محتويات
- ١ قصيدة: لا شيء يعجبني
- ٢ قصيدة: من أنا دون منفى
- ٣ قصيدة: ونحنُ نحبّ الحياة
- ٤ قصيدة: أستطيع الكلام عن الحب
- ٥ قصيدة: هدنة مع المغول أمام غابة السنديان
- ٦ قصيدة: ما أنا إلاّ هو
- ٧ قصيدة: أحن إلى خبز أمي
- ٨ قصيدة: كم البعيد بعيد
- ٩ قصيدة: أبي
- ١٠ قصيدة: خائف من القمر
- ١١ قصيدة: أبيات غزل
- ١٢ قصيدة: عازف الجيتار المتجول
- ١٣ قصيدة: لوحة على الأفق
- ١٤ قصيدة: صلاة أخيرة
قصيدة: لا شيء يعجبني
- يقول مسافرٌ في الباصِ لا الراديو
- ولا صُحُفُ الصباح, ولا القلاعُ على التلال
- أُريد أن أبكي
- يقول السائقُ: انتظرِ الوصولَ إلى المحطَّةِ
- وابْكِ وحدك ما استطعتَ
- تقول سيّدةٌ: أَنا أَيضًا
- أنا لا شيءَ يُعْجبُني
- دَلَلْتُ اُبني على قبري
- فأعْجَبَهُ ونامَ، ولم يُوَدِّعْني
- يقول الجامعيُّ: ولا أَنا، لا شيءَ
- يعجبني
- دَرَسْتُ الأركيولوجيا دون أَن
- أَجِدَ الهُوِيَّةَ في الحجارة، هل أنا
- حقًّا أَنا؟
- ويقول جنديٌّ: أَنا أَيضًا
- أَنا لا شيءَ يُعْجبُني
- أُحاصِرُ دائمًا شَبَحًا
- يُحاصِرُني
- يقولُ السائقُ العصبيُّ: ها نحن
- اقتربنا من محطتنا الأخيرة، فاستعدوا
- للنزول
- فيصرخون: نريدُ ما بَعْدَ المحطَّةِ
- فانطلق
- أمَّا أنا فأقولُ: أنْزِلْني هنا
- أنا مثلهم لا شيء يعجبني،
- ولكني تعبتُ
- من السّفَرْ
قصيدة: من أنا دون منفى
- غريبٌ على ضفة النهر, كالنهر يَرْبِطُني
- باسمك الماءُ، لا شيءَ يُرْجعُني من بعيدي
- إلى نخلتي: لا السلامُ ولا الحربُ
- لا شيء يُدْخِلُني في كتاب الأَناجيلِ
- لا شيء لا شيء يُومِضُ من ساحل الجَزْر
- والمدّ ما بين دجْلَةَ والنيل
- لا شيء يُنْزِلُني من مراكب فرعون
- لا شيء يَحْملني أو يُحَمِّلني فكرةً: لا الحنينُ
- ولا الوَعْدُ
- ماذا سأفعل؟
- ماذا سأفعل من دون منفى وليلٍ طويلٍ
- يُحَدِّقُ في الماء
- يربطُني
- باسمكِ
- الماءُ
- لا شيء يأخذني من فراشات حُلْمي
- إلى واقعي: لا الترابُ ولا النارُ
- ماذا سأفعل من دون وَرْدِ سَمَرْقَنْدَ؟
- ماذا سأفعل في ساحةٍ تصقُلُ المُنْشدين بأحجارها
- القمرَّيِة؟
- صِرْنا خَفِيفَيْنِ مثلَ منازلنا
- في الرياح البعيدةِ .
