الحكمة من تحريم الربا

الحكمة من تحريم الربا

لا يشكّ المؤمن أنّ الله -سبحانه- لا يأمر بأمرٍ ولا ينهى عن شيءٍ إلا لحِكَمٍ عظيمة، ولا شكّ أنّ في تحريم الرّبا درْءاً لمفاسد عظيمةٍ تعود على الفرد والمجتمع، وسيتمّ فيما يأتي استعراضٌ لأبرز الحِكم الظاهرة من تحريم الربا:

حِكم تحريمه المتعلّقة بالفرد

ثبت التحذير من الربا في العديد من النصوص الشرعية في القرآن الكريم والسنة النبوية، ومن أبرز حِكم تحريم الربا التي تتعلّق الأفراد ما يأتي:[١]

  • الربا يضرّ بالفقير كثيراً، لأنّ المُسْتقرض في الغالب يكون فقيراً ومحتاجاً، أمّا المُقرِض فيكون غنياً، وعندما يأخذ المُقرِض من الفقير أكثر من المثل فإنّه يضرّ به.
  • أخذ الزائد من مال المسلم دون عِوضٍ يعدّ من انتهاك حرمة ماله، وقد حرّمت الشريعة الإسلامية انتهاك أموال النّاس وأكلها بالباطل.
  • الربا يدفع المستقرض في كثيرٍ من الأحيان إلى تراكم ديونه، لأنّه يرى في تأخير سداد المال فرصةً للمماطلة، فيظلّ كذلك حتى تعلوه الديون والغرامات والتكاليف، وربّما كان مصيره السّجن بسبب ذلك، فتزداد مصيبته ومصيبة مَن يعولهم.

حِكم تحريمه المتعلّقة بالمجتمع

  • إنّ من أبرز حِكم تحريم الربا التي يعود نفعها على المجتمع ما يأتي:[٢]
  • الرّبا سببٌ لنشر العداوة والمشاحنة والبغضاء بين أفراد المجتمع، وهو يقضي على التآلف والتعاون بينهم.
  • الرّبا سببٌ لتعطّل التجارات والمكاسب والحرف والصناعات التي لا تقوم مصالح المجتمع إلا بها، لأنّ أصحابه يحصلون على الزيادات المحرّمة فيه بدون مشقّة، وهذا يدفعهم إلى اتّخاذه وسيلةً أساسية للكسب وعدم إنتاج ما يُفيد المجتمع من الأعمال، فتقلّ فرص العمل، ويزداد الغنيّ غِنى، والفقير فقراً.
  • أكل الرّبا يُخالف مبادئ الإسلام التي تدعو إلى التكافل والتعاون بين أفراد المجتمع الذي من شأنه أن يُعينهم ويحفظ لهم حقوقهم ومصالحهم.
  • الرّبا وانتشار التعامل به بين النّاس يُسبّب فساد الأخلاق والمنظومة الاجتماعية، لأنّه يغرس في نفس أصحابه الطّمع وحبّ المادّة والاستكثار منها بغضّ النّظر عن الإضرار بالآخرين، وهذا بلا شكّ يُناقض ما يدعو إليه الإسلام من الشعور بحاجة الفقراء وجبر خواطرهم وسدّ احتياجاتهم.[١]

طرق بديلة شرعها الإسلام للتخلص من الربا

هيّأ الإسلام العديد من الوسائل والطرق البديلة عن التعامل بالرّبا، وهو بذلك يحفظ كرامة الإنسان، ويُحقّق مصلحته ومصلحة غيره من أفراد المجتمع، فيقضي الفرد من خلالها حاجته، ويزداد إنتاجه الذي من شأنه أنْ يؤدي إلى ازدهار المجتمع، ونشر روح التعاون والتكافل بين أفراده، ومن أبرز هذه الوسائل ما يأتي:[٣]

  • فرض الزكاة على الغني

أوجبت الشرعية الإسلامية على الغنيّ المكلّف بالزكاة أن يُراعي أحوال الفقراء والمديونين والمحتاجين، فأمرته أن يجعل لهم نصيباً مفروضاً ومقدَّراً من ماله حتى يتقوّم به المحتاجون له، ويسدّوا حاجتهم به.

  • الحثّ على القرض الحسن

ويكون ذلك من خلال وجود المؤسسات التي تكفل التعامل بالقرض الحسن، سواءً كان ذلك على مستوى الفرد أم الجماعات، وهذا بلا شكّ يُساعد في سدّ حاجات النّاس وتحقيق مبدأ التكافل والتعاون بينهم.

  • إباحة بيع المؤجّل

شرع الإسلام بيع المؤجّل بشروطٍ ميسَّرةٍ -مبثوثةٍ في كتب أهل العلم-، وتكون الاستفادة من هذا البيع من خلال أخذ الزيادة المشروعة عن ثمن بيع السلعة في الحال، وقد شرعه الإسلام من أجل التيسير على النّاس وتحقيق مصالحهم.

  • إباحة بيع السَّلَم

شرع الإسلام بيع السّلم بشروطٍ ذكرها الفقهاء في كتبهم، ويكون ذلك ببيع آجلٍ بعاجل، ويُفيد البائع المضطر للمال في الحال، فيأخذ المال من المشتري على أن يوفّر له ما أراد آجلاً وبسعرٍ مناسب.

  • إباحة شركة المضاربة

شرع الإسلام شركة المضاربة التي يكون رأس المال فيها من شخصٍ، والعملُ والإنتاجُ فيها من شخصٍ آخر، أما الرّبح فيكون مشتركاً بينهما حسب الاتّفاق.

المراجع[+]

  1. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 97-98، جزء 10. بتصرّف.
  2. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 65، جزء 6. بتصرّف.
  3. صالح السدلان، رسالة في الفقه الميسر، صفحة 107-108. بتصرّف.

32 مشاهدة