محتويات
ما فضل الاستغفار في استجابة الدعاء؟
يُعدُّ الاستغفارُ من الأوراد المهمّة التي يحرص المسلمُ على تكرارها يومياً، فما فضل الاستغفار في استجابة الدعاء؟ وما فضله في السجود؟ وما هو عدد الاستغفار لقضاء الحاجة في اليوم؟ كلّ هذه الأسئلة ستتمُّ الإجابة عنها في هذا المقال، بالإضافة لقصص واقعية للاستغفار في استجابة الدعاء.
إنّ للاستغفار فضائل عديدة، وأبرز هذه الفضائلِ إجابةُ الدّعاء، قال الله -تعالى-: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا)،[١] فدلّت هذه الآية الكريمة على أنّ الله -عزّ وجلّ- جعلَ في الاستغفار تلبيةَ حاجات النّاس ودعواتهم؛ من إنزال المطر والرزق بالأموال والذرية، وهذا من ثمرات الاستغفار، فَمَن كان عنده حاجةً فليستغفر الله -تعالى-، ويطلب حاجته، حيث إن الدعاء مستجاب مع كثرة الاستغفار إن شاء الله.[٢]
أما طريقة الاستغفار فهناك العديد من الصيغ، ومن صِيغ الاستغفار المأثورة قول ما يأتي:[٣]
- أستغفِرُ الله، فقد وردَ عن النّبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه: (كان إذا انصرف من صلاتِهِ استغفرَ ثلاثًا).[٤]
- أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحيّ القيوم وأتوب إليه، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من قال: أستغفِرُ اللهَ، الذي لا إله إلا هو، الحَيَّ القيومَ، وأتوبُ إليه، غُفِرَ له وإن كان فَرَّ من الزَّحْفِ).[٥]
- سيد الاستغفار: حيث ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (سَيِّدُ الاستِغفارِ: اللَّهمَّ أنت رَبِّي، لا إلهَ إلَّا أنت، خلَقْتَني وأنا عَبْدُك، وأنا على عَهْدِك ووعْدِك ما استطَعْتُ، أَعوذُ بك مِن شَرِّ ما صنَعْتُ، أَبوءُ لك بنِعمتِكَ علَيَّ، وأَبوءُ لك بذَنْبي، فاغفِرْ لي، إنَّه لا يَغفِرُ الذُّنوبَ إلَّا أنت. قال: مَن قالها بعْدَما يُصبِحُ موقِنًا بها فمات مِن يَومِه، كان مِن أهْلِ الجَنَّةِ، ومَن قالها بعْدَما يُمْسي موقِنًا بها فمات مِن لَيلتِه، كان مِن أهلِ الجَنَّةِ).[٦]
فضل الاستغفار في السجود لاستجابة الدعاء
أقرب ما يكون العبد من الله -عزّ وجلّ- وهو في حالة السجود، فقد صحّ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (أقربُ ما يكونُ العبدُ من ربِّه و هو ساجدٌ، فأكثروا الدعاءَ).[٧][٨]
وهذا فيه دلالةٌ على أنّ دعاء المسلم وهو ساجد أقرب ما يكون إلى الإجابة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-: (نهيتُ أن أقرأَ القرآنَ راكعًا أو ساجدًا، أما الركوعُ فعظِّموا فيه الربَّ عزّ وجلّ، وأما السجودُ فاجتهدوا في الدعاءِ فقَمِنٌ أن يستجابَ لكم)،[٩] أي حريٌّ أن يُستجاب لكم.[٨]
وبما أنّ الدّعاء في السجود مستجاب، فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- يستغفر الله -تعالى- ثمَّ يدعو في سجوده: (اللَّهمَّ اغفِرْ لي ذنْبي كلَّه، دِقَّه وجِلَّه، وأوَّلَه وآخِرَه، وعلانيتَه وسِرَّه)،[١٠] فيجمعُ بين فضيلة الدّعاء في السّجود وفضيلة الاستغفار، وهذا مظِنّة إجابة الدّعاء.[٨]
كم مرة يجب الاستغفار في اليوم لاستجابة الدعاء؟
ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّهُ قال: (واللَّهِ إنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأَتُوبُ إلَيْهِ في اليَومِ أكْثَرَ مِن سَبْعِينَ مَرَّةً)،[١١] وورد عنه أيضاً أنّه -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنه لَيُغانُ على قلبي، و إني لَأَستغفرُ اللهَ في اليومِ مئةَ مرَّةٍ).[١٢][١٣]
ويجدر بالذّكر أنّ الاستغفار من الأذكار المشروعة على إطلاقها دون تخصيص لعدد معيّن، فليس هناك عدد محدّد يلتزم به المرء كل يوم، بل يستحبّ الإكثار من الاستغفار قدر الإمكان، ففضل كثرة الاستغفار عظيم، وقد قال أبو هريرة بعدما سمع حديث الرسول: "إني لأستغفر الله في اليوم والليلة اثني عشر ألف مرة بقدر ديتي"، ولا بأس إن عيّن المسلم عدداً محدّداً كل يوم بشرط عدم اعتقاده لفضيلة تخصّ هذا العدد على وجه الخصوص.[١٤]
