محتويات
أول من بنى الكعبة
هل أقوال العلماء متفقة في أول من بنى الكعبة؟ تعددت الأقوال في من أول من بنى الكعبة المشرّفة إلى عدّة أقوال، وهي:
- القول الأول: أنّ الملائكة هي من بنت الكعبة المشرّفة.[١]
- القول الثاني: أن إبراهيم -عليه السلام- هو من بنى الكعبة المشرّفة، فكان هو يبني واسماعيل -عليه السلام- ابنه يناوله الحجر،[١] عَن عَليّ بن أبي طَالب أَن ابراهيم الْخَلِيل هُوَ أول من بنى الْبَيْت.[٢]
- القول الثالث: أنّ آدم عليه السلام هو من بنى الكعبة المشرّفة.[١]
- القول الرابع: أن آدم هو من بناه، ثم اندرس زمن الطوفان، ثم أظهره الله -تعالى- لابراهيم -عليه السلام- فأعاد بناءه.[١]
- القول الخامس: أنّ أول من بنى الكعبة هو شيث بن آدم -عليه السلام-.[٣]
- القول السادس: أنّ الله -تعالى- وضعه، لا ببناء أحد.[٤]
وعلى هذا فالأقوال متنوعة في أول من قام ببناء الكعبة المشرّفة، ورجّح الإمام متولي الشعراوي، القول أن الملائكة هي من بنت الكعبة، وأنّ إبراهيم -عليه السلام- هو من قام برفع القواعد للكعبة المشرّفة، مستندًا بقوله بأنّه لا يعقل أن يُترك النا من عهد آدم إلى عهد إبراهيم -عليه السلام- دون بيت يحجّون فيه.[٥]
تجديد إبراهيم عليه السلام لبناء الكعبة
عندما ماتت هاجر أم اسماعيل -عليه السلام-، ذهب ابراهم -عليه السلام- لتفقد أحوال ابنه، فوجده يبري سهمًا له، فحيّاه، وحيّا اسماعيل أباه، وقال لابنه بأنّ الله أعلى أمره بأن يبني بيتًا، مشيرًا إلى أكَمَة مرتفعهة وما حولها، فكان إسماعيل -عليه السلام- يأتي بالحجارة، وكان الخليل إبراهيم يبني، وهما يقولها: رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العليم، وقيل في شكل بنائها، بأن إبراهيم دعا الله تعالى بأن يبيّن له صفة البناء، فأرسل الله تعالى سحابة، فأمره بأن يبنى مكان ظلّها دون زيادة أو نقصان.[٦]
وحين تمّ البناء أخرج الحجر الأسود من جبل أبي قبيس ووضعه مكانه، وفي قصة الحجر الأسود قيل إنه نزل من الجنّة، وكان أبيضًا، أشد بياضًا من اللبن، فصار أسودًا من ذنوب الناس.[٦]
تطور بناء االكعبة عبر الزمن
اختلف في عدد مرات بناء الكعبة المشّرفة، ويرجّح بأنّها تتقسّم إلى هذه الأنواع:[٧]
- بناء الملائكة للكعبة: في أثر وارد عن ابن عبّاس -رضي الله عنه-، بأنّهم بنوا الكعبة قبل خلق آدم -عليه السلام-.
- بناء آدم عليه السلام: في أثر وارد بأن الله -تعالى- أرسل جبريل لآدم أمرًا ببناء الكعبة، فكان آدم -عليه السلام- يحفر وكانت حواء تنقل التراب، وفي أثر وارد من ابن عبّاس، أنّه -عليه السلام- بناه من خمسة أجبل؛ لبنان، طور زيتا، طور سيناء، الجودي، حرّاء.
- بناء أولاد آدم: بنوها بنو آدم بعد وفاة آدم -عليه السلام-، في موضع خيمة آدم، فلم يزل معمورًا يعمرونه، هم ومن بعدهم، حتى أتى زمن نوح فنسف الطوفان البناء.
- بناء ابراهيم: هذا البناء ثابت بالقرآن والسنّة، فجعل طوله تسعة أذرع، وعرضه اثنين وثلاثين ذراعًا.