- صرنا صَدِيقَيْنِ للكائنات
- الغريبةِ
- بين الغيوم وصرنا طَلِيقَيْنِ من
- جاذبيَّة أْرضِ الهُوِيَّةِ
- ماذا سنفعل؟
- ماذا سنفعل من دون منفى, وليلٍ طويلٍ
- يُحَدِّقُ في الماء؟
- يربطني
- باسمكِ
- الماءُ
- لم يبقَ سواكِ، ولم يبق منك
- سوايَ غريبًا يُمَسِّدُ فَخْذَ غريبِتِه: يا
- غريبةْ
- ماذا سنصنع فيما تبقَّى لنا
- من هُدُوءٍ وقَيْلُولَةْ
- بين أسطورتين؟
- ولا شيء يحمِلُنا: لا الطريقُ ولا البيتُ
- هل كان هذا الطريق كما هُو
- منذ البداية؟
- أَم أَنَّ أَحلامنا وَجَدَتْ فرسًا من خيول
- المَغُول على التلِّ فاُسْتَبْدَلَتْنا؟
- وماذا سنفعلُ؟
- ماذا
- سنفعلُ
- من
- دون
- منفى؟
قصيدة: ونحنُ نحبّ الحياة
- وَنَحْنُ نُحِبُّ الحَيَاةَ إذَا مَا اسْتَطَعْنَا إِلَيْهَا سَبِيلا
- وَنَرْقُصُ بَيْنَ شَهِيدْينِ نَرْفَعُ مِئْذَنَةً لِلْبَنَفْسَجِ بَيْنَهُمَا أَوْ نَخِيلا
- نُحِبُّ الحَيَاةَ إِذَا مَا اسْتَطَعْنَا إِلَيْهَا سَبِيلا
- وَنَسْرِقُ مِنْ دُودَةِ القَزِّ خَيْطًا لِنَبْنِي سَمَاءً لَنَا وَنُسَيِّجَ هَذَا الرَّحِيلا
- وَنَفْتَحُ بَابَ الحَدِيقَةِ كَيْ يَخْرُجَ اليَاسَمِينُ إِلَى الطُّرُقَاتِ نَهَارًا جَمِيلا
- نُحِبُّ الحَيَاةَ إِذَا مَا اسْتَطَعْنَا إِلَيْهَا سَبِيلا
- وَنَزْرَعُ حَيْثُ أَقمْنَا نَبَاتًا سَريعَ النُّمُوِّ, وَنَحْصدْ حَيْثُ أَقَمْنَا قَتِيلا
- وَنَنْفُخُ فِي النَّايِ لَوْنَ البَعِيدِ البَعِيدِ, وَنَرْسُمُ فَوْقَ تُرابِ المَمَرَّ صَهِيلا
- وَنَكْتُبُ أَسْمَاءَنَا حَجَرًا أَيُّهَا البَرْقُ أَوْضِحْ لَنَا اللَّيْلَ أَوْضِحْ قَلِيلا
- نُحِبُّ الحَيَاةَ إِذا مَا اسْتَطَعْنَا إِلَيْهَا سَبِيلا[١]
قصيدة: أستطيع الكلام عن الحب
- وَهَا أنَذَا أسْتطِيعُ الكَلامَ عَنِ الحُبِّ، عَنْ شَجَرٍ فِي طَريقٍ يُؤدِّي إلَى هَدف الآخَرين،
- وَعَنْ حَالَةِ الجَوِّ في بَلَد الآخَرين
- وَأُهْدي حَمَامَ المدينة حَفْنَةَ قمح وَ أسْمَعُ أصْوَاتَ جيرَاننَا وَ هيَ تَحْفُرُ جلْدي
- وَهَا أَنَذَا أسْتطيعُ الحَيَاةَ إلى آخِر الشَّهْر
- أَبْذُلُ جُهْدي لأكْتُب ما يُقْنعُ القَلْبَ بالنَّبض عِنْدي وَ مَا يُقْنعُ الروح بالعَيْش بَعْدي
- وفي وُسْع غارْدينيا أن تُجدّد عُمْري و في وُسْع امرأة أنْ تُحدّد لَحْدي
- وَهَا أنَذَا أسْتطيعُ الذَّهَاب إلَى آخِر العمر في اثْنَيْن: وَحْدي، وَوَحْدي
- وَلا أسْتطيع التّواطؤ إلاّ مع الكلماتِ التي لمْ أَقُلها، لأفدي مكوثي على حافةِ الأرْض،
- بين حصَارِ الفضاء وبين جحيم التّرَدّي
- سَأحْيَا كما تَشْتَهي لُغتي أنْ أكُون سَأحْيا بِقُوةِ هَذَا التَّحدّي.[٢]
قصيدة: هدنة مع المغول أمام غابة السنديان
