محتويات
- ١ قصيدة: أرى كل معشوقين غيري وغيرها
- ٢ قصيدة: أبثين إنك قد ملكت فأسجحي
- ٣ قصيدة: تقول بثينة لما رأت
- ٤ قصيدة: زوروا بثينة فالحبيب مزور
- ٥ قصيدة: لاحت لعينك من بثينة نار
- ٦ قصيدة: فيا حسنها إذ يغسل الدمع كحلها
- ٧ قصيدة: تذكر منها القلب ما ليس ناسيًا
- ٨ قصيدة: فإن يحجبوها أو يحل دون وصلها
- ٩ قصيدة: أهاجك أم لا بالمداخل مربع
- ١٠ قصيدة: أمن منزل قفر تعفت رسومه
- ١١ قصيدة: ألم تسأل الربع الخلاء فينطق
- ١٢ قصيدة: لقد فرح الواشون أن صرمت حبلي
- ١٣ قصيدة: وقلت لها اعتللت بغير ذنب
- ١٤ قصيدة: ألا من لقلب لا يمل فيذهل
قصيدة: أرى كل معشوقين غيري وغيرها
أَرى كُلَّ مَعشوقَينِ غَيري وَغَيرُها
- يِلَذّانِ في الدُنيا وَيَغتَبِطانِ
وَأَمشي وَتَمشي في البِلادِ كَأَنَّنا
- أَسيرانِ لِلأَعداءِ مُرتَهَنانِ
أُصَلّي فَأَبكي في الصَلاةِ لِذِكرِها
- لِيَ الوَيلُ مِمّا يَكتُبُ المَلَكانِ
ضَمِنتُ لَها أَن لا أُهيمَ بِغَيرِها
- وَقَد وَثِقَت مِنّي بِغَيرِ ضَمانِ
أَلا يا عِبادَ الله قوموا لِتَسمَعوا
- خُصومَةَ مَعشوقَينِ يَختَصِمانِ
وَفي كُلِّ عامٍ يَستَجِدّانِ مَرَّةٍ
- عِتابًا وَهَجرًا ثُمَّ يَصطَلِحانِ
يَعيشانِ في الدُنيا غَريبَينِ أَينَما
- أَقاما وَفي الأَعوامِ يَلتَقِيانِ
وَما صادِياتٌ حُمنَ يَومًا وَلَيلَةً
- عَلى الماءِ يُغشَينَ العِصِيَّ حَواني
لَواغِبُ لا يَصدُرنَ عَنهُ لِوِجهَةٍ
- وَلا هُنَّ مِن بَردِ الحِياضِ دَواني
يَرَينَ حَبابَ الماءِ وَالمَوتُ دونَهُ
- فَهُنَّ لِأَصواتِ السُقاةِ رَواني
بِأَكثَرَ مِنّي غُلَّةً وَصَبابَةً
- إِلَيكِ وَلَكِنَّ العَدُوَّ عَداني[١]
قصيدة: أبثين إنك قد ملكت فأسجحي
أَبُثَينَ إِنَّكِ قَد مَلِكتِ فَأَسجِحي
- وَخُذي بِحَظِّكِ مِن كَريمٍ واصِلِ
فَلَرُبَّ عارِضَةٍ عَلَينا وَصلَها
- بِالجِدِّ تَخلِطُهُ بِقَولِ الهازِلِ
فَأَجَبتُها بِالرِفقِ بَعدَ تَسَتُّرٍ
- حُبّي بُثَينَةَ عَن وِصالِكِ شاغِلي
لَو أَنَّ في قَلبي كَقَدرِ قُلامَةٍ
- فَضلًا وَصَلتُكِ أَو أَتَتكِ رَسائِلي
وَيَقُلنَ إِنَّكَ قَد رَضيتَ بِباطِلٍ
- مِنها فَهَل لَكَ في اِعتِزالِ الباطِلِ
وَلَباطِلٌ مِمَّن أُحِبُّ حَديثَهُ
- أَشهى إِلَيَّ مِنَ البَغيضِ الباذِلِ
لِيُزِلنَ عَنكِ هَوايَ ثُمَّ يَصِلنَني
- وَإِذا هَويتُ فَما هَوايَ بِزائِلِ
صادَت فُؤادي يا بُثَينَ حِبالُكُم
- يَومَ الحَجونِ وَأَخطَأَتكِ حَبائِلي
مَنَّيتِني فَلَوَيتِ ما مَنَّيتِني
- وَجَعَلتِ عاجِلَ ما وَعَدتِ كَآجِلِ
وَتَثاقَلَت لَمّا رَأَت كَلَفي بِها
