وردت أحاديث نبويّةٌ عديدةٌ حول ماء زمزم وفضائله العظيمة، ومن أبرز فضائله؛ أنّه يُشرب للتداوي وبقصد الشفاء بإذن الله تعالى؛ فكيف يُشرب ماء زمزم للشفاء؟ وما طريقة التضلّع بماء زمزم؟ آتيًا تفصيل ذلك.
محتويات
ما معنى التضلّع؟
قبل معرفة كيفية التضلع بماء زمزم بنية الشفاء، لا بدَّ من معرفة معنى التضلع، حيثُ يدلُّ التضلّع في اللغة على الامتلاء والارتواء وبلوغ أقصى درجات الشبع،[١] ويفسَّر مفهوم التضلُّع عند أهل العلم والفقه بالشبع من الماء والارتواء منه إلى أن يصل إلى الأضلاع ويتغلغل فيها، ويدلُّ على ذلك المعنى ما وردَ في الحديث الذي رواه المقداد بن الأسود -رضي الله عنه-: (أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شربَ حتى تضلَّع)، [٢] ومعنى هذا الكلام أنَّ رسول الله -صلى الله -عليه وسلم- أكثر من الشرب حتَّى شبعَ وارتوى، ويعدُّ التضلُّع من ماء زمزم من السنن المهجورة فقد وردَ عنابن عباس -رضي الله عنه- أنّه قال: "آيةُ ما بيننا وبينَ المنافقينَ أنَّهم لا يتضلَّعونَ مِن زَمزَمَ".[٣][٤]
طريقة التضلّع بماء زمزم بنية الشفاء
التضلّع سنّةٌ عن النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لذا يُستحب للمسلم فعلها، وممّا ورد في فضل ماء زمزم أنّها ماءٌ مباركةٌ، وأنّها لما شُربت له؛ فللمسلم أن يشربها بنيّة الشفاء بإذن الله تعالى، وآتيًا بيان طريقة التضلع بماء زمزم بنية الشفاء:[٥][٦]
- استقبال القبلة قبل الشرب.
- استحضار نيّة الشفاء عند الشرب.
- التسمية عند البدء بالشرب؛ فيسنّ أن يشرب على ثلاث دفعات اقتداءً بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، ويسمّي الله عند كل مرة.[٧]
- التضلّع؛ بأن يكثرَ من شرب ماء زمزم إلى أن يصل إلى حد الامتلاء والارتواء والشبع، حتى يصل الماء إلى الأضلاع ويتغلغل فيها.
- حمد الله تعالى بعد الشرب والارتواء.
- الدعاء بالشفاء وبما شاء المسلم من الدعاء، ويدعو بإخلاص متيقّنًا الإجابة، فماء زمزم بإذن الله فيه شفاء؛ لما رواه عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (خيرُ ماءٍ على وجهِ الأرضِ ماءُ زمزمَ، فيه طعامٌ من الطعمِ وشفاءٌ من السقمِ).[٨]
فوائد التضلع بماء زمزم
إنّ للتضلّع بماء زمزم فوائد عديدةٌ، وآتيًا كر جملةٍ منها:[٩][١٠]
- الاقتداء بسنة النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ حيث كان النبي يشرب من ماء زمزم متضلعًا.
- إجابة الدعوات التي ينويها المسلم بشربه لماء زمزم؛ لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (ماءُ زمزمَ لما شُرِب له)؛[١١] فإن نوى شفاءً أو رزقًا أو غيرها أُجيب بإذن الله تعالى.
- الإصابة من خيرية ماء زمزم؛ فقد ذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنها خير ماء على وجه الأرض، وقد غسل جبريل بها قلب النبي -عليه الصلاة والسلام- في حادثة شق الصدر.
- التضلع بماء زمزم طعامٌ لمن أراد؛ فقد كان السلف يشربون منه، ويشربون منه أبنائهم فيشبعون ويسدون جوعهم، ورُي عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنّهم كانوا يسمونه شُباعة.[١٢]
- التضلع بماء زمزم براءةٌ من النفاق؛ حيث ورد في الأثر أنّ المنافقين لم يكن المنافقون يستطيعون التضلع منها.