قصص واقعية لفضل الاستغفار في استجابة الدعاء
تقولُ إحداهنّ أنّها كانت تُعاني من عدم الإنجاب، وتريد من الله -تعالى- أن يرزقها الذرية الصالحة، وإذ بها تُنصَح بلزوم الاستغفار حتى يتحقَّق مُرادها، فالتزمت الاستغفار وما لبثت مُدّة يسيرة إلا وقد رزقها الله -عزّوجلّ- بالحمل والإنجاب.[١٥]
يشكو شخصٌ من تَوقِهِ للزّواج وقلّة حيلته، وأنّه من الصعب عليه أن يُقدِمَ عليه لانعدام المال، فلَزِمَ الاستغفار مدّة من الزمن لم تتعدّى الشهور القليلة حتى أجزلَ عليه الله -سبحانه وتعالى- من عطائه وأكرمه بمبتغاه.[١٦]
أسباب استجابة الدعاء
كانَ رسولُ الله حريصًا على الدعاء واللجوء إلى الله، وكانَ يستعيذُ بالله -تعالى- من عدمِ الإجابةِ؛ حتى يُوضّح أهمية ومكانة العبوديةِ للهِ -تَعالى- وحده، وليعلّم الأُمةِ، ومن أسباب استجابة الدعاء ما يأتي:[١٧]
- الإخلاص في النية لله تعالى، حيثُ قال الله -تعالى-: (فَادعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ).[١٨]
- الصدق في الدعاء إلى الله، حيثُ قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ).[١٩]
- حسن الظن بالله، حيثُ روى رسول الله عن ربِّهِ فقال: (يقولُ اللَّهُ تَعالَى: أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي).[٢٠]
- الإيمانِ باللهِ -تَعالى-، وفعل ما أمر به، واتباع رسوله.
- الحرصُ على المأكلِ والمشرَبِ الحلالِ.
- الإكثار من أداء النوافل والأعمال الصالحة.
- الإلحاح في الدعاء والإكثار منه، فَمَنْ عرف اللهَ في الرَّخاءِ عرفه الله بالشدَّةِ.
- الإكثارُ مِنْ الذّكر، قالَ الله -تعالى-: (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)،[٢١] وذلك مما ورد في فضل الاستغفار في استجابة الدعاء.
المراجع[+]
- ↑ سورة سورة نوح، آية:10-12
- ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 303. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 909. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الصفحة أو الرقم:591، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي ، عن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الصفحة أو الرقم:3577، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم:6306، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم:482، صحيح.
- ^ أ ب ت "الدعاء في السجود ليس له حد محدود"، الإمام بن باز، اطّلع عليه بتاريخ 26-7-2021.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عباس ، الصفحة أو الرقم:479، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:483، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم:6307، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن الأغر المزني أبو مالك، الصفحة أو الرقم:2702، صحيح.
- ↑ "فضل الاستغفار وعدده اليومي"، إسلام ويب، 20-11-2012، اطّلع عليه بتاريخ 26-7-2021. بتصرّف.
- ↑ "الاستغفار بعدد معين"، إسلام ويب، 25-6-2009، اطّلع عليه بتاريخ 28-7-2021. بتصرّف.
- ↑ "كثرة الاستغفار مظنة إنجاب الأولاد"، إسلام ويب، 24-2-2004، اطّلع عليه بتاريخ 28-7-2021. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 58. بتصرّف.
- ↑ "من أسباب استجابة الدعاء"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-1-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة غافر، آية: 14.
- ↑ سورة التوبة، آية: 119.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 7405، حديث صحيح.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 35.