- كائنات من السنْدِيان تُطيلُ الوقوفَ على التلّ قَدْ يصعَدُ العُشْبُ
- من خبزنا نحوها إِنْ تركنا المكانَ, وَقَدْ يهبط اللازوردُ السماويُّ منها
- إِلى الظلِّ فوق الحصونْ،
- مَنْ سيملأ فخارنا بعدنا؟
- كلُّ شيء يدلُّ على عَبَث الريح لكنّنا لا نَهُبُّ هباء رُبَّما كان هذا النهارُ
- أَخَفَّ علينا من الأَمس, نحن الذينْ قد أَطالوا المكوثَ أَمام السماء
- ولم يعبدوا غير ما فَقَدُوا من عبادتهمْ رُبَّما كانت الأَرضُ أَوسعَ من
- وَصفْها
- ربّما كان هذا في الطريقُ دخولًا مع الريح
- في غابة السنديانْ
- الضحايا تَمُرُّ من الجانبينْ, تقول كلامًا أَخيرًا وتسقط في عالَمٍ واحدٍ
- سوف ينتصرُ النسْرُ والسنديانُ عليها
- فلا بُدَّ مِنْ هُدْنَةٍ للشقائق في السهل كي تُخْفِيَ الميتين على الجانبين,
- وكيْ نَتَبَادَلَ بَعْض الشتائم قبل الوصول إِلى التلّ
- لا بُدَّ مِنْ تَعَبٍ آدمي يُحَوِّل تلك الخيولَ إِلى
- كائناتٍ من السنديانْ.
- الصدى واحدٌ في البراري: صدى, والسماءُ على حجر غرْبَةٌ عَلَّقْتها
- الطيورُ على لا نهايات هذا الفضاء, وطارت والصدى واحدٌ في
- الحروب الطويلة: أُمٌّ, أَبٌ، وَلَدٌ صَدَّقوا أَنَّ خلف البحيرات خيلًا تعود
- إِليهم مُطَهَّمةً بالرجاء الأَخيْر فأَعدُّوا لأحلامهم قهوةً تمنع النوَمَ
- في شَبَح السنديانْ
- كُلُّ حربٍ تُعَلِّمنا أَن نحبَّ الطبيعة أَكثرَ: بعد الحصارْ نَعْتَني بالزنابقِ
- أَكثرَ, نقطف قُطْنَ الحنان من اللَوْزِ في شهر آذارَ
- نزرع غاردينيا في الرخام, ونَسْقي نباتاتِ جيراننا عندما يذهبون إِلى
- صَيْد غزلاننا
- فمتى تَضَعُ الحربُ أَوزارها كي نفُكَّ خُصُورَ النساء على التلّ
- من عُقدة الرَّمز في السنديانْ؟
- ليت أَعداءَنا يأخذون مقاعدنا في الأساطير كي يعلموا كم نُحبُّ
- الرصيفَ الذي يكرهون ويا ليتهم يأخذونْ
- ما لنا من نُحاس وبرْق لنأخذ منهم حرير الضجرْ
- ليت أعداءنا يقرؤون رسائلنا مرتين, ثلاثًا ليعتذروا للفراشة عن لعبة
- النار
- في غابة السنديانْ
- كم أردنا السلامَ لسيدنا في الأعالي لسيدنا في الكُتُبْ
- كم أَردنا السلام لغازلة الصوف، للطفل قرب المغارةْ لِهُواة الحياة
- لأولاد أعدائنا في مخابئهمْ، للمَغُولْ عندما يذهبون إِلى ليل زوجاتهم,
- عندما يرحلونْ عن برِاعم أزهارنا الآن عَنَّا,
- وعن ورق السنديانْ
- الحروب تُعَلِّمنا أَن نذوق الهواء وأَن نمدح الماء
- كَمْ ليلةً سوف نفرح بالحُمُّص الصلْب والكستنا في جيوب معاطفنا؟
- أَمْ سننسى مهارتنا في امتصاص الرذاذ ؟
- ونسأَل: هَلْ كان في وُسْع مَنْ مات أَلّا يموت ليبدأ سيرتَهُ من هنا؟
- رُبَّما نستطيع مديح النبيذ ونرفعُ
- نخْبًا لأَرملة السنديانْ