- بناء جرهم، والعمالقة، وقريش: بنى بنو جرهم الكعبة بعدما هدمت، وذلك بعد بناء ابراهيم -عليه السلام- للبيت، وبعدها هدم مرة أخرى، فبنى العمالقة البيت مرة أخرى، وبعدها بنته قريش لهدمه مرة أخرى
- بناء قصي بن كلاب: جمع قصي بن كلاب نفقة البنيان، وبناها بنيانًا لم يبن أحد مثله، فكان هو أول من جدد بناء البيت بعد إبراهيم -عليه السلام-، وسقفها بخشب الدوم وجريد النخل.
- بناء قريش للكعبة: حضر هذا البناء الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وهو ابن خمس وثلاثين، وقيل إنه كان ابن خمس وعشرين سنة، وكان رسول الله هو من وضع الحجر الأسود في موضعه، وكان السبب لإعادة بنائهم للكعبة، ما أصابها من الوهن جرّاء السيل العظيم الّذي دخلها وصدّع جدرانها، فجعلوا طولها عشرون ذراعًا.
- بناء عبدالله بن الزبير: وخبر بناءه أمر ثابت، وكان سبب ذلك توهّن الكعبة من حجارة المنجنيق التي أصابتها، حينما حوصر ابن الزبير في مكة المكرمة لمعاندته يزيد بن معاوية، إضافة لما أصابها من الحريق بسبب النار التي أوقدها أنصار ابن الزبير، فطارت الرياح بلهت تلك النار، فاحترقت كسوت الكعبة التي وضعتها قريش، حتى ضعفت جدران الكعبة، ولما زال الحصار عنه، رأى إعادة بناء الكعبة، لما أصابها من ضرر، فوافق على ذلك نفر قليل، وكره ذلك نفر كثير منهم ابن عباس، فبناها على قواعد ابراهم -عليه السلام-، وأدخل فيها ما أخرجته قريش، وزاد في طولها.
- بناء الحجاج بن يوسف الثقفي: وكان ذلك بعد حصار الحجّاج لابن الزبير، فأراد أن يعيد الكعبة المشرّفة لما كانت عليه من بناء قريش لها وهدم ما زاد فيها ابن الزبير، وكان ذلك في سنة أربع وسبعين للهجرة.
آخر بناء للكعبة
استمر بناء الكعبة بعد تجديد الحجاج بن يوسف الثقفي إلى عام 1039 هجري، حيث أنّه هجم مكة سيل دخل الكعبة، وغمر نصف جدرانها، فتصدعت جدران الكعبة، وكان ذلك في عهد السلطان العثماني مراد، فقام بهدم كل ما وهي، وقام بإصلاحه وتجديد بنائه، وانتهى من ذلك في شهر رمضان، عام 1040 هجري، وقد تم البناء على الوضع الذي قام به الحجاج دون زيادة أو نقصان.[٨]
في عام 1377 هجري، أمرت الحكومة السعودية بتجديد سقف الكعبة المشرّفة؛ لأن الأكلة نخرت في أعواد سقف الكعبة لتقادم العهد، إضافة لبعض التغييرات الداخلية والخارجيّة الّتي أمرت بها.[٨]
وبهذا تبيّن بأنّه تم القيام بتجديديْن للكعبة المشرّفة من بعد عهد الحجاج، أحداهما في العهد العثماني، والآخر بأمر من المملكة العربية السعوديّة، وكان التجديدان جزئيين للكعبة، وليس لكامل بناء الكعبة المشرّفة.
المراجع[+]
- ^ أ ب ت ث ابو اليمن العليمي، فتح الرحمن في تفسير القرآن، صفحة 197. بتصرّف.
- ↑ الفاكهي، اخبار مكة للفاكهي، صفحة 207.
- ↑ السيوطي، كتاب التوشيح شرح الجامع الصحيح، صفحة 207. بتصرّف.
- ↑ ابن الجوزي، كتاب التبصرة لابن الجوزي، صفحة 125. بتصرّف.
- ↑ متولي الشعراوي، تفسير الشعراوي، صفحة 5822. بتصرّف.
- ^ أ ب لابن الجوزي، كتاب التبصرة، صفحة 128-131. بتصرّف.
- ↑ التقي الفاسي، كتاب شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام، صفحة 125-132. بتصرّف.
- ^ أ ب عبدالله الخياط، كتاب ما يجب أن يعرفه المسلم عن دينه، صفحة 132-133. بتصرّف.