دعاء سيدنا أيوب عليه السلام

دعاء سيدنا أيوب عليه السلام


دعاء-سيدنا-أيوب-عليه-السلام/

ما هو دعاء سيدنا أيوب؟

لجأ سيدنا أيوب -عليه السلام- إلى الله تعالى بالدعاء بعدما أصابه الضر، فقد ابتُلي أيوب -عليه السلام- بأشكالٍ من الابتلاءات، ومنها المرض، وبعد صبر طويل توجّه إلى الله تعالى بالدعاء؛ فكان دعاء أيوب -عليه السلام- عند مرضه هو ما جاء في قوله تعالى: (وَأيُّوبَ إذْ نَادَى رَبَّهُ أنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأنْتَ أرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)،[١] وهو من أبلغ الدعاء وأعظمه؛ حيث قال ابن القيم: إنَّ هذا الدعاء قد جمع ما جمع من التوحيد والافتقار إلى الله تعالى والإقرار برحمته والتوسُّل إليه، وحب القرب منه ومناجاته، وعندما يصل العبد المسلم إلى هذه المرحلة من اللجوء إلى الله والافتقار إليه والتيقّن من رحمته؛ فإنّ الله تعالى يكرمه بكشف بلواه كما كان في قصة أيوب -عليه السلام-، قال تعالى: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ).[٢][٣]


ما حكم الدعاء بدعاء سيدنا أيوب عند المرض؟

كان دعاء النبي أيوب -عليه السلام- عند مرضه: (ربي إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين)؛ حيث التجأ به إلى الله تعالى في أشد أوقاته، واستجاب الله له، وعليه فإنَّه الدعاء به عند المرض مشروع؛ فاللجوء إلى الله بالأدعية والأذكار والرقية الشرعية عند المرض من الأمور المستحبة، وأفضل ما يدعو به المسلم هو دعاء نبي الله أيوب وسائر الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية، ولكن على المسلم ألا يكتفي بالدعاء فقط، بل عليه بالتداوي والعلاج إن احتاج الأمر لذلك مع الدعاء والاتكال على الله واليقين أنّ الشفاء من عنده.[٤][٥]


صبر سيدنا أيوب على الابتلاء

أمر الله -عزّ وجلّ- عباده بالصبر الجميل، لما له من الفضل والأجر الكبير في الدنيا والآخرة، وهذا ما كان في قصة سيّدنا أيوب، فقد كان -عليه السلام- مثالًا عظيمًا في الصبر عند الابتلاء، لقد زالت النِّعم عنه من بعد الرخاء، ومرض سيّدنا أيوب -عليه السلام- مرضًا شديدًا، وفقد الأهل والأولاد، وما كان منه إلّا أنْ بقي صابرًا محتسبًا الأجر العظيم، فقال تعالى: (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)،[٦] وقد اشتكى إلى الله -عزّ وجلّ- من الشيطان لا من الله تعالى، ودليل ذلك قول الله تعالى: (مَسَّنِيَ الشيطان بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ)،[٧] واستمر بصبره ودعائه رغم هذه الابتلاءات التي لا يمكن أنْ يصبر عليها أحد، فبقي مثالًا يحتذى به.[٨]


كم سنة صبر أيوب عليه السلام؟

كان أيوب -عليه السلام- صابرًا محتسبًا، وقيل إنّ سيدنا أيوب صبر على البلاء 18 سنة، وتنقّل من ابتلاء إلى آخر، ولم يضجر طيلة هذه السنوات، إلّا أنَّ زوجته بعد تعبها، طلبت منه أن يدعو الله لأنّه مجاب الدعوة، إلّا أنّه أبى، وكان ردّه: أنّه لبث في الرخاء ثمانين سنة، وإنّه يستحي أنْ يطلب العافية حتى تبلغ مدة بلائه مثل مدة عافيته.[٩]


كيف شُفي أيوب عليه السلام من المرض؟

وصل الابتلاء بأيوب -عليه السلام- إلى حدِِ كبير جدًا، لكنّه كان ذاكرًا شاكرًا، إلى أن وصل المرض إلى قلبه ولسانه؛ فعندها دعا دعاءه العريض: (ربي إني مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)،[١] وقيل إنّ الضر بالنسبة لأيوب -عليه السلام- كان التوقف عن ذكر الله وشكره، حيث بقي لوحده ولجأ إلى الله؛ وعندها جاءت الإجابة؛ حيث أمر الله تعالى أيوب -عليه السلام- بقوله: (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ)،[١٠] فركض وانفجرت من تحت قدميه عينان: شرب من الأولى، فشفي من الأدران، وشرب من الأخرى، فشفي من أمراضه الخارجية، وأُكرم بالشفاء.[٩]


الدروس المستفادة من دعاء أيوب وقصته

رغم إيجاز دعاء أيوب -عليه السلام- إلا أنّه تضمّن من الدروس والعبر الكثير، ومنها:[٨]

  • رغم صبر أيوب -عليه السلام- إلا أنّه توجّه بالدعاء إلى الله تعالى؛ مما يدل على أنّ الدعاء إلى الله تعالى لا تتنافى مع الصبر.
  • نسب أيوب ما أصابه من ضرٍ وأذى إلى الشيطان كما جاء في قوله تعالى: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ)؛[١١] وذلك تأدّبًا وخجلًا من الله تعالى من نسبة الضر والأذى إليه.
  • يدل دعاء أيوب -عليه السلام- وقصّته على عظيم صبره، حتى أنّه أصبح المثل في الصبر يُضرب بأيوب -عليه السلام-.