- أَحبِب إِلَيَّ بِذاكَ مِن مُتَثاقِلِ
وَأَطِعتِ فيَّ عَواذِلًا فَهَجَرتِني
- وَعَصَيتُ فيكِ وَقَد جَهَدنَ عَواذِلي
حاوَلنَني لِأَبُتَّ حَبلَ وِصالِكُم
- مِنّي وَلَستُ وَإِن جَهَدنَ بِفاعِلِ
فَرَدَدتُهُنَّ وَقَد سَعَينَ بِهَجرِكُم
- لَمّا سَعَينَ لَهُ بِأَفوَقَ ناصِلِ
يَعضَضنَ مِن غَيظٍ عَلَيَّ أَنامِلًا
- وَوَدِدتُ لَو يَعضَضنَ صُمَّ جَنادِلِ
وَيَقُلنَ إِنَّكِ يا بُثَينَ بَخيلَةٌ
- نَفسي فِداؤُكِ مِن ضَنينٍ باخِلِ[٢]
قصيدة: تقول بثينة لما رأت
تَقولُ بُثَينَةُ لَمّا رَأَت
- فُنونًا مِنَ الشَعَرِ الأَحمَرِ
كَبِرتَ جَميلُ وَأَودى الشَبابُ
- فَقُلتُ بُثَينَ أَلا فَاِقصُري
أَتَنسينَ أَيّامَنا بِاللِوى
- وَأَيّامَنا بِذَوي الأَجفَرِ
أَما كُنتِ أَبصَرتِني مَرَّةً
- لَيالِيَ نَحنُ بِذي جَهوَرِ
لَيالِيَ أَنتُم لَنا جيرَةٌ
- أَلا تَذكُرينَ بَلى فَاِذكُري
وَإِذ أَنا أَغيَدُ غَضُّ الشَبابِ
- أَجُرُّ الرِداءَ مَعَ المِئزَرِ
وَإِذ لِمَّتي كَجَناحِ الغُرابِ
- تُرَجَّلُ بِالمِسكِ وَالعَنبَرِ
فَغَيَّرَ ذَلِكَ ما تَعلَمينَ
- تَغَيُّرَ ذا الزَمَنِ المُنكَرِ
وَأَنتِ كَلُؤلُؤَةِ المَرزُبانِ
- بِماءِ شَبابِكِ لَم تُعصِري
قَريبانِ مَربَعُنا واحِدٌ
- فَكَيفَ كَبِرتُ وَلَم تَكبَري[٣]
قصيدة: زوروا بثينة فالحبيب مزور
زوروا بُثَينَةَ فَالحَبيبُ مَزورُ
- إِنَّ الزِيارَةَ لِلمُحِبِّ يَسيرُ
إِنَّ التَرَحُّلَ أَن تَلَبَّسَ أَمرُنا
- وَاِعتاقَنا قَدَرٌ أُحِمَّ بَكورُ
إِنّي عَشِيَّةَ رُحتُ وَهيَ حَزينَةٌ
- تَشكو إِلَيَّ صَبابَةً لَصَبورُ
وَتَقولُ بِت عِندي فَدَيتُكَ لَيلَةً
- أَشكو إِلَيكَ فَإِنَّ ذاكَ يَسيرُ
غَرّاءُ مِبسامٌ كَأَنَّ حَديثُها
- دُرٌّ تَحَدَّرَ نَظمُهُ مَنثورُ
مَحطوطَةُ المَتنَينِ مُضمَرَةُ الحَشا
- رَيّا الرَوادِفِ خَلقُها مَمكورُ
لا حُسنِها حُسنٌ وَلا كَدَلالِها
- دَلٌّ وَلا كَوَقارِها تَوقيرُ
إِنَّ اللِسانَ بِذِكرِها لَمُوَكَّلٌ
- وَالقَلبُ صادٍ وَالخَواطِرُ صوَرُ
وَلَئِن جَزَيتِ الوُدَّ مِنّي مِثلَهُ
- إِنّي بِذَلِكَ يا بُثَينَ جَديرُ[٤]
قصيدة: لاحت لعينك من بثينة نار
لاحَت لِعَينِكَ مِن بُثَينَةَ نارُ
- فَدُموعُ عَينِكَ دِرَّةٌ وَغِزارُ
وَالحُبُّ أَوَّلُ ما يَكونُ لَجاجَةً
- تَأتي بِهِ وَتَسوقُهُ الأَقدارُ
حَتّى إِذا اِقتَحَمَ الفَتى لُجَجَ الهَوى
- جاءَت أُمورٌ لا تُطاقُ كِبارُ
ما مِن قَرينٍ آلِفٍ لَقَرينِها
- إِلّا لِحَبلِ قَرينِها إِقصارُ
وَإِذا أَرَدتِ وَلَن يَخونَكِ كاتِمٌ
- حَتّى يُشيعَ حَديثَكِ الإِظهارُ
كِتمانَ سِرُّكِ يا بُثَينَ فَإِنَّما
- عِندَ الأَمينِ تُغَيَّبُ الأَسرارُ[٥]
قصيدة: فيا حسنها إذ يغسل الدمع كحلها
فَيا حُسنَها إِذ يَغسَلُ الدَمعُ كُحلَها
- وَإِذ هِيَ تُذري الدَمعَ مِنها الأَنامِلُ
عَشِيَّةَ قالَت في العِتابِ قَتَلتَني
- وَقَتلي بِما قالَت هُناكَ تُحاوِلُ
فَقُلتُ لَها جودي فَقالَت مُجيبَةً
- أَلَلجِدُّ هَذا مِنكَ أَم أَنتَ هازِلُ
لَقَد جَعَلَ اللَيلُ القَصيرُ لَنا بِكُم
- عَلَيَّ لِرَوعاتِ الهَوى يَتَطاوَلُ[٦]
قصيدة: تذكر منها القلب ما ليس ناسيًا
تَذَكَّرَ مِنها القَلبُ ما لَيسَ ناسِيًا
- مَلاحَةَ قَولٍ يَومَ قالَت وَمَعهَدا
فَإِن كُنتَ تَهوى أَو تُريدُ لِقاءَنا
- عَلى خَلوَةٍ فَاِضرِب لَنا مِنكَ مَوعِدا
فَقُلتُ وَلَم أَملِك سَوابِقَ عَبرَةٍ
- أَأَحسَنُ مِن هَذي العَشِيَّةِ مَقعَدا
فَقالَت أَخافُ الكاشِحينَ وَأَتَّقي
- عُيونًا مِنَ الواشينَ حَولِيَ شُهَّدا[٧]
قصيدة: فإن يحجبوها أو يحل دون وصلها
فَإِن يَحجُبوها أَو يَحُل دونَ وَصلِها
- مَقالَةُ واشٍ أَو وَعيدُ أَميرِ
فَلَم يَحجُبوا عَينَيَّ عَن دائِمِ البَكا
- وَلَن يَملِكوا ما قَد يَجُنَّ ضَميري
إِلى الله أَشكو ما أُلاقي مِنَ الهَوى
- وَمِن حُرَقٍ تَعتادُني وَزَفيرِ
وَمِن كُرَبٍ لِلحُبِّ في باطِنِ الحَشا
- وَلَيلٍ طَويلِ الحُزنِ غَيرِ قَصيرِ
سَأَبكي عَلى نَفسي بِعَينٍ غَزيرَةٍ
- بُكاءَ حَزينٍ في الوِثاقِ أَسيرِ
وَكُنّا جَميعًا قَبلَ أَن يَظهَرَ النَوى
- بِأَنعَمِ حالَي غِبطَةٍ وَسُرورُ
فَما بَرِحَ الواشونَ حَتّى بَدَت لَنا
- بُطونُ الهَوى مَقلوبَةً بِظُهورِ
لَقَد كُنتُ حَسبُ النَفسِ لَو دامَ وَصلُنا
- وَلَكِنَّما الدُنيا مَتاعُ غُرورِ
لَوَ اَنَّ امرءًا أَخفى الهَوى عَن ضَميرِهِ
- لَمِتُّ وَلَم يَعلَم بِذاكَ ضَميري[٨]
قصيدة: أهاجك أم لا بالمداخل مربع
أَهاجَكَ أَم لا بِالمَداخِلِ مَربَعُ
- وَدارٌ بِأَجراعِ الغَديرَينِ بَلقَعُ
دِيارٌ لِسَلمى إِذ نَحِلُّ بِها مَعًا
- وَإِذ نَحنُ مِنها بِالمَوَدَّةِ نَطمَعُ
وَإِن تَكُ قَد شَطَّت نَواها وَدارُها
- فَإِنَّ النَوى مِمّا تُشِتُّ وَتَجمَعُ
إِلى الله أَشكو لا إِلى الناسِ حُبَّها
- وَلا بُدَّ مِن شَكوى حَبيبٍ يُرَوَّعُ
أَلا تَتَّقينَ الله فيمَن قَتَلتِهِ
- فَأَمسى إِلَيكُم خاشِعًا يَتَضَرَّعُ
فَإِن يَكُ جُثماني بِأَرض سِواكُمُ
- فَإِنَّ فُؤادي عِندكِ الدَهرَ أَجمَعُ
إِذا قُلتُ هَذا حينَ أَسلو وَأَجتَري
- عَلى هَجرِها ظَلَّت لَها النَفسُ تَشفَعُ
أَلا تَتَّقينَ الله في قَتلِ عاشِقٍ
- لَهُ كَبِدٌ حَرّى عَلَيكِ تَقَطَّعُ
غَريبٌ مَشوقٌ مولَعٌ بِاِدِّكارِكُم
- وَكُلُّ غَريبِ الدارِ بِالشَوقِ مولَعُ
فَأَصبَحتُ مِمّا أَحدَثَ الدَهرُ موجِعًا
- وَكُنتُ لِرَيبِ الدَهرِ لا أَتَخَشَّعُ
فَيا رَبِّ حَبِّبني إِلَيها وَأَعطِني
- المَوَدَّةَ مِنها أَنتَ تُعطي وَتَمنَعُ
وَإِلّا فَصَبِّرني وَإِن كُنتُ كارِهًا
- فَإِنّي بِها يا ذا المَعارِجِ مولَعُ
وَإِن رمتُ نَفسي كَيفَ آتي لِصَرمِها
- وَرمتُ صدودًا ظَلَّتِ العَينُ تَدمَعُ
جَزِعتُ حِذارَ البَينِ يَومَ تَحَمَّلوا
- وَمَن كانَ مِثلي يا بُثَينَةُ يَجزَعُ
تَمَتَّعتُ مِنها يَومَ بانوا بِنَظرَةٍ
- وَهَل عاشِقٌ مِن نَظرَةٍ يَتَمَتَّعُ
كَفى حَزَنًا لِلمَرءِ ما عاشَ أَنَّهُ
- بِبَينِ حَبيبٍ لا يَزالُ يُرَوَّعُ
فَوا حَزَنًا لَو يَنفَعُ الحزنُ أَهلَهُ
- وَواجَزَعًا لَو كانَ لِلنَفسِ مَجزَعُ
فَأَيُّ فُؤادٍ لا يَذوبُ لِما أَرى
- وَأَيُّ عُيونٍ لا تَجودُ فَتَدمَعُ[٩]
قصيدة: أمن منزل قفر تعفت رسومه
أَمِن مَنزِلٍ قَفرٍ تَعَفَّت رُسومَهُ
- شَمالٌ تُغاديهِ وَنَكباءُ حَرجَفُ
فَأَصبَحَ قَفرًا بَعدَما كانَ آهِلًا
- وَجُملُ المُنى تَشتو بِهِ وَتُصَيِّفُ
ظَلَلتُ وَمُستَنٌّ مِنَ الدَمعِ هامِلٌ
- مِنَ العَينِ لَمّا عُجتُ بِالدارِ يَنزِفُ
أَمُنصِفَتي جُملٌ فَتَعدِلَ بَينَنا
- إِذا حَكَمَت وَالحاكِمُ العَدلُ يُنصِفُ
تَعَلَّقتُها وَالجِسمُ مِنّي مُصَحَّحٌ
- فَما زالَ يَنمي حُبُّ جُملٍ وَأَضعُفُ
إِلى اليَوم حَتّى سَلَّ جِسمي وَشَفَّني
- وَأَنكَرتُ مِن نَفسي الَّذي كُنتُ أَعرِفُ
قَناةٌ مِنَ المُرّانِ ما فَوقَ حَقوِها
- وَما تَحتَهُ مِنها نَقًا يَتَقَصَّفُ
لَها مُقلَتا ريمٍ وَجيدُ جِدايَةٍ
- وَكَشحٌ كَطَيِّ السابِرِيَّةِ أَهيَفُ
وَلَستُ بِناسٍ أَهلَها حينَ أَقبَلوا
- وَجالوا عَلَينا بِالسُيوفِ وَطَوَّفوا
وَقالوا جَميلٌ باتَ في الحَيِّ عِندَها
- وَقَد جَرَّدوا أَسيافَهُم ثُمَّ وَقَّفوا
وَفي البَيتِ لَيثُ الغابِ لَولا مَخافَةٌ
- عَلى نَفسِ جَملٍ وَالإِلَه لَأُرعِفوا
هَمَمتُ وَقَد كادَت مِرارًا تَطَلَّعَت
- إِلى حَربِهِم نَفسي وَفي الكَفِّ مُرهَفُ
وَما سَرَّني غَيرُ الَّذي كانَ مِنهُمُ
- وَمِنّي وَقَد جاؤوا إِلَيَّ وَأَوجَفوا
فَكَم مُرتَجٍ أَمرًا أُتيحَ لَهُ الرَدى
- وَمِن خائِفٍ لَم يَنتَقِصهُ التَخَوُّفُ
أَإِن هَتَفَت وَرقاءُ ظِلتَ سَفاهَةً
- تبكي عَلى جُملٍ لِوَرقاءَ تَهتِفُ
فَلَو كانَ لي بِالصَرمِ يا صاحِ طاقَةٌ
- صَرَمتُ وَلَكِنّي عَنِ الصَرمِ أَضعفُ
لَها في سَوادِ القَلبِ بِالحُبِّ مَنعَةٌ
- هِيَ المَوتُ أَو كادَت عَلى المَوتِ تُشرِفُ
وَما ذَكَرَتكِ النَفسُ يا بثنَ مَرَّةً
- مِنَ الدَهرِ إِلّا كادَتِ النَفسُ تُتلَفُ
وَإِلا اِعتَرَتني زَفرَةٌ وَاِستِكانَةٌ
- وَجادَ لَها سَجلٌ مِنَ الدَمعِ يَذرِفُ
وَما اِستَطرَفَت نَفسي حَديثًا لِخلَّةٍ
- أُسِرّ بِهِ إِلّا حَديثُكِ أَطرَفُ
وَبَينَ الصَفا وَالمَروَتَينِ ذَكَرتُكُم
- بِمُختَلِفٍ وَالناسُ ساعٍ وَموجِفُ
وَعِندَ طَوافي قَد ذَكَرتُكِ مَرَّةً
- هِيَ المَوتُ بَل كادَت عَلى المَوتِ تَضعفُ[١٠]
قصيدة: ألم تسأل الربع الخلاء فينطق
أَلَم تَسأَلِ الرَّبعَ الخَلاءَ فَيَنطِقُ
- وَهَل تُخبِرَنكِ اليَومَ بَيداءَ سَملَقُ
وَقَفتُ بِها حَتّى تَجَلَّت عَمايَتي
- وَمَلَّ الوُقوفَ الأَرحَبِيُّ المُنَوَّقُ
بِمُختَلَفِ الأَرواحِ بَينَ سُوَيقَةٍ
- وَأَحدَبَ كادَت بَعدَ عَهدِكِ تَخلُقُ
أَضَرَّت بِها النَكباءُ كُلَّ عَشِيَّةٍ
- وَنَفخُ الصَبا وَالوابِلُ المُتَبَعِّقُ
وَقالَ خَليلي إِنَّ ذا لَصَبابَة
- أَلا تَزجُرُ القَلبَ اللَجوجَ فَيُلحَقُ
تَعَزَّ وَإِن كانَت عَلَيكَ كَريمَةً
- لَعَلَّكَ مِن رِقّ لبَثنَةَ تَعتِقُ
فَقُلتُ لَهُ إِنَّ البعادَ لَشائِقي
- وَبَعضُ بِعادِ البَينِ وَالنَأي أَشوَقُ
لَعَلَّكَ مَحزونٌ وَمُبدٍ صَبابَةً
- وَمُظهِرُ شَكوى مِن أُناسٍ تَفَرَّقوا
وَما يَبتَغي مِنّي عُداةٌ تَعاقَدوا
- وَمِن جِلدِ جاموسٍ سَمينٍ مُطَرَّقُ
وَأَبيَضَ مِن ماءِ الحَديدِ مُهَنَّد
- لَهُ بَعدَ إِخلاصِ الضَريبَةِ رَونَقُ
إِذا ما عَلَت نَشزًا تَمُدُّ زِمامَها
- كَما اِمتَدَّ جِلدُ الأَصلَفِ المُتَرَقرِقُ
وَبيضٍ غَريراتٍ تُثَنّي خُصورَها
- إِذا قُمنَ أَعجازٌ ثِقالٌ وَأَسوُقُ
غَرائِرَ لَم يَعرِفنَ بُؤسَ مَعيشَةٍ
- يُجَنَّ بِهِنَّ الناظِرُ المُتَنَوِّقُ
وَغَلغَلتُ مِن وَجدٍ إِلَيهِنَّ بَعدَما
- سَرَيتُ وَأَحشائي مِنَ الخَوفِ تَخفِقُ
مَعي صارِمٌ قَد أَخلَصَ القَينُ صَقلَهُ
- لَهُ حينَ أَغشيهِ الضَريبَةَ رَونَقُ
فَلَولا اِحتِيالي ضِقنَ ذَرعًا بِزائِرٍ
- بِهِ مِن صَباباتٍ إِلَيهنَّ أَولَق
تَسوكُ بِقُضبانِ الأَراكِ مُفَلَّجًا
- يُشَعشِعُ فيهِ الفارِسِيُّ المُرَوَّقُ
أَبَثنَةُ لَلوَصلُ الَّذي كانَ بَينَنا
- نَضا مِثلَما يَنضو الخِضابُ فَيَخلُقُ
أَبثنَةُ ما تَنأَينَ إِلّا كَأَنَّني
- بِنَجمِ الثُرَيّا ما نَأَيتِ مُعَلَّقُ[١١]
قصيدة: لقد فرح الواشون أن صرمت حبلي
لَقَد فَرِحَ الواشونَ أَن صَرَمَت حَبلي
- بُثَينَةُ أَو أَبدَت لَنا جانِبَ البُخلِ
يَقولونَ مَهلًا يا جَميلُ وَإِنَّني
- لَأُقسِمُ ما لي عَن بُثَينَةَ مِن مَهلِ
أَحِلمًا فَقَبلَ اليَوم كانَ أَوانُهُ
- أَم اَخشى فَقَبلَ اليَومِ أوعِدتُ بِالقَتلِ
لَقَد أَنكَحوا جَهلًا نُبَيهًا ظَعينَةً
- لَطيفَةَ طَيِّ الكَشحِ ذاتَ شَوىً خَدلِ
وَكَم قَد رَأَينا ساعِيًا بِنَميمَةٍ
- لآخَرَ لَم يَعمِد بِكَفٍّ وَلا رِجلِ
إِذا ما تَراجَعنا الَّذي كانَ بَينَنا
- جَرى الدَمعُ مِن عَينَي بُثَينَةَ بِالكُحلِ
وَلَو تَرَكَت عَقلي مَعي ما طَلَبتُها
- وَلَكِن طِلابيها لِما فاتَ مِن عَقلي
فَيا وَيحَ نَفسي حَسب نَفسي الَّذي بِها
- وَيا وَيحَ أَهلي ما أُصيبَ بِهِ أَهلي
وَقالَت لِأَترابٍ لَها لا زَعانِفٍ
- قِصارٍ وَلا كُسَّ الثَنايا وَلا ثُعلِ
إِذا حَمِيَت شَمسُ النَهارِ اِتَّقَينَها
- بِأَكسِيَةِ الديباجِ وَالخَزّ ذي الحَملِ
تَداعَينَ فَاِستَعجَمنَ مَشيًا بِذي الغَضا
- دَبيبَ القَطا الكُدرِيُّ في الدَمِثِ السَهلِ
إِذا اِرتَعنَ أَو فُزّعنَ قُمنَ حَوالَها
- قِيامَ بَناتِ الماءِ في جانِبِ الضَحلِ
أَرانِيَ لا أَلقى بُثَينَةَ مَرَّةً
- مِنَ الدَهرِ إِلا خائِفًا أَو عَلى رَحلِ
خَليلَيَّ فيما عِشتُما هَل رَأَيتُما
- قَتيلًا بَكى مِن حُبِّ قاتِلِهِ قَبلي
أَبيتُ مَعَ الهُلّاكِ ضَيفًا لِأَهلِها
- وَأَهلي قَريبٌ موسِعونَ ذَوُو فَضلِ
أَلا أَيُّها البَيتُ الَّذي حيلَ دونَهُ
- بِنا أَنتَ مِن بَيتٍ وَأَهلُكَ مِن أَهلِ
بِنا أَنتَ مِن بَيتٍ وَحَولَكَ لَذَّةٌ
- وَظِلُّكَ لَو يُسطاعُ بِالبارِدِ السَهلِ
ثَلاثَةُ أَبياتٍ فَبَيت أُحِبُّهُ
- وَبَيتانِ لَيسا مِن هَوايَ وَلا شَكلي
كِلانا بَكى أَو كادَ يَبكي صَبابَةً
- إِلى إِلفِهِ وَاِستَعجَلَت عَبرَةً قَبل
أَعاذِلَتي أَكثَرتِ جَهلًا مِنَ العَذلِ
- عَلى غَيرِ شَيءٍ مِن مَلامي وَمِن عَذلي
نَأَيتُ فَلَم يُحدِث لِيَ النَأيُ سَلوَةً
- وَلَم أُلفِ طولَ النَأيِ عَن خُلَّةٍ يُسلي
وَلَستُ عَلى بَذلِ الصَفاءِ هَوَيتُها
- وَلَكِن سَبَتني بِالدَلالِ وَبِالبُخلِ
أَلا لا أَرى اِثنَين أَحسَنَ شيمَةً
- عَلى حَدَثانِ الدَهرِ مِنّي وَمِن جُملِ
فَإِن وُجِدَت نَعلٌ بِأَرضٍ مضِلَّةٍ
- مِنَ الأَرضِ يَومًا فَاِعلَمي أَنَّها نَعلي[١٢]
قصيدة: وقلت لها اعتللت بغير ذنب
وَقُلتُ لَها اِعتَلَلتِ بِغَيرِ ذَنبٍ
- وَشَرّ الناسِ ذو العِلَلِ البَخيلُ
فَفاتيني إِلى حَكَمٍ مِنَ أهلي
- وَأَهلِكِ لا يَحيفُ وَلا يَميلُ
فَقالَت أَبتَغي حَكَمًا مِنَ أهلي
- وَلا يَدري بِنا الواشي المَحولُ
فَوَلَّينا الحُكومَةَ ذا سُجوفٍ
- أَخًا دِنيا لَهُ طَرفٌ كَليلُ
فَقُلنا ما قَضَيتَ بِهِ رَضينا
- وَأَنتَ بِما قَضَيتَ بِهِ كَفيلُ
قَضاؤُكَ نافِذٌ فَاِحكُم عَلَينا
- بِما تَهوى وَرَأيُكَ لا يَفيلُ
وَقُلتُ لَهُ قُتِلتُ بِغَيرِ جُرمٍ
- وَغِبُّ الظُلمِ مَرتَعُهُ وَبيلُ
فَسَل هَذي مَتى تَقضي دُيوني
- وَهَل يَقضيكَ ذو العِلَلِ المَطول
فَقالَت إِنَّ ذا كَذِبٌ وَبُطلٌ
- وَشَرٌّ مِن خُصومَتِهِ طَويلُ
أَأَقتُلَهُ وَما لي مِن سِلاحٍ
- وَما بي لَو أُقاتِلَهُ حَويلُ
وَلَم آخُذ لَهُ مالًا فَيُلفى
- لَهُ دَينٌ عَلَيَّ كَما يَقولُ
وَعِندَ أَميرِنا حُكمٌ وَعَدلٌ
- وَرَأيٌ بَعدَ ذَلِكُمُ أَصيلُ
فَقالَ أَميرُنا هاتوا شُهودًا
- فَقُلتُ شَهيدُنا المَلِكُ الجَليلُ
فَقالَ يَمينَها وَبِذاكَ أَقضي
- وَكُلُّ قَضائِهِ حَسَنٌ جَميلُ
فَبَتَّت حَلفَةً ما لي لَدَيها
- نَقيرٌ أَدَّعيهِ وَلا فَتيلُ
فَقُلتُ لَها وَقَد غُلِبَ التَعَزّي
- أَما يُقضى لَنا يا بَثنَ سولُ
فَقالَت ثُمَّ زَجَّت حاجِبَيها
- أَطَلتَ وَلَستَ في شَيءٍ تُطيلُ
فَلا يَجِدَنَّكَ الأَعداءُ عِندي
- فَتَثكَلَني وَإِيّاكَ الثَكولُ[١٣]
قصيدة: ألا من لقلب لا يمل فيذهل
أَلا مِن لِقَلبٍ لا يَمُلُّ فَيَذهَلُ
- أَفِق فَالتَعَزّي عَن بُثَينَةَ أَجمَلُ
سَلا كُلُّ ذي وُدٍّ عَلِمتُ مَكانَهُ
- وَأَنتَ بِها حَتّى المَماتِ مُوَكَّلُ
فَما هَكَذا أَحبَبتَ مَن كانَ قَبلُها
- وَلا هَكَذا فيما مَضى كُنتَ تَفعَلُ
أَعِن ظُعُنِ الحَيِّ الأُلى كُنتَ تَسأَلُ
- بِلَيلٍ فَرَدّوا عيرَهُم وَتَحَمَّلوا
فَأَمسوا وَهُم أَهلُ الدِيارِ وَأَصبَحوا
- وَمِن أَهلِها الغِربانُ بِالدارِ تَحجِلُ
عَلى حينَ وَلّى الأَمرُ عَنّا وَأَسمَحَت
- عَصا البَينِ وَاِنبَتَّ الرَجاءُ المُؤَمَّلُ
وَقَد أَبقَتِ الأَيّامُ مِنّي عَلى العِدى
- حُسامًا إِذا مَسَّ الضَريبَةَ يَفصِلُ
وَلَستُ كَمَن إِن سيمَ ضَيمًا أَطاعَهُ
- وَلا كَاِمرِئٍ إِن عَضَّهُ الدَهرُ يَنكُلُ
لَعُمري لَقَد أَبدى لِيَ البَينُ صَفحَةُ
- وَبَيَّنَ لي ما شِئتَ لَو كُنتُ أَعقِلُ
وَآخِرُ عَهدي مِن بُثَينَةَ نَظرَةٌ
- عَلى مَوقِفٍ كادَت مِنَ البَينِ تَقتُلُ
فَلِلَّهِ عَينا مَن رَأى مِثلُ حاجَةٍ
- كَتَمتُكِها وَالنَفسُ مِنها تَمَلمَلُ
وَإِنّي لَأَستَبكي إِذا ذُكِرَ الهَوى
- إِلَيكِ وَإِنّي مَن هَواكِ لَأَوجِلُ
نَظَرتُ بِبِشرٍ نَظرَةً ظَلتُ أَمتَري
- بِها عَبرَةً وَالعَينُ بِالدَمعِ تُكحَلُ
إِذا ما كَرَرتُ الطَرفَ نَحوَكِ رَدَّهُ
- مِنَ البُعدِ فَيّاضٌ مِنَ الدَمعِ يَهمِلُ