- كُلُّ قَلْبٍ هنا لا يردُّ على الناي يسقط في شَرَك العنكبوت
- تمهَّلْ تمهَّلْ لتسمع رَجْعَ الصدى فوق خيل العَدُوّ، فإِنُ المغُول يُحبُّون
- خمرتنا ويريدون أَن يَرْتَدوا جلد زوجاتنا في الليالي, وأَن يأخذوا شعراء
- القبيلة أسرى, وأَنْ
- يقطعُوا شَجَرَ السنديانْ
- المغُول يريدوننا أَن نكون كما يبتغون لنا أن نكونْ حفنةً من هبوب
- الغبار على الصين أَو فارسٍ, ويريدوننا أَن نُحبَّ أَغانِيَهُمْ كُلَّها كي يَحُلَّ
- السلامُ الذي يطلبونْ
- سوف نحفظ أَمثالهم، سوف نغفر أَفعالَهُم عندما يذهبونْ
- مَعَ هذا المساء إِلى ريح أجدادهمْ
- خلفَ أُغنيةِ السنديانْ
- لمْ يجيئوا لينتصروا, فالخرافةُ ليست خرافتَهُمْ
- إِنهم يهبطونْ من رحيل الخيولِ إِلى غرب آسيا المريضِ, ولا يعرفونْ
- أَنَّ في وسعنا أَن نقاوم غازان أَرغون أَلفَ سَنَةْ
- بيْدَ أَن الخرافةَ ليست خرافَتهُ
- سوف يدخل عَمَّا قليلْ دينَ قتلاهُ كي يتعلَّم منهم كلامَ قُرَيش
- ومعجزةَ السنديانْ
- الصّدَى واحدٌ في الليالي
- على قمة الليل نُحْصي النجومَ على صدر سَيِّدنا, عُمْرَ أَولادنا كبروا
- سَنَةً بعدنا غَنَمَ الأَهل تحت الضباب, وأَعدادَ قتلى المغول, وأعدادَنا
- والصدى واحدٌ في الليالي سنرجع يومًا, فلا بُدَّ من شاعرٍ فارسيٍّ
- لهذا الحنين
- إلى لُغَةِ السنديانْ
- الحُروبُ تعلَّمنا أَن نحبَّ التفاصيل: شكْل مفاتيحِ أَبوابنا, أن نُمَشِّطَ
- حنطتنا بالرموش, ونمشي خِفَافًا على أرضنا, أَن نقدِّسَ ساعات قبل
- الغروب على شجَر الزَّنْزَلَخْت
- والحروبُ تُعَلِّمُنا أَن نرى صورة الله في كل شيء, وأَنْ نَتَحَمَّل عبء
- الأساطير كي نُخْرِجَ الوحشَ
- من قصَّة السنديانْ
- وأَخيرًا, صعدْنا إِلى التَلِّ ها نحن نرتفع الآن فوق جذور الحكاية
- ينبت عُشْبٌ جديد على دمنا وعلى دمهِمْ
- سوف نحشو بنادقنا بالرياحين, سوف نُطَوِّق أَعناقَ ذاك الحمام بأَوسمة
- العائدين ولكننا لم نجد أَحدًا يقبل السِّلْم، لا نحن نحن ولا غيرنا غيرنا
- البنَادِقُ مكسورة والحمامُ يطير بعيدًا بعيدًا لم نجد أحدًا ههنا
- لم نجد أَحدًا
- لم نجد غابة السنديانْ!
قصيدة: ما أنا إلاّ هو
- بعيدًا وراء خُطاه
- ذئابٌ تعضُّ شعاع القمرْ
- بعيدًا، أمام خُطاه
- نجوم تضيء أَعالي الشجرْ
- وفي القرب منه
- دمٌ نازفٌ من عروق الحجرْ
- لذلك، يمشي ويمشي ويمشي
- إلى أن يذوب تمامًا
- ويشربه الظلّ عند نهاية هذا السفرْ
- وما أنا إلاّ هُوَ
- وما هو إلاّ أنا
- في اختلاف الصّوَر!
قصيدة: أحن إلى خبز أمي
- أحنُّ إلى خُبْزِ أمّي
- وقهوة أُمّي
- ولمسة أُمّي
- وتكبر فيَّ الطفولةُ
- يومًا على صدر يومِ
- وأعشَقُ عُمرِي لأنّي
- إذا مُتُّ,
- أخجل من دَمْعِ أُمي!
- خذيني، إذا عدتُ يومًا
- وشاحًا لهُدْبِكْ
- وغطّي عِظَامي بِعُشْبٍ
- تعمَّد من طهر كعبك
- وشُدّي وثاقي
- بخصلة شعر
- بخيطٍ يلوَّح في ذيل ثوبك
- عساني أصيرُ إلهًا
- إلهًا أصيرْ
- إذا مَا لَمَسْتُ قرارة قلبك!
- ضعيني, إذا ما رجعتُ
- وقودًا بتنور ناركْ
- وحبل غسيل على سطح دارك
- لأنّي فَقَدتُ الوُقوف
- بدونِ صَلاة نَهَارِك
- هَرِمْتُ, فردّي نُجوم الطُّفولَة
- حتى أُشارك
- صغارَ العصافير
- دربَ الرجوع
- لعُشِّ انتظارِك!
قصيدة: كم البعيد بعيد
- كم البعيدُ بعيدٌ؟
- كم هي السُبُلُ؟
- نمشي
- ونمشي إلى المعنى
- ولا نَصِلُ
- هُوَ السرابُ
- دليلُ الحائرين
- إلى الماء البعيد
- هو البُطْلاَن والبَطَلُ
- نمشي, وتنضج في الصحراءِ
- حكمتنُا
- ولا نقول: لأنّ التِيه يَكْتملُ
- لكن حكمتنا تحتاجُ أُغنيةً
- خفيفةَ الوزن
- كي لا يتعب الأَمَلُ
- كم البعيد بعيدٌ؟
- كم هِيَ السُبُلُ؟[٣]
قصيدة: أبي
- غَضَّ طرفًا عن القمرْ
- وانْحَنَى يَحضُنُ التُّراب
- وصَلّى
- لِسَماء بِلا مَطَر,
- وَنَهاني عَن السَّفَر!
- أشعل البرقُ أوديةْ
- كَانَ فِيها أبي
- يربي الحِجارا
- من قديم ويخلق الأشجارا
- جلدُهُ يندفُ الندى
- يدهُ تورقِ الشجرْ
- فَبَكى الأفق أُغْنِيةْ:
- كان أوديس فارسًا
- كان في البيت أرغفةْ
- ونبيذ, وأغطيةْ
- وخيول, وأحذيةْ
- وَأبي قَالَ مَرّة
- حين صلّى عَلى حجرْ
- غُضَّ طرفًا عن القمر
- واحْذَر البَحر والسّفَر!
- فَرَوى لي أبي وطأطأ زنْدهْ
- فِي حِوار مع العَذَاب
- كان أيوب يشكرُ
- خالق الجرحُ لي أنا
- لا لميْت ولا صنمْ
- فدع الجرح والألم
- وأعِنّي على الندم!
- مرَّ في الأفق كوكبُ
- نازلًا، نازلًا
- وَكَانَ قَمِيصي
- بينَ نارٍ وبينَ ريحْ
- وعيوني تُفَكِّر
- بِرُسُومٍ على التُّرَاب
- وَأبي قَالَ مَرّة:
- الذي مَا لَه وَطن
- مَا لَهُ فِي الثّرَى ضَريح
- وَنَهانِي عَن السّفرْ!
قصيدة: خائف من القمر
- خبِّئيني، أتَى القَمَر
- ليت مرآتنا حَجَر!
- ألفُ سرّ سرّي
- وصدرُكِ عَارٍ
- وَعُيون عَلى الشّجَر
- لا تغطّي كواكبًا
- ترشح المِلح والخدر
- خبِّئيني مِنَ القَمَر!
- وجهُ أمسي مُسافِر
- ويدانا على سَفَر
- منزلي كان خندقًا
- لا أراجيح لِلْقَمَر
- خبِّئيني، بِوِحْدَتِي
- وَخُذِي المجدَ والسّهر
- وَدَعِي لي مخدَّتي
- أنتِ عندي
- أم القَمَر؟
قصيدة: أبيات غزل
- سَألتُكِ: هزّي بأجمل كَف عَلى اَلأَرْضِ
- غصنَ الزمان!
- لِتَسقُط أوْرَاق ماضٍ وحاضرْ
- ويولد في لَمْحَة توأمان:
- ملاك، وشاعر!
- وَنَعْرِف كَيفَ يعودُ الرَّماد لهيبًا
- إذا اعترفَ العَاشِقَان!