أدعية للشفاء وتفريج الكرب

هناك أدعيةٌ عديدةٌ يمكن للمسلم أن يدعو بها طلبًا للشفاء وتفريج الكروب بالإضافة لدعاء أيوب -عليه السلام-، وفيما يأتي بيان عدد منها:


أدعية مأثورة للشفاء وتفريج الكرب

من الأدعية المأثورة في القرآن الكريم والسنة النبوية التي يُستحب قولها، والدعاء بها طلبًا للشفاء وتفريج الكروب بإذن الله:[١٢]

  • دعاء يونس -عليه السلام- في قوله تعالى: (لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ).[١٣]
  • (اللَّهمَّ إنِّي عَبدُك، وابنُ عبدِك، وابنُ أمتِك، ناصِيَتي بيدِكَ، ماضٍ فيَّ حكمُكَ، عدْلٌ فيَّ قضاؤكَ، أسألُكَ بكلِّ اسمٍ هوَ لكَ سمَّيتَ بهِ نفسَك، أو أنزلْتَه في كتابِكَ، أو علَّمتَه أحدًا من خلقِك، أو استأثرتَ بهِ في علمِ الغيبِ عندَك، أن تجعلَ القُرآنَ ربيعَ قلبي، ونورَ صَدري، وجَلاءَ حَزَني، وذَهابَ هَمِّي).[١٤]
  • (اللَّهمَّ رحمتَك أَرجو فلا تَكِلني إلى نَفسِي طرفةَ عينٍ، وأصلِح لي شَأني كلَّه لا إلَه إلَّا أنتَ).[١٥]



أدعية عامة للشفاء وتفريج الكرب

يمكن للمسلم الدعاء بأي دعاء شاء، ويرجو الله تعالى أن يُفرّج عنه، ويشفيه بدعاء من صياغته وكلماته، حتى وإن لم تكن أدعية مأثورة، ومن الأدعية العامة التي يمكن الدعاء بها:

  • اللهم فرّج كربي، ويسّر أمري، وأزل ما أصابني من همّ وغمّ.
  • اللهم اشفني بشفائك وداوني بدوائك، وردّ عليّ عافيتي.
  • اللهم اشملني بعفوك، وتولّني بولايتك، وفرّج عني كل ضيق وما لا أُطيق برحمتك يا أرحم الراحمين.

المراجع[+]

  1. ^ أ ب سورة الأنبياء، آية:83
  2. سورة الأنبياء، آية:84
  3. محمد نصر الدين محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 487. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، فتاوى واستشارات الإسلام اليوم، صفحة 497. بتصرّف.
  5. خالد الربعي، من عجائب الدعاء، صفحة 33. بتصرّف.
  6. سورة ص، آية:44
  7. سورة ص، آية:41
  8. ^ أ ب محمد علي الصابوني، روائع البيان تفسير آيات الأحكام، صفحة 428-430. بتصرّف.
  9. ^ أ ب سعيد بن مسفر بن مفرح القحطاني، دروس للشيخ سعيد بن مسفر، صفحة 16. بتصرّف.
  10. سورة ص، آية:42
  11. سورة ص، آية:41
  12. "أدعية لقضاء الدين وتفريج الهم وتنفيث الكرب"، إسلام ويب، 21/3/2011، اطّلع عليه بتاريخ 11/8/2024. بتصرّف.
  13. سورة الأنبياء، آية:87
  14. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:1822، حديث صحيح.
  15. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أبي بكرة نفيع بن الحارث، الصفحة أو الرقم:5090، حسنه الألباني.

brief ملخص المقال

لجأ سيدنا أيوب -عليه السلام- إلى الله بالدعاء بعد أن أصابه الضر والأذى، حيث قال كما جاء في القرآن الكريم: (ربي إنّي مسني الضر وأنت أرحم الراحمين)، وصبر أيوب على الابتلاءات 18 سنة، وكان مثالًا في الصبر والاحتساب، وقد أجاب الله تعالى دعاء أيوب -عليه السلام- فشُفي حين أمره الله تعالى أن يركض برجله فانفجرت عينان شرب منهما، ويُعلمنا دعاء أيوب وقصته أهمية الصبر واللجوء إلى الله، ويُستحب الدعاء بدعاء أيوب عند المرض، بالإضافة إلى الأدعية المأثورة من القرآن والسنة، كما يُمكن للمسلم أن يدعو ربّه بما شاء من الدعاء.

brief

faqأسئلة شائعة

  • دعاء أيوب -عليه السلام- الوارد في القرآن هو الوارد في قوله تعالى على لسان أيوب: (وَأيُّوبَ إذْ نَادَى رَبَّهُ أنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأنْتَ أرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)، وقوله تعالى: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ).

  • ذكر القرآن الكريم دعاء سيدنا يونس -عليه السلام- وهو في بطن الحوت، وذلك في قوله تعالى: (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ).

  • ورد في سورة يوسف ضمن الآيات التي تسرد قصته -عليه السلام- أدعية على لسان أبيه يعقوب -عليه السلام-، كما جاء في قوله تعالى: (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)، وما جاء في قوله تعالى: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ).