خطُّ "نستَعليق"، والخط الفارسي من أكثر الخطوط جمالًا ورشاقةً بعد الخطّ الديواني، يتميّز بالحروف اللينة والممتدّة والناعمة في كثير من زواياها، والدقة البالغة في أثناء الكتابة، إذ تتطلب كتابته التركيز الشديد والتمكّن من الحرف ورسمِهِ، وفيه يَختلفُ سُمك الحرف ذاته بين بدايةٍ ونهايةٍ أو انحناءٍ أو مُنتصف اختلافاتٍ متباينة، كما يمكن المدّ في حروفه حسب حاجة الجملة المكتوبة.[٧]
خط التوقيع
ويسمى أيضًا خط الإجازة، فهو يجمع بين الثلث والنسخ، وتتميز الألف في هذا الخط بأن لها تقوّسًا منحنى في بدايتها، وتشتر الألف في ذلك مع جميع الحروف القائمة، ويكون في بداية أغلب حروفه انعطاف بسيط يبدأ به الحرف أو ينتهي به، ويُستخدم هذا الخط لكتابة عناوين سور القرآن الكريم وخواتيم المصاحف والإجازات والشهادات العلمية، وقد سُمّي بهذا الاسم لاستخدام الخلفاء له عند التوقيع على الأوراق الرسمية.
خط الطغراء
يعني خط الطغراء العلامة أو الختم أو الرمز الخطّي الذي كان يختم به السلطان المواثيق الرسمية، أو يُنقَش على خاتم الخليفة، فهو تكوينٌ حروفيٌّ يجمعُ في شكلٍ من الأشكال عبارةً يريد الخليقة أن يجعلها رمزًا للدولة، أو يستخدم اسمهُ فيها خَتمًا رسميًّا لتوقيع المراسيم والمواثيق والرسائل، إذ تتداخل فيه الحروف بشكل معقد وتُكثَّف الزخرفة في التشكيل للاستفادة من المساحات الصغيرة وتوظيفها في خدمة الجملة أو النقش، وقد اشتهر في عهد السلطنة السلجوقية والمملوكية والعثمانية.[٧][٨]
الخط المغربي
هو فرع من فروع الخط الكوفي القديم، ويُسمى أيضًا بالخطّ القيرواني، نسبةً إلى القيروان عاصمة المغرب العربيّ سابقًا، وهو يشبه الكوفي إلى حدّ كبير في تقسيمات حروفه وأطوالها وأحجامها، ويتميز بالمستطيلات في تكويناته شتّى، بعكس الخط الذي ظهر بعده، وهو الخط الأندلسي والخط القرطبي، إذ كانا مستديرَين في كثيرٍ من سِماتِهِما.[٩]
وجُمعت فيما بعد خطوط غرب وشمال إفريقيا، وصارت تسمّى الخط المغربي الإفريقي الموحّد، والتي تشتمل الخط التونسي، والجزائري، والفاسي، والسوداني.[٩]
خط المحقق
يُعدّ المحقق فرعًا لخط الثلث، إذ تُكتب به المصاحف ذات الأحجام الكبيرة، ويتميز بالمسارات الواضحة والاستقامة في رسم خطوطه، كما يمتدّ في كثير من الأحرف بشكل أطول من الثلث الأساسي، ولا سيما الأحرف التي تحتوي على خطوط منبسطة في نهاياتها كحرف الميم.
وقد سُمّي بهذا الاسم لوضوحه وجلالهِ، وتحقيق كل حرف من حروفه للأهداف التي وضعَ من أجلها، ومن أبرز مزاياه وَضع ثلاثِ نقاط تحت حرف السين لزخرفته وإبراز تميُّزه، وقد كُتبَت به بعض نُسَخٍ من القرآن الكريم.
