أبيات شعر مدح وفخر

أبيات شعر مدح وفخر
أبيات-شعر-مدح-وفخر/

قصيدة: قرت عيون المجد والفخرِ

قال الشريف الرضي:[١]

قَرَّت عُيونُ المَجدِ وَالفَخرِ

بِخِلعَةِ الشَمسِ عَلى البَدرِ

صَبَّت عَلى عِطفَيهِ أَطرافَها

مُعلَمَةً بِالعِزِّ وَالنَصرِ

كَأَنَّها خِلعَةُ ثَوبِ الدُجى

في عاتِقِ العَيّوقِ وَالنَسرِ

زَرَّ عَلَيهِ المَلكُ فَضفاضَها

وَإِنَّما زَرَّ عَلى النَسرِ

خَطَوتَ فيها غَيرَ مُستَكبِرٍ

خَطوَ السُها في خِلَعِ الفَجرِ

جاءَت عَوانًا مِن تَحِيّاتِهِ

وَأَنتَ مِنها في عُلىً بِكرِ

فَكُلَّ يَومٍ أَنتَ في صَدرِهِ

فارِسُ طِرفِ الحَمدِ وَالأَجرِ

تَغدو بِكَ الأَيّامُ نَهّاضَةً

تَطلُعُ مِن مَجدٍ إِلى فَخرِ

فَاِنهَض فَلَو رُمتَ لَحاقَ العُلى

صافَحتَ أَيدي الأَنجُمِ الزُهرِ

وَلَو زَجَرتَ المُزنَ عَن صَوبِهِ

لَضَنَّتِ الأَقطارُ بِالقَطرِ

وَضَمَّتِ الأَنواءُ أَخلافَها

كَما استَمَرَّ الماءُ في الغُدرِ

فَأَنتَ سِرٌ في ضَميرِ العُلى

كَالعِقدِ بَينَ الجيدِ وَالنَحرِ

تَبَرَّجَت مِنكَ وُجوهُ المُنى

مُرتَجَّةً في النائِلِ الغَمرِ

إِنَّكَ مِن قَومٍ إِذا استَلأَموا

تَقَبَّلوا في البيضِ وَالسُّمرِ

وَقَطَّروا الخَيلَ بِفُرسانِها

خارِجَةً عَن حَلقَةِ الخُضرِ

وَجاذَبوا الأَيّامَ أَثوابَها

عَنها بِأَيدي النَهيِ وَالأَمرِ

مِن كُلِّ طَلقِ الوَجهِ سَهلِ الحَيا

يَبسُمُ عَن أَخلاقِهِ الغُرِّ

مُقَدَّمٍ في القَومِ ما قَدَّمَت

عَن ريشِها قادِمَةُ النِسرِ

رَيّانَ وَالأَيّامُ ظَمآنَةٌ

مِنَ النَدى نَشوانَ بِالبِشرِ

لا يُمسِكُ العَذلُ يَدَيهِ وَلا

تَأخُذُ مِنهُ سَورَةُ الخَمرِ

إِلَيكَ سَيَّرتُ بِها شامَةً

واضِحَةً في غُرَّةِ الدَهرِ

شَدّا بِها العُترُفُ في جَوِّهِ

وَارتاحَ طَيرُ الصُبحِ في الوِكرِ

أَبياتُها مِثلُ عُيونِ المَها

مَطروفَةُ الأَلحاظِ بِالسِحرِ

جاءَت تُهَنّيكَ بِطَوقِ العُلى

وَلَفظُها يَفتَرُّ عَن دُرِّ

فَاِسعَد أَبا سَعدٍ بِإِقبالِهِ

فَالهَديُ مَجنوبٌ إِلى النَحرِ

ما هُوَ إِنعامٌ وَلَكِنَّهُ

ما خَلَعَ الغَيثُ عَلى الزَهرِ

جاءَتكَ مِن قَبلي وَإِحسانُها

يَقومُ لي عِندَكَ بِالعُذرِ

وَلَو أَجَبتُ الشَوقَ لَمّا دَعا

جاءَكَ بي مِن قَبلِ أَن تَسري

قصيدة: على قدر أهل العزم تأتي العزائم

قال أبو الطيب المتنبي:[٢]

عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ

وَتَـأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ

وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها

وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ

يُكَلِّفُ سَيفُ الدَولَةِ الجَيشَ هَمَّهُ

وَقَد عَجَزَت عَنهُ الجُيوشُ الخَضارِمُ

وَيَطلِبُ عِندَ الناسِ ما عِندَ نَفسِهِ

وَذَلِكَ ما لا تَدَّعيهِ الضَراغِم

يُـفَدّي أَتَمُّ الطَيرِ عُمرًا سِلاحُه

نُسورُ المَلا أَحداثُها وَالقَشاعِمُ

وَما ضَرَّها خَلقٌ بِغَيرِ مَخالِبٍ

وَقَد خُلِقَت أَسيافُهُ وَالقَوائِمُ

هَلِ الحَدَثُ الحَمراءُ تَعرِفُ لَونَها

وَتَعلَمُ أَيُّ الساقِيَينِ الغَمائِمُ

سَقَتها الغَمام الغُرُّ قَبلَ نُزولِه

فَلَمّا دَنا مِنها سَقَتها الجَماجِمُ

بَناها فَأَعلى وَالقَنا تَقرَعُ القَنا

وَمَوجُ المَنايا حَولَها مُتَلاطِمُ

وَكانَ بِها مِثلُ الجُنونِ فَأَصبَحَت

وَمِن جُثَثِ القَتلى عَلَيها تَمائِم

طَريدَةُ دَهرٍ ساقَها فَرَدَدتَها

عَلى الدينِ بِالخَطِّيِّ وَالدَهرُ راغِمُ

تُفيتُ اللَيالي كُلَّ شَيءٍ أَخَذتَهُ

وَهُنَّ لِما يَأخُذنَ مِنكَ غَوارِمُ

إِذا كانَ ما تَنويهِ فِعلاً مُضارِعًا

مَضى قَبلَ أَن تُلقى عَلَيهِ الجَوازِمُ

وَكَيفَ تُرَجّي الرومُ وَالروسُ هَدمَها

وَذا الطَعنُ أساسٌ لَها وَدَعائِمُ

وَقَد حاكَموها وَالمَنايا حَواكِمٌ

فَما ماتَ مَظلومٌ وَلا عاشَ ظالِمُ

أَتوكَ يَجرّونَ الحَـديـدَ كَأَنَّهُم

سَرَوا بِجِيادٍ ما لَهُنَّ قَوائِمُ

إِذا بَـرَقوا لَم تُعرَفِ البيضُ مِنهُمُ

ثِيابُهُمُ مِن مِثلِها وَالعَمائِمُ

خَميسٌ بِشَرقِ الأَرضِ وَالغربِ زَحفُهُ

وَفي أُذُنِ الجَوزاءِ مِنهُ زَمازِمُ

تَجَمَّع فيهِ كُلُّ لِسنٍ وَأُمَّةٍ

فَما تُفهِمُ الحُدّاثَ إِلّا التَراجِمُ

فَلِلَّهِ وَقتٌ ذَوَّبَ الغِشَّ نارُهُ

فَلَم يَبقَ إِلّا صارِمٌ أَو ضُبارِمُ

تَقَطَّع مالا يَقطَعُ الدِرعَ وَالقَنا

وَفَرَّ مِنَ الأَبطالِ مَن لا يُصادِمُ

وَقَفتَ وَما في المَوتِ شَكٌّ لِواقِفٍ

كَأَنَّك في جَفنِ الرَّدى وَهوَ نائِمُ

تَمُرُّ بِكَ الأَبطالُ كَلمى هَزيمَةً

وَوَجهُكَ وَضّاحٌ وَثَـغرُكَ باسمُ

تَجاوَزتَ مِقدارَ الشَجاعَةِ وَالنُهى

إِلى قَولِ قَومٍ أَنتَ بِالغَيبِ عالِمُ

ضَمَمتَ جَناحَيهِم عَلى القَلبِ ضَمَّةً

تَموتُ الخَوافي تَحتَها وَالقَوادِمُ

بِضَربٍ أَتى الهاماتِ وَالنَصرُ غائِبُ

وَصارَ إِلى اللَبّاتِ وَالنَصرُ قادِمُ

حَقَرتَ الرُدَينِياتِ حَتّى طَرَحتَهـا

وَحَـتّى كَأَنَّ السيفَ لِلرُمحِ شاتِمُ

وَمَن طَلَبَ الفَتحَ الجَليلَ فَإِنَّما

مَفاتيحُهُ البيضُ الخِفافُ الصَوارِمُ

نَثَرتَهُمُ فَوقَ الأُحَيدِبِ كُلِّهِ

كَما نُثِرَت فَوقَ العَروسِ الدَراهِمُ

تَدوسُ بِكَ الخَيلُ الوُكورَ عَلى الذُرى