- إذا فهمتْ مقلتاك شرودي وصمتي
- أنا عجبًا، كيف تشكو الرياح
- بقائي لديك؟ وأنتِ
- خلودُ النّبيذِ بِصَوتِي
- وطعم الأساطير والأرض، أنتِ!
- لِمَاذا يُسافِر نَجمٌ على بُرْتُقالَة
- وَيَشْرَب يَشْرَب يَشْرَب حتّى الثّمالَةْ
- إذا كنت بين يديّ
- تفتّتَ لحن، وصوت ابتهالةْ
- لِمَاذا أُحبك؟
- كيفَ تخِرُّ برُوقي لَدَيْكِ؟
- وتتعَب ريحِي على شَفَتَيْكِ
- فأعرف في لحظةٍ
- بأنَّ اللَّيلَ مخدَّةْ
- وأنَّ القَمَرَ
- جميلٌ كَطلعة وردةْ
- وأنّي وَسيمٌ لأنّي لَديكِ!
- أتَبْقينَ فوقَ ذِراعي حَمامةْ
- تغمّس منقارها فِي فَمي؟
- وكفُّك فوق جبينَي شامةْ
- تَخلّد وَعْد الهَوَى فِي دَمِي؟
- أتبقينَ فَوق ذراعي حَمَامَة
- تَجَنّحِي كي أطِير
- تُهدهِدُني كي أَنَام
- وتجعلُ لاسمِي نبضَ العبير
- وتجعلُ بيتيَ برجَ حمام
- أريدكِ عِنْدي
- خيالًا يسيرُ على قَدَمَيْن
- وصخر حقيقةْ
- يطير بغمزة عين!
قصيدة: عازف الجيتار المتجول
- كانَ رسّامًا
- ولكنَّ الصُّوَر
- عَادَةً
- لا تَفْتَح الأبوابَ
- لا تَكْسِرْها
- لا تردّ الحُوتَ عن وَجْهِ القَمَر
- يا صَديقِي، أيُّهاالجيتَار
- خُذنِي
- للْشَبابيك البَعيدَةِ
- شَاعِرًا كَان
- ولَكِنَّ القَصيدَة
- يَبِسَتْ في الذاكِرَة
- عِنْدَما شَاهَدَ يَافَا
- فَوقَ سَطْح البَاخِرَة
- يا صَديقِي، أيُّهَا الجيتَار
- خُذْنِي
- للعُيُون العَسَليّة
- كَانَ جُنْديًّا،
- ولكنَّ شظيَّة
- طَحَنَتْ رُكْبَتَه اليُسرى
- فأعطوهُ هديّةً:
- رتبةً أُخرى
- ورِجلًا خشبّية!
- يا صَديقِي، أيّهَا الجيتَار
- خُذنِي.
- للبِلَاد النائِمَة
- عَازِفُ الجيتَار يَأْتي
- في الليَالِي القَادِمَة
- عِنْدما يَنْصَرِفُ النّاسُ إِلى جَمْع تَوَاقيعِ الجُنُود
- عَازِفُ الجيتَار يَأتِي
- مِنْ مَكَانٍ لا نَرَاهُ
- عِنْدَما يحْتَفلُ النّاسُ بميلادِ الشُهُود
- عَازِفُ الجيتَار يَأْتِي
- عَارِيًا، أو بثِيابٍ دَاخِليّةْ
- عَازِفُ الجيتَار يَأْتي
- وأَنا كِدتُ أَرَاه
- وأَشُمّ الدَّم فِي أَوْتارِه
- وأَنا كِدتُ أَرَاه
- سائرًا فِي كُلّ شَارِعْ
- كِدتُ أنْ أسمَعَه
- صَارِخًا مِلْء الزوَابِع
- حَدّقوا
- تِلك رِجْلٌ خَشَبّيةْ
- واسمَعُوا
- تِلْك مُوسيقَى اللحُوم البَشَريّةْ
قصيدة: لوحة على الأفق
- رَأَيْتُ جَبينَك الصّيفِيّ
- مَرْفُوعًا عَلى الشَّفَقِ
- وشعْركِ مَاعِز يَرعَى
- حَشيش الغَيْم فِي الأُفُقِ
- تَوَدّ العَيْن لَو طَارَتْ إِليك
- كَمَا يَطِيرُ النّوم مِن سِجْني
- يَوَد القَلْب لَو يَحْبُو إليك
- عَلى حَصى الحزنِ
- يَوَدّ الثّغْرُ لو يَمْتصّ
- عَن شَفَتَيكِ
- مِلحَ البَحَر، و الزّمنِ
- يَوَدّ، يَوَدّ لَكِنّي
- وَرَاء حَديدِ شُبّاكي
- أُوَدِّع وَجْهَكِ البَاكِي
- غَريقًا فَوْق دمّ الشَمسِ
- مَهْدُورًا عَلى الأُفُق
- فَأَحْمِل فَوْق جُرح القَلب جُرحَين
- و لَكِنّي أُحاول أن أُضمِّدها أُوسِّدها
- ذراع تمرُّد الحزنِ!