قراءة القرآن على ماء زمزم
تجوز قراءة القرآن على ماء زمزم وشربها بنية الشفاء، بل يجتمع فيها فضلان: فضل زمزم، وفضل قراءة القرآن؛ فيكون ذلك مدعاةً للشفاء بإذن الله تعالى،[١٣] فللمسلم أن يقرأ الآيات والأدعية المأثورة للرقية على ماء زمزم؛ كسورة الفاتحة، وآية الكرسي، والمعوذات، وأواخر آيات سورة البقرة، وأن يدعو بما أُثر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في الرقية من قوله: (أذْهِبِ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ، واشْفِ أنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا)،[١٤][١٥] ثم يشرب ماء زمزم بنية الشفاء، موقنًا بالإجابة بإذن الله.
المراجع[+]
- ↑ "معنى التضلع"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 12/6/2024. بتصرّف.
- ↑ الراوي: المقداد بن الأسود، المحدث: شعيب الأرناؤوط، المصدر: تخريج المسند، الصفحة أو الرقم: 23822، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح على شرط مسلم
- ↑ من السنن المهجورة التضلع, ، "www.saaid.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 4-3-2019، بتصرف
- ↑ م. محمد سعيد قاسم، "من السنن المهجورة - التضلع -"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 11/6/2024. بتصرّف.
- ↑ بلال بن عبد الصابر قديري (8/7/2009)، "العرمرم في فضل زمزم"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 11/6/2024. بتصرّف.
- ↑ "فضل ماء زمزم"، إسلام ويب، 30/4/2000، اطّلع عليه بتاريخ 11/6/2024. بتصرّف.
- ↑ "مدى صحة دعوى أن من سمى الله وحمده ثلاثا عند الشرب لا تحدثه نفسه بمعصية"، إسلام ويب، 11/11/2015، اطّلع عليه بتاريخ 11/6/2024. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1056، إسناده حسن.
- ↑ السخاوي، المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة، صفحة 567-569. بتصرّف.
- ↑ محمد حسين يعقوب، أسرار المحبين في رمضان، صفحة 293-295. بتصرّف.
- ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:201، إسناده صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 16-17. بتصرّف.
- ↑ "هل تجوز القراءة في ماء زمزم ثم شربه للمريض"، فتاوى ابن جبرين، اطّلع عليه بتاريخ 12/6/2024. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:5750، صحيح.
- ↑ "الآيات والأدعية التي يقرؤها من أراد رقية نفسه من السحر، ودعاء القضاء على الهم والغم"، إسلام ويب، 3/2/2002، اطّلع عليه بتاريخ 12/6/2024. بتصرّف.
ملخص المقال
ماء زمزم ماء مباركٌ، ولشربه فضائل وفوائد عديدةٌ، ومنها الشفاء بإذن الله كما ورد في أحاديث عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأمّا التضلّع بماء زمزم فيعني الشرب منه حتى الامتلاء والشبع، ويُستحب للمسلم التضلّع بماء زمزم بنية الشفاء باتباع الخطوات الآتية: استقبال القبلة، استحضار نية الشفاء، التسمية، الشرب على ثلاث دفعات، التضلّع حتى الامتلاء، حمد الله تعالى، والدعاء بالشفاء وبما شاء من الأدعية مخلصًا لله تعالى ومتيقنًا الإجابة.
أسئلة شائعة
لم يرد في الأحاديث النبويّة تحديد مدّة زمانية للتضلّع، وإنّما يتحقّق التضلع بماء زمزم بشربه حدّ الشبع والارتواء، إلى أن يمتلئ الجنب والأضلاع وتتمدّد من شدّة الارتواء.[10]
يجوز التضلّع بماء زمزم في المنزل وفي أي مكانٍ، ولا يقتصر التضلع على وجود شاربها في مكة فقط؛ إذ إنّ ماء زمزم ماءٌ مباركٌ، وفضله يعم سواء داخل مكة أو خارجها، ولا تتعلّق بركتها بمكانٍ أو زمان محدد، فيجوز للمسلم شربها والتضلع منها في المنزل.[17]
لم يرد في النصوص الشرعية الصحيحة أنّ هناك دلالةٌ للاستفراغ بعد التضلّع بماء زمزم، وما يُذكر من أنّ في ذلك دلالةً على الحسد أو العين؛ فلم يثبت ذلك في الشرع، ولا يوجد دليلٌ يؤيده.