وَقَد كَثُرَت حَولَ الوُكورِ المَطاعِمُ

تَـظُـنُّ فِـراخُ الفتخِ أَنَّك زُرتَهـا

بِأُماتِها وَهيَ العِتاقُ الصَلادِمُ

إِذا زَلِفَت مَشَّيتَها بِـبِطونِها

كَما تَتمَشى في الصَعيدِ الأَراقِمُ

أَفي كُلِّ يَومٍ ذا الدُمُستُقُ مُقدِمٌ

قَفاهُ عَلى الإِقدامِ لِلوَجهِ لائِمُ

أَيُنكِرُ ريحَ اللَيثَ حَتّى يَذوقَهُ

وَقَد عرفَت ريحَ اللُيوثِ البَهائِمُ

وَقَـد فَجَعَتهُ بِاِبنِهِ وَاِبـنِ صِهرِهِ

وَبِالصِهرِ حَملاتُ الأَميرِ الغَواشِمُ

مَضى يَشكُرُ الأَصحابَ في فَوتِهِ الظُبى

بِما شَغَلَتها هامُهُم وَالمَعاصِمُ

وَيَـفهَمُ صَوتَ المَشرَفِيَّة فيهِمِ

عَلى أَنَّ أَصواتَ السُيوفِ أَعاجِمُ

يُسَرُّ بِما أَعطاكَ لا عَـن جَهالَةٍ

وَلَكِنَّ مَغنومًا نَجا مِنكَ غانِمُ

وَلَستَ مَليكًا هازِمًا لِنَظيرِهِ

وَلَكِنَّك لِلشِركِ هازِمُ

تَـشَرَّفُ عَدنانٌ بِهِ لا رَبيعَةٌ

وَتَفتَخِرُ الدُنيا بِهِ لا العَواصِمُ

لَكَ الحَمدُ في الدُرِّ الَّذي لِيَ لَفظُهُ

فَإِنَّك مُعطيهِ وَإِنِّي ناظِمُ

وَإِنّي لَتَعدو بي عَطاياكَ في الوَغى

فَلا أَنا مَذمومٌ وَلا أَنتَ نادِمُ

عَلى كُلِّ طَيّارٍ إِلَيها بِرِجلِهِ

إِذا وَقَعَت في مِسمَعَيهِ الغَماغِمُ

أَلا أَيُّها السَيفُ الَّذي لَيسَ مُغمَدًا

وَلا فيهِ مُرتابٌ وَلا مِنهُ عاصِمُ

هَنيئًا لِضَربِ الهامِ وَالمَجدِ وَالعُلى

وَراجيكَ وَالإِسلامِ أَنَّك سالِمُ

وَلِم لا يَقي الرَحمَنُ حَدَّيكَ ما وَقى

وَتَفليقُهُ هامَ العِدا بِكَ دائِمُ

قصيدة: أعيذك من هجاء بعد مدح

قال الشريف الرضيّ:[٣]

أُعِيذُكَ مِنْ هِجَاءٍ بَعْدَ مَدْحِ

فعِذْني مِنْ قِتال بَعد صُلحِ

مَنَحْتك جُلّ أَشْعاري فلمّا

ظَفِرتَ بِهنّ لَم أَظْفَر بِمَنْح

كبَا زَنْدِي بحَيْثُ رَجَوْتُ مِنْهُ

مُسَاعَدة الضّياء فَخَاب قَدح

وكُنْت مُضافِري فَثلُمت سَيفِي

وكُنت مُعَاضِدي فَقَصَفت رُمحِي

وكُنت مُمْنِعًا فذل دارِي

دُخُولِك ذُلُّ ثَغر بعد فَتْح

فَيا ليثًا دَعَوْت به لِيَحْمي

حِمَاي مِن العِدى فاجْتَاح سَرحي

وَيَا طِبًّا رَجَوْتُ صَلاحَ جِسْمي

بكَفّيْهِ، فَزَادَ بَلاءَ جُرْحي

ويا قمرًا رجوت السير فيه

فَلَثّمَهُ الدُّجَى عَنّي بِجِنْحِ

سأرمي العزم في ثغر الدياجي

وأحدو العيش في سِلْم وطَلْح

لبِشرِ مُصَفَّقِ الأخْلاقِ عَذْبٍ

وجودُ مُهذب النَشوَات سَمح

وَقُورٍ مَا استَخَفّتُهُ اللّيَالي

وَلا خَدَعَتْهُ عَنْ جِدٍّ بِمَزْحِ

إذا ليلُ النّوائبِ مَدَّ باعًا

ثَنَاهُ عَنْ عَزِيمَتِهِ بِصُبْحِ

وإنْ رَكَضَ السّؤال إلى نَدَاه

تَتَبّعَ إثْرَ وَطْأتِهِ بِنُجْحِ

وَاصْرِفُ هِمّتي عَنْ كُلّ نِكْسٍ

أمَلَّ عَلى الضّمَائِرِ كُلَّ بَرْحِ

يهَدّدُني بقُبحٍ بعدَ حُسن

وَلَمْ أرَ غَيْرَ قُبْحٍ بَعْدَ قُبْحِ

قصيدة: أحجابًا بعد المديح

قال البحتري:

أَحِجابًا بَعدَ المَديحِ وَمَطلًا

بَعدَ وَعدٍ مَن ذا بِهَذَينِ يَرضى

لَيسَ مِثلي عَلى الهَوانِ أَبا نَص

رٍ وَلا الذُلِّ في المَواطِنِ أَغضى

أَجَعَلتَ الجَزاءَ لي مِن مَديحي

كَ اِطِّراحًا وَغَفلَةً ما تُقَضّى

وَتَهاوَنتَ بي لَأَن صِرتَ بِاليُس

رِ سَماءً وَصِرتُ بِالعُسرِ أَرضا

أَوَلَسَتَ الَّذي إانتَحَلتُ لَكَ الوُد

دَ وَأَصفَيتُكَ المَحَبَّةَ مَحضا

يا كَثيرَ المِطالِ كَم وَإِلى كَم

أَتَقاضاكَ مَوعِدًا لَيسَ يُقضى

كُلَّما سِرتُ في اِقتِضائِكَ مالي

عَنَقًا سِرتَ في مِطالِكَ رَكضا

قَد حَطَطناكَ بَعضَ ما كانَ في الوَع

دِ لَنا واجِبًا لِتُنجِزَ بَعضا

وَاقتَصَرنا عَلى الدَنانيرَ فَاجعَل

ها لَنا نِحلَةً وَإِن شِئتَ قَرضا

وَثُغورٌ كَأَنَّها اللُؤلُؤُ الرَط

بُ أَوِ الأُقحُوانُ يَهتَزُّ غَضّا

لا تَنَكَّرتُ في الوِصالِ وَإِن أَظ

هَرتَ لي ظالِمًا جَفاءً وَبُغضا

قصيدة: أمير الفخر والمجد التليد

قال إبراهيم الأسود:

أميرُ الفَخرِ والمجدِ التّليدِ

وفَرْد الدّهرِ من كرمٍ وجُودٍ

حَدِيث عِلاك للأفْوَاهِ طِيبٌ

وللأَسْمَاعِ أَطربُ مِن نَشِيدٍ

وَلَو نَظَموه فِي سِمط لأغْنَى

حِسان الغِيدِ عَن عِقدٍ فريدٍ

تَلَوه في الهُجُود عَليّ حَتّى

نَعِمْتُ بِطِيبِه بَعْد الهُجُود

قصيدة: فتى إن أجد في مدحه

قال ابن الرومي:

فتىً إن أُجِد في مَدْحِه فَلِأَنَّني

وَجَدْتُ مَجالًا فيهِ لِلقَول واسِعا

وإنْ لا أُجِد فِي مَدحه فِلأنني

وثِقْتُ به حَتّى اخْتَصَرتُ الذّرائِعَا

ومَنْ يَتّكل لا يَحتَفل في ذَريعَةٍ

ولا يَسعَ إلا خَافِض البَالِ وادِعَا

كَفَى طالبًا عرفًا إذا أمَّ أَهْله

مِنَ المَدْح مَا أَعْفَى بِه الشِّعر طَائِعا

عَلى أنّه لَو زَارَهُم غَيرَ مَادِحٍ

كِفِاه بِهم دون الشَوافِع شَافِعا

أبا حَسنٍ إن لا أكُن قُلتُ طائلًا

فإني لمْ أُنهِض مِن الفِكرِ واقِعَا

مَدَحْتك مَدْح المُستَنيمِ إلى امْرئٍ

كَرِيمٍ فقُلتُ الشّعر وَسْنانَ هاجِعا

وإن أكُ قَدْ أحْسَنْتُ فيه فإنّه

بما أحْسَنَتْ قبلي يَداك الصَّنَائعا

فَعَلتَ فأبْدَعْتَ البَدائع فَاعِلًا

فأبدعَ فيكَ القَائِلون البَدَائِعا

فَلا زِلْتَ تُسدي صالحًا وأُنيرُهُ

فَتُحسنُ مَتْبوعًا وأُحسِن تَابِعَا

قصيدة: أمن ازديارك في الدجى الرقباءُ

قال أبو الطيب المتنبي:

أَمِنَ اِزدَيارَكِ في الدُجى الرُّقَباءُ

إِذ حَيث أَنتِ مِنَ الظَلامِ ضِياءُ

قَلَقُ المَليحَةِ وَهيَ مِسكٌ هَتكُها

وَمَسيرُها في اللَيلِ وَهيَ ذُكاءُ

أَسَفي عَلى أَسَفي الَّذي دَلَّهتِني

عَن عِلمِهِ فَبِهِ عَلَيَّ خَفاءُ

وَشَكِيَّتي فَقدُ السَقامِ لِأَنَّهُ

قَد كانَ لَمّا كانَ لي أَعضاءُ

مَثَّلتِ عَينَكِ في حَشاي جِراحَةً

فَتَشابَها كِلتاهُما نَجلاءُ

نَفَذَت عَلَيَّ السابِرِيَّ وَرُبَّما

تَندَقُّ فيهِ الصَعدَةُ السَمراءُ

أَنا صَخرَةُ الوادي إِذا ما زوحِمَت

وَإِذا نَطَقتُ فَإِنَّني الجَوزاءُ

وَإِذا خَفيتُ عَلى الغَبِيِّ فَعاذِرٌ

أَن لا تَراني مُقلَةٌ عَمياءُ

شِيَمُ اللَيالي أَن تُشَكِّكَ ناقَتي

صَدري بِها أَفضى أَمِّ البَيداءُ

فَتَبيتُ تُسئِدُ مُسئِدًا في نَيِّها

إِسادَها في المَهمَهِ الإِنضاءُ

أَنساعُها مَمغوطَةٌ وَخِفافُها

مَنكوحَةٌ وَطَريقُها عَذراءُ

يَتَلَوَّنُ الخِرّيتُ مِن خَوفِ التَوى

فيها كَما يَتَلَوَّنُ الحِرباءُ

بَيني وَبَينَ أَبي عَلِيٍّ مِثلُهُ

شُمُّ الجِبالِ وَمِثلَهُنَّ رَجاءُ

وَعِقابُ لُبنانٍ وَكَيفَ بِقَطعِها

وَهُوَ الشِتاءُ وَصَيفُهُنَّ شِتاءُ

لَبَسَ الثُلوجُ بِها عَلَيَّ مَسالِكي

فَكَأَنَّها بِبَياضِها سَوداءُ

وَكَذا الكَريمُ إِذا أَقامَ بِبَلدَةٍ

سالَ النُضارُ بِها وَقامَ الماءُ

جَمَدَ القِطارُ وَلَو رَأَتهُ كَما تَرى

بُهِتَت فَلَم تَتَبَجَّسِ الأَنواءُ

في خَطِّهِ مِن كُلِّ قَلبٍ شَهوَةٌ

حَتّى كَأَنَّ مِدادَهُ الأَهواءُ

وَلِكُلِّ عَينٍ قُرَّةٌ في قُربِهِ

حَتّى كَأَنَّ مَغيبَهُ الأَقذاءُ

مَن يَهتَدي في الفِعلِ ما لا تَهتَدي

في القَولِ حَتّى يَفعَلَ الشُعَراءُ

في كُلِّ يَومٍ لِلقَوافي جَولَةٌ

في قَلبِهِ وَلِأُذنِهِ إِصغاءُ

وَإِغارَةٌ فيما اِحتَواهُ كَأَنَّما

في كُلِّ بَيتٍ فَيلَقٌ شَهباءُ

مَن يَظلِمُ اللُؤَماءَ في تَكليفِهِم

أَن يُصبِحوا وَهُمُ لَهُ أَكفاءُ

وَنَذيمُهُم وَبِهِم عَرَفنا فَضلَهُ

وَبِضِدِّها تَتَبَيَّنُ الأَشياءُ

مَن نَفعُهُ في أَن يُهاجَ وَضَرُّهُ

في تَركِهِ لَو تَفطَنُ الأَعداءُ

فَالسَلمُ يَكسِرُ مِن جَناحَي مالِهِ

بِنَوالِهِ ما تَجبُرُ الهَيجاءُ

يُعطي فَتُعطى مِن لُهى يَدِهِ اللُهى

وَتُرى بِرُؤيَةِ رَأيِهِ الآراءُ

مُتَفَرِّقُ الطَعمَينِ مُجتَمِعُ القُوى

فَكَأَنَّهُ السَرّاءُ وَالضَرّاءُ

وَكَأَنَّهُ ما لا تَشاءُ عُداتُهُ

مُتَمَثِّلًا لِوُفودِهِ ما شاؤوا

يا أَيُّها المُجدى عَلَيهِ روحُهُ

إِذ لَيسَ يَأتِيهِ لَها اِستِجداءُ

اِحمَد عُفاتَكَ لا فُجِعتَ بِفَقدِهِم

فَلَتَركُ ما لَم يَأخُذوا إِعطاءُ

لا تَكثُرُ الأَمواتُ كَثرَةُ قِلَّةٍ

إِلّا إِذا شَقِيَت بِكَ الأَحياءُ

وَالقَلبُ لا يَنشَقُّ عَمّا تَحتَهُ

حَتّى تَحُلَّ بِهِ لَكَ الشَحناءُ

لَم تُسمَ يا هارونُ إِلّا بَعدَما اِق

تَرَعَت وَنازَعَتِ اِسمَكَ الأَسماءُ

فَغَدَوتَ وَاِسمُكَ فيكَ غَيرُ مُشارِكٍ

وَالناسُ فيما في يَدَيكَ سَواءُ

لَعَمَمتَ حَتّى المُدنُ مِنكَ مِلاءُ

وَلَفُتَّ حَتّى ذا الثَناءُ لَفاءُ

وَلَجُدتَ حَتّى كِدتَ تَبخَلُ حائِلًا

لِلمُنتَهى وَمِنَ السُرورِ بُكاءُ

أَبَدَأتَ شَيءً مِنكَ يُعرَفُ بَدؤُهُ

وَأَعَدتَ حَتّى أُنكِرَ الإِبداءُ

فَالفَخرُ عَن تَقصيرِهِ بِكَ ناكِبٌ

وَالمَجدُ مِن أَن تُستَزادَ بَراءُ

فَإِذا سُئِلتَ فَلا لِأَنَّكَ مُحوِجٌ

وَإِذا كُتِمتَ وَشَت بِكَ الآلاءُ

وَإِذا مُدِحتَ فَلا لِتَكسِبَ رَفعَةً

لِلشّاكِرينَ عَلى الإِلَهِ ثَناءُ

وَإِذا مُطِرتَ فَلا لِأَنَّكَ مُجدِبٌ

يُسقى الخَصيبُ وَتُمطَرُ الدَأماءُ

لَم تَحكِ نائِلَكَ السَحابُ وَإِنَّما

حُمَّت بِهِ فَصَبيبُها الرُحَضاءُ

لَم تَلقَ هَذا الوَجهَ شَمسُ نَهارِنا

إِلّا بِوَجهٍ لَيسَ فيهِ حَياءُ

فَبِأَيِّما قَدَمٍ سَعَيتَ إِلى العُلا

أُدُمُ الهِلالِ لِأَخمَصَيكَ حِذاءُ

وَلَكَ الزَمانُ مِنَ الزَمانِ وِقايَةٌ

وَلَكَ الحِمامُ مِنَ الحِمامِ فِداءُ

لَو لَم تَكُن مِن ذا الوَرى الَّذي مِنكَ هو

عَقِمَت بِمَولِدِ نَسلِها حَوّاءُ

قصيدة: إليك تناهى كل فخر وسؤددُ

قال أبو العلاء المعري:

إليكَ تَنَاهى كلُّ فَخْرٍ وسُؤدَدٍ

فأبْلِ اللّيالي والأنامَ وجَدِّدِ

لجَدّكَ كان المَجْدُ ثمّ حَوَيْتُه

ولابْنِكَ يُبْنَى منه أشرَفُ مَقْعدِ

ثلاثةُ أيّامٍ هيَ الدّهرُ كلّه

وما هُنّ غيرَ الأمسِ واليومِ والغَدِ

وما البَدرُ إلاّ واحِدٌ غيرَ أنّه

يَغِيبُ ويأتي بالضّياءِ المُجَدِّدِ

فلا تَحْسِبِ الأقْمارَ خَلْقًا كثيرةً

فجُمْلتُها مِن نَيّرٍ مُتَرَدِّدِ

وللحَسَنِ الحُسْنى وإن جاد غيرُه

فذلكَ جُودٌ ليس بالمُتَعَمَّدِ

له الجَوْهَرُ السّاري يُؤمِّمُ شخصَه

يَجوبُ إليه مَحْتِدًا بَعْدَ مَحْتِدِ

ولو كتَموا أنسابَهُمْ لَعَزَتْهُمُ

وُجُوهٌ وفِعلٌ شاهِدٌ كلَّ مَشهَدِ

وقدْ يُجْتَدى فضْلُ الغَمامِ وإنّما

من البحرِ فيما يزعمُ الناسُ يَجتدي

ويَهْدي الدليلُ القوْمَ والليلُ مُظلِمٌ

ولكنّه بالنّجمِ يَهْدي ويَهْتَدي

فيا أحلمَ السّاداتِ من غيرِ ذِلّةٍ

ويا أجْوَدَ الأجْوادِ من غيرِ مَوْعِدِ

وَطِئْتَ صروفَ الدّهرِ وطْأةَ ثائرٍ

فأتْلَفْتَ منها نَفْسَ ما لم تُصَفِّدِ

وعَلّمْتَهُ منكَ التّأنّي فانْثَنى

إذا رامَ أمرًا رامَه بتأيُّدِ

وأثْقَلْتَه مِن أنْعُمٍ وعَوَارِفٍ

فسَارَ بها سيرَ البَطِيءِ المُقيّدِ

ودانتْ لكَ الأيامُ بالرّغمِ وانْضَوَتْ

إليك الليالي فارْمِ مَن شئتَ تُقْصِدِ

بسَبْعِ إماءٍ من زَعاوَةَ زُوّجَتْ

من الرَومِ في نَعْماكَ سبْعةَ أعْبُدِ

ولولاكَ لم تُسْلَمْ أفامِيّةُ الرّدى

وقد أبصَرَتْ مِن مِثْلِها مصرَعَ الرّدي

فأنْقَذْتَ منها مَعقِلًا هَضَبَاتُه

تَلَفّعُ من نسْجِ السّحابِ وترْتَدي

وحِيدًا بثغْرِ المسْلِمينَ كأنّهُ

بفِيهِ مُبَقَّى من نَواجِذِ أدْرَدِ

بأخضَرَ مثلِ البحرِ ليس اخضرارُه

من الماء لكنْ من حديدٍ مُسَرَّدِ

كأنّ الأنُوقَ الخُرْسَ فوقَ غُبارِهِ

طَوالِعُ شَيبٍ في مَفَارِقِ أسوَدِ

وليس قَضيبُ الهِندِ إلاّ كنابِتٍ

من القَضْبِ في كفّ الهِدانِ المُعرِّدِ

متى أنا في رَكْبٍ يؤمّونَ مَنْزِلًا

تَوَحّدَ من شخْصِ الشريفِ بأوْحَدِ

على شَدْقمِيّاتٍ كأنّ حُداتَها

إذا عَرّسَ الرّكْبانُ شُرّابُ مُرقِدِ

تُلاحِظُ أعلامَ الفَلا بنَواظِرٍ

كُحِلْنَ من الليلِ التّمامِ بإثْمدِ

وقد أذهبتْ أخفافَها الأرضُ والوَجَى

دمًا وتَرَدّى فِضّةً كلُّ مُزْبِدِ

يُخَلْنَ سَمامًا في السماءِ إذا بدَتْ

لهنّ على أيْنٍ سَماوَةُ مُورِدِ

تظُنّ به ذَوْبَ اللُّجَينِ فإنْ بدَتْ

له الشمس أجرَتْ فوقَه ذَوْبَ عسجدِ

تَبيتُ النّجومُ الزُّهرُ في حُجُراتهِ

شوارعَ مثل اللّؤلُؤِ المُتَبَدِّدِ

فأطْمَعْنَ في أشباحِهِنّ سواقِطا

على الماء حتى كِدْنَ يُلقَطْنَ باليَدِ

فمَدّتْ إلى مثْلِ السّماءِ رقابَها

وعَبّتْ قليلًا بينَ نَسْرٍ وفَرْقَدِ

وذُكّرْنَ من نَيْلِ الشّريفِ مَوارِدا

فما نِلْنَ منه غيرَ شِرْبٍ مُصَرَّدِ

ولاحتْ لها نارٌ يُشَبّ وَقودُها

لأضْيافِهِ في كلّ غَوْرٍ وفَدْفَدِ

بخَرْقٍ يُطيلُ الجُنحُ فيه سُجودَه

وللأرضِ زِيّ الراهِبِ المُتَعَبِّدِ

لو نَشَدَتْ نَعْشًا هناكَ بَناتُه

لماتتْ ولم تَسْمَعْ لَه صَوْتَ مُنشِدِ

وتكْتُمُ فيهِ العاصِفاتُ نُفُوسَها