خط الجليل
هو الخط الذي استعمله أهل الشام في كتابة المصحف الشريف، وكانوا يستخدمون في كتابته أقلامًا مبسوطةً مستوية السنَّينِ، ولذلك فإنّ هذا الخط كان يميلُ إلى اليباسِ والتضليع في كثير من حروفه، إذ يلتقي مع الخط الكوفي في هذه الصفة وينتمي إلى الخطوط المستقيمة، إلا أنَّ أكثر المميزات التي تفرّد بها الخط الجليل هو طول الأحرف القائمة فيه مقارنةً بغيرها -ولا سيما حرف الألف واللام-.[١٠]
الخط السنبلي
هو خط مُشتق من الخط الهمايوني، وبشكل أدق إلى مجموعة الخطوط المنحنية كالخط الديواني والديواني الجلي والطغراء، قام بإنشائه الخطاط عارف حِكمت التركي، وكان استعماله قليلًا قديمًا، ومع ذلك فإنّ مثاله موجود في اللوحة التي ثبّت عليها الخطاط يوسف ذنون جميع أنواع الخط العربي، أما بعد تطوره إلى شكله الحالي اليوم فقد تفرّع عنه عدة خطوط، وأصبح مُستخدمًا بفنيّة عالية.[٧]
خط الوسام
هو فرعٌ للخط السنبلي، ويعدّ من أحدث الخطوط الموجودة في المقال، ويقومُ على رشاقةٍ تفوقه، وقد ابتدعه الفنان التشكيلي وسام شوكت، ويعدُّ مزيجًا من الخط الديواني والكوفي على مدى عشرين سنة من الإبداع والمحاكاة للعديد من الخطوط العربية، ليكوّن منه ميزانًا خاصًّا للحروف على طريقته، ويعد من الخطوط المستخدمة حاليًّا في الرسم والتصميم.[١١]
خط حروف التاج
هو الخطّ الذي قام باختراعه صاحب التاج ملك مصر "أحمد فؤاد"، إذ حاول أن يمزج بين خط الرقعة وخط النسخ ليبتكر خطًّا ثابتًا لا يتغير شكله، يؤدّي دورهُ في اللغة العربية كما تؤدّي الحروف الكبيرة دورها في اللغة الأجنبية، وذلك بهدف توجيه القارئ إلى بداية الكلام، وإلى الانتباه إلى أسماء الأعلام، وبالفعل نجح في إنشائه لذلك الخط، فسمّي بالتاج ونال جائزة هذا الاختراع.[١٢]
الخط المكي والمدني
وهو الخط الحجازي اللين الذي أرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- بهِ الرسائل إلى الملوك ليدعوهم إلى الإسلام من خلال الكُتَّاب الذين كانوا قد تعلّموا القراءة والكتابة، وهو خطّ فيه اعوِجاج يُمنةً ويُسرةً، تكاد تقل فيه الضوابط الحازمة أو الضابطة للشكل الأساسي فيه، ولكنه يُعرف بتلك الانحناءات التي تميّزه عن غيره من الخطوط.[١٢]
الخط السوداني
ويسمى أيضًا بالخط "التّمبَكتي"، وهو يتميز بالغِلظة والمقاسات الكبيرة والعريضة في أغلب حروفه، ويُنسَب إلى الخطوط اليابسة أكثر من نسبته إلى المستديرة، وقد انتشر تزامنًا مع انتشار الإسلام بين الشعوب الأفريقية في القرن الثاني عَشر.
وقد وُصِفَ بأنّه خط غامض، ولكنه يعكس في حروفه بساطة الحياة في الصحراء الإفريقية وغِلظتها وقساوتها، وتحتفظ بشكل كبير بسمات الخط المغربي.[١٣]
الخط الحر
هو خط مُستَحدَث ليس له قواعد محددة، ولكنه يتبع طريقة معينة في التعلم، إذ إنّ حروفهُ تأخذ شكل تكوينها من جميع الخطوط العربية، ويعتمد على مراعاة الكاتب للفن والزخرفة وحسن استخدام الحرف.
ولكن مع تطوّر هذا الخط حتى يومنا هذا أصبح يأخذ الشكل المدوّر والبيضوي في أغلب حروفه، ويعد من أسهل الخطوط التي يعتمدها مدرّسو الخط العربي لتعليم اليافعين، بعد تمكينهم من أحد الخطّين الأساسيين: الرقعة أو النسخ.[١٤]
المراجع[+]
- ^ أ ب الدكتور عبد العزيز حميد صالح، تاريخ الخط العربي عبر العصور المتعاقبة، صفحة 17. بتصرّف.
- ^ أ ب أحمد صبري زايد، أجمل التكوينات الزخفية في فن كتابة الخط الكوفي، صفحة 7-8. بتصرّف.
- ↑ حسن قاسم حبش، خلاصة خط الرقعة، صفحة 3. بتصرّف.
- ↑ صادق العبادي، مجلة الفيصل: العدد 282 "تاريخ تطور كتابة القرآن الكريم في بلاد فارس"، صفحة 9. بتصرّف.
- ↑ حسن قاسم حبش، جمالية الخط الديواني الجلي، صفحة 5. بتصرّف.
- ↑ حسن قاسم حبش، جواهر الخطاطين في فن كتابة خط الثلث، صفحة 33-34. بتصرّف.
- ^ أ ب ت الدكتور محمود عبّاس حمودة، تطوّر الكتابة الخطية العربية، صفحة 183. بتصرّف.
- ↑ إدهام محمد حبش، إسلامية المعرفة: مجلة الفكر الإسلامي المعاصر العدد 72، صفحة 35. بتصرّف.
- ^ أ ب الدكتور محمود عباس حمودة، تطور الكتابة الخطية العربية، صفحة 188. بتصرّف.
- ↑ رشا محمد علي حسن، سمر محمود جمعة، القيم الجمالية للكتابات والخطوط العربية والاستفادة منها في تصميم زجاج العمارة الداخلية، صفحة 5. بتصرّف.
- ↑ "وسام شوكت"، تشكيل، اطّلع عليه بتاريخ 24/10/2023. بتصرّف.
- ^ أ ب الدكتور محمود عباس حمودة، تطور الكتابة الخطية العربية، صفحة 189. بتصرّف.
- ↑ جاسر خليل أبو صفية، مجلة الفيصل العددان 461، 462، صفحة 82-87. بتصرّف.
- ↑ الدكتور محمود عباس حمودة، تطور الكتابة الخطية العربية، صفحة 187. بتصرّف.