قصيدة: صلاة أخيرة
- يُخَيّلُ لي أن عُمري قصير
- وأنّي عَلى الأرضِ سائحْ
- وأنّ صديقة قلبي الكَسير
- تَخُون إذا غبتُ عنها
- وتشرب خمرًا
- لغيري،
- لأنّي على الأرضِ سائحْ
- يُخَيّل لي أنّ خنجَر غدرٍ
- سيحفُر ظهري
- فتكتب إحدى الجرائد:
- كان يجاهد
- ويحْزَن أهلي و جيرانُنا
- ويفرحُ أعداؤنَا
- وبعدَ شهورٍ قليلةْ
- يقولون: كان
- يُخَيّل لي أنّ شعرِي الحَزينْ
- وهَذي المَراثي، ستُصبِح ذكرى
- وأنّ أغاني الفرحْ
- وقوسَ قُزحْ
- سينشِدُها آخرون
- وأنّ فَمي سوف يبقَى مُدَمّى
- على الرمْلِ والعَوسجِ
- فشكرًا لمن يحمِلون
- توابيتَ أمواتهِم!
- وعفوًا من المُبصرين
- أماميَ لافتة النّجم
- في ليلة المُدلجِ!
- يُخَيّل لِي يا صليب بلادي
- ستحرق يومًا
- وتُصبح ذكرى ووشمًا
- وحين سينزل عنك رمادي
- ستَضْحك عينُ القدر
- وتغمز ماتا معًا
- لو أنّي، لو أنّي
- أقَبّل حَتى الحَجر
- وأهتِف لم تبقَ إلّا بلادي!
- بلاديَ يا طفلة أمَةً
- تموت القيود على قدميها
- لتأتي قيود جديدة
- متى نشرب الكأس نخْبك
- حتّى ولو في قصيدة؟
- ففرعون مات
- ونيرون مات
- وكل السنابل في أرض بابلَ
- عادت إليها الحياة!
- متى نشرب الكأس نخْبك
- حتّى ولو في الأغاني
- أيا مُهرةً يَمْتطيها طُغاةُ الزّمان
- وتفلِتُ منّا
- من الزمن الأول
- لِجَامُك هذا دَمي
- وسِرْجك هذا دَمي
- إلى أين أنت إذن رائحة
- أنا قد وصلتُ إلى حُفْرةٍ
- وأنت أمامًا أمامًا
- إلى أين؟
- يا مُهْرتي الجامحة؟
- يُخَيّل لي أن بحر الرّماد
- سيَنْبتُ بعدي
- نبيذًا و قمحًا
- وأنّي لن أطْعِمه
- لأني بظُلمَة لَحْدِي
- وحيدٌ مع الجُمْجمة
- لأني صنعتُ مع الآخرين
- خميرةَ أيامنا القادمة
- وأخشابَ مركبنا في بحار الرّماد
- يُخَيّل لي أن عمري قصير
- وأني على الأرض سائحْ
- ولو بَقيَتْ في دمي
- نبضةٌ واحدةْ
- تُعيد الحياة إليّ
- لو أنّي
- أفارق شوك مَسَالكنا الصّاعدة
- لقُلتُ ادفنوني حالًا
- أنا توأم القمة الماردةْ
لقراءة المزيد من القصائد، إليك هذا المقال: اقتباسات محمود درويش.
المراجع[+]
- ↑ "ونحن نحب الحياة"، القصيدة كوم، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-08.
- ↑ "أستطيع الكلام عن الحب"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-08.
- ↑ محمود درويش، أثر الفراشة، صفحة 68.