فلو عَصَفَتْ بالنّبْتِ لم يَتَأوّدِ

ولم يَثْبُتِ القُطْبانِ فيهِ تحَيّرًا

وما تلكَ إلاّ وقْفَةٌ عنْ تَبَلّدِ

فَمَرّتْ إذا غنّى الرّديفُ وقد وَنَتْ

بذِكْراهُ زَفّتْ كالنّعامِ المُطَرَّدِ

يُحاذِرْنَ وَطْءَ البِيدِ حتى كأنّما

يَطَأنَ برأسِ الحَزْنِ هامةَ أصْيَدِ

ويَنْفُرْنَ في الظّلْماءِ عن كلّ جدوَلٍ

نِفَارَ جَبَانٍ عن حُسامٍ مُجَرَّدِ

تَطَاوَلَ عهْدُ الوارِدينَ بمائِهِ

وعُطّلَ حتى صارَ كالصّارم الصّدي

إلى بَرَدَى حتى تظَلّ كأنّها

وقد كَرَعَتْ فيه لَواثِمُ مِبْرَدِ

أرى المجدَ سيفًا والقَريضَ نِجادَه

ولولا نِجادُ السّيْفِ لم يُتَقَلّدِ

وخيرُ حِمالاتِ السيوفِ حِمالَةٌ

تَحَلّتْ بأبْكارِ الثّناءِ المُخَلَّدِ

وأعْرَضَ مِن دونِ اللّقاءِ قَبائِلٌ

يَعُلّونَ خِرْصانَ الوَشيجِ المُقَصَّدِ

غُواةٌ إذا النّكباءُ حَفّتْ بيوتَهْم

أقاموا لها الفُرْسانَ في كلّ مَرْصَدِ

يُطيعونَ أمرًا من غَوِيّ كأنّه

على الدّهرِ سُلطانٌ يجُورُ ويَعتدي

إذا نَفَرَتْ من رَعْدِ غيثٍ سَوامُه

سعَى نحْوَهُ بالمَشْرَفيّ المُهَنّدِ

وقد علمَتْ هذي البسيطةُ أنّها

تُراثُكَ فلْتَشْرُفْ بذاك وتزْدَدِ

وإن شئتَ فازْعُمْ أنّ مَن فوقَ ظَهرِها

عبيدُكَ واستَشْهِدْ إِلَهَكَ يَشْهَدِ

وذِكْرُكَ يُذْكي الشوْق في كلّ خاطِرٍ

ولو أنّه في قَلْبِ صَمّاء جَلْمَدِ

قصيدة: فخرتم باللواء وشر فخرٍ

قال حسّان بن ثابت:

فَخَرتُم بِاللِواءِ وَشَرُّ فَخرٍ

لِواءٌ حينَ رُدَّ إِلى صُؤابِ

جَعَلتُم فَخرَكُم فيهِ لِعَبدٍ

مِنَ اِلأَمِ مَن يَطا عَفَرَ التُرابِ

حَسِبتُم وَالسَفيهُ أَخو ظُنونٍ

وَذَلِكَ لَيسَ مِن أَمرِ الصَوابِ

بِأَنَّ لِقاءَنا إِذ حانَ يَومٌ

بِمَكَّةَ بَيعُكُم حُمرَ الثِيابِ

أَقَرَّ العَينَ أَن عُصِبَت يَداهُ

وَما إِن تُعصَبانِ عَلى خِضابِ

قصيدة: فخر الورى حيدريّ

قال ابن معتوق:

فَخرُ الوَرَى حَيدَرِيٌّ عَمَّ نائِلُهُ

نَجمُ السُّهَى فَلَكِيَّاتٌ مَرَاتِبهُ

لَيثُ الثَّرَى قَبَسٌ تَهمِي أَنَامِلُهُ

بَدرُ البَهَا أُفُقٌ تَبدُو كَوَاكِبُهُ

سَامِي الذَرَى صَاعِدٌ تُخشَى نَوَازِلُهُ

طَودُ النُّهَى عِندَ بَيتِ المَالِ صَاحِبُهُ

طِبُّ القِرَى كَفُّ يُمنِ الدَّهرِ كَاهِلُهُ

رَوضٌ زَهَا مَنهَلٌ طَابَت مَشَارِبُهُ

بَحرٌ جَرَى عَلقَمِيٌّ مُجَّ عَاسِلُهُ

مُعطِي اللّهَى نَبَوِيَّاتٌ مَنَاقِبُهُ

مَقنَى الثَّرَى فَاضِلٌ عَمَّت فَوَاضِلُهُ

دَهرٌ دَهَا قَدَرٌ دَارَت نَوَائِبُهُ


لقراءة المزيد من الأشعار، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: شعر عن عزة النفس.

المراجع[+]

  1. "قرت عيون المجد والفخر"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-26. بتصرّف.
  2. "عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ"، ديواني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-26. بتصرّف.
  3. "قصيدة: أُعِيذُكَ مِنْ هِجَاءٍ بَعْدَ مَدْحِ"، ديوان: قاعدة بيانات الشعر العربى والمترجم والإقتباسات.، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-26. بتصرّف.

310930 مشاهدة