فَيا قَلبُ دَع ذِكرى بُثَينَةَ إِنَّها
- وَإِن كُنتَ تَهواها تَضَنَّ وَتَبخَلُ
قَناةٌ مِنَ المُرّانِ ما فَوقَ حَقوِها
- وَما تَحتَهُ مِنها نَقًا يَتَهَيَّلُ
وَقَد أَيأَسَت مِن نَيلِها وَتَجَهَّمَت
- وَلَليَأسُ إِن لَم يُقدَرِ النَيلُ أَمثَلُ
وَإِلّا فَسَلها نائِلًا قَبلَ بَينِها
- وَأَبخِل بِها مَسؤولَةً حينَ تُسأَلُ
وَكَيفَ تُرَجّي وَصلَها بَعدَ بُعدِها
- وَقَد جُذَّ حَبلُ الوَصلِ مِمَّن تُؤَمِّلُ
وَإِنَّ الَّتي أَحبَبتَ قَد حيلَ دونَها
- فَكُن حازِمًا وَالحازِمُ المُتَحَوِّلُ
فَفي اليَأسِ ما يُسلي وَفي الناسِ خُلَّةٌ
- وَفي الأَرضِ عَمَّن لا يُؤاتيكَ مَعزِلُ
بَدا كَلَفٌ مِنّي بِها فَتَثاقَلَت
- وَما لا يُرى مِن غائِبِ الوَجدِ أَفضَلُ
هَبيني بَريئًا نِلتِهِ بِظُلامَةٍ
- عَفاها لَكُم أَو مُذنِبًا يَتَنَصَّلُ[١٤]
تَعرّف على قصّة جميل وبثينة من خلال هذا المقال: قصة جميل وبثينة.
المراجع[+]
- ↑ "أرى كل معشوقين غيري وغيرها"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-08م.
- ↑ " أبثين إنك قد ملكت فأسجحي"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-08م.
- ↑ "مرارة الافتراق والغربة"، المكتبة الشاملة الحديثة، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-08م.
- ↑ "زوروا بُثَينَةَ فَالحَبيبُ مَزورُ"، ديواني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-08م.
- ↑ "لاحت لعينك من بثينة نار"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-08م.
- ↑ "فيا حسنها إذ يغسل الدمع كحلها"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-08م.
- ↑ "تذكر منها القلب ما ليس ناسيا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-08م.
- ↑ "فإن يحجبوها أو يحل دون وصلها"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-08م.
- ↑ "أهاجك أم لا بالمداخل مربع"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-08م.
- ↑ "أمن منزل قفر تعفت رسومه"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-08م.
- ↑ "ألم تسأل الربع الخلاء فينطق"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-08م.
- ↑ "لقد فرح الواشون أن صرمت حبلي"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-08م.
- ↑ "وقلت لها اعتللت بغير ذنب"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-08م.
- ↑ "ألا من لقلب لا يمل فيذهل"